أسعد بن عبد الله بن خليل الشهير بابن المولى أبو سعيد الايراني والملقب بالهندي لسمرته القسطنطيني الحنفي شيخ الاسلام مفتي الدولة العثمانية يمين الدين العالم الأجل الصدر الكبير المهاب المحتشم الفاضل الذكي الأديب البارع ولد سنة تسع عشرة ومائة وألف ونشأ بها في كنف والده العلامة الكبير أبي محمد عبد الله الشهير بالوصاف وقرأ واشتغل بالفنون وسمع الكثير واكب على التحصيل وأخذ الخط المنسوب المعروف بالتعليق عن رئيس هذه الصناعة في وقته المولى رفيع مصطفى الكاتب رئيس الاطبا ومهر وتفوق وجود الخط وأتقنه واعطاه الله القبول والذكاء وأكثر من مطالعة كتب اللغة والأدب ونظم ونثر بالألسن الثلاث واشتهر من حين شبيبته ودرس على عاداتهم وتنقل في التداريس العلمية ثم ولي قضاء الغلطة ولما ولي والده مشيخة الاسلام في الدولة تزايد قدره وعظم حاله وكان والده من أفراد الزمان علماً وأدباً وجاهاً ولقب بالايراني لكونه أرسل سفيراً ورسولاً من طرف الدولة العثمانية إلى الدولة الايرانية أيام الخارجي الشهير نادر علي شاه المنبوزبطهما سب قولي خان سلطان العجم ثم أعطى المترجم قضاء مكة وبعدها قضاء قسطنطينية بالرتبة ولم يتصرف بالقضاء بل بالرتبة كما هو داب الدولة العثمانية ثم أعطى قضاء عسكر أناطولي وباشر الأحكام وبعد انصرافه وعزله ولي قضاء عسكر روم ايلي سنة ست وسبع وثمانين ثم في سنة تسعين ومائة وألف ولاه السلطان الأعظم أبو النصر غياث الدولة والدين عبد الحميد خان مشيخة الاسلام وصار مرجع الخاص والعام وأفتى وأفاد واشتهر في الأمصار والبلاد وامتدحه الشعراء وأقبلت عليه الأدباء وكان حسن الأخلاق عالماً محققاً أديباً أريباً حسن النظم والنثر لطيف الصحبة والمذاكرة كثير اللطائف والنوادر ولما دخلت إلى قسطنطينية في صفر سنة اثنين وتسعين ومائة وألف كان شيخ الاسلام فذهبت إليه مع قاضي دمشق المولى محمد أمين ابن شيخ الاسلام ولي الدين المفتي ولما رآني قام واقفاً وقال أهلاً ومرحباً بابن شيخنا رحم الله جدك سيدنا الاستاذ الشيخ مراد اجتمعت به وقبلت يده وتشرفت بزيارته ولما مات سنة اثنين وثلاثين ومائة وألف حضرت غسله وجنازته والصلاة عليه ولم أر مدة عمري أبيض من جسده جسداً ولا أطرى منه وكان بالمجلس حاضراً المولى اسحق بن محمد المنلاجق قاضي عسكر انا طولي فأثنى هو أيضاً عن الجد وأكثر من المدح واجتمعت به بعدها غير مرة ولما كنت بدمشق قبل اجتماعي به رقأبي إلى المدرسة السليمانية وأرسل إلى رؤس المرسوم الصادر باشارته وأبقى ابن عمي أبا طاهر عبد الله بن طاهر المرادي في منصب فنودي دمشق وكتب له به كتاباً وأرسله إليه تمرض وأنا بقسطنطينية واشتد به المرض ولا زال يكثر حتى قرب من الموت وهو في هذه الحالة لم يعزله السلطان عن المشيخة ورسم له أن يجعل حتماً للفتأوي يكتب الجواب كاتب الفتوى وهو يختم به لعجزه عن الكتابة فقال له المقربون والوزير الأعظم يا سيدنا ان المولى أسعد الايراني للآخرة أقرب وتعطلت امور الدولة وضاجت ذوو الحاجات وأرباب المطالب والصرار على ابقائه في المنصب مضر للدولة ويحصل منه تنكر والأمر اليك فقال لا بد أن أسأل عنه رئيس الأطباء فإنه أن أخبرني بما ذكرتموه أعزله ولما حضر بين يديه رئيس الأطبا سأله عن مرضه وعلته وحاله وأخبره بضعفه وأنه للآخرة أقرب ولا ينتج من دائه فرسم بعزله وأحضر قاضي عسكر روم ايلي المولى شريف ابن شيخ الاسلام المولى أسعد ابن شيخ الاسلام المولى إسماعيل بن إبراهيم المفتي ألبسه خلعة مشيخة الاسم البيضا وهي فروج من الجوخ الأبيض حشوها السمور الأسود لا يلبسها الا شيخ الاسلام المنصوب وكان ذلك في اليوم السادس والعشرين من جمادي الثانية سنة اثنين وتسعين ومائة وألف ثم لم يلبث الا ستة أيام ومات في ثاني رجب من السنة وصلى عليه في جامع أبي الفتح السلطان محمد خان مجمع حافل حضره ما عدا السلطان جميع الوزراء وقضاة العساكر والرؤساء والأعيان ودفن عند والده في مقبرة أبي أيوب خالد بن زيدالأنصاري رضي الله عنه خارج قسطنطينية وقبره معروف رحمه الله تعالى