الشَّيْخ على بن أَبى بكر الزيلعى التهامى
الشَّيْخ الْعَلامَة على بن أبي بكر بن المقبول الزيلعى التهامى ولد باللحية فِي سنة 1024 أَربع وَعشْرين وَألف وَأخذ عَن أَبِيه وَعَن مَقْبُول بن احْمَد المحجب وَغَيره ورحل الى الْحَرَمَيْنِ ثمَّ إِلَى صَعِيد مصر وَمكث نَحْو ثَلَاثِينَ سنة ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْحَرَمَيْنِ وَمكث بهما مُدَّة ثمَّ توجه فِي سنة 1094 أَربع وَتِسْعين وَألف إِلَى الْيمن وَرجع فِي ذَلِك الْعَام وَمَات بِمَكَّة فِي ذى الْقعدَة سنة 1095 خمس وَتِسْعين وَألف رَحمَه الله تَعَالَى
ملحق البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع - لليمني الصنعاني.
علي بن أَبى بكر بن المقبول صَاحب الْحَال الزيلعى العقيلى وَتقدم رفع نسبه فى تَرْجَمَة أَبِيه كَانَ من أكَابِر بنى الزيلعى ووجوههم وَمن خِيَار عباد الله الصَّالِحين المتمسكين بِالسنةِ وَكَانَ حسن الْخلق والخلق لطيف الطباع حسن الشَّمَائِل متواضعا خيرا كَرِيمًا ملازما لطاعة الله وَذكره الشلى وَقَالَ ولد باللحية فى سنة أَربع وَعشْرين وَألف وَبهَا نَشأ وَأخذ عَن أَبِيه وَعَن الْفَقِيه مَقْبُول بن أَحْمد المحجب وَاجْتمعَ بِكَثِير من الاولياء وَأخذ عَنْهُم وأجازوه واشتهر ذكره بِبَلَدِهِ ورحل إِلَى الْحَرَمَيْنِ ثمَّ الى صَعِيد مصر وَمكث ثمَّة نَحْو ثَلَاثِينَ سنة وَكَانَ مسموع الْكَلِمَة عِنْد امرائها مَقْبُول الشَّفَاعَة مجللا مُعظما وَله كرامات كَثِيرَة مِنْهَا ان بعض الاصحاب كَانَ مُسَافِرًا فى سفينة المترجم من الْقصير الى الينبع فهاج الْبَحْر وتعب أهل السَّفِينَة كثيرا وأيقنوا بِالْهَلَاكِ فَقَالَ فى نَفسه سُبْحَانَ الله النَّاس يَقُولُونَ ان صَاحب هَذِه السَّفِينَة من أَوْلِيَاء الله وَلَا يُلَاحظ سفينته وتحكم ذَلِك فى خاطره فَأَخَذته سنة من النّوم فَرَآهُ وَهُوَ ماسك مقدمها بِيَدِهِ يَقُودهَا والتفت اليه وَقَالَ لَهُ يَا فلَان لَا تخف فَنحْن لَا نغفل عَن سواعينا قُم من النّوم وَلكم السَّلامَة فأفاق من نَومه فَوجدَ الامر هان والسفينة اسْتَقَرَّتْ وسلموا وبلغوا الينبع وَرَآهُ فِيهَا على صورته الَّتِى رَآهُ عَلَيْهَا فى النّوم وَمِنْهَا ان الامير مُحَمَّد أَمِير الصَّعِيد كَانَ يَعْتَقِدهُ كثيرا وَكَانَ لَهُ مركب فَقَالَ يَا شيخ على اشْتَرِ هَذَا الْمركب وَأعْطِ حَقه على حسب التَّيْسِير فَأخذ مِنْهُ بألفي قِرْش فَبعد مُدَّة حصل على الامير مَا حصل من قيام وَزِير مصر وعسكرها عَلَيْهِ حَتَّى جهزوا عَلَيْهِ عسكرا جراراً وقتلوه وضبطوا مخلفاته فوجدوا الْمبلغ مَكْتُوبًا فى الدفاتر على الشَّيْخ على فَجَاءَهُ رَسُول من وَزِير مصر يقبض جَمِيع المخلفات فَطلب من الشَّيْخ على الْمبلغ الْمَذْكُور فَذكر لَهُم انه أَخذه من الامير على التدريج وَلَا يقدر على دفع شئ فى هَذِه الْحَال من ثمنه أَو يأخذوه بِعَيْنِه فَأبى الرَّسُول ذَلِك فَاقْتضى نظر أَمِير الصَّعِيد الامير أَحْمد ان يُسَافر الى مصر وَيرد الامر الى الْوَزير فَذهب الى مصر وَمَعَهُ جمَاعَة مطلوبون أَيْضا فى دُيُون مَعَ رَسُول الْوَزير فأهانهم وأجلسهم مَجْلِسا غير مُنَاسِب فى السَّفِينَة المتوجهة بهم الى مصر وَصَارَ يمْنَع النَّاس عَن الِاجْتِمَاع بهم فنصحه الشَّيْخ وَقَالَ لَهُ مَالك حَاجَة بِنَا فَلم يفده فَخرج لَهُ فى دبره شئ مَنعه من الْجُلُوس وَالطَّعَام وَالشرَاب وَاشْتَدَّ بِهِ ذَلِك فَأرْسل اليه وَقَالَ لَهُ يَا سيدى تبت الى الله فَقَرَأَ عَلَيْهِ شَيْئا من الْقُرْآن فعوفى لوقته وَصَارَ يتعاطى خدمته بِنَفسِهِ الى مصر فَلَمَّا وصلا الى مصر قَالَ لَهُ يَا سيدى انْزِلْ عندى فى بيتى وأقضى لَك جَمِيع امورك فَأبى وَنزل عِنْد بعض أَصْحَابه ثمَّة من أهل الْيمن ثمَّ ذهب الى الامير قيطاس واخبره بذلك وَكَانَ فى ذَلِك الْوَقْت رَئِيس مصر فَذهب بِهِ الى الْوَزير فبمجرد ان وَقع بصر الْوَزير عَلَيْهِ قَامَ لَهُ اجلالا وبقى بَين يَدَيْهِ كالطفل الصَّغِير وَهُوَ فى غَايَة التأدب فَأخْبرهُ بذلك فَقَالَ نحط عَنْكُم من الْمبلغ كَذَا والباقى مِنْهُ نحاسبكم بِهِ من اجرة حبوب الْحَرَمَيْنِ الَّتِى نضعها فى السَّفِينَة ونادى الْكتاب فى ذَلِك الْوَقْت فَحَسبُوا ذَلِك وَفضل لَهُ من الاجرة شئ كثير فدفعوه لَهُ فى الْحَال وزاده الْوَزير من عِنْده شَيْئا وكساه ثيابًا فاخرة وَبَالغ فى اكرامه وَقَالَ لَهُ الْحُبُوب نزلُوا مِنْهَا فى الساعية الَّتِى تريدوها والباقى يكون فى سفرة اخرى وَأمر أَمِير الصَّعِيد ان يدْفع لَهُ من الْحُبُوب شَيْئا كثيرا وَرجع الشَّيْخ الى الصَّعِيد منصورا مظفرا وَتشفع بِهِ بَقِيَّة المطلوبين بِمَا عَلَيْهِم من الدّين فَقبل شَفَاعَته وسامحهم الْوَزير بذلك وَكَانَ حَافِظًا للمراتب الشَّرْعِيَّة وَمن الْقَائِلين بالوحدة وَكَانَ ملآنا من معرفَة الله تَعَالَى وَلم يزل كَذَلِك حَتَّى رَجَعَ الى الْحَرَمَيْنِ وَمكث مُدَّة ثمَّ توجه الى الْيمن فى سنة أَربع وَتِسْعين وَألف وَرجع من عَامه فتوفى بِمَكَّة يَوْم الِاثْنَيْنِ حادى عشرى ذى الْقعدَة الشَّرِيفَة سنة خمس وَتِسْعين وَألف وَدفن بالشبيكة رَحمَه الله تَعَالَى
ــ خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر.