أبي بكر بن منصور بن بركات العمري الدمشقي

تاريخ الولادة957 هـ
تاريخ الوفاة1048 هـ
العمر91 سنة
مكان الولادةغير معروف
مكان الوفاةغير معروف
أماكن الإقامة
  • دمشق - سوريا

نبذة

الأديب أَبُو بكر بن مَنْصُور بن بَرَكَات بن حسن بن عَليّ الْعمريّ الدِّمَشْقِي شيخ الْأَدَب بِالشَّام الأديب الشَّاعِر الْمَشْهُور أحد الأدباء الْمُحْسِنِينَ جمع شعره بَين براعة الْأَلْفَاظ وبداعة الْمعَانِي وملاحة السبك وجودة التَّرْكِيب وَكَانَ ينظم الموشح وَالِد وَبَيت والزجل والمواليا والقوما والكان وَكَانَ.

الترجمة

الأديب أَبُو بكر بن مَنْصُور بن بَرَكَات بن حسن بن عَليّ الْعمريّ الدِّمَشْقِي شيخ الْأَدَب بِالشَّام الأديب الشَّاعِر الْمَشْهُور أحد الأدباء الْمُحْسِنِينَ جمع شعره بَين براعة الْأَلْفَاظ وبداعة الْمعَانِي وملاحة السبك وجودة التَّرْكِيب وَكَانَ ينظم الموشح وَالِد وَبَيت والزجل والمواليا والقوما والكان وَكَانَ وَهُوَ فِي كل فن مِنْهَا سَابق لَا يلْحق ومتقدم لَا يدْرك وَكَانَ فِي عنفوان شبابه كثير الرحلة دَائِم النقلَة فجاب الْبِلَاد وَدخل الرّوم وبلاد الشرق ورحل إِلَى مصر مَرَّات عديدة وَلَقي جَمَاهِير النبلاء وأخباره كَثِيرَة وَوَقَائعه عَجِيبَة وَقد ذكره البديعي فِي ذكرى حبيب وَمَا انصفه فَقَالَ فِي وَصفه تمْتَام تحسن من غَيره كَلَامه يعجم لِسَانه مَا تعربه أقلامه ويستخرج فكره من الشّعْر مَا يضارع الرَّوْض المنمنم فَهُوَ أشعر بني نَوعه مَا لم يتَكَلَّم وَله من الزجل مَا يحمد الغباري غباره وَمن جَمِيع فنون الشّعْر مَا يمدح أَرْبَابهَا فِيهِ آثاره وَكَانَ على طَريقَة يحيى بن أَكْثَم من الْأَعْرَاض عَن الحبيب الْمقنع والميل إِلَى المعمم وَمن غَرِيب خَبره أَنه هام بِغُلَام أَمْرَد كَأَنَّهُ الطاوس فِي مشيته لكنه أركع من هدهد ووشي بِهِ إِلَى الْحَاكِم فَأرْسل إِلَيْهِ جمَاعَة فِي إِحْدَى الحنادس وَكَانَ مجاوراً بحجرة فِي بعض  الْمدَارِس فوجدا على حَالَة يقبح التَّصْرِيح بذكرها الْقَبِيح فَأمر بِهِ فِي غَد تِلْكَ اللَّيْلَة أَن يطوق عُنُقه بساقي ذَلِك الْغُلَام وَيُطَاف بِهِ فِي الْأَسْوَاق بمشهد من الْخَاص وَالْعَام فاغتنمها فرْصَة وَجعل يقبلهما إِلَى الْأَقْدَام انْتهى قلت وَلَقَد فحصت عَن هَذَا الْخَبَر من كل من لَقيته مِمَّن أدْرك الْعمريّ فَلم أر لَهُ عِنْد أحد أثرا وَفِي ظَنِّي الرَّاجِح أَنه مفتري وَالله أعلم بحقيقته نعم إِن الْعمريّ صَاحب طبع ميال للجمال والميل عِنْد من يبري الساحة مَظَنَّة الِاحْتِمَال وَبِالْجُمْلَةِ فَمثل هَذَا الْخَبَر لَا ينْقل الاليوهي وبالخصوص عِنْدِي فَإِنَّهُ مِمَّا لَا يَعْنِي بِذكر وَلَا أَنَّهَا وَحَاصِل القَوْل أَن الْعمريّ من كملاء عصره ونبغاء دهره غير أَنه أخرج نَفسه من طَرِيق الْعلم واحترف فَصَارَ عطاراً ولوتزياً بزِي الْعلمَاء لأدرك مرامه وفَاق أقرانه وَكَانَ كثير النّظم وشعره دائر فِي أَيدي النَّاس وَلَو جمع لَهُ ديوَان لجاء فِي مجلدات وَقد وقفت على قِطْعَة مجلدة مِنْهُ وَقد كَانَ جمعهَا هُوَ بِنَفسِهِ فِي ابْتِدَاء أمره وَذكر بعض وقائع وَقعت لَهُ مِنْهَا مَا حَكَاهُ قَالَ حضرت مرّة مَجْلِسا وَفِيه بعض أفاضل من أهل الْأَدَب فأفضت المحاضرة إِلَى ذكر الْخَيل وعتاقها وسبقها وَمَا وصفتها بذلك الشُّعَرَاء من الْجَاهِلِيَّة والإسلاميين فَأَنْشد بعض الْحَاضِرين أَبْيَات الشَّيْخ صفي الدّين عبد الْعَزِيز بن سرابا الحلى وَهِي مَشْهُورَة فِي وصف جواد الَّتِي من جُمْلَتهَا قَوْله
(إِذا رميت سهامي فَوق صهوته ... مرت بهَا دِيَة وانحطت عَن الكفل)
فغلطه بعض الْحَاضِرين وَقَالَ لَهُ الرِّوَايَة تهاديه بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق لَا بِالْيَاءِ الْوحدَة وَزَاد اخْتِلَاف الْجَمَاعَة فِي ذَلِك فَكتبت إِلَى المرحوم الْحسن البوريني هَذِه الأبيات ليبين للْجَمَاعَة الصَّوَاب وَهِي قولى
(يَا شيخ الْإِسْلَام يَا ذَا الْعلم وَالْعَمَل ... وَقَائِل الْفَصْل فِي الأبحاث والجدل)
(وموضح الْحق بَين الْخلق مظهره ... بِالصّدقِ وَالْقَصْد فِيهِ أوضح السبل)
(مَاذَا تَقول وَلَا زَالَت مَقَالَتك الْعليا ... وقاليك معدوداً من السّفل)
(فِي قَول شاعرها الْمَشْهُور بارعها ... من اعتلى رُتْبَة فِي الأعصر الأول)
(عبد الْعَزِيز صفي الدّين من عمرت ... أبياته بنسيب الشّعْر والغزل)
(فِي وصف طرف يفوت الطّرف حَيْثُ جرى ... ويسبق الرّيح إِن مَا سَار عَن عجل)
(إِذا رميت سهامي فَوق صهوته ... مرت بهاديه وانحطت عَن الكفل)
(بالبا بهاديه أَو بِالتَّاءِ قَالَ أفد ... جَوَاب حبر ببذل الْفضل محتفل)
(وجد بِلَفْظ يحلى السّمع جوهره ... أغْلى من الدّرّ أَو أحلى من الْعَسَل)
(وَهل للفظ تهاديه هُنَا عمل ... يَلِيق أم هُوَ مَنْسُوب إِلَى الْخلَل)
(واشف الصُّدُور كَمَا عودتنا كرما ... بِحل كل عويص مُشكل جلل)
(لَا زلت ترقى إِلَى أَعلَى الطباق علا ... فِي نعْمَة الله مَأْمُوما من الخطل)
(مَا أطلع الله معنى كَانَ محتجبا ... فِي غيهب الْغَيْب حَتَّى صَار كالمثل)
فَكتب إِلَيّ الْحسن حوابا قَوْله
(الْحَمد لله واقينا من الزلل ... رب الْعباد وشافينا من الْعِلَل)
(ثمَّ الصَّلَاة على الْمُخْتَار سيدنَا ... خير الْبَريَّة من حاف ومنتعل)
(مُحَمَّد سيد الأكوان فاطبة ... عين النَّبِيين طه أكمل الرُّسُل)
(وَآله الطيبين الطاهرين أولى الْمجد ... الَّذين مَشوا فِي أقوم السبل)
(وَصَحبه السَّادة الأمجاد من نصحوا ... وَجَاهدُوا بمواضي الْبيض والأسل)
(صديقَة وَكَذَا الْفَارُوق بعد وَذُو النورين ... والمرتضى بَحر الْعُلُوم على)
(والستة الشهب ثمَّ التَّابِعين فهم ... أهل التقى والنقا وَالْعلم وَالْعَمَل)
(وَبعد أَهلا بنظم لذ مشربه ... أشهى من الْمَنّ أَو أحلى من الْعَسَل)
(مهديه لَا بَرحت تنمو فضائله ... وَلم يزل قدره فَوق السماك على)
(أَتَى يسائلنا عَن جهل ذِي لَكِن ... بل قَول ذِي خطأ قد شيب بالخطل)
(لم يدر أَن الهوادي جمع هادية ... للخيل تعزى وَلَا تعزى إِلَى الرجل)
(وَأَنَّهَا عنق الطّرف الَّذِي مرق السِّهَام ... عَنْهَا وَلم تَبْرَح لَدَى الكفل)
(وَمَا للفظ تهاديه هُنَا عمل ... إِذْ المصادر تهديه من الزلل)
(نَعُوذ بِاللَّه من جهل يقارنه ... بحمق فَصَاحب ذَا ينمي إِلَى السّفل)
(وَذَا جَوَاب بَعَثْنَاهُ على عجل ... يسْعَى لخدمتكم فِي غَايَة الخجل)
(هاديتم الرَّد هادينا كم خرزاً ... هذي المهادة قل للجاهل الرذل)
(وَدم مدى الدَّهْر فِي فضل وَفِي نعم ... ماروا ذَوُو الْجَهْل فِي غبن وَفِي بخل)
وَمِنْهَا مَا حَكَاهُ قَالَ دخلت إِلَى الكلاسة الْمعدة لبيع الْكتب وَرَاء الْحَائِط الشمالي من الْجَامِع الْأمَوِي بِدِمَشْق فَرَأَيْت بيد الدَّلال مقامات الحريري وَكتاب لَذَّة السّمع فِي وصف الدمع للصلاح الصَّفَدِي يذكر فِيهِ محَاسِن الْعين ومعايبها فزدت فِي الْكِتَابَيْنِ واشتريتهما من صَاحبهمَا وَهُوَ القَاضِي الشوبكي الْحَنْبَلِيّ وَجَلَست أعد لَهُ الثّمن إِذْ دخل الشَّيْخ إِسْمَاعِيل النابلسي الشَّافِعِي وَكَانَ شرس الْأَخْلَاق سريع الْغَضَب فَلَمَّا أبْصر الْكِتَابَيْنِ قَالَ بكم صَارا فَقَالَ لَهُ أَن هَذَا الشَّاب اشتراهما بِكَذَا وَوَقع إِيجَاب وَقبُول بَين البَائِع وَالْمُشْتَرِي قَالَ لَهُ عَليّ بِقِطْعَة زَائِدَة فخاف الدَّلال من حنقه وَسكت فَلم يسعني إِلَّا أَنِّي قلت وَقطعَة أُخْرَى فَقَالَ الشخ وثالثة قلب ورابعة إِلَى أَن وصلت زِيَادَتي إِلَى عشرَة فَأَغْلَظ لي الشَّيْخ كلَاما قبيحا فاستخرت الله وَأخذت دراهمي وانصرفت وَعِنْدِي مَا عِنْدِي فَإِنَّهُ شيخ الْإِسْلَام وَذُو جاه عَظِيم عِنْد الْحُكَّام وَلَا أقدر على مقاومته فَاشْترى الْكِتَابَيْنِ الْمَذْكُورين فنظمت تِلْكَ اللَّيْلَة قصيدة وَدخلت عَلَيْهِ بهَا فِي الْيَوْم الثَّانِي وَهُوَ يَوْم السبت الْحَادِي وَالْعِشْرين من الْمحرم سنة تسع وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة إِلَى قصرة بسوق السيورية والعنبرانيين وَعند صهره الْعَلامَة القَاضِي محب الدّين الْحَنَفِيّ والمرحوم أَبُو الْمَعَالِي درويش الطالوي وَالْقَاضِي شعْبَان قَاضِي بَيت الْمُقَدّس وقدمتها إِلَيْهِ وَهِي قولي
(يَا إِمَامًا علا على النَّاس قدرا ... وهما مَا قد حَاز فضلا وفخرا)
(وأديبا من لَفظه ينظم الدّرّ ... وَفِي شعره يرى السحر نثرا)
(فقت حتما على بني الْعَصْر فِي السّلم ... وَفِي الْجُود فقت حَاتِم ذكرا)
(كفك الْغَيْث فِي الْعَطاء وَأَنت اللَّيْث ... قسرا وَفِي المهابة كسرا)
(جِئْت أَشْكُو إِلَيْك يَا وَاسع الْجُود ... كلَاما أبديته لي نكرا)
(أَن أكن مذنبا فمعظم ذَنبي ... أنني زِدْت فِي المقامات عشرا)
(فَسمِعت الغليظ مِنْكُم وحسبي ... أنني بِالسُّكُوتِ قد نلْت أجرا)
(وثناني الْحيَاء وَهُوَ رِدَاء ... لفتى لم يمل مَعَ النَّفس دهرا)
(فاسمحوا للْفَقِير بالكتب فضلا ... مِنْكُم وَاجْعَلُوا مَعَ الْعسر يسرا)
(أنني مغرم بجمعي للآداب ... لما غَدَوْت بالشعر مغرى)
(لَا تخل أنني من الشّعْر عَار ... حَيْثُ أَنِّي اكْتسبت ثوبا تهرى)
(لي فِي النّظم قُوَّة والمعاني ... لبناني تنقاد طَوْعًا وقهراً)
(أَن تغزلت فِي الجفون وَفِي الأحداق ... تأنس من التغزل سحرًا)
(أَو وصفت الجبين وَالْفرق وَالْفرع ... فَإِنِّي أبدى من اللَّيْل فجراً)
(أَو أدرت المديح فِي أحد الْأَعْيَان ... أظهت من بديعي درا)
(وَكَذَا أَن هجوت أفحشت فِي القَوْل ... لِأَنِّي أحشوه نَهرا وزجرا)
(بِلِسَان كَأَنَّهُ اللولب الدوار ... أَو كالحسام مدا وقصرا)
(ولعمري لقد بنيت من الْفَهم ... بِنَاء مشيدا مشمخرا)
(وقرأت الحَدِيث وَالْفِقْه والمنطق ... حَتَّى غَدَوْت للْعلم صهرا)
(لم أفه بِالَّذِي ذكرت سوى للسَّيِّد ... المحبي الَّذِي طَابَ نجرا)
(فليحسن فِي الظنون فَإِنِّي ... لم أرم بِالَّذِي تبجحت فخرا)
(عش مدى الدَّهْر فِي السَّعَادَة ... والإقبال وَالْخَيْر مَا سقى الْقطر غبرا)
فَلَمَّا قَرَأَهَا تغير لَونه وظنها دسيسة عَلَيْهِ وَإِنِّي لست ناظمها وَقَالَ لي خُذ اقرأها أَنْت فَلَمَّا وصلت إِلَى قولي مِنْهَا بِنَاء مشخمرا قَالَ لي قف فَمَا معنى مشخمرا قلت مرتفعا قَالَ لَيْسَ هَذَا من كَلَام الْعَرَب قلت بلَى من كَلَام الْعَرَب هَذَا بشر بن أبي عوَانَة قَالَه وَغَيره قَالَ أَو تعرف مَا قَالَه بشر بن أبي عوَانَة قلت وأحفظ القصيدة مِنْهَا قَالَ أنشدها إِن كنت صَادِقا فَقلت نقل صَاحب قراضة الذَّهَب أَنه كتب بشر بن أبي عوَانَة الْعَبْدي الجاهلي إِلَى أُخْته فَاطِمَة وَكَانَ قد خرج فِي ابْتِغَاء مهر ابْنة عَمه فَعرض لَهُ أَسد فَقتل الْأسد وَقَالَ
(أفاطم لَو شهِدت بِبَطن خبت ... وَقد لَاقَى الهزبر أَخَاك بشرا)
(إِذا لرأيت ليثا رام ليثا ... هزبرا أغلبا لَاقَى هزبرا)
(تبهنس أَو تقاعس عَنهُ مهري ... محاذرة فَقلت عقرت مهْرا)
(أنل قدمي ظهر الأَرْض إِنِّي ... رَأَيْت الأَرْض أتبت مِنْك ظهرا)
(فحين نزلت مد إِلَيّ طرفا ... تخال الْمَوْت يلمع مِنْهُ شزرا)
(فَقلت لَهُ وَقد أبدى نصالا ... محددة ووجها مكفهرا)
(يدل بمخلب وبحد نَاب ... وباللحظات تحسبهن جمرا)
(وَفِي يمناي ماضي الْحَد أبقى ... بمضربه قراع الدَّهْر أثرا)
(ألم يبلغك مَا فعلت ظباه ... بكاظمة غَدَاة قتلت عمرا)
(خرجت تروم للأشبال قوتا ... ورمت لبِنْت عمي الْيَوْم مهْرا)
(وقلبي مثل قَلْبك لَيْسَ يخْشَى ... مصاولة فَكيف يخَاف ذعرا)
(فَفِيمَ تروم مثلي أَن يُولى ... وَيجْعَل فِي يَديك النَّفس قسرا)
(نَصَحْتُك فالتمس يَا لَيْث غَيْرِي ... طَعَاما إِن لحمي كَانَ مرا)
(محضتك نصح ذِي شفق فحاذر ... مارمي لَا تكن بِالْمَوْتِ غرا)
(فَلَمَّا ظن أَن النصح غش ... فخالفني كَأَنِّي قلت هجرا)
(خطا وخطوت من أسدين راما ... مراما كَانَ إِذْ طلباه أمرا)
(يكفكف غيلَة أحدى يَدَيْهِ ... ويبسط للوثوب على أُخْرَى)
(هززت لَهُ الحسام فخلت إِنِّي ... شققت بِهِ من الظلماء فجرا)
(وأطلقت المهند من يَمِيني ... فقد لَهُ من الأضلاع عشرا)
(وجدت لَهُ يثابة أرته ... بِأَن كَذبته مَا مِنْهُ عذرا)
(بضربة فيصل تركته شفعا ... وَكَانَ كَأَنَّهُ الجلمود وترا)
(فَخر مضرجا بِدَم كَأَنِّي ... هدمت بِهِ بِنَاء مشخمرا)
(فَقلت لَهُ يعز عَليّ أَنِّي ... قتلت مماثلي جلدا ونهرا)
(وَلَكِن رمت أمرا لم يرمه ... سواك فَلم أطق يَا لَيْث صبرا)
(تحاول أَن تعلمني فِرَارًا ... لعمر أبي لقد حاولت نكرا)
(فَلَا تغْضب فقد لاقيت حرا ... يحاذر أَن يعاب فَمَاتَ حرا)
فَكَانَ قراءتي لَهَا أَشد على الشَّيْخ من سَماع قصيدتي إِذْ قصَّة بشر مَعَ الْأسد كقصتي مَعَ الشَّيْخ فَلم يَسعهُ إِلَّا أَن قَالَ لعَبْدِهِ ياقوت الْمَشْهُور هَات الْكِتَابَيْنِ وناولهما لهَذَا الرجل ثمَّ اعتذر إِلَيّ عَفا الله عَنهُ فأخذتهما وانصرفت شاكرا دَاعيا وَمِنْهَا مَا حَكَاهُ قَالَ إِنَّنِي امتدحت المرحوم قَاضِي الْقُضَاة بِالشَّام الْمولى عبد الرَّحِيم الرُّومِي الْحَنَفِيّ سنة ثَان وَألف بقصيدة ميمية وَقد فقدتها من بَين مسوداتي الْآن وَكنت أستكتب فِيهَا المرحوم الشَّيْخ كَمَال الدّين بن بَرَكَات بن الكيال فَلَمَّا قدمتها إِلَيْهِ أجازني بجائزة حَسَنَة فَلَمَّا نمت تِلْكَ اللَّيْلَة رَأَيْت كَأَنِّي جَالس بَين يَدَيْهِ وَهُوَ يتَأَمَّل القصيدة وَيَقُول يَا شيخ هَذَا نظمك فَقلت وَالله يَا سَيِّدي فَقَالَ لي وخطك فَقلت لَهُ نعم فَتَبَسَّمَ مُنْكرا ثمَّ تنَاول الدواة وَقطع قرطاس وقدمهما إِلَيّ ثمَّ قَالَ لي خُذ انظم نصف بَيت واكتبه فتناولتهما وكتبت
(أقضى قُضَاة الورى عبد الرَّحِيم غَدا ... يَقُول ممتحنا والصدق شيمته)
(انظم لنا نصف بَيت قلت ممتثلا ... هَا قد نظمت وَلَكِن أَيْن قِيمَته)
ثمَّ ناولته القرطاس فاهتز طَربا وَأبْدى عجبا وَقَالَ هَذَا الْخط من جنس قَول الشَّاعِر عَيناهُ فَجعلت وَقلت لَهُ لَعَلَّ مَوْلَانَا يُشِير إِلَى قَوْله
(عَيناهُ قد شهِدت بِأَنِّي مُخطئ ... وَأَتَتْ بِخَط عذاره تذكارا)
(يَا قَاضِي الْحبّ اتئد فِي قصتي ... فالخط زور وَالشُّهُود سكارى)
فَلَمَّا سمع ذَلِك مني ضحك ضحكا عَالِيا وَجعل يضْرب بِيَدِهِ على ركبته وَيَقُول الْآن حكيت فَاسْتَيْقَظت من مَنَامِي وحس الضَّرْب وَآذَانِي وَمِنْهَا مَا قَالَ نَشأ بحلب غُلَام بديع الْجمال من أقَارِب شيخ الْإِسْلَام المرحوم الشَّيْخ زين الدّين عمر العرضي والغلام شرِيف أَنْصَارِي فنظم فِيهِ أدباء حلب مقاطيع كَثِيرَة فِي آخر كل مَقْطُوع مِنْهَا وَالْحسن تَحت عِمَامَة الْأنْصَارِيّ ثمَّ أرْسلُوا إِلَى دمشق يطْلبُونَ من أدبائها مقاطيع على نمط مَا نظموه فنظم أدباء الشَّام مقاطيع كَثِيره وأرسلوها إِلَيْهِم مِنْهَا
(سَأَلُوا عَن الخسن البديع تجاهلا ... وَالْحق لَا يخفى عَن الْأَبْصَار)
(فأجبت مَا هَذَا التجاهل والعمى ... وَالْحسن تَحت عِمَامَة الْأنْصَارِيّ)
وَمن ذَلِك قولي فِيهِ
(قَالُوا أهل اجْتمعت صِفَات الْحسن فِي ... أحد وَلم تحجب عَن الْأَبْصَار)
(قلت الملاحة وَالْجمال بأسره ... وَالْحسن تَحت عِمَامَة الْأنْصَارِيّ)
وَمن ذَلِك قولي فِيهِ أَيْضا
(مَا حلت عَن حلب وَكنت مُهَاجرا ... لِلْحسنِ حَيْثُ السعد من أَنْصَارِي)
(فالسعد لَاحَ بِوَجْهِهِ أنصاريها ... وَالْحسن تَحت عِمَامَة الْأنْصَارِيّ)
وَمِنْهَا قَالَ وَوَقع بحلب نادرة غَرِيبَة حضرتها فِي سنة سِتّ بعد الْألف وَهِي أَن شخصا يُسمى بَدْرًا عشق غُلَاما فتعاتبا يَوْمًا فَقَالَ لَهُ الْغُلَام إِن كنت تحبني فارم بِنَفْسِك فِي الخَنْدَق فَفعل ذَلِك ثمَّ أخرج مِنْهُ بعد أَيَّام وَدفن فنظم فِيهِ أدباء حلب مواليات كَثِيرَة آخر كل مواليا مِنْهَا إِن كنت بتحب وَاصل جرى للخندق إِلَّا أَنهم لم يَأْتُوا بِالْمَقْصُودِ فِيمَا نظموا فَسَأَلَنِي بَعضهم نظم مواليات فَقَالَت
(قَوس الْإِرَادَة على مغرم شجي بندق ... من أجل مَحْبُوب لأَجله النَّاس تتزندق)
(فَقَالَ لَو يَوْم قله بس تتفندق ... إِن كنت بتحب وَاصل جرى للخندق)
وَمن شعره الْمَجْمُوع فِي السّفر الْمَذْكُور قَوْله مخمسا أَبْيَات ابْن الجهم رحمهمَا الله تَعَالَى
(لَا تلح صبابه الْهوى ولعاً ... وَلَو سقَاهُ من كاسه جرعاً)
(وَإِن صغى للغذول أَو سمعا ... دَعه يُدَارِي فَنعم مَا صنعا)
(لَو لم يكن عَاشِقًا لما خضعاً ... )
(كَيفَ وَوصل الحبيب مُمْتَنع ... يهدأ صب أحشاؤه قطع)
(وَلَيْسَ فِيمَا سواهُ منتفع ... وكل من فِي فُؤَاده وجع)
(يطْلب شَيْئا يسكن الوجعا ... )
(أصعب من حرقة على ولد ... بعد أَسِير يبيت فِي صفد)
(مَا هجعت عينه وَمَا هجعوا ... فَارق أحبابه فَمَا انتفعوا)
(بالعيش من بعده وَمَا انتفعا ... )
(أقصوه علن أَهله وتربته ... وقاطعوه من بعد صحبته)
(فَهُوَ يُنَادي لفط كربته ... يَقُول فِي نأيه وغربته)
(عدل من الله كل مَا وَقعا ... )
وَقَوله مخمسا الأبيات الَّتِي يُقَال أَنَّهَا مَكْتُوبَة على سيف بخت نصر وَهِي
(الْجُود مَا اخْتصَّ بِهِ حَاتِم ... وكل سرّ قله كاتم)
(والحرّ لَا يخفضة شاتم ... لله فِي عالمه خَاتم)
(تجْرِي الْمَقَادِير على نقشه ... )
(فَازَ امْرُؤ كَانَ لَهُ مرتقى ... يرقى بِهِ أوج العلى والتقى)
(أكْرم بِهِ أَن زَالَ عَنهُ الشقا ... وَأَنت ان لم ترج أَو تتقى)
(كالميت مَحْمُولا على نعشه ... )
(أياك وَإِلَّا جدر فِي سربه ... فالشرّ كل الشَّرّ فِي قربه)
(وَأَنت لَا تقوى على حربه ... لَا تنبش الشَّرّ فتبلى بِهِ)
(وَاحْذَرْ على نَفسك من نبشه .. )
(أهل الولايات لَهُم مشرع ... بِكُل مَا يُولى الثنا مسرع)
(لَهُم إِلَى نيل الْعلَا مهرع ... ودولة البغى لَهَا مصرع)
(تنزل السُّلْطَان من عَرْشه ... )
(احذر ظلوما أَن طَغى أَو بغى ... وجاهلا فِي عرض حر لَغَا)
(مَا بعد نصح قَتله مبتغي ... أما رَأَيْت الْكَبْش لما طَغى)
(أدرج رَأس الْكَبْش فِي كرشه ... )
وَكتب إِلَى النَّجْم الْغَزِّي ملغزا
(يَا نجم يَا ابْن الْبَدْر يَا شمس الْهدى ... يَا من ضِيَاء وَجهه يجلو الْغَلَس)
(مَا اسْم حُرُوف لَفظه إِن عددت ... فحمسة وَإِن تصحف فَهُوَ بس)
فَأَجَابَهُ رحمهمَا الله
(يَا ملغزا فِي اسْم عَلَيْهِ رَبنَا ... صلى وَأَدْنَاهُ إِلَيْهِ فِي الْغَلَس)
(وَجَاء فِي التَّنْزِيل تَنْزِيل اسْمه ... تَحت سبا وفاطر فَوق عبس)
وَكتب إِلَيْهِ أَيْضا
(حليفة موت كفنت ثمَّ ألحدت ... بِغَيْر صَلَاة بينوا الحكم تؤجروا)
فَأَجَابَهُ
(يصلى عَلَيْهَا وَهِي فِي اللَّحْد سِيمَا ... وَقد غسلت هَذَا جَوَاب مُحَرر)
وَرَأى لبَعض الْفُقَهَاء هذَيْن الْبَيْتَيْنِ ملغزا
(مَا آن مُنْفَرد أَن كل مِنْهُمَا ... يجْرِي بِالِاسْتِعْمَالِ فِي التَّطْهِير)
(كل طهُور وَحده حَتَّى إِذا ... جمعا يعود الْكل غير طهُور)
فَأجَاب عَنْهُمَا بقوله
(مَاء تغير فِي الْمَمَر أَو الْمقر ... يجوز زَمَنه الْأَخْذ للتطهير)
(وَإِذا خلطت بِهِ الطّهُور وَقد نما ... التَّغْيِير عَاد الْكل غير طهُور)
وَمن أحاجيه قَوْله محاجيا فِي بلقين
(أَيهَا الْفَاضِل الَّذِي لَو كتبنَا ... بعض فضل لَهُ لعز المداد)
(قل لنا أَي قَرْيَة ذَات طلع ... أطلعت كَامِلا إِلَيْهِ الرشاد)
(لَو أردنَا بهَا نحاجي لقلنا ... أرق المَاء أَيهَا الْحداد)
وَقَوله محاجيا فِي عواصف
(وَكم رمت وَصفا للحبيب فلامني ... عذولي وَلم يعلم بكنه محبتي)
(فَمن لي بحبر فِي الأحاجي يَقُول لي ... إِذا رمت نعتا لائقا نبح انعت)
وَقَوله محاجيا فِي قسام
(لَو ذعى الزَّمَان فقت عَليّ ... كل إِمَام علت معارفه)
(أجب العَبْد منعما وَأَجد ... طرح الْمَوْت مَا يرادفه)
وَقَوله محاجيا فِي أخلاط
(لَئِن كنت رب الحجى ... وَذَا فكرة جائشة)
(فَمَا مثل قَول الْفَتى ... شَقِيق أَتَى الْفَاحِشَة)
وَمن دو بيتانه قَوْله
(إِبْلِيس وجنده أَتَوا مشتدين ... يَا رب لفتتني غدوا معتدين)
(إِن كنت أَطَعْت أَمرهم عَن خطأ ... رب اغْفِر لي خطيئتي يَوْم الدّين)
وَقَوله يخرج مِنْهُ اسْم دِينَار بطرِيق التعمية
(اللوم دَعوه أَيهَا اللوام ... لله حَقًا فِي الورى أَحْكَام)
(الْعِشْق مَوَاطِن الشقا من قدم ... من لَام تحطه بهَا الْأَيَّام)
وَقَوله يخرج مِنْهُ اسْم رَمَضَان
(يَا لقلب أسر قتلتي محبوبي ... يَا دمع سل وَيَا حشاي ذوبي)
(إِن أوجب مَا أسٍ ر يَا حَاجِبه ... كن حَاجِبه بقوسك المجذوب)
وَله الْقطعَة من حمل زجل على وزان يَا غائبين عني مَا ترجعوا من نعشقو بالهجر قلبِي قلا لما قلا وَحين على جمر الفضالي سلا عني سلا وَزَاد على قلبِي العنا والبلا وأمسيت بِلَا جليس أنيس عانى وجودي عدم سَكرَان فِرَاق هاثم نديمي النَّدَم وَقد سقاني الْبَين بكاسه جرع دلَّنِي كَيفَ أصنع والعذول بِي شنع وَامْتنع عني الَّذِي أَهْوى وظهري انقسم حظي مسود فَاحم مَا رَأَيْت لي رَاحِم أَو لفمي آس أهيم فِي النواح ورى فِي النواح فِي جحيم مَا تخمد وَأمسى جفني الرمد من تجني قَاس قلت وَلَو ذكرت مَاله من الْفُنُون السَّبْعَة لطال الْكَلَام غير أَنِّي على ذكر هَذِه الْفُنُون وَرَأَيْت أَن أتعرض للْكَلَام عَلَيْهَا بِمَا يُفِيد مَعْرفَتهَا وَهِي فَائِدَة خلا أَكثر كتب الْأَدَب عَنْهَا وزبدة القَوْل عَنْهَا أَنَّهَا الأريب فِي كَونهَا خَارِجَة من الشّعْر لِأَنَّهُ يُطلق على أَبْيَات كل من القصيد وَالرجز والقريض وَيخْتَص بِمَا قَابل الرجز وَإِنَّمَا هِيَ دَاخِلَة فِي النّظم وَأول من نظم الموشح المغاربة وهذبه القَاضِي الْأَجَل هبة الله ابْن سناء الْملك وتداوله النَّاس إِلَى الْآن وسمى موشحاً لِأَن خرجاته وأغصانه كالوشاح لَهُ وَسبب تقدمه على مَا بعده لإعرابه كالشعر لَكِن يُخَالِفهُ بِكَثْرَة أوزانه وَتارَة يُوَافق أوزان الشّعْر وَتارَة يُخَالِفهُ وَالِد وَبَيت أول من اخترعه الْفرس ونظموه بلغتهم وَمَعْنَاهُ بيتان وَيُقَال لَهُ الرباعي لأربعة مصاريعه وَقد اشْتهر بإعجام داله وَهُوَ تَصْحِيف وَهُوَ ثَلَاثَة أَقسَام يكو بِأَرْبَع قواف كالمواليا وأعرج بِثَلَاث قواف ومردوفاً بِأَرْبَع أَيْضا وَكله على وزن وَاحِد وَتقدم على مَا بعده لإعرابه أَيْضا وَأول من اخترع الزجل رجل اسْمه رَاشد وَقيل أَبُو بكر قزمان المغرساني وَهُوَ فِي اللُّغَة الصَّوْت وسمى زجلاً لِأَنَّهُ يلتذ بِهِ وَيفهم مقاطيع أوزانه وَلُزُوم قوافيه حَتَّى يغنى بِهِ ويصوت وَهُوَ خَمْسَة أَقسَام مَا تضمن الْغَزل والزهر وَالْخمر وحكاية الْحَال يخْتَص بالزجل وَمَا تضمن الْهزْل والخلاعة يُقَال لَهُ بليق وَمَا تضمن الهجو والنكت يُقَال لَهُ الحماق وَمَا بعض أَلْفَاظه معربة وَبَعضهَا ملحونة قاسمه مزبلح وَمَا تضمن الحكم والمواعظ فاسمه الْمُكَفّر بِكَسْر الْفَاء الْمُشَدّدَة وَالْأول أصعب هَذِه الْخَمْسَة وَقَالَ مخترعه قزمان لقد جردته من الاعراب كَمَا يجرد السَّيْف من القراب وَسبب تقدمه على مَا بعده كَثْرَة أوزانه وصعوبة نظمه وقربه من الموشح فِي أغصانه وخرجانه وَأول من اخترع المواليا أهل وَاسِط وَهُوَ من بَحر الْبَسِيط اقتطعوا مِنْهُ بَيْتَيْنِ وقفُوا شطر كل بَيت بقافية ونظموا يه الْغَزل والمديح وَسَائِر الصَّنَائِع على قَاعِدَة القريض وَكَانَ سهل التَّنَاوُل تعلمه عبيدهم المتسلمون عماوتهم والغلمان وصاروا يغنون بِهِ فِي رُؤْس النّخل وعَلى سقِِي الْمِيَاه وَيَقُولُونَ فِي آخر كل صَوت يَا مواليا إِشَارَة إِلَى ساداتهم فَسُمي بِهَذَا الِاسْم وَلم يزَالُوا على هَذَا الأسلوب حَتَّى اسْتَعْملهُ البغداديون فلطفوه حَتَّى عرف بهم دون مخترعيه ثمَّ شاع وَسبب تقدمه على مَا بعده لِأَنَّهُ من بَحر القريض بِحَيْثُ ينظم معرباً على قَاعِدَته وَأما الْمَكَان وَكَانَ لَهُ نظم وَاحِد وقافية وَاحِدَة وَلَكِن الشّطْر الأول من الْبَيْت أطول من الثَّانِي وَلَا تكون قافيته إِلَّا مردوفة وَأول من اخترعه البغداديون وَسبب تَسْمِيَته بِهَذَا الِاسْم أَنهم لَا ينظمون فِيهِ سوى الحكايات والخرافات فَكَانَ قَائِله يحْكى مَا كَانَ إِلَى أَن ظهر لَهُم مثل الإِمَام الْجَوْزِيّ والواعظ شمس الدّين الْكُوفِي وَغَيرهمَا من فضلاء بَغْدَاد فنظموا فِيهِ المواعظ وَالْحكم وَسبب تقدمه على مَا بعده لِأَنَّهُ ينظم بعض أَلْفَاظه معربة وَأما القوما فَلهُ وزنان اول مركب من أَرْبَعَة أقفال ثَلَاثَة مُتَسَاوِيَة فِي الْوَزْن والقافية وَالرَّابِع أطول مِنْهَا وزنا وَهُوَ مهمل بِغَيْر قافية وَالثَّانِي من ثَلَاثَة أقفال مُخْتَلفَة الْوَزْن متفقة القافية يكون القفل الأول مِنْهَا أقصر من الثَّانِي وَالثَّانِي أقصر من الثَّالِث وَأول من اخترعه البغداديون أَيْضا فِي الدولة العباسية برسم السّحُور فِي رَمَضَان وَسمي بِهَذَا الِاسْم من قَول المغنين بَعضهم لبَعض قوما لنسحر قوما فغلب عَلَيْهِ هَذَا الِاسْم ثمَّ شاع ونظموا فِيهِ الزُّهْرِيّ والخمري والعتاب وَسَائِر الْأَنْوَاع وَأول من اخترعه أَبُو نقطة للخليفة النَّاصِر وَكَانَ يُعجبهُ ويطرب لَهُ وَجعل لأبي نقطة عَلَيْهِ وَظِيفَة فِي كل سنة فَلَمَّا توفّي أَبُو نقطة كَانَ لَهُ ولد صَغِير ماهر فِي نظم القوما فَأَرَادَ أَن يعرف الْخَلِيفَة بِمَوْت وَالِده ليجريه على مفروضه فَتعذر عَلَيْهِ ذَلِك إِلَى رَمَضَان ثمَّ جمع أَتبَاع وَالِده ووقف أول لَيْلَة مِنْهُ تَحت الطيارة وغنى القوما بِصَوْت رَقِيق فأصغى الْخَلِيفَة وطرب لَهُ فَلَمَّا أَرَادَ أَن ينْصَرف قَالَ
(يَا سيد السادات ... لَك بِالْكَرمِ عادات)
(أَنا ابْن أبي نقطة ... تعيش أبي قد مَاتَ)
فأعجب الْخَلِيفَة من هَذَا الِاخْتِصَار فَأحْضرهُ وخلع عَلَيْهِ وَجعل لَهُ ضعف مَا كَانَ لِأَبِيهِ والقوما والكان وَكَانَ لَا يعرفهما سوى أهل الْعرَاق وَرُبمَا تكلّف غَيرهم فنظمهما وكل بَيت من القوما قَائِم بِنَفسِهِ وَأما تَأْخِيره فلعدم إعرابه انْتهى وَقد أطلنا الْمقَال لَكِن مَا خلونا من فَائِدَة تناسب فِي هَذَا المجال وَكَانَت وَفَاة الْعمريّ فِي أَوَاخِر جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَألف وَقد درج التسعين وَقَالَ عمر بن الصَّغِير شيخ الْأَدَب بعده فِي تَارِيخ وَفَاته
(يَا شيخ دمشق بالناظم الزاهي ... بِشِرَاك بجنة سناها باهي)
(الْهَاتِف من ألهمني تَارِيخا ... لي قَالَ أَبُو بكر عَتيق الله)
والعمري نِسْبَة إِلَى العقيبي الْحَمَوِيّ الَّذِي ورد إِلَى دمشق خَليفَة من جِهَة الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ علوان وَكَانَ مَسْكَنه بمحلة العقيبة خَارج دمشق بِالْقربِ من جَامع التَّوْبَة وَكَانَ العقيبي الْمَذْكُور أُمِّيا غير أَنه كَانَ ماهراً فِي الْكَلَام على الخواطر وَله مكاشفات وكرامات شَتَّى ذكره النَّجْم فِي الْكَوَاكِب السائرة وَأطَال فِي تَرْجَمته وَكَانَ مَنْصُور وَالِد صَاحب التَّرْجَمَة من جماعته الملازمين لَهُ فنسب إِلَيْهِ كَذَا ذكره البوريني فِي تَرْجَمته وَالله تَعَالَى أعلم
ــ خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر.

 

 

أبو بكر بن منصور بن بركات العمري العطار:
شاعر دمشقي متفنن، له نظم في أكثر أنواع الشعر. كان أديب الشام في عصره. وقام برحلات كثيرة، وأخرج نفسه من زي العلماء واحترف العطارة. له (ديوان - خ) في الظاهرية. وفي سيرته غرائب ونوادر. كان أبوه ملازما لشيخ يدعى عمر العقيبي، فعرف بالعمري نسبة إليه .
-الاعلام للزركلي- (تاريخ الولادة غير دقيق)