أياز السلاح دار فخر الدين
تاريخ الوفاة | 750 هـ |
مكان الوفاة | دمشق - سوريا |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
أَيَاز بفتح الهمزة، وبعدها ياء آخر الحروف، وبعد الألف الثانية زاي: الأمير فخر الدين السلاح دار.
أظنه كان في مصر قبل خروجه إلى الشام من بعض مُشِدَّي العمائر السلطانية، ثم إنه خرج في حياة السلطان إلى طرابلس أميرَ عشرة، ثم نُقل إلى دمشق على عشرة في أواخر أيام الأمير سيف الدين تَنكز، فأقام بها إلى أن توجّه صُحبة العساكر إلى مصر مع الفخري، فرُسم له هناك بإمرة طبلخاناه، وحضر عليها إلى دمشق. ثم إنه وَلي شدّ الدواوين بالشام عوضاً عن الأمير سيف الدين ينجي السلاح دار، وباشره جيداً بحُرمَةٍ ومهابة.
ثم إنه عُزل في أيام الأمير سيف الدين طُقُزتمر وصار حاجباً، ولم يزل على ذلك إلى أن توفي الأمير سيف الدين ألِلْمِش أمير حاجب المقدّم ذكره في أيام الأمير سيف الدين يلبغا اليحيوي، فولي الحجوبيّة الكبرى وأحبّه يلبغا، وصار حظيّاً عنده لا يفارقه سَفَراً وحضراً.
ولم يزل على ذلك إلى أن طلبه الملك المظفر حاجّي إلى مصر، فتوجه إليها، ونزل عند الأمير سيف الدين أُلجيبغا الخاصكيّ المقدم ذكره، ورُسم له بنيابة صفد، فوصل إليها وأقام بها، وبعد حضوره إليها بقليل خرج يَلْبُغا على المظفر، وجرى له ما يأتي ذكره إن شاء الله تعالى في ترجمته، وهرب، فرُسم للأمير فخر الدين بأن يركب خلفه، بعسكر صفد إلى دمشق وتوجّه بهم وبعسكر دمشق إلى حمص، وأقام عليها. ولمّا أُمسك في حماة عاد بالعسكر وتوجّه إلى صفد، ورُسم له بنيابة حلب في شهر جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وسبع مئة توجه إليها وأقام بها.
ولمّا كانت أول دولة الملك الناصر حسن حضر إليه الأمير ركن الدين عمر شاه يطلبه إلى مصر على البريد مُخِفّاً، فقابل ذلك بالطاعة، فلما كان في الليل بلغ عمر شاه أنه ربما قد عَزَم على العصيان، فأركَبَ الأمراء والعسكر الحلبي وأحاطوا بدار النيابة، فلمّا أحسّ بهم خَرَجَ إليهم وسلّم سيفه بيده إلى عمر شاه وقال: أنا مملوك السلطان وتحت طاعته الشريفة، فأمسكوه وقيّدوه واعتقلوه بقلعة حلب، وطولع السلطان بأمره، وكان ذلك في العشر الأوسط من شوال سنة ثمان وأربعين وسبع مئة، وأحضره الأمير سيف الدين بِلْجِك إلى قلعة دمشق مكبّلاً بالحديد، فأقام بها معتقلاً في القلعة أياماً يسيرة، ثم إنه طُلب إلى مصر ولمّا وصلها جُهز إلى الإسكندرية.
وحكى لي من أثق به انه لمّا وصل إلى دمشق أدخله الأمير سيف الدين أرغون شاه إليه في الليل فقال له: والله يا خوند رأيت في الطريق فلاحاً يسوق حماراً أعرجَ معقوراً وهو في أنحس حاله فتمنّيت لو كنت مثله فَرقَّ له.
ولم يزل معتقلاً بالإسكندرية إلى أن أُفرِج عنه وجُهّز إلى دمشق ليتوجّه إلى طرابلس ويقيم بها بطّالاً، فوصل في خامس عشر شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين وسبع مئة. وفي أوائل جمادى الأولى أعطي طَبْلَخاناه سُنقر الجمّالي بها، ثم إنه نُقل إلى دمشق فأقام بها، وأخذت المراسلات تدور بينه وبين الأمير سيف الدين أُلجيبغا نائب طرابلس إلى أن جرى ما جرى منه ومن أُلجيبغا، على ما تقدم في ترجمة الجيبغا. وهرب من دمشق مع الجيبغا، ولمّا امسك الجيبغا فارقه أياز وانفرد عنه في ثلاثة أنفار من مماليكه، فأمسكه ناصر الدين ابن المعين وبعضَ أجناد بعلبك في قرية العاقورة وقد لبس لبسَ الرهبان، وأحضره إلى بعلبكّ فقيّدوه ودخلوا به القلعة، ولمّا بلغ الخبر العسكر الشامي أخذوه من بعلبك وجاؤوا به إلى دمشق هو الجيبغا مكبّلين في الحديد وجرى لهما ما جرى، ووسّطوه في سوق الخيل بدمشق هو وألجيبغا على ما تقدّم في ترجمة ألجيبغا، وجزع جزعاً عظيماً وهلع وذل وخضع، وأخذ سكيناً من واحدٍ كان واقفاً إلى جانبه وأراد يذبحُ بها نفسه أو يجرح غيره فأعجلوه وضربوه بالسيف، ووسّط فخاض السيف في أحشائه واستقى نفسه من قليب قلبه برشائه، وذلك في شهر ربيع الآخر سنة خمسين وسبع مئة.
وقلت فيه:
لما أنار أيَازُ في أفْق العُلاَ ... خَمَدت سريعاً لامعات علوّه
بالأمس أصبح نعمة لصديقه ... واليوم أمسى رحمة لعدوّه
وكان رحمه الله تعالى جيداً في حق أصحابه، مثابراً على تقدمهم فَرِحاً بهم في رحابه يبذل مهجته دونهم قبل ماله، ويجتهد في حق كل منهم حتى يصل إلى بلوغ آماله. وأحبّه أهل حلب كثيراً ووجدوا به فرشَ أيامه وثيراً، لأنه عاملهم بلطفٍ زائد ولين جانب وخضوع قرنه بجودٍ لم يُردّ أحد منهم وهو خائب، إلا أنه تحامل على أرغون شاه وزاد، وغدر به وكاد، وبعض من اطّلع على باطن أمره بَسَط عُذره، والله تعالى يتولّى ظاهر أمره وسرّه.
أعيان العصر وأعوان النصر- صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي (المتوفى: 764هـ).