محمد بن محمد بن حسان الغافقي
تاريخ الوفاة | 774 هـ |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
الشيخ الكاتب أبو عبد الله محمد بن محمد بن حسان الغافقي، رحمه الله تعالى:
مفراخ أطيار القوافي، ومعيرها قصب القوادم والخوافي، ومجود آيات البيان مسندة الإتقان إلى الكافي، وإن عدم المجيز والمكافي، لم يضيق الطبع على قريحته ولا حجر، فكلما ضرب بعصا يراعته الحجر، انبجس وانفجر، إلا أن ممارسة هذه الميادين أوهت قوى جلادته، ورحم الإجادة أخلقتها كثرة ولادته، وكان ممن جمع بين البديهة والإصابة، وبرز في الخط بين العصابة، فأصبح فرداً بين أترابه، وفذا في أغرابه، وله آداب عذبة الشمائل، سائمة بزهر الرياض وظلال الخمائل. كتب بباب السلطان جواداً سابقاً، وطبقاً لشن تلك الشؤون مطابقاً، إلى أن أخلقت لجدة، وانتهت للأيام العدة، فانقاد للحمام المواقع الهجوم، وغرب غروب النجوم. ومن شعره وكثيره مطول، وللإجادة مخول، فمن ذلك ما خاطبني به في شأن بنت ماتت لي:
يا من له شيم رقت نواسمها ... هي المواهب والرحمن قاسمها
حازت بفضلك أسنى الحظ أندلس ... فأنت قطب معاليها وعالمها
إن الوزارة من علياك رافلة ... في حلة قد أجاد الوشي راقمها
وللكتابة فخر إذ ترسلها ... فأنت ناثرها الأعلى وناظمها
كأن لفظك في القرطاس زهر ربى ... بكى بها القطر فافترت مباسمها
سمت بطورك فوق الشهب منزلة ... فوق المنازل رب العرش عاصمها
نفس شريفة أعمال مجوهرة ... للعلو صاعدة، والقدس عالمها
إني لمجدك بالتقصير معترف ... على الفروض التي ترعى لوازمها
فافسح مجال اعترافي حين اشرحه ... لك السجايا التي تسمو مكارمها
وعن مغيبي لما صنت جوهرة ... من اللآلئ بطن الأرض كاتمها
فما علمت بميقات حضرت به ... ورحمة الله قد سحت غمائمها
فليتني كنت للأبصار مرتقباً ... مع الوفود التي راقت أزاحمها
يا سيدي والذي أعددته سنداً ... من الخطوب التي صالت صوارمها
رجعت للصبر تبغي الأجر محتسبا ... في جنة يجلب الأفراح دائمها
علماً بأوصاف ذي الدنيا وغايتها ... يرى خيالاً بها في النوم حالمها
لتبق للمجد في علياء شامخة ... ما مالت القضب أو حنت حمائمها ومما خاطبني به:
برق أضاء بحاجر ما يهدأ ... وسناه في جنح الدجى يتلألأ
فرعيته حتى الصباح بمقلة ... تهمي ونار جوانحي لا تطفأ
وسرت نواسم روض نجد سحرة ... فوشت بطيب كان فيه يخبأ
فبدت علي شمائل عذرية ... والصب يلحظه الرقيب ويكلأ
فأطال في شأن الملامة عذلي ... أني حننت لحيث كان المنشأ
فهواي شوقاً يستمد مدامعي ... والوجد يكتب والصبابة تقرأ
قالوا وقد طلع المشيب بمفرقي: ... إني سلوت ونجمه لي اضوأ هو عنفوان تذكري لمعاهد الأحباب في زمن مضى، والمبدأ ...
لا تعجبوا بعد الخمود لفطنتي ... أن نبهتها فكرة لا تصدأ
إن الممد لها الوزير بعلمه ... فهو المعيد النظم أو ما ينشأ
حوض لما يشكو الظماء مسلسل ... روض ند وظلاله نتفيأ
بحر ترى العلماء من أنهاره ... نقصوا إذا دانوه وهو مملأ
يرمي بمرجان ودرٍ فاخر ... والري فيه لذي غليل يظمأ
راض الصعاب وقد تبادر في العلا ... فله بأعلى ذروة متبوأ
فاضت عليه من المواهب حكمة ... هو لانطباع جمالها يتهيأ
فيها الوجود لكل مرتسم فمن ... ذاق المشارب بالسعود يهنأ
من كالإمام ابن الخطيب معارضاً ... إلا السمي له الذي لا ينشأ
ألقى الإله له المحبة في الورى ... فالكل يختم بالثناء ويبدأ
لا زال يرفل في ملابس رفعةٍ ... وحسوده بالنائبات مرزأ ومما انشدنيعه وكان يتكرر لقائي إياه ببعض الطرق قوله:
إذا عنت اللقيا على ظمأ لها ... ورام فؤادي أن يزيل غليلا
تعرض حر الشمس عند هجيره ... لأهجر شمساً لا تغيب أفولا
ولو سمحت تلك المزايا بوقفةٍ ... نشقت بها عرف النسيم عليلا
واقطفني بر الوزير خميلةً ... وأتحفني ظل القبول ظليلا
تسوغت طيب العيش أعذب موردٍ ... ولقيت منه روضة ومقيلا ومن اخوانياته البديعة قوله:
بديع نظمك أضحى روض إيناس ... أهدت طباعك منه طيب أنفاس
إذا كمائم الفاظ له ابتسمت ... زهدت في النرجس المطلول والآس
وما أبالي إذا شعشعت قافيةً ... إن لم انازع نديمي الخمر في الكاس
فلتسقني منه دنا لا تدر قدحاً ... حتى أغيب عن عقلي واحساسي
عجبت من ذهنك الوقاد كيف سمت ... بوابل الطبع منه نار نبراس
إن كنت في خلوة فهو الانيس بها ... وذكره ديدني ما بين جلاسي
ما وشي سنعاء إلا ما تحبره ... منك اليراع بحبر فوق قرطاس
ولا الفوائد إلا ما تنظمه ... تلك القريحة في أجياد أطراس
ايةٍ اعده وعللني بزورته ... أنا السقيم وأنت الممرض الآسي
إن كان سحراً فأسمعني غرائبه ... هو الحلال فلا تحذر من الباس
إني بعثت بشعر كالنسيم سرى ... لعلّ رؤيته تعديك يا ناسي
وإن هززت له عطفاً فلا عجب ... من الصبا رنحت أعطاف مياس
فعد لشيمتك الأولى التي حسنت ... أيام كنت لعهدي لست بالناسي
أما الشباب فقد ولى لطيته ... يا حسرتي لم يدع لي غير وسواس
كلفت بالزهر لما افتر وسط ربىّ ... وعفته ضاحكاً بالفود والراس وكل من ذكر إلى هذا الحد من المشايخ أو الاتراب، قد تسابقوا تسابق العراب إلى التراب، فيا ويح من اغتر بلمح السراب، وولد للموت وبنى للخراب، ومن يجري ذكره بعد هذا فهم بقيد الحياة لتملم جمادى الآخرة عام أربعة وسبعين وسبعمائة، جمعنا الله تعالى في مستقر رحمته، بفضله ومنته.
الكتيبة الكامنة في من لقيناه بالأندلس من شعراء المائة الثامنة - لسان الدين بن الخطيب، محمد بن عبد الله.
يوجد له ترجمة في: الإحاطة في أخبار غرناطة - لسان الدين ابن الخطيب.