أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن صفوان القيسي

أبي جعفر

تاريخ الولادةغير معروف
تاريخ الوفاة339 هـ
مكان الولادةغير معروف
مكان الوفاةغير معروف
أماكن الإقامة
  • مالقة - الأندلس

نبذة

الشيخ الكاتب الرئيس أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن صفوان القيسي (من أهل مالقة، كان صدراً من صدور الكتاب قوي الإدراك أصيل النظر ذاكراً للتاريخ واللغة مشاركاً في الفلسفة والتصوف ومن أساتذته ابن عبد الملك المراكشي وابن البناء. من تواليفه " مطلع الأنوار الإلهية " و " بغية المستفيد " وتقاييد كثيرة) ، رحمه الله

الترجمة

الشيخ الكاتب الرئيس أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن صفوان القيسي (من أهل مالقة، كان صدراً من صدور الكتاب قوي الإدراك أصيل النظر ذاكراً للتاريخ واللغة مشاركاً في الفلسفة والتصوف ومن أساتذته ابن عبد الملك المراكشي وابن البناء. من تواليفه " مطلع الأنوار الإلهية " و " بغية المستفيد " وتقاييد كثيرة) ، رحمه الله:
فارس بهذه الميادين معلم، وحجة برهانها مسلم، وبطل لا ترد شباة نقده، ولا تحل مبرمات عقده، يرمي الغوامض بالذهن الذي لا ترد شباه، ولا تفل عند الضرب ظباه، ويفك الأقفال إذا عظم الاشتباه، وله في إيضاح المعميات مقام خفق لواه، وتخصيص من الله تعالى لم يخص به سواه؛ حل في حلبة الكتاب بطلاً بئيساً، وكتب عن السلطان رئيساً، ثم آثر الانقباض فما أعمل في خدمة بنانا، ولا شغل بها جناناً، يتمعش من عقد الشروط أحيانا، والدهر يوسعه نسياناً، ويذهب أثراً منه وعيانا، قد اجر رسنه همة لا ترضى الكاتب بعلاً، ولا الجوزاء وشاحاً ولا الثريا نعلا، إلى أن نظرت في أمور الملك فانتشلته من مهواه، ودللت البر على مثواه، واسنيت له الجراية، ونشرت من تعظيمه الراية، فأصبح به حفيا، إلى أن مات مكفيا. وشعره وثيق مبناه، ومتكاف لفظه ومعناه، وله بالمقاصد الصوفية كلف، وبالأقوال الشهيرة فيها زلف، فمن ذلك قوله:
هم بالرقي إلى المحل السامي ... ليس المقام لدى الثرى بمقام
جرد حسام الغزم عن غمد الهوى ... واقطع علائق شاغل الأوهام
وانهض بجد لاقتباس النور من ... برق الحمى بمثابة الإحرام
واهجر عوالم حسك الأدنى ولا ... تحفل بشمس ضحى وبدر تمام
فالكون أجمعه وما يحويه من ... عال ومنخفض حجاب ظلام
يا أيها الآوي إلى أضداده ... ليست خيامك هذه بخيام
هجروك فأنبهم الطريق إليهم ... وتشابه الأنجاد بالأتهام
فظللت تندب للجهالة أربعا ... إفصاحها كمضلل الأعجام
المم بيم السر منك فغص به ... وإذا غرقت فناد دون كلام
يا درة النفس النفيسة يممي ... سمط العلا تحظي بخير نظام
يا جوهراً حار الورة في كنهه ... وعتا تصوره على الأفهام
يا مظهراً سر الوجود ومازجاً ... ماء الندى رفقاً بلفح ضرام
أنت الموصل باشتراك طباعه ... نور العقول بظلمة الأجسام
أنت المهيا بالطهارة والصفا ... لقبول سر الوحي والإلهام
يا مسنداً خبر الذين أحبهم ... وأخصهم بصبابتي وهيامي
لك في الفؤاد مكانة محفوفة ... مني بوافي السر والإكرام
إني وجدت لديك نفحة طيبهم ... كعبيق مسك عند فض ختام
كرر على سمعي لذيذ حديثهم ... فحديثهم يروي غليل أوامي
تفديك نفسي من حديث قادم ... من عند أحباب علي كرام

فصلوك عنهم كي تخط علومهم ... في صفح لوحك علية الأقلام
حجبوك عن مرأى النواظر غيرة ... ووقوك كرة حوادث الأيام
دلوا عليك بهم وأنت دليلهم ... لذوي النهى ومسددي الأفهام
حتى إذا كمل الذي قصدوا له ... جذبوك نحوهم بفضل زمام
فخروف ذاتك تقتضي قدم الذي ... أضفى عليك ملابس الإنعام
وكمال حسنك مفصح بكمالهم ... شهدت بذلك حال الاستلزام
عرج على الواد الكريم مبادراً ... خلع النعال بموطئ الأقدام
وأصخ لما يلقى بسرك بائعاً ... ح الوجود خلعة الأعدام
فإذا فقدت فقد وجدت بغبطة ... مقرونة بمسرة ودوام
فهم إذاً لا أنت إن سواهم ... بيد الفناء أذيق كأس حمام
وابثث لديهم عند ذلك قصتي ... واشرح لهم وجدي بهم وغرامي
ومدامعاً أسبلتها من شوقهم ... ما بين ندماني كؤوس مدام
غني ختمت على الضمير بحبهم ... فغدا هواهم فيه زهر كمام
وجعلته حرماً لهم فسواهم ... ما إن له بحماه من إلمام
حسبي بهم من غيرهم بدلاً فهم ... روحي وريحاني وبرة سقامي
إن لاح لي من أفق مغناهم سنا ... فعلى الوجود تحيتي وسلامي ومن قصائده في هذا الغرض الشريف:
أدهى حجابك رؤية الأغيار ... فامح الدجى بأشعة الأنوار
يا قارئاً لفظ الوجود وفكره ... في فهم معناه الجلي مماري
لا تشغلن بظاهر لك قد بدا ... عما بباطنه من الأسرار
أودعت أنفس جوهر فأضعته ... وغمرته في لجة الأعمار
حجبتك هذي الكائنات بظلها ... عن سرها المكتوم حجب سرار
أو ما ترى أشخاصها قد أومأت ... طراً إلى صنع الحكيم الباري
دلت عليه بافتقار وجودها ... لوجوده في الجهر والأسرار
فلسان حال الكل ينطق مفصحاً ... بخضوعه للواحد القهار
فاخلع نعال الكون خلع محقق ... وجد المؤثر في بقا الآثار
لحظ المنازل يستشف جمالها ... لحظ الحبيب البادي الاستبصار
فأعار حسن الدار صفحة معرض ... وسما بهمته لرب الدار
لاحت له أنوار شمس أشرقت ... فكست دجى الظلماء ضوء نهار
واعتاض من صحو غذاه ناشئاً ... محواً عراه به انتشاء عقار
دارت عليه بدير معناه طلا ... محروسة الأدوار والأديار
مشمولة شملت شمائله فلم ... ترتح لغير الراح والأسكار
قد أسكنت دن الدنو وألبست ... أسمال أسما وقارَ وقار
عصرت يمين المن صرف سلافها ... لمديرها في سالف الأعصار وتعتقت حتى تروق جسمها ... لطفاً وفات توهم الأفكار
فالنور في عرصاتها والنور في ... دوحاتها ولهيبها كالنار
شعشع حمياها وحث كؤوسها ... واخلع عذارك واضح الأعذار
فإذا انتشت فناد من تهوي وبح ... بصريح ما أكننت في إضمار
فألذ ما يجني المتيم في الهوى ... ما ناله جهراً خليع عذار
وإذا خلوت بهم بغير مراقب ... فابثث هواك بذلة وصغار
فأرق ما بث الحبيب حبيبه ... شكوى الصبابة في خفي سرار
لا تبغين لهم شفيعاً غيرهم ... فهم الشفيع لمبتغي الأيسار
وهم الذين بهم تنال وصالهم ... وتفوز بالتقريب والإيثار
حسب العميد من الوجود هم فهم ... أنس الفؤاد ونزهة الأبصار
إن باعدوا أو ساعدوا لا ارتضي ... في حبهم ما عشت فك إسار
لم نتخذ شيئاً ولكن قصرت ... عن فهم ذاك مباحث النظار
لا زال سري آهلاً بهواهم ... مستوحشاً من رؤية الأغيار ومن ذلك القصيدة التي كلف بها القوالون:
بان الحميم فما الحمى والبان ... بشفاء من عنه الأحبة بانوا
لم ينقضوا عهداً ببينهم ولا ... أنساهم ميثاقك الحدثان
لكن جنحت لغيرهم فأزالهم ... عن أنسهم بك موحش غيران
لو صح حبك ما فقدتهم ولا ... سارت بهم عن حبك الأظعان
تشتاقهم وحشاك هالة بدرهم ... والسر منك لخيلهم ميدان
ما هكذا أحوال أرباب الهوى ... نسخ الغرام بقلبك السلوان
لا يشتكي ألم البعاد متيم ... أحبابه بفؤاده سكان
ما عندهم إلا الكمال وإنما ... غطى على مرآتها النقصان
شغلتك بالأغيار عنهم مقلة ... إنسانها عن لمحهم وسنان
غمض جفونك عن هواهم معرضاً ... إن الصوارم حجبها الأجفان
واصرف إليهم لحظ فكرك شاخصاً ... ترسم بقلبك كيف كنت وكانوا
ما غاب عن مغناك من ألطافه ... يهمي عليك سحابها الهتان
وجياد أنعمه ببابك ترتمي ... تسري إليك بركبها الأكوان
جغلوا دليلاً منك فيك عليهم ... فبدا على تقصيرك البرهان
يا لامحاً سر الوجود بعينه ... السر فيك بأسره والشان
ارجع لذاتك أن أردت تنزها ... فبها لعيني ذي الحجى بستان
هي روضة مطلولة بل جنة ... فيها المنى والروح والريحان
كم حكمة صارت تلوح لمبصر ... حارت لباهر صنعها الأذهان
حجبت بشخصك عن عيانك شمسها ... فمحا خاسن ذكرها النسيان
لولاك ما خفيت عليك إياتها ... والجو من أنوارها ملآن
فاخرج إليهم عنك مفتقراً لهم ... إن الملوك بافتقار تدان
واخضع لعزهم ولذ بهم يلح ... منهم عليك تلطف وحنان
هم رشحوك إلى الوصال إليهم ... وهم على طلب الوصال أعانوا
عطفوا جمالهم على أجمالهم ... فسبا المشوق الحسن والإحسان
يا ملبسين عميدهم حلل الضنى ... جسمي بما تكسونه يزدان
لا سخط عندي للذي ترضونه ... قلبي بذلك فارح جذلان
تقريبكم عين البقاء وبعدكم ... محض الفناء وحبكم ولهان
إني كتمت عن الأنام هواكم ... حتى دهيت وخانني الكتمان
ووشت بحالي في الغرام مدامع ... أدنى مواقع قطرها طوفان
وبدت علي شمائل عذرية ... تقضي بأني فيكم هيمان
فإذا نطقت فذكركم لي منطق ... ما لي سواكم للسان بيان
وإذا صمت فأنتم سري الذي ... بين الجوانح في الفؤاد يصان
فبباطني وبظاهري كم هوى ... من جنده الأسرار والإعلان
وجوارحي وجميع أنفاسي وما ... أحوي، علي لحبكم أعوان
وإليكم مني المفر فقصدكم ... حرم به للخائفين أمان استكثرت من نظم هذا الرجل لشرف غرضه، ومن مقطوعاته:
كففت عن الوصال طويل شوقي ... إليك وأنت للروح الخليل وكفاك للوصال فدتك نفسي قبيح ليس يرضاه الخليل
ومن ذلك في التورية بالغرض المذكور أيضاً:
يا كاملاً شوقي إليه وافر ... وبسيط خدي في هواه عزيز
عاملت أسبابي إليك بقطعها ... والقطع في الأسباب ليس يجوز وقال أيضاً:
أيا قمراً مطالعه جناني ... وغرته توارت عن عياني
أأصرف في هواك عن افتراقي ... وسهدي وانتحابي علتان ومن المقطوعات التي شهرت عنه

وشى العذار لجينه بنبا له ... فغدا يرق على المحب الواله
خط العذار بصفحتيه لامه ... خطاً توعده بمحو جماله
فحسبت أن جماله شمس الضحى ... حسناً وذاك الخط خط زواله
فرنا إليّ تعجباً وأجابني ... والروع يبدو من خلال مقاله
إن الجمال اللام آخره فعج ... عن رسمه واندب على أطلاله

الكتيبة الكامنة في من لقيناه بالأندلس من شعراء المائة الثامنة - لسان الدين بن الخطيب، محمد بن عبد الله.