القاضى عبد الحميد الْمعَافى الْيُمْنَى
القاضى الْعَلامَة البليغ عبد الحميد بن أَحْمد بن مُوسَى بن عَمْرو بن الْمعَافى الْيُمْنَى السودى كَانَ صَاحب التَّرْجَمَة عَالما أديبا أريبا محققا سِيمَا فِي الْعَرَبيَّة وَله شرح على الملحة وحواش وأجوبة مفيدة فِي النَّحْو وَشرح الْهِدَايَة والأزهار فِي الْفِقْه واعتنى فِي شَرحه للأزهار بموافقة اعراب الأزهار فَإِن شرح ابْن مِفْتَاح عَلَيْهِ يتناسب فِي بعضه اعراب الْمَتْن مَعَ الشَّرْح إِلَّا بتحويل للمتن من رفع إِلَى نصب وَنَحْو ذَلِك وَلِصَاحِب التَّرْجَمَة خطّ حسن ونظم جيد فَمن شعره فِي راية للْإِمَام الْمُؤَيد بِاللَّه مُحَمَّد ابْن الإِمَام الْقَاسِم
(أيا راية أَصبَحت فِي الْحسن آيَة ... وفَاق على الْأَعْلَام حسنك عَن يَد)
(قرنت بنصر الله حِين صنعت للأمام ... أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمُؤَيد)
(امام حلى جيد الْكَمَال بجوده ... مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد)
وَمِمَّا اتّفق أَنه لما مَاتَ السَّيِّد إِبْرَاهِيم ابْن الإِمَام المتَوَكل على الله إِسْمَاعِيل وَكَانَ قد ألم بِكُل غَرِيبَة من عُلُوم الْقرَاءَات والنحو وأشعار الْحِكْمَة والأدعية وَغَيرهَا مَعَ كَونه أكمه وَكَانَ من أصلح النَّاس على صغر سنه فَلَمَّا مَاتَ عظم الْخطب فَكتب القاضى أَحْمد بن صَالح بن أَبى الرِّجَال إِلَى الإِمَام المتَوَكل على الله إِسْمَاعِيل قصيدة الإِمَام شرف الدّين يحيى الَّتِى قَالَهَا عقيب وَفَاة ابْنه السَّيِّد الْعَالم النجيب عبد القيوم بن شرف الدّين وَكَانَ من سَادَات العترة وَلم يبلغ من الْعُمر إِلَّا إِحْدَى عشرَة سنة وَنصفا وَكَانَ يجارى الْعلمَاء وَمِمَّا يرْوى عَنهُ أَنه قعد فِي مجْلِس الحشحوش الْمَعْرُوف بجراف صنعاء وَالْعُلَمَاء يَخُوضُونَ فِي مسئلة الْبَهَائِم إِذا تمّ سؤالها وحسابها أَيْن تصير فَذكرُوا المقالات فِي ذَلِك وَلم يذكرُوا أحْسنهَا وأشهرها فَقَالَ السَّيِّد عبد القيوم وَمَا يشكل عَلَيْكُم من أمرهن لَعَلَّ الله يخلق لَهُنَّ رحبة يتنعمن فِيهَا فأعجب الْحَاضِرُونَ بذلك وكتبوه عَنهُ وَلما ختم عبد القيوم الْقرَاءَات غيبا وَبَعض الْكتب العلمية عمل وَالِده وَلِيمَة وأركب وَلَده على حصان لزفافه فَسقط وَمَات من حِينه وقبره بِقرب جراف صنعاء مَشْهُور مزور فَقَالَ الإِمَام شرف الدّين قصيدته الَّتِى أَولهَا
(حمدت الله ربى يَا بنيا ... على علم نعيت بِهِ اليا)
(نغصت حشاشتى وَالروح لما ... نفضت تُرَاب قبرك من يديا)
(وَلما أَن ختمت الذّكر غيبا ... قدمت بِهِ على البارى صَبيا)
(وَكُنَّا فِي زفاف الْخَتْم نسعى ... فَقَالَ الرب زفته اليا)
(لإحدى عشرَة مَعَ نصف عَام ... وطِئت بهمة هام الثريا)
(وَكنت قد امْتَلَأت من المعالى ... وَلم تتْرك من الاحسان شَيْئا)
إِلَى آخر القصيدة قَالَ القاضى أَحْمد بن صَالح بن أَبى الرِّجَال فِي تَرْجَمَة القاضى عبد الحميد الْمعَافي بمطالع البدور فَكتبت أَنا هَذِه الأبيات إِلَى الإِمَام المتَوَكل على الله إِسْمَاعِيل ثمَّ لم أشعر إِلَّا بِكِتَاب إِلَى الإِمَام من المترجم لَهُ بالأبيات فعجبت من توارد الخواطر انْتهى
ووفاة صَاحب التَّرْجَمَة بالسودة فِي نَيف وَخمسين وَألف رَحمَه الله تَعَالَى
ملحق البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع - لليمني الصنعاني.