محمد بن عثمان بن إبراهيم بن زرعة الثقفي أبي زرعة
تاريخ الوفاة | 302 هـ |
مكان الوفاة | دمشق - سوريا |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
مُحَمَّد بن عُثْمَان بن إِبْرَاهِيم بن زرْعَة الثقفي مَوْلَاهُم أَبِي زرْعَة
قاضى دمشق كَانَت دَاره بنواحى بَاب الْبَرِيد
وَولى قَضَاء مصر سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَلم يل بعده قَضَاء مصر وَلَا قَضَاء الشَّام إِلَّا شافعى الْمَذْهَب غير ابْن خديم قاضى الشَّام فَإِنَّهُ كَانَ أوزاعى الْمَذْهَب ثمَّ لم يزل الْأَمر للشَّافِعِيَّة مصرا وشاما إِلَى أَن ضم الْملك الظَّاهِر بيبرس فى سنة أَربع وَسِتِّينَ وسِتمِائَة الْقُضَاة الثَّلَاثَة إِلَى الشَّافِعِيَّة
روى عَنهُ الْحسن الحصائرى وَغَيره
وَكَانَ رجلا رَئِيسا يُقَال إِنَّه الذى أَدخل مَذْهَب الشافعى إِلَى دمشق وَإنَّهُ كَانَ يهب لمن يحفظ مُخْتَصر المزنى مائَة دِينَار وَكَانَ قد قَامَ مَعَ أَحْمد بن طولون فى خلع أَبى أَحْمد الْمُوفق ووقف عِنْد الْمِنْبَر يَوْم الْجُمُعَة وَقَالَ أَيهَا النَّاس أشهدكم أَنى خلعت أَبَا أَحْمد كم يخلع الْخَاتم من الْأصْبع فالعنوه
فعل ذَلِك أَبُو زرْعَة بِأَمْر أَحْمد بن طولون وَكَانَت قد جرت وقْعَة بَين ابْن الْمُوفق وَبَين خمارويه بن أَحْمد بن طولون تسمى وقْعَة الطواحين انتصر فِيهَا أَحْمد بن الْمُوفق وَرجع إِلَى دمشق وَكَانَت هَذِه الْوَقْعَة بنواحى الرملة فَقَالَ ابْن الْمُوفق لكَاتبه أَحْمد بن مُحَمَّد الواسطى انْظُر من كَانَ يبغضنا فَأخذ يزِيد بن عبد الصَّمد وَأَبُو زرْعَة الدمشقى والقاضى أَبُو زرْعَة مقيدين فاستحضرهم يَوْمًا فى طَرِيقه إِلَى بَغْدَاد فَقَالَ أَيّكُم الْقَائِل قد نزعت أَبَا أَحْمد فربت ألسنتهم ويئسوا من الْحَيَاة
قَالَ أَبُو زرْعَة الدمشقى أما أَنا فأبلست وَأما يزِيد فخرس وَكَانَ تمتاما وَكَانَ أَبُو زرْعَة مُحَمَّد بن عُثْمَان أحدثنا سنا فَقَالَ أصلح الله الْأَمِير
فَقَالَ الواسطى قف حَتَّى يتَكَلَّم أكبر مِنْك
فَقُلْنَا أصلحك الله هُوَ يتَكَلَّم عَنَّا
فَقَالَ تكلم
فَقَالَ وَالله مَا فِينَا هاشمى صَرِيح وَلَا قرشى صَحِيح وَلَا عربى فصيح وَلَكنَّا قوم ملكنا يعْنى قهرنا ثمَّ روى أَحَادِيث فى السّمع وَالطَّاعَة وَأَحَادِيث فى الْعَفو وَالْإِحْسَان وَكَانَ هُوَ الْمُتَكَلّم بِالْكَلِمَةِ الَّتِى يُطَالب بهَا وَقَالَ إنى أشهدك إيها الْأَمِير أَن نسائى طَوَالِق وعبيدى أَحْرَار ومالى حرَام إِن كَانَ فى هَؤُلَاءِ الْقَوْم أحد قَالَ هَذِه الْكَلِمَة ووراءنا حرم وعيال وَقد تسامع النَّاس بهلاكنا وَقد قدرت وَإِنَّمَا الْعَفو بعد الْقُدْرَة
فَقَالَ للواسطى أطلقهُم أطلقهُم لَا كثر الله أمثالهم
قلت وَهَذَا من حسن تصرفه فَإِنَّهُ هُوَ الْقَائِل لَا هم فصدقت يَمِينه
قَالَ ابْن زولاق ولى أَبُو زرْعَة مصر سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ يذهب إِلَى قَول الشافعى ويوالى عَلَيْهِ وَكَانَ عفيفا شَدِيد التَّوَقُّف فى إِنْفَاذ الْأَحْكَام وَله مَال كثير وضياع كبار بِالشَّام
قَالَ وَكَانَ يرقى من وجع الضرس وَيدْفَع إِلَى صَاحب الوجع حشيشة تُوضَع عَلَيْهِ فيسكن وَكَانَ يزن عَن الْغُرَمَاء الضعفى وَرُبمَا أَرَادَ الْقَوْم النزهة فَيَأْخُذ الْوَاحِد بيد الآخر ويحضره إِلَيْهِ يُطَالِبهُ فَيقر لَهُ ويبكى فيرحمه القاضى ويزن عَنهُ
قَالَ ابْن الْحداد الْفَقِيه رَحمَه الله سَمِعت مَنْصُور بن إِسْمَاعِيل يَقُول كنت عِنْد أَبى زرْعَة القاضى فَذكر الْخُلَفَاء فَقلت لَهُ أَيهَا القاضى يجوز أَن يكون السَّفِيه وَكيلا
قَالَ لَا
قلت فولى امْرَأَة
قَالَ لَا
قلت فأمينا
قَالَ لَا
قلت فشاهدا قَالَ لَا
قلت فَيكون خَليفَة
قَالَ يَا أَبَا الْحسن هَذِه من مسَائِل الْخَوَارِج
توفى أَبُو زرْعَة القاضى بِدِمَشْق سنة اثْنَتَيْنِ وثلاثمائة
طبقات الشافعية الكبرى للإمام السبكي
أبي زرعة القاضي:
الإِمَامُ الكَبِيْرُ القَاضِي، أبي زُرْعَةَ، مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ زُرْعَة الثَّقَفِيُّ مَوْلاَهُمُ الدِّمَشْقِيُّ، وَكَانَتْ دَارُه بِنَاحيَة بَاب البَرِيْد، وَكَانَ جَدُّهُ يَهُودِيّاً فَأَسْلَمَ.
قلَّ مَا رَوَى، أَخَذَ عَنْهُ أبي عَلِيٍّ الحَصَائِرِيُّ وَغَيْرهُ.
ذكرَهُ ابْنُ عساكر.
وَكَانَ حَسَنَ المَذْهَب، عَفِيْفاً، مُتثبتاً.
وَلِي قَضَاء الدِّيَار المِصْرِيَّة سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ شَافِعِيّاً، وَوَلِيَ قَضَاءَ دِمَشْق. وَقَدْ كَانَ قَامَ مَعَ الملكِ أَحْمَدَ بنِ طُولُوْنَ، وَخلعَ مِنَ الْعَهْد أَبَا أَحْمَدَ المُوَفَّق لِكَوْنِهِ نَافسَ المعتمدَ أَخَاهُ، فَقَامَ أبي زُرْعَةَ عِنْد المِنْبَر بِدِمَشْقَ قَبْل الجُمعَة، وَقَالَ: أَيُّهَا النَّاس! أُشْهِدكُم أَنِّي قد خلعت أبا أحمق كَمَا يُخلعُ الخَاتمُ مِنَ الأُصبع، فَالْعَنُوهُ.
ثمَّ تمَّت ملحمَةٌ بِالرَّملَة، بَيْنَ الْملك خُمَارَوَيْه بنِ أَحْمَدَ بنِ طُولُوْنَ، وَبَيْنَ ابْن المُوَفَّق، فَانتصرَ فِيْهَا أَحْمَدُ بنُ المُوَفَّق الَّذِي وَلِيَ الخِلاَفَة، وَلقِّبَ بِالمُعتضِد، فَلَمَّا انتصرَ دَخَلَ دِمَشْق، وَأَخَذَ هَذَا، وَيَزِيْدَ بنَ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَأَبَا زُرْعَةَ النَّصرِيَّ الحَافِظ فِي الْقُيُود، ثُمَّ اسْتحضَرَهُم فِي الطَّرِيْق وَقَالَ: أَيُّكُم القَائِل: قَدْ نزعتُ أَبَا أَحمق؟ قَالَ: فَرَبَتْ أَلسِنَتُنَا، وَأَيِسْنَا مِنَ الحَيَاة. قَالَ الحَافِظُ: فَأُبْلِسْت، وَأَمَّا يَزِيْدُ فَخرِسَ وَكَانَ تَمْتَاماً. وَكَانَ ابْنُ عُثْمَانَ أَصْغَرنَا، فَقَالَ: أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْر. فَقَالَ كَاتِبهُ: قِفْ حَتَّى يَتَكَلَّم أَكْبَرُ مِنْكَ. فَقُلْتُ: أَصلحكَ الله وَهُوَ يَتَكَلَّم عَنَّا. قَالَ: قل. فَقَالَ: وَاللهِ مَا فِيْنَا هَاشِمِيٌّ صَرِيح، وَلاَ قُرَشِيٌّ صَحِيْح، وَلاَ عربِيٌّ فَصيح، وَلكنَّا قَوْمٌ مُلِكنَا -أَي قُهِرْنَا. وَرَوَى أحاديث في "السمع و" الطاعة، وَأَحَادِيْثَ فِي العَفْو وَالإِحسَان. وَهُوَ كَانَ المُتَكَلِّمَ بِتِيْكَ اللَّفْظَة. وَقَالَ: وَإِنِّيْ أُشهدُ الأَمِيْرَ أَنَّ نِسَائِي طوَالق، وَعَبِيْدِي أَحرَار، وَمَالِي حرَامٌ إِنْ كان في هؤلاء القوم أحد قال هذه الكَلِمَة، فورَاءَنَا حُرَمٌ وَعِيَال، وَقَدْ تسَامعَ الخَلقُ بهلاكنا، وقد قدرت، وإنما العفو بعد المقدرة. فَقَالَ لكَاتِبه: أَطْلِقْهُم، لاَ كثَّر اللهُ مِنْهُم. قَالَ: فَاشْتَغَلتُ أَنَا وَيَزِيْدُ فِي نُزَهِ أَنطَاكيَة عِنْد عُثْمَان بنِ خُرَّزَاذ، وَسبقَ هُوَ إِلَى حِمْصَ.
قَالَ ابْنُ زُوْلاَق فِي "تَارِيْخ قضَاة مِصْر": وَلِيَ أبي زُرْعَةَ، وَكَانَ يُوَالِي عَلَى مَذْهَب الشَّافِعِيِّ وَيصَانعُ عَلَيْهِ، وَكَانَ عَفِيْفاً، شَدِيد التَّوقُّف فِي إِنفَاذ الأَحْكَام، وَلَهُ مَالٌ كَثِيْر، وضيَاعٌ كِبَارٌ بِالشَّامِ، وَاختلف فِي أَمره، فَقِيْلَ: إِنَّهُ كَانَ فِي عهد الْملك هَارُوْنَ بن خُمَارَوَيْه -مُتَوَلِّي مِصْر: إِنَّ القَضَاءَ إِلَى أَبِي زُرْعَة، فولاَهُ القَضَاء. وَقِيْلَ: إِنَّ المُعْتَضِدَ نفذ لَهُ عهداً.
قَالَ: وَكَانَ أبي زُرْعَةَ يَرقِي مِنْ وَجع الضِّرس، وَيُعْطِي الموجوعَ حَشِيْشَةً توضَع عَلَيْهِ فَيَسْكُن.
وَكَانَ يُوفِي عَنِ الغُرَمَاء الضَّعفَى.
وَسَمِعْتُ الفَقِيْهَ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ الحَدَّاد يَقُوْلُ سَمِعْتُ مَنْصُوْراً الفَقِيْه يَقُوْلُ: كُنْتُ عِنْدَ القَاضِي أَبِي زُرْعَةَ، فَذَكَرَ الخُلَفَاء، فَقُلْتُ: أَيجوزُ أَنْ يَكُوْنَ السَّفيهُ وَكيلاً؟ قَالَ: لاَ. قُلْتُ: فولِيّاً لاَمرأَة؟ قَالَ: لاَ. قُلْتُ: فَخَلِيْفَة؟ قَالَ: يَا أَبَا الحَسَنِ! هَذِهِ مِنْ مَسَائِل الخَوَارِج.
وَكَانَ أبي زُرْعَةَ شرَطَ لِمَنْ حفظ "مُخْتَصَر المُزَنِيّ" مائَة دِيْنَارٍ. وَهُوَ الَّذِي أَدخل مَذْهَب الشَّافِعِيِّ دِمَشْق، وَكَانَ الغَالِبَ عَلَيْهِ قَوْلُ الأَوْزَاعِيّ.
وَكَانَ مِنَ الأُكَلَة، يَأْكُل سَلَّ مِشْمِشٍ وَسلَّ تِيْنٍ.
بقِي عَلَى قَضَاء مِصْر ثَمَانَ سِنِيْنَ. فَصُرِفَ، وَرُدَّ إِلَى القَضَاء مُحَمَّد بن عَبْدَةَ.
قُلْتُ مَاتَ بِدِمَشْقَ، سَنَة اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
سير أعلام النبلاء: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايمازالذهبي
محمد بن عثمان بن إبراهيم بن زرعة، من موالي ثقيف:
قاض، رفيع القدر. من أهل دمشق. ولي القضاء بمصر سنة284 هـ وضمت إليه فلسطين والأردن وحمص وقنسرين. وعزل سنة 292 فعاد إلى دمشق، فولي قضاءها وأقام إلى أن توفي. وكان داهية فصيحا .
-الاعلام للزركلي-