الذكي
وأما محمد بن أبي الفرج الكتاني الصقلي المالكي المعروف بالذكي، فإنه كان عالماً باللغة والنحو علوم الأدب.
قال أبو نصر بن الفضل بن الحسين الطبراني: كنت أقرأ على الذكي المغربي كتاب الشهاب لأبي عبد الله القضاعي، فقال في قوله عليه الصلاة والسلام: "مَن لعب بالنرد شير، فكأنما غمس يده في لحم الخنزير ودمه"، قال: أصله النرد، وإنما قيل له: النردشير؛ لأن أول من لعب به أردشير، فنسب إليه.
قال: وقرأت عليه في قوله عليه الصلاة والسلام: "تربت يداك" عقيب قوله: "عليك بذات الدين"، قال: معناه لا أصبت خيراً، وهو على الدعاء. قال: قال أبو عبيد: إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يتعمد الدعاء؛ ولكنها كلمة جارية على ألسنة العرب، يقولونها وهم لا يريدون وقوع الأمر. وقال ابن عرفة: تربت يداك، أي إن لم تفعل ما أمرتك به. والله أعلم.
وقال ابن الأنباري: أي لله درك، إذا استعملت ما أمرتك به، واتعظت بعظتي. قال: وذهب بعض أهل العلم إلى أنه دعاء على الحقيقة، وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث خزيمة: "أنعم صباحاً، تربت يداك"، يدل على أنه ليس بدعاء عليه، بل هو دعاء له، وترغيب في استعمال ما تقدم من الوصاية، ألا تراه قال: "أنعم صباحاً" وعقبه بقوله: "تربت يداك"، والعرب تقول: لا أم لك، تريد: لله درك! ومنه قول الشاعر:
هوت أمه ما يبعث الصبح غادياً ... وماذا يرد الليل حين يثوب
وظاهره: أهلكه الله، وباطنه: لله دره، وهذا المعنى أراده الشاعر بقوله:
رمى الله في عيني بثينة بالقذى ... وفي الغر من أنيابها بالقوادح
أراد لله درها، ما أحسن عينيها! وأراد بالغر من أنيابها سادات قومها.
قال الذكي المغربي في قوله عليه السلام: "لا عقد في الإسلام"؟ العقد: التحالف؛ كان الرجل يحالف الرجل في الجاهلية على أنه إن مات أحدهما ورثه الآخر دون ورثته، فجاء الإسلام بآية الميراث ونسخ ذلك.
وتوفي الذكي المغربي بأصبهان، في حدود سنة عشر وخمسمائة.
نزهة الألباء في طبقات الأدباء - لكمال الدين الأنباري.
محمد بن أبي الفرج بن فرج، أبو عبد الله الكتاني الصقلي المالكي المعروف بالذكي:
عالم بالأدب مولده بصقلية. جال في بغداد وخراسان وغزنة ودخل الهند وكان يتتبع عثرات الشيوخ ويناقشهم. وله في ذلك أخبار. مات بأصبهان.
من كتبه (مقدمة في النحو - خ) في دار الكتب، تصويرا عن الفاتح (5413) .
-الاعلام للزركلي-