أغرلو السيفي شجاع الدين
تاريخ الوفاة | 748 هـ |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
أغرلو الأمير شجاع الدين السيفي.
كان مملوكَ الأمير الدين بهادُر المعزي، والآتي ذكره إن شاء الله تعالى في مكانه من حرف الباء، ولما حبُس أستاذه أخذهُ الأمير سيف الدين بكتمر الساقي، وجعله أمير آخور. ولم يزل عنده إلى أن توفي بكتمر رحمه الله تعالى، فانتقل إلى عند الأمير سيف الدين بشتاك على الوظيفة المذكورة. ثم إنه بعد بشتاك تولى ناحية أشموم، وسفك بها، ثم إنه جهز نائباً إلى قلعة الشوبك، ثم نقل منها، وعمل ولاية القاهرة مدةً في أيام الصالح إسماعيل، ثم إنه ولاه شد الدواوين، وتظاهر بعفةٍ زائدة، وأمانة عظمى.
ولما توفي الملك الصالح رحمه الله تعالى كان له في ولاية أخيه الكامل شعبان عنايةٌ تامّة، فقدمه، وحظي عنده، وفتح له باب الأخذ على الإقطاعات والوظائف، وعمل لذلك ديواناً قائم الذات وسمي ديوان البذل، ولما تولى الصاحب تقي الدين بن مراجل شاجحه في الجلوس والعلامة والتقدم، ودخلا إلى السلطان الملك الكامل، فترجح الصاحب تقي الدين، عُزل أغرلو.
ولما كان في واقعة الملك المظفر حاجي كان أغرلو ممن قام في أمره، وضرب الأمير سيف الدين أرغون العلائي في وجهه وسكن أمره بعد ذلك وخمد. ثم إنه حضر في أيام المظفر حاجي صحبة الأمير سيف الدين منكلي بغا الفخري ليوصله إلى طرابلس نائباً، وعاد إلى مصر، وأمرُهُ ساكن إلى أن قام في واقعة الأمراء سيف الدين ملكتمر الحجازي، وشمس الدين أقسنقر، وسيف الدين قرابغا، وسيف الدين بزلار، وسيف الدين صمغار، وسيف الدين إتمش، فكان الذي تولى كبره، وأمسك جماعة من أولاد الأمراء، فعظم شأنه، وعلا مكانه، تفخم أمرُه، وأسمعَ زمره، وخافه أمراء مصر والشام، ونام في سكرةِ باطله وغروره وعينُ الدهر ما تنام. وأقام على ذلك مدة أربعين يوماً، وأمره يزداد في التعاظم والجبروت سوماً، إلى أن أتي من مأمنه، وثار إليه الحين من معدنه.
وقيل: إن الحرافيش أخرجوه من قبره، وأقاموه في زي عظمته وكبره، وجعلوا يشاورونه كما كان يفعل، ويترددون بينه وبين السلطان، وقد أضرم غيظه على الأمراء وأشعل، ويمسكون الأمراء كما كان يمسكهم ويقيدهم، ويميل لهم إلى مصارعهم ويحيدهم. ونوعوا به النكال والمثلة، ونصبوه بعد ذلك على أثلة، فغضب السلطان لذلك، وأمر الأوشاقية فنالوا من الحرافيش منالاً عظيماً، وأذاقوهم من القتل والقطع والضرب عذاباً أليماً، أخذاً بذلك ترات تراته، وكان مشؤوماً في حياته ومماته.
وقيل: إن السبب في قتله حضور رأس يلبغا إلى القاهرة، فإن الخواص من المماليك السلطانية دخلوا إلى السلطان وقالوا: لا بد من قتله، وجاء الخبر إلى الشام بقتله في مستهل شهر رجب سنة ثمان وأربعين وسبع مئة، وحسب الناسُ من قتله من الأمراء في مدة أربعين يوماً، فكان ذلك أحداً وثلاثين أميراً، وكان في أيامه يخرج من القصر، ويقعد على باب خزانة الخاص، ويتحدث في الدولة وفي الخزانة والإطلاق والإنعام، ويجلس والموقعون عنده، ويكتبون عنه إلى الولاة، ولكنه مات هذه الميتة القبيحة، وفُعلت به هذه الأحدوثة الفضيحة.
فقلت أنا مستطرداً:
وعاذل قال: عمري ... أعسى لعلك تسلو
أموت منك بغبني ... فقلت مروت أغرلو
أعيان العصر وأعوان النصر- صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي (المتوفى: 764هـ).
_______________________________________________
أغرلو السيفي كَانَ لبهادر الْعُزَّى ثمَّ استخدمه بكتمر الساقي ثمَّ بشتاك ثمَّ ولي أشموم ثمَّ نِيَابَة الشوبك ثمَّ ولَايَة الْقَاهِرَة ثمَّ شدّ الدَّوَاوِين وَهُوَ أول من أحدث ديوَان الْبَذْل فِي سلطنة الْكَامِل شعْبَان فَكَانَ يَأْخُذ على الإقطاعات والوظائف من كل أحد وأفرد لذَلِك ديواناً وَهُوَ مِمَّن قَامَ فِي سلطنة المظفّر حاجي وَضرب أرغون العلائي فِي وَجهه ثمَّ ولي نِيَابَة طرابلس ثمَّ عَاد إِلَى الْقَاهِرَة وَعظم أمره جدا إِلَى أَن أَخذ فِي مأمنه فَقتل فِي مستهل شهر رَجَب سنة 748 وَيُقَال إِنَّه بَاشر قتل ثَلَاثِينَ أَمِيرا فِي مُدَّة أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَيُقَال أَن الْعَامَّة أَخْرجُوهُ من قَبره وأقاموه فِي الصّفة الَّتِي كَانَ فِيهَا ثمَّ نوعوا بِهِ النكال وصلبوه لما كَانَ فِي قُلُوبهم لَهُ من البغض لشدَّة ظلمه فَبلغ ذَلِك السُّلْطَان فَأنْكر عَلَيْهِم وَأرْسل الأوجاقية فأوقع بالعوام وأذاقوهم من الضَّرْب وَالْقطع مَا لَا مزِيد عَلَيْهِ فَكَانَ كَمَا يُقَال ظَالِم فِي حَيَاته مشوم فِي مَوته
-الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة لابن حجر العسقلاني-