أسندمر الأمير سيف الدين

تاريخ الوفاة711 هـ
أماكن الإقامة
  • حلب - سوريا
  • حماة - سوريا
  • حمص - سوريا
  • دمشق - سوريا
  • طرابلس - لبنان

نبذة

أسندمر: الأمير سيف الدين نائب طرابلس. كان أولاً فيما أظن والي البر بدمشق، ولما جاء العادل كتبُغا إلى دمشق في ذي القعدة سنة خمس وتسعين وست مئة عزله من ولاية البر بدمشق، وولى مكانه علاء الدين بن الجاكي، وكان قد وليها في سنة اثنتين وتسعين وست مئة عوضاً عن طوغان.

الترجمة

أسندمر
الأمير سيف الدين نائب طرابلس.
كان أولاً فيما أظن والي البر بدمشق، ولما جاء العادل كتبُغا إلى دمشق في ذي القعدة سنة خمس وتسعين وست مئة عزله من ولاية البر بدمشق، وولى مكانه علاء الدين بن الجاكي، وكان قد وليها في سنة اثنتين وتسعين وست مئة عوضاً عن طوغان لما جُهز إلى قلعة الروم نائباً، وفي المحرّم سنة ست وتسعين أمسكه، وقيده واعتقله بقلعة دمشق، ونقل إلى طرابلس نائباً في أيام الأفرم عوضاً عن الأمير سيف الدين قطلوبك الكبير في سنة إحدى وسبع مئة، فمهد طرابلس، وأقام الحرمة، وسفك الدماء بأنواع من الإزهاق، ولما جاء السلطان من الكرك حضر إليه وتوجه معه إلى مصر فولاه نيابة حماة.
ولما توفي الأمير سيف الدين قبجق نائب حلب نقله السلطان إلى نيابة حلب، فأقام فيها مديدة، وجهز السلطان الأمير سيف الدين كراي المنصوري في عساكر الشام مجرداً، فأقام على حمص مدّة، ولما كان عصر نهار آخر شهر رمضان سنة إحدى عشرة وسبع مئة - فيما أظنّ - ساق كراي بالعسكر جريدة من حمص إلى حلب في ليلة واحدة، وما خرج أسندمر من داره لصلاة العيد إلا وقد أحاطت العساكر بدار النيابة، ووعروا الباب عليه بالأخشاب وغيرها، وأمسكه كراي بكرةً نهار عيد رمضان، وجهز إلى باب السلطان على البريد مقيداً، وكان ذلك آخر العهد به رحمه الله تعالى.
وقيل: إنه جهزه إلى الكرك هو والجوكندار وبتخاص وغيرهم. وجاء الخبر إلى دمشق بوفاة بتخاص وأسندمر في ذي القعدة سنة إحدى عشرة وسبع مئة.
وكان جباراً يسفك الدماء جهاراً، ويُجري منها على الأرض أنهاراً، نوع الإزهاق، وعاجل تلاف النفوس بالإرهاق. سلخ وسلق، ووسط وشنق، وكحل وقطع الأطراف، وبالغ في هلاك الأجساد، وتعدى حد الإسراف.
وكان منهوماً في الأكل الذريع، وكأنّ ما يأكله نوع من الضريع. قيل: إنه كان يُعمل له بعد العشا خروف مطجن، سمين موجن، فيأكله جميعه، ولا يؤثر به ضجيعه، ثم إنه بعد ذلك يعمل له بيده من الحلاوة السكب صحناً، ويأكله سخناً.
وكان يحبّ الفضلاء، ويؤثر النبلاء، ويسأل عن غوامض، ويعترض ويناقض، حضرت من عنده مرةً فتيا إلى دمشق يسأل فيها: أيما أفضل الولي أو الشهيد، والملك أو النبي؟ فصنف له الشيخ صدر الدين بن الوكيل في ذلك مجلداً، وصنف له الشيخ برهان الدين الفزاري في ذلك جواباً فيما أظن، وصنف كمال الدين بن الزملكاني في ذلك مجلداً مصنفين. وصنف له الشيخ تقي الدين بن تيمية مجلداً.
ولما كان بحلب طلب الشيخ صدر الدين بن الوكيل - وكان ذلك قبل صلاة الجمعة - وسأله عن تفسير قوله تعالى: " والنجمِ إذا هوى " فقال: هذا الوقت يضيق عن الكلام على هذه المسألة.
ووهبه أسد الغاب لابن الأثير في نسخة مليحة، وقال له: لازمني. وكان بعد ذلك لا يفارقه إلى أن جرى ما ذكرت من إمساكه، وما قدره الله تعالى من هلاكه، ورحمه الله تعالى.
وكان قد عمر بطرابلس جماماً جعل الكواكب في سمائه جاماً، وأحكمه نظاماً حتى طار في البلاد ذكره، وضاع في الرياض شكره.
وفيه يقول الشيخ شمس الدين أحمد بن يوسف الطيبي:
زر منزلَ الأفراح واللذات ... دار النعيم ومرتعَ اللذات
دار النعيم وفي الجحيم أساسُها ... تجري بها الأنهارُ في الجناتِ
فلكٌ ومن بيض القبابِ بُروجه ... ونجومه من زاهر الجامات
معنى لهُ معنى يمازج ماؤه ... للنهار فهو مؤلف الأشتات
كالخلد مرتفع البناء فضاؤه ... رحبٌ يُسافر فيه باللحظات
يحيك بخور العود طيبُ بخارها ... والمسك والكافور ممتزجات
وتضيء في غسق الدجا أكنافها ... كإضاءةِ المصباحِ في المشكاة
فرشت بأنواع الفصوص ورصعت ... بجواهرٍ من فاخر الآلات
برك كأفوا الملاح رضابُها ... عذب شهي الرشف في الخلوات
ومنابع قد فجرت بحدائق ... ترخيمها يغني عن الزهرات
وجرت أنابيب الحياض بفضةٍ ... محلولة تنصبُ في مرآة
تلقى الربيعَ من اعتدالِ هوائها ... ومياهها في سائر الأوقات
ويشم منها من يمر ببابها ... ريا نسيمِ الروض في الغدوات
حمامنا يشفي السقام وماؤه ... عينُ الحياة تُزيل كل شكاة
بيت تُزان به البيوت كأنّه ... بيتُ القصيد لسائر الأبيات
وبرسمِ مولانا الأمير وأمره ... بنيت على اسم الله والبركات
المالك المخدوم سيف الدين وال ... دنيا أسندمر الكريم الذات
قد ساد بانيها فشاد بناءها ... بأوامرِ سيفيةِ العزمات
في دولة الملك الرحيم محمدٍ ... الناصرِ المنصورِ في الغزوات
تمت لخمسٍ قد غدت من هجرة الم ... ختار مع سبع كملن مئات
أعيان العصر وأعوان النصر- صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي (المتوفى: 764هـ).