أرغون شاه الناصري سيف الدين

تاريخ الولادةغير معروف
تاريخ الوفاة750 هـ
مكان الولادةغير معروف
مكان الوفاةدمشق - سوريا
أماكن الإقامة
  • حلب - سوريا
  • دمشق - سوريا
  • صفد - فلسطين
  • مصر - مصر

نبذة

أرغون شاه الأمير سيف الدين الناصري كان رأس نوبة الجمدارية أيام أستاذه الناصر، وكان هو وأرغون العلائي شريكين في هذه الوظيفة، لكنه هو المقدم، وكان في أول أمره قد جلبه الكمال الخطائي إلى القان بوسعيد من بلاد الصين وهو وسبعة من المماليك وثمان مئة ثوب وبر خطائي من أملاك بوسعيد الموروثة عن أبيه وجده من جدهم جنكز خان بتلك البلاد.

الترجمة

أرغون شاه الأمير سيف الدين الناصري كان رأس نوبة الجمدارية أيام أستاذه الناصر، وكان هو وأرغون العلائي شريكين في هذه الوظيفة، لكنه هو المقدم، وكان في أول أمره قد جلبه الكمال الخطائي إلى القان بوسعيد من بلاد الصين وهو وسبعة من المماليك وثمان مئة ثوب وبر خطائي من أملاك بوسعيد الموروثة عن أبيه وجده من جدهم جنكز خان بتلك البلاد، فنم على الكمال الخطائي لبوسعيد فصادره، وأخذ منه مئة ألف دينار، ثم إن بوسعيد كرهه لذلك، فأخذه منه دمشق خواجا بن جوبان، فكأن ذلك لم يهن عليه، فنم إلى بوسعيد أيضاً بأمر دمشق خواجا مع الخاتون طقطاي، وجرى من أمرهما ما جرى من حزّ رأسيهما وخراب بيت جوبان، ودكه.
ثم إن بوسعيد ارتجع أرغون شاه، ثم إنه بعثه إلى الملك الناصر هو والأمير سيف الدين ملكتمر السعيدي، فحظي الأمير سيف الدين أرغون شاه عند الناصر، وأمره وجعله رأس نوبة، وزوجه بابنة الأمير سيف الدين أقبغا عبد الواحد الآتي ذكره إن شاء الله تعالى، ولم يزل بمصر إلى أن خرج مع الفخري لحصار الكرك، ثم توجه مع العساكر الشامية إلى القاهرة، وجرى منه في نيابة طشتمر ما أوجب أن ضربه وأراد إخراجه إلى طرابلس، ثم إنه شفع فيه.
ولما تولى الملك الكامل حظي عنده، وجعله أستادار السلطان. ثم تولى الملك المظفر، فزادت حظوته عنده، فما كان بعد ثلاثة أشهر حتى خرج مع النائب الحاج أرقطاي من عند السلطان، وأخرج له تشريف، فلبسه، وطلب الاجتماع بالسلطان، فمنع.
وأخرج لنيابة صفد، فوصل إليها على البريد في خمسة أرؤس في أوائل شوال سنة سبع وأربعين وسبع مئة، فدبرّها جيداً، وأقام الحرمة والمهابة، وآمن السبل.
لم يزل بها إلى أن طُلب إلى مصر في العشر الأواخر من صفر سنة ثمان وأربعين وسبع مئة، ورسم له بنيابة حلب عوضاً عن الأمير سيف الدين بيدمر البدري، ودخل دمشق في سادس شهر ربيع الأول من السنة دخولاً عظيماً، جاء على البريد، وأقام على القصير المعيني إلى أن جاءه طلبه من صفد، ودخل برخت وأبهة زائدة بسروج معرقة مرصعة، وكنابيش زركش، وغير ذلك من البرك المليح الظريف، والجميع باسمه ورنكه. وتوجه إلى حلب، وأقام بها نائباً.
ولما جرى للأمير سيف الدين يلبغا اليحيوي ما جرى - على ما سيأتي إن شاء الله تعالى في ترجمته - رسم بنيابة الشام، فحضر إليه الأمير سيف الدين أقسنقر أمي رجاندار، فدخل إلى دمشق بكرة الثلاثاء سابع عشر جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وسبع مئة، ولما عاد أقسنقر المذكور أعطاه خمسة عشر فرساً، منها خمسة عربية بسُرجها ولجمها وكنابيشها، وعشرة أكاديش، وجارية بخمسة آلاف درهم، وأربعين ألف درهم ومئة قطعة قماش، والتشريف الذي لبسه للنيابة بالكلوتة والطراز والحياصة، والسيف المُحلى، وألف إردب من مصر، وكان قد أعطاه ألف وخمس مئة دينار، وغير ذلك، وشرطه له كل شفاعة يشفعها من حلب، وفي الطريق، ومدة مقامه بدمشق، واقام بها قريباً من ثلاثة اشهر ولم يسأله من عزلٍ وولاية إلا أجابه إلى ذلك. وقدم إليه يوماً وهو في سوق الخيل بدمشق نصراني من الزبداني رمى مسلماً بسهم، فمات، فأمر بقتله وتفصيله على أعضائه، قطعت يداه من كتفه، ورجلاه من فخذيه، وخر رأسه، وحملت أعضاؤه على أعواد، وطيف به، فارتعب الناس لذلك، فقلت له أنا:
لله أرغون شاه ... كم للمهابة حصل
وكم بسيف سُطاهُ ... من ذي ضلال تنصل
ومجملُ الرغب خلى ... بعضَ النصارى مفصّل
واختطف الحرافيشُ يوماً في الغلاء الخبز من الجوع، فأمسك جماعة من الحرافيش وقطع أيدي ثمانية عشر رجلاً، وأرجلهم، وسمر على الجمال سبعة عشر وهو واقف بسوق الخيل، وذلك في تاسع عشر ذي القعدة سنة ثمان وأربعين وسبع مئة، فقلت أنا في ذلك:
كان الغلا يغلو فأما إذا ... أصبح ناراً قلت ذا يغلي
وأصبح الحرفوش ذا كسرة ... عن طلب الكسرة في شعل
من يطلب الخبز ومن يشتهي ... وهو بقطع اليد والرجل
ولم ينل أحدٌ من السعادة ما ناله، ولا حصل ما حصله في المد القريبة من المماليك والجواري، والخيل والجوهر والأمتعة والقماش، ولا تمكن أحد بعد الأمير سيف الدين تنكز تمكنه، يكتب إلى مصر بكل ما يريده في حلب وطرابلس وغيرها، وحماة وصفد وسائر ممالك الشام من نقل وإضافة وإمساك، ونق لإقطاعات وغيرها، فلا يرد في شيء يكتبه، ولا يخالفُ في جليل ولا حقير إلى أن زاد الأمر، وأفرط هو في معارضة القضاة الأربع، وعاكسهم، وثقلت وطأته على الناس إلى أن حضر الأمير سيف الدين الجيبغا من طرابلس في ليلةٍ يسفر صباحها عن يوم الخميس ثلاث عشري شهر ربيع الأول سنة خمسين وسبع مئة، اتفق في الليل هو والأمير فخر الدين أياز السلحدار، وجاء إليه إلى باب القصر الأبلق، وهو به مقيم نائم في فراشه، فدقا الباب عليه الثلث الأخير من الليلة المذكور وأزعجاه، فكانا كلما خرج طواشٍ أمسكاه، وسمع هو الغلبة، فخرج وبيده سيف، فلما رآها سلم نفسه، فأخذاه على الحالة التي خرج عليها، وتوجّها به إلى دار الأمير فخر الدين أياز، وقيداه بقيد ثقيل إلى الغاية، ونقلاه إلى زاوية المنيبغ، ورسم عليه الأمير علاء الدين طيبغا القاسمي، فأقام هناك يوم الخميس إلى العشاء الآخرة، ودخل مملوكه الذي يخدمه فوجده مذبوحاً والسكين في يده، والدم قد سال ملئ مرقده، فوقف عليه في الليل بالقاضي جمال الدين الحسباني، والشهود، وكتب بذلك محضر شرعي، وجهز إلى الديار المصرية صُحبة الأمير سيف الدين تلك أمير علم، ودفن بمقابر الصوفية.
وكان شخصاً لطيف الجثة. مختصر الحبة أسمر الوجه أحمر اللثة، أبيض اللبة، ظريفاً حسن العمة، شديد العزمة عالية الهمة، ذهنه يتوقد، ونفسه تزاحم الفرقد، يقترح في الملابس أشكالاً غريبة، ويعمل بيده منها صنائع عجيبة، إلا أنه جبار سفاك، طالب لثأره دراك، يده والسيف يمتشقه، وغيظه يوديه إلى العطب وخلقه. لا يشرب الماء إلى من قليب دم، ولا يتنسمُ الهواء إلى بشم سم، ومع ذلك إذا ظهر له الحق رجع في الحال، وندم على ما فرط منه واستحال، لكنه تروح في ذلك الغضب أرواح، وتُجبّ مذاكير وتقطع أحراج.
وكان في دمشق زمن الطاعون فما طُعن على عادة الملوك، وإنما طعن بالسيف الذي يذر الدم، وهو مسفوك. وقلت أنا فيه:
تعجبتُ من أرغون وطيشه ال ... ذي كان فيه لا يفيق ولا يعي
وما زال في سكر النيابة طافحاً ... إلى حين غاضت نفسه في المنيبع
أعيان العصر وأعوان النصر- صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي (المتوفى: 764هـ).

 

 

أرغون شاه الناصري رَأس نوبَة الجمدارية كَانَ بو سعيد أرْسلهُ إِلَى النَّاصِر هُوَ وملكتمر فحظي وتأمر وزوّجه بنت أقبغا عبد الْوَاحِد ثمَّ ولّي الإستادارية فِي زمن المظفّر حاجي ثمَّ ولّي نِيَابَة صفد سنة 747 ثمَّ رَجَعَ إِلَى مصر ثمَّ ولّي نِيَابَة حلب سنة 748 ثمَّ دمشق فِيهَا فَتمكن وَبَالغ فِي تَحْصِيل المماليك والخيول وَعظم قدره حَتَّى كَانَ يكْتب إِلَى مصر بِكُل مَا يُريدهُ حَتَّى فِي حلب وطرابلس وحماة وصفد وَسَائِر ممالك الشَّام فِي كل مُهِمّ فَلَا يرد لَهُ أَمر وَلم يزل على ذَلِك إِلَى أَن جَاءَ الْأَمر بإمساكه فَأمْسك وَذبح فِي شهر ربيع الأول سنة 750 وَكَانَ خَفِيفا قوي النَّفس شرس الْأَخْلَاق
-الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة لابن حجر العسقلاني-