علي بن قَاسم حَنش
ولد فِي شهر محرم سنة 1143 ثَلَاث وَأَرْبَعين وَمِائَة وألف وَنَشَأ بوطنه ذيبين ثمَّ ارتحل إلى كوكبان وَقَرَأَ على علمائها ثمَّ وصل إلى صنعاء وأخذ عَن أَهلهَا وَتردد في الديار اليمنية حَتَّى عرف أَكْثَرهَا أَو كلهَا واختبر بِأَهْلِهَا خاصتهم وعامتهم وَحج وَعَاد وَوصل إلى صنعاء فاتصل بالإمام المهدي الْعَبَّاس بن الْحُسَيْن فقرّبه وَأَدْنَاهُ وجالسه وَشرع في ترشيحه للوزارة لما رأى من تأهله لذَلِك مَعَ فَصَاحَته ورجاحة عقله واختباره بِالنَّاسِ ومعرفته بطبقاتهم وَحفظه لأخبارهم وامتناعه فِي جَمِيع ذَلِك وَحسن محاضرته وذلاقة لِسَانه وفرط ذكائه فحسده جمَاعَة من الوزراء فأغروا بِهِ الإمام حَتَّى أبعده عَنهُ وَحبس دهراً طَويلا ثمَّ أفرج عَنهُ وَسكن صنعاء وَهُوَ من نَوَادِر الدَّهْر فِي جَمِيع أَوْصَافه لَا يخفى عَلَيْهِ من أَحْوَال أَبنَاء دهره خافية وَلَا يسمع مُتَكَلم يتَكَلَّم في علم أَو أدب أَو تَارِيخ من تقدم أَو تَأَخّر إلا ويجري مَعَه ويحكي مثل حكايته وَله في الْعلم حَظّ وافر وَفِي الأدب سهم قامر وَفِيه كرم مفرط يجود بموجوده مَعَ قلَّة ذَات يَده وَقد يتَصَدَّق في بعض أوقاته بثيابه وَلَا يمسك شَيْئا وَقد كَانَ يصل اليه عِنْد اتِّصَاله بالامام المهدى شئ وَاسع فينفقه وَلَا يدخر مِنْهُ شَيْئا وَهُوَ من رجال الدَّهْر قد حنكته التجارب وحلب الدَّهْر أشطره ومارس مالم يمارسه غَيره من مَحْبُوب ومكروه وصديق وعدو وَشدَّة ورخاء وَهُوَ أسْرع النَّاس جَوَابا في كل مَا يرد عَلَيْهِ لَا يعجم وَلَا يتلعثم وَلَا يَعْتَرِيه خور وَكَثِيرًا مَا يتفرس فِي الْحَوَادِث قبيل وُقُوعهَا فيتفق وُقُوعهَا فى الْغَالِب كَمَا يحدس وَله اتِّصَال باكابر النَّاس واصاغرهم قد اسْتَوَت لَدَيْهِ طبقاتهم كَمَا اسْتَوَت لَدَيْهِ الشدَّة والرخاء والاقبال والإدبار والمحبوب وَالْمَكْرُوه قد رأى نَفسه أميراً كَمَا رأها فَقِيرا ورأها تَارَة فى اليفاع وَتارَة في أَخفض الْبِقَاع وَهُوَ الْآن في الْحَيَاة قد جَاوز السّبْعين وَلم يفتر نشاطه وَلَا خف ضَبطه وَلَا تكدرت أخلاقه وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ قَلِيل النظير في مَجْمُوعه وَمن محَاسِن كَلَامه الذي سمعته مِنْهُ النَّاس على طَبَقَات ثَلَاث فالطبقة الْعَالِيَة الْعلمَاء الأكابر وهم يعْرفُونَ الْحق وَالْبَاطِل وإن اخْتلفُوا لم ينشأ عَن اخْتلَافهمْ الْفِتَن لعلمهم بِمَا عِنْد بَعضهم بَعْضًا والطبقة السافلة عَامَّة على الْفطْرَة لَا ينفرون عَن الْحق وهم أَتبَاع من يقتدون بِهِ إن كَانَ محقاً كَانُوا مثله وإن كَانَ مُبْطلًا كَانُوا كَذَلِك والطبقة المتوسطة هي منشأ الشَّرّ وَاصل الْفِتَن الناشئة في الدَّين وهم الَّذين لم يمعنوا في الْعلم حَتَّى يرتقوا إلى رُتْبَة الطَّبَقَة الأولى وَلَا تَرَكُوهُ حَتَّى يَكُونُوا من أهل الطَّبَقَة السافلة فإنهم إذا رَأَوْا أحداً من أهل الطَّبَقَة الْعليا يَقُول مَالا يعرفونه مِمَّا يُخَالف عقائدهم الَّتِى أوقعهم فِيهَا الْقُصُور فوقوا اليه سِهَام الترقيع ونسبوه إلى كل قَول شنيع وغيّروا فطر أهل الطَّبَقَة السُّفْلى عَن قبُول الْحق بتمويهات بَاطِلَة فَعِنْدَ ذَلِك تقوم الْفِتَن الدِّينِيَّة على سَاق هَذَا معنى كَلَامه الذي سمعناه مِنْهُ وَقد صدق فإنّ من تَأمل ذَلِك وجده كَذَلِك ثمَّ مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى فِي شهر محرم سنة 1219 تسع عشرَة وَمِائَتَيْنِ وَألف وَقد كَانَ اشْتغل بتاريخ دولة الإمام المهدي الْعَبَّاس بن الْمَنْصُور فأملى حوادثها من حفظه بِمَا يتعجب مِنْهُ ثمَّ شرع فِي تَارِيخ وَلَده مَوْلَانَا إمام الْعَصْر حفظه الله فَمَاتَ بعد الشُّرُوع فِي ذَلِك
البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع - لمحمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني
علي بن قاسم حنش الذيبيني ثم الصنعاني:
فاضل، من المشتغلين بالتأريخ. ولد في مدينة " ذيبين " باليمن، وانتقل إلى حصن كوكبان. وجال في الديار اليمينية، وحج، ثم استقر في صنعاء، وتوفي بها.
كان العباس يقربه ويرشحه للوزارة، لعقله وفضله، ثم سخط عليه فسجنه سبع سنين. وأخرجه المنصور باللَّه علي بن العباس سنة 1194 هـ
له " تتمة تاريخ محسن بن الحسن " وقد وصل هذا إلى سنة 1170 هـ فأتمه صاحب الترجمة إلى سنة 1189هـ ذاكرا فيه الحوادث وبعض التراجم .
-الاعلام للزركلي-
علي بن قاسم حنش، وزيرُ الإمام المهدي.
ولد سنة 1143، سكن بصنعاء، وهو من نوادر الدهر في جميع أوصافه، وله في العلم حظ وافر، وفي الأدب سهم قامر، وقد رأى نفسه أميرًا، كما رآها فقيرًا، تارة في اليفاع، وتارة في أخفى البقاع، وهو الآن في قيد الحياة قد جاوز السبعين. ومن محاسن كلامه الذي سمعته منه قوله: الناس على طبقات ثلاث: فالطبقة العليا: العلماءُ الأكابر، وهم يعرفون الحق من الباطل، وإن اختلفوا، لم تنشأ عن اختلافهم الفتن؛ لعلمهم بما عند بعضهم بعضًا، والطبقة السافلة: العامة، وهم على الفطرة، لا ينفرون عن الحق، وهم أتباع من يقتدون به، إن كان محقًا، كانوا مثله، وإن كان مبطلاً، كانوا كذلك، والطبقة المتوسطة: هي منشأ الشر، وأصل الفتن الناشبة في الدين، وهم الذين لم يُمْعِنوا في العلم حتى يرتقوا إلى رتبة الطبقة العليا، ولا تركوه حتى يكونوا من أهل الطبقة السافلة، فإنهم إذا رأوا أحدًا من أهل الطبقة العليا يقول بقول لا يعرفونه؛ مما يخالف عقائدهم التي أوقعهم فيها القصور، فَوَّقوا إليه سهامَ التقريع، ونسبوه إلى كل قول شنيع، وغيروا فطرة أهل الطبقة السفلى على قبول الحق تمويهات باطلة، فعند ذلك تقوم الفتن الدينية على ساق. هذا معنى كلامه الذي سمعناه منه، وقد صدق، فإن من تأمل ذلك، وجده كذلك. مات - رحمه الله تعالى - سنة 1219، انتهى كلام الشوكاني - رضي الله عنه -.
التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول - أبو الِطيب محمد صديق خان البخاري القِنَّوجي.
الشيخ علي بن قاسم بن حنش وزير الإمام المهدي
قال في التاج المكلل: ولد سنة ألف ومائة وثلاث وأربعين، وسكن بصنعاء، وهو من نوادر الدهر في جميع أوصافه، وله في العلم حظ وافر، وفي الأدب قدر باهر، وقد رأى نفسه أميراً، وكما رآها فقيراً، تارة في اليفاع، وتارة في أخفض البقاع، ومن محاسن كلامه: الناس على طبقات ثلاث فالطبقة العليا العلماء الأكابر، وهم يعرفون الحق من الباطل، وإن اختلفوا لم ينشأ عن اخلافهم فتنة لعلمهم بما عند بعضهم بعضاً، والطقة السافلة العامة وهم على الفطرة لا ينفرون عن الحق وهم أتباع من يقتدون به إن كان محقاً كانوا مثله وإن كان مبطلاً كانوا كذلك، والطبقة المتوسطة هي منشأ الشر وأصل الفتن الناشئة في الدين، وهم الذين لم يكبوا على العلم حتى يرتقوا إلى رتبة الطبقة العليا، ولا تركوه حتى يكونوا من أهل الطبقة السافلة، فإنهم إذا رأوا أحداً من أهل الطبقة العليا يقول بقول لا يعرفونه مما يخالف عقائدهم التي أوقعهم فيها القصور، فوقوا إليه سهام التقريع، ونسبوه إلى كل قول شنيع، وغيروا فطرة أهل الطبقة السفلى عن قبول الحق بتمويهات باطلة، فعند ذلك تقوم الفتن الدينية على ساق انتهى. قال صاحب التاج: وقد صدق، فإن من تأمل ذلك وجده كذلك مات رحمه الله تعالى عام تسعة عشر ومائتين وألف.
حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - ابن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي.