علي بن الإمام المهدي العباس بن المنصور حسين القاسم

تاريخ الولادة1151 هـ
تاريخ الوفاة1230 هـ
العمر79 سنة
مكان الولادةصنعاء - اليمن
مكان الوفاةصنعاء - اليمن
أماكن الإقامة
  • صنعاء - اليمن

نبذة

مَوْلَانَا الإمام خَليفَة الْعَصْر أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمَنْصُور بِاللَّه رب الْعَالمين علي بن الإمام المهديّ الْعَبَّاس بن الْمَنْصُور حُسَيْن بن المتَوَكل الْقَاسِم بن حُسَيْن بن المهدي أَحْمد بن الْحسن بن الإمام الْمَنْصُور الْقَاسِم بن مُحَمَّد قد تقدم تَمام نسبه في تَرْجَمَة جده الْحسن بن الْقَاسِم ولد حَسْبَمَا سمعته مِنْهُ حفظه الله في سنة 1151 إحدى وَخمسين وَمِائَة وألف بِصَنْعَاء وَنَشَأ بهَا وفى سنة 1172 أَو فى الَّتِى قبلهَا فوض إليه وَالِده الإمام المهدي ولَايَة صنعاء وَجعله أَمِير الأجناد وَأمره بِسُكُون قصر صنعاء فَقَامَ بذلك قيَاما تَاما بحزم ومهابة وَحُرْمَة وافرة وَمَكَارِم وَاسِعَة وَحسن أَخْلَاق وصبر على الامور وسياسة لاحوال الْجُمْهُور فاستمر على ذَلِك ودام فِيهِ مُدَّة أَيَّام وَالِده

الترجمة

مَوْلَانَا الإمام خَليفَة الْعَصْر أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمَنْصُور بِاللَّه رب الْعَالمين علي بن الإمام المهديّ
الْعَبَّاس بن الْمَنْصُور حُسَيْن بن المتَوَكل الْقَاسِم بن حُسَيْن بن المهدي أَحْمد بن الْحسن بن الإمام الْمَنْصُور الْقَاسِم بن مُحَمَّد قد تقدم تَمام نسبه في تَرْجَمَة جده الْحسن بن الْقَاسِم ولد حَسْبَمَا سمعته مِنْهُ حفظه الله في سنة 1151 إحدى وَخمسين وَمِائَة وألف بِصَنْعَاء وَنَشَأ بهَا وفى سنة 1172 أَو فى الَّتِى قبلهَا فوض إليه وَالِده الإمام المهدي ولَايَة صنعاء وَجعله أَمِير الأجناد وَأمره بِسُكُون قصر صنعاء فَقَامَ بذلك قيَاما تَاما بحزم ومهابة وَحُرْمَة وافرة وَمَكَارِم وَاسِعَة وَحسن أَخْلَاق وصبر على الامور وسياسة لاحوال الْجُمْهُور فاستمر على ذَلِك ودام فِيهِ مُدَّة أَيَّام وَالِده وَاتفقَ في سنة 1184 أَن حسن العنسى السَّاكِن بجبل برط المتريس على ذوى مُحَمَّد وذوى حُسَيْن الساكنين فِي جبل برط وهم جَمْرَة عرب الْيمن إذ ذَاك وَأهل الشَّوْكَة مِنْهُم وَمن لَا يقوم لَهُم غَيرهم من سَائِر الْقَبَائِل وَقع بَينه وَبَين الإمام المهدي رَحمَه الله خطوب كَانَت سَببا لِخُرُوجِهِ عَلَيْهِ فَخرج بِجَيْش من الْمَذْكُورين وَمن غَيرهم لم يخرج بِمثلِهِ أحد من أهل تِلْكَ الْجِهَات فاستعد لَهُ مَوْلَانَا الإمام المهدي وَجمع العساكر وَأرْسل اُحْدُ أُمَرَاء أبناده وَهُوَ الامير سندوس بمعظم جيوشه من خيل وَرجل وَسَائِر العساكر الْمَطْلُوبَة من الْقَبَائِل حَتَّى اجْتمع لَهُ جَيش كثير وَأمر أَمِير الأجناد وَمن مَعَه من الجيوش أَن يلتقي حسن العنسي إلى بعض الطَّرِيق فَلَمَّا علم بذلك حسن العنسي سلك طَرِيقا أُخْرَى فَلم يشْعر أهل صنعاء إلا وَهُوَ فِي سعوان وَهُوَ مَحل شرقي صنعا مِنْهَا فحصلت بذلك رجّة في صنعاء كَبِيرَة وَكَانَ الإمام المهدي سَاكِنا فِي الْجَانِب الغربى من صنعاء ومولانا ولد هـ صَاحب التَّرْجَمَة سَاكِنا فِي الْقصر وَهُوَ في الْجَانِب الشرقي فَخرج عِنْد أَن بلغه ذَلِك الْخَبَر فى طَائِفَة يسيرَة من أَصْحَابه لَا يبلغون خمس مائَة رجل وَطَائِفَة يسيرَة من الْخَيل أَكْثَرهم لَا نفع فِيهِ لكَون مُعظم الْخَيل المنتخبة قد صَارَت صُحْبَة الأمير سندروس فاصطف لَهُ حسن العنسي وَأَصْحَابه وهم أُلُوف مؤلفة وَفِيهِمْ من أهل الشجَاعَة والتجربة للحروب والاعتياد للشرّ من هُوَ أَضْعَاف أَضْعَاف من مَعَ مَوْلَانَا بل مازال ذَلِك الْمِقْدَار الْيَسِير يتناقص بفرار من لَا يستحي من الْعَسْكَر وتسترهم بَين الإثل وَنَحْوه قبل الْوُصُول إِلَى المعركة فَلَمَّا ترَاءى الْجَمْعَانِ كَانَ من بَين يدى مَوْلَانَا بِالنِّسْبَةِ الى الْجمع الآخر كلا شئ وَهُوَ يقدم وَلَا ينثني ويحث من بَين يَدَيْهِ على المصابرة والإقدام ويحول بَينهم وَبَين الإحجام حَتَّى وصل بهم إلى نحر الْعَدو وضايقوهم غَايَة المضايقة وَقتلُوا مِنْهُم كثيراً وَلَكنهُمْ انثالوا عَلَيْهِم من جَمِيع الجوانب كأنهم الْجَرَاد فتاخر بِأَصْحَابِهِ قَلِيلا قَلِيلا وَهُوَ يدافع عَنْهُم وَخرج وَالِده الإمام المهدى مغيرا اليه ومغيثا لَهُ فالتقاه وَهُوَ يتهلهل لم يظْهر عَلَيْهِ فزع وَلَا جزع وَلَا طيش وَلَا خفَّة وَلَا وَجل وَلَا خطل بل من رَآهُ ظن أَنه جَاءَ من بعض المتنزهات وَهُوَ قد خرج من معركة تطيل لَهَا الْعُقُول وتشيب لَهَا الْولدَان وترجف مِنْهَا الأفئدة وتخرس عِنْدهَا الألسن وَهَكَذَا فلتكن الشجَاعَة وَبعد هَذِه الموقعة اعْترف لَهُ الْكَبِير وَالصَّغِير والجليل والحقير حَتَّى خصومه بِأَنَّهُ بمَكَان من ثبات الْجنان يقصر عَنهُ أَبنَاء الزَّمَان ثمَّ انه اسْتمرّ على امارة الْجَيْش وَولَايَة صنعاء وَمَا يرجع اليها حَتَّى مَاتَ وَالِده الإمام المهدي في شهر رَجَب سنة 1189 فَبَايعهُ الْعلمَاء والحكام آل الإمام وَسَائِر النَّاس على اخْتِلَاف طبقاتهم وَلم يتَخَلَّف عَنهُ أحد وفرحوا بِهِ واغتبطوا بخلافته وأحبهم وأحبوه وَتَوَلَّى وزارته جمَاعَة مِنْهُم السَّيِّد علي بن يحيى الشامي إلى عِنْد مَوته ثمَّ الْفَقِيه الْحسن بن عُثْمَان القرشي ثمَّ وَلَده الفقيه حسن بن حسن وَمن جملَة وزرائه السَّيِّد أَحْمد بن اسمعيل فايع وَولى الْقَضَاء الأكبر عِنْد مبايعته القاضي العلاّمة يحيى بن صَالح السحولى وَأما أُمَرَاء أجناده فهم في أول خِلَافَته الْأُمَرَاء الَّذين كَانُوا في أَيَّام وَالِده الْأَمِير فَيْرُوز والنقيب ريحَان وَغَيرهمَا ثمَّ مَاتُوا وَصَارَت الإمارة إِلَى الْأَمِير سرُور الْمَنْصُور أَيَّامًا وَإِلَى النَّقِيب جَوْهَر وَأما ولَايَة صنعاء وإمارة الْجَيْش الذي كَانَ أَمِيرا عَلَيْهِم قبل خِلَافَته فَصَارَت أَيَّامًا يسيرَة إِلَى أَخِيه الْقَاسِم بن المهدي ثمَّ بعد ذَلِك صَارَت إِلَى وَلَده الْهمام صفي الإسلام أَحْمد بن أَمِير الْمُؤمنِينَ وَهُوَ الْآن الْقَائِم بتدبير الأجناد والمتولى لجَمِيع الْأُمُور بِصَنْعَاء وَمَا يَليهَا وَله من كَمَال الرياسة وَحسن مسك السياسة والمهابة والصرامة والفطنة بدقائق الْأُمُور والاطلاع على أَحْوَال الْجُمْهُور وجودة التَّدْبِير والخبرة بالجلي والخفى مَالا يُمكن وَصفه مَعَ النقادة التَّامَّة والشهامة الْكَامِلَة وعلو الهمة والمعرفة للأدب ومطالعة كتبه والإشراف على كتب التَّارِيخ ومحبة أهل الْفَضَائِل وَكَرَاهَة أَرْبَاب الرذائل والنزاهة والصيانة والميل إِلَى معالي الْأُمُور وَهُوَ أكبر أَوْلَاد الإمام وَقد تقدمت لَهُ تَرْجَمَة مُسْتَقلَّة ويليه في السن أخوه شرف الإسلام الْحسن بن أمير الْمُؤمنِينَ وَهُوَ حسن الْأَخْلَاق عَظِيم الهمة كريم السجية شرِيف النَّفس مطلع على ماتمس اليه الْحَاجة من أُمُور الدَّين وَالدُّنْيَا ويليه أَخُوهُ فَخر الإسلام عبد الله بن أَمِير الْمُؤمنِينَ وَهُوَ اُحْدُ أُمَرَاء الأجناد وَجعل إليه وَالِده الامام الاشراف على الدِّيوَان واستنابه فى الْحُضُور مَعَ الْحُكَّام عِنْد فصل الْخِصَام في يومي الِاجْتِمَاع من كل أُسْبُوع وَجعل إليه ولَايَة بعض الْبِلَاد كالحيمة وبلاد الْبُسْتَان وَفِيه من حسن الْخلق ومزيد التَّوَاضُع وكرم السجايا وَمَعْرِفَة حقائق القضايا مَا هُوَ غَايَة وَنِهَايَة ولوالده اليه ميل عَظِيم ومحبة زايدة وَفِيه خبْرَة كَامِلَة ومحبة لقَضَاء حوايج المحتاجين والتبليغ إِلَى وَالِده بمطالب الطالبين والشفاعة لمن يلوذ بِهِ من القاصدين وَالدّلَالَة على سَبِيل الْخَيْر بِكُل مُمكن ويليه أَخُوهُ عز الإسلام مُحَمَّد بن أَمِير الْمُؤمنِينَ وَهُوَ اُحْدُ أُمَرَاء الأجناد وَهُوَ من فحول الرِّجَال في جَمِيع الْأَحْوَال وَله من معرفَة الْحَقَائِق ومحبة معالي الْأُمُور ونزاهة النَّفس والعفة والصيانة مَا هُوَ متفرد بِهِ وَقد ولاه وَالِده الإمام الْجِهَات العمرانية فعزم بجنده إِلَى هُنَالك وَهُوَ الْآن مُقيم بهَا وَهَؤُلَاء الْأَرْبَعَة هم البالغون مبالغ الرِّجَال من أَوْلَاد مَوْلَانَا الإمام وَأما الْبَاقُونَ فهم صغَار لم يبلغُوا سن التَّكْلِيف عِنْد تَحْرِير هَذَا التَّارِيخ وَلَهُم جَمِيعًا فى الفراسة طرايق يعجز عَنْهَا غَيرهم وَلَا يدانيهم فِيهَا ساير النَّاس فَكل وَاحِد مِنْهُم إِذا لعب بفرسه بَين الفرسان صَار نزهة للناظرين وَلَا يفوقهم فى هَذَا الشَّأْن أحد إِلَى والدهم مَوْلَانَا الإمام فإنه في ذَلِك لَا يُبَارى وَلَا يُسَاوِيه أحد من النَّاس فإنه إذا طارد الفرسان وحرك خصانه بِجَانِب الميدان صَار المتفرد بِهَذَا الشان الفايق فِيهِ جَمِيع نوع الإنسان بِحَيْثُ لَا يَسْتَطِيع من رَآهُ كَذَلِك أَن يمِيل نظره عَنهُ لما يرَاهُ من حسن الصِّنَاعَة والفروسية الْبَالِغَة إِلَى غَايَة البراعة وَله فِي التَّوَاضُع مَالا يُسَاوِيه فِيهِ أحد وَلَا يصدق بذلك إلا من تاخمه وجالسه فانه لَا يعد نَفسه إِلَّا كَأحد النَّاس بل قد رَأينَا كثيراً مِمَّن هُوَ أَصْغَر خدمه بل مِمَّن هُوَ مُتَعَلق بأحقر عمل من عِنْد بعض خدمه يترفع فَوق ترفعه وَيرى لنَفسِهِ من الْحق فَوق مَا يرى لنَفسِهِ وَهَذِه خصيصة اختصه الله بهَا ومزيّة شرّفه الله بالتحلي بهَا فان التَّوَاضُع مَعَ مزِيد الشّرف أحب من الشّرف ثمَّ لَهُ من حسن الْأَخْلَاق أوفر حَظّ وَأكْرم نصيب قلّ أن يجد الإنسان مثل حسن خلقه عِنْد أَصْغَر المتعلقين بخدمته مَعَ مَا جبل عَلَيْهِ من حسن النِّيَّة وكرم الطوية وتفويض الْأُمُور إِلَى خالقه وَالْوُقُوف تَحت الْمَشِيئَة وَبِهَذَا السَّبَب ظفره الله بِمن يناويه وَنَصره على جَمِيع من يعاديه فَلم تقم لباغ عَلَيْهِ قايمة وَهُوَ مجبول على الغريزتين اللَّتَيْنِ يحبهما الله وَرَسُوله الْكَرم والشجاعة وَإِذا وَقع في الظَّاهِر شئ مِمَّا يظن من لم يطلع على الْحَقِيقَة أَنه يُخَالف ذَلِك فَهُوَ لعذر لَو اطلع عَلَيْهِ لوجده الصَّوَاب الذى لَا ينبغى سواهُ وَلَا يَلِيق غَيره وَقد يكون ذَلِك لسَبَب بعض المتصلين بمقامه العالى وَهَكَذَا إِذا وَقع فِي جَانب الرّعية مَالا يُنَاسب الشَّرْع فَهُوَ بِسَبَب من غَيره وَأما هُوَ فَلَا يحب إِلَّا الْخَيْر وَلَا يُرِيد إِلَّا الْعدْل وإذا اتَّضَح لَهُ ذَلِك أبْطلهُ وَلم يرض بِهِ وَكَثِيرًا مَا يخفى عَلَيْهِ ذَلِك بِسَبَب مصانعه بعض من يتَّصل بِهِ للْبَعْض الآخر فَمن هَذِه الْحَيْثِيَّة قد يَقع أَمر لَا يُريدهُ وَلَا يرضى بِهِ وَقد اشْتهر هَذَا بَين النَّاس حَتَّى لَا يَقع التوجع مِنْهُ فِي شئ أبداً بل لجَمِيع الرعية فِيهِ غَايَة الْمحبَّة بِحَيْثُ أنه مرض فِي بعض السنين فَكَانُوا يَجْتَمعُونَ ويبكون وَيدعونَ لَهُ بِالْبَقَاءِ وَقل أَن يتَّفق مثل هَذَا لأحد من الْأَئِمَّة والسلاطين في الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين وَهُوَ آخذ من علم الشَّرْع بِنَصِيب قرأ قبل مصير الْخلَافَة إليه في الْفِقْه والنحو على الْعَلامَة الْحسن بن علي حَنش الذي صَار وزيراً لَهُ كَمَا تقدم وَله شغف شَدِيد بالكتب النفيسة ومطالعتها بِحَيْثُ لَا يقف في مَكَان إِلَّا وَعِنْده مِنْهَا عدَّة وَلما كَانَ في شهر رَجَب سنة 1209 مَاتَ قاضيه الْمُتَقَدّم ذكره وَكَانَ صَدرا من الصُّدُور وعارفا بقوانين الْأُمُور وَقد تولى الْقَضَاء الْأَكْبَر في أَيَّام جده الْمَنْصُور بِاللَّه الْحُسَيْن بن الْقَاسِم وفي أَيَّام وَالِده الإمام المهدي وَضم إليه الوزارة ثمَّ نكبه وَأَعَادَهُ مَوْلَانَا الامام عِنْد أَن بُويِعَ بالخلافة وولاه الْقَضَاء الْأَكْبَر فَكَانَ يقوم بِأُمُور الْقَضَاء وَينْتَفع الامام ووزراه بسديد رَأْيه لمزيد اختباره وَكَمَال ممارسته وَكَانَ يَقْصِدهُ الوزراء إِذا نابهم امْر إلى بَيته ويطلبه الْخَلِيفَة إِذا عرض مُهِمّ فَكَانَ أَكثر الأمور تصدر عَن رَأْيه وَله فِي الصُّدُور مهابة عَظِيمَة وَحُرْمَة وافرة وجلالة تَامَّة ولعلها تَأتي لَهُ تَرْجَمَة مُسْتَقلَّة إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَلَمَّا مَاتَ فى ذَلِك التَّارِيخ وَكنت إِذْ ذَاك مشتغلا بالتدريس فِي عُلُوم الِاجْتِهَاد والافتاء والتضنيف منجمعاً عَن النَّاس لاسيما أهل الْأَمر وأرباب الدولة فإني لَا اتصل بِأحد مِنْهُم كَائِنا من كَانَ وَلم يكن لى رَغْبَة فى سوى الْعُلُوم وَكنت أدرس الطّلبَة فِي الْيَوْم الْوَاحِد نَحْو ثَلَاثَة عشر درساً مِنْهَا مَا هُوَ في التَّفْسِير كالكشاف وحواشيه وَمِنْهَا مَا هُوَ في الْأُصُول كالعضد وحواشيه والغاية وحاشيتها وَجمع الْجَوَامِع وَشَرحه وحاشيته وَمِنْهَا مَا هُوَ في الْمعَانى وَالْبَيَان كالمطوّل والمختصر وحواشيهما وَمِنْهَا مَا هُوَ فِي النَّحْو كشرح الرضى على الكافية والمغنى وَمِنْهَا مَا هُوَ فى الْفِقْه كالبحر وضوء النَّهَار وَمِنْهَا مَا هُوَ في الحَدِيث كالصحيحين وَغَيرهمَا مَعَ مَا يعرض من تَحْرِير الْفَتَاوَى وَيُمكن من التصنيف فَلم أشعر إِلَّا بطلاب لي من الْخَلِيفَة بعد موت القاضي الْمَذْكُور بِنَحْوِ أُسْبُوع فعزمت إِلَى مقَامه العالي فَذكر لي أَنه قد رجّح قيامي مقَام القاضي الْمَذْكُور فاعتذرت لَهُ بِمَا كنت فِيهِ من الِاشْتِغَال بِالْعلمِ فَقَالَ الْقيام بالأمرين مُمكن وَلَيْسَ المُرَاد إِلَّا الْقيام بفصل مَا يصل من الْخُصُومَات إِلَى ديوانه العالي في يومي اجْتِمَاع الْحُكَّام فِيهِ فَقلت سيقع منى الاسخارة لله والاستشارة لأهل الْفضل وَمَا اخْتَارَهُ الله فَفِيهِ الْخَيْر فَلَمَّا فارقته مازلت مترددا نحواسبوع وَلكنه وَفد إِلَى غَالب من ينتسب إلى الْعلم فِي مَدِينَة صنعاء وَأَجْمعُوا على أَن الاجابة وَاجِبَة وَأَنَّهُمْ يَخْشونَ أَن يدْخل في هَذَا المنصب الذي إليه مرجع الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة في جَمِيع الأقطار اليمنية من لَا يوثق بِدِينِهِ وَعلمه وَأَكْثرُوا من هَذَا وارسلوا إِلَى بالرسائل المطوّلة فَقبلت مستعيناً بِاللَّه ومتكلاً عَلَيْهِ وَلم يَقع التَّوَقُّف على مُبَاشرَة الْخُصُومَات في الْيَوْمَيْنِ فَقَط بل انثال النَّاس من كل مَحل فاستغرقت فِي ذَلِك جَمِيع الأوقات إِلَّا لحظات يسيرَة قد أفرغتها للنَّظَر فى شئ من كتب الْعلم أَو لشئ من التَّحْصِيل وتتميم مَا قد كنت شرعت فِيهِ واشتغل الذِّهْن شغلة كَبِيرَة وتكدّر الخاطر تكدراً زايدا وَلَا سِيمَا وَأَنا لَا أعرف الْأُمُور الاصطلاحية في هَذَا الشَّأْن وَلم أحضر عِنْد قَاض فِي خُصُومَة وَلَا في غَيرهَا بل كنت لَا أحضر في مجَالِس الْخُصُومَة عِنْد والدي رَحمَه الله من أَيَّام الصغر فَمَا بعْدهَا وَلَكِن شرح الله الصَّدْر وأعان على الْقيام بذلك الشَّأْن ومولانا الْخَلِيفَة حفظه الله مَا ترك شَيْئا من التَّعْظِيم إلا وَفعله وَكَانَ يجلني إجلالاً عَظِيما وَينفذ الشَّرِيعَة على قرَابَته وأعوانه بل على نَفسه وَأَنا حَال تَحْرِير هَذِه الأحرف في سنة 1213 مُسْتَمر على مُبَاشرَة تِلْكَ الْوَظِيفَة مُؤثر للتدريس للطلبة في بعض والاوقات فى مصنفاتى وَغَيرهَا وأسأل الله بحوله وَطوله أَن يرشدني إلى مراضيه ويحول بيني وَبَين مَعَاصيه وييسر لى الْخَبَر حَيْثُ كَانَ وَيدْفَع عَنى الشَّرّ ويقيمني في مقَام الْعدْل ويختار لي مَا فِيهِ الْخَيْر فِي الدَّين وَالدُّنْيَا ولمولانا حفظه الله في خِلَافَته الغراء من الأمور الْعَظِيمَة مَالا يَتَّسِع لَهُ الا سيرة مُسْتَقلَّة فى مجلدات سدده الله في جَمِيع أُمُوره وأعانه على مَا فِيهِ رِضَاهُ وَجمع لَهُ بَين خيري الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وفي آخر شهر رَجَب سنة 1223 ثَلَاث وَعشْرين بعد الْمِائَتَيْنِ والألف اتفقت حَادِثَة عَظِيمَة في صنعاء وهي أَن وَزِير مَوْلَانَا الإمام الْفَقِيه حسن بن حسن عُثْمَان العلفي تمكن تمَكنا كَبِيرا وَصَارَت الْأُمُور مقرونة بِهِ وَجَمِيع التدبيرات مَقْصُورَة عَلَيْهِ وَكَانَ بَينه وَبَين سيدي أَحْمد بن الإمام مواحشة بِسَبَب أُمُور تصدر في مقَام الْخَلِيفَة وبسبب تَقْصِيره في أرزاق الأجناد ثمَّ تزايدت الوحشة وَلم يسمع الْوَزير المناصحة منى لَهُ ادلالا بِمَالِه من الْحَظ عِنْد الْخَلِيفَة وصدرت مِنْهُ أُمُور مشعرة بالاستخفاف بِكَثِير من أقَارِب الْخَلِيفَة وَأَصْحَابه وتقصير فى الجرايات الَّتِى لقبايل بكيل حَتَّى كَانُوا يقطعون الطرق حول صنعاء وينهبون الأموال ويسفكون الدِّمَاء وَطَالَ ذَلِك وأضرّ بِالنَّاسِ وتقطعت الطّرق ووثب كثير من القبايل على الطرق الَّتِى بِقرب مِنْهُم فَجمع سيدي أَحْمد بن الإمام أَصْحَابه في التَّارِيخ الْمُتَقَدّم وَطلب الْوَزير الْمَذْكُور فَأبى فأرسل إليه جمَاعَة من الْجند فوصل وَقبض عَلَيْهِ وعَلى جمَاعَة من قرَابَته فَعظم ذَلِك على الْخَلِيفَة وَأَرَادَ استخلاصه فأرسل سيدي أَحْمد جمَاعَة من الْجند وَأَحَاطُوا بدار الْخلَافَة وَقد كَانَ فِيهَا سيدي عبد الله بن الإمام بِجَمَاعَة من أَصْحَابه فَوَقع حَرْب وَأرْس إلى الْخَلِيفَة وأصلحت الْأَمر على أَن سيدي أَحْمد يكون تَدْبِير الْبِلَاد الإمامية إليه وَيكون لوالده بِمَنْزِلَة الْوَزير وَيبقى الْوَزير في اعتقاله وَفِي أول سَاعَة من لَيْلَة الأربعاء لَعَلَّه خَامِس عشر شهر رَمَضَان سنة 1224 أَربع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ وَألف توفي مَوْلَانَا الإمام رَحمَه الله بداره بِصَنْعَاء الْمُسَمَّاة بدار الإسعاد ثمَّ صلى عَلَيْهِ فِي قبَّة وَالِده المهدي في جمع جم وَكَانَ الذي صلى عَلَيْهِ رَاقِم هَذِه الأحرف وقبر في طرف بُسْتَان المتَوَكل وَوَقعت الْبيعَة لوَلَده مَوْلَانَا الإمام المتَوَكل على الله أَحْمد بن الْمَنْصُور فِي اللَّيْلَة الَّتِى مَاتَ فِيهَا الإمام وَكنت أول من بَايعه ثمَّ كنت المتولي لأخذ الْبيعَة لَهُ من أخوته وأعمامه وَسَائِر آل الإمام الْقَاسِم وَجَمِيع أَعْيَان الْعلمَاء والرؤساء وَكَانَت الْبيعَة مِنْهُ

قال الشوكاني - رحمه الله تعالى - في "البدر الطالع": مولانا الإمامُ خليفةُ العصر، أميرُ المؤمنين المنصورُ بالله ربِّ العالمين، عليُّ بنُ الإمام المهديِّ العباسِ بنِ المنصورِ الحسين بنِ المتوكل القاسم بنِ الحسين.
وأطال في ترجمة إخوانه وأولاده إطالة حسنة، وقال في ضمنها: ولي القضاء الأكبر عند مبايعته القاضي العلامة يحيى بن صالح السحولي، فلما مات، وكنت إذ ذاك مشتغلاً بالتدريس في علوم الاجتهاد والإفتاء والتصنيف، منجمعًا عن الناس، لا سيما أهل الأمر وأرباب الدولة، فإني لا أتصل بأحد منهم كائنًا من كان، ولم تكن لي رغبة في سوى العلوم، كنت أدرس الطلبة في اليوم الواحد نحو ثلاثة عشر درسًا، منها: ما هو في التفسير؛ كالكشاف وحواشيه، ومنها: ما هو في الأصول؛ كالعضد وحواشيه، والغاية وحاشيتها، وجمع الجوامع وشرحه، ومنها: ما هو في المعاني والبيان؛ كالمطول، والمختصر، وحواشيهما، ومنها: ما هو في النحو؛ كشرح الرضي، والمغني، ومنها: ما هو في الفقه؛ كالبحر، وضوء النهار، ومنها: ما هو في الحديث؛ كالصحيحين، وغيرهما - مع ما يعرض من تحرير الفتاوى، ويمكن من التصنيف، فلم أشعر إلا بطلاب من الخليفة - حفظه الله - بعد وفاة القاضي السحولي بنحو أسبوع، فعزمت إلى مقامه العالي، فذكر لي أنه قد رجح قيامي مقام القاضي المذكور، فاعتذرت إليه بما كنت فيه من الاشتغال بالعلم، فقال: القيام بالأمرين ممكن، وليس المراد إلا القيام بفصل ما يصل من الخصومات إلى ديوانه العالي في يومي اجتماع الحكام فيه، فقلت: ستقع مني الاستخارة لله، والاستشارة لأهل الفضل، وما اختاره الله فالخير فيه، فلما فارقته، ما زلت مترددًا نحو أسبوع.
ولكنه رفد إلي كلَّ من ينتسب إلى العلم في مدينة صنعاء، وأجمعوا على أن الإجابة واجبة، وأنهم يخشون أن يدخل في هذا المنصب الذي إليه مرجع الأحكام الشرعية في جميع الأقطار اليمنية مَنْ لا يوثق بدينه وعلمه، وأكثروا من هذا، وأرسلوا إليّ بالرسائل المطولة، فقبلت مستعينًا بالله، ومتكلاً عليه، ولم يقع التوقف على مباشرة الخصومات في اليومين فقط، بل انثار الناس من كل محل، فاستغرقت في ذلك جميع الأوقات إلا لحظات يسيرة قد أفرغها للنظر في شيء من كتب العلم، أو لشيء من التحصيل في تتميم ما قد كنت شرعت فيه، واشتغل الذهن شغلة كبيرة، وتكدر الخاطر تكدرًا زائدًا، ولا سيما وأنا لا أعرف الأمور الاصطلاحية في هذا الشأن، ولم أحضر عند قاطن في خصومة، ولا في غيرها، بل كنت لا أحضر في مجالس الخصومة عند والدي - رحمه الله تعالى - من أيام الصغر فما بعدها.
ولكن شرح الله الصدر، وأعان على القيام بذلك الشأن، ومولانا الخليفة - حفظه الله - ما ترك شيئًا من التعظيم إلا وفعله، وكان يجلني إجلالاً عظيمًا، وينفذ الشريعة على قرابته وأعوانه، بل على نفسه، وأنا حالَ تحرير هذه الأحرف في سنة 1213 مستمر على مباشرة تلك الوظيفة مؤثرًا التدريس للطلبة في بعض الأوقات في مصنفاتي وغيرها، وأسأل الله بحوله وطَوْله أن يرشدني إلى مراضيه، ويحولَ بيني وبين معاصيه، وييسر لي الخير حيث كان، ويدفع عني الشر، ويقيمني في مقام العدل، ويختار لي ما علم فيه الخير في الدين والدنيا.
وفي رمضان سنة 1224 توفي مولانا الإمام بداره المسماة بدار الإسعاد، وكان الذي صلى عليه في جمع جَمٍّ راقمُ هذه الأحرف. ووقعت البيعة لولده مولانا الإمام المتوكل على الله، أحمد بن المنصور في الليلة التي مات فيها الإمام، وكنت أول من بايعه، ثم كنت المتولي لأخذ البيعة له من إخوته وأعمامه وسائر آل الإمام القاسم، وجميع أعيان العلماء والرؤساء، وكانت البيعة منهم في أوقات، والله المسؤول أن يجعل فيه للمسلمين صلاحًا وفلاحًا، انتهى، كلامه.
أقول: وما جرى لحضرة الأستاذ - رضي الله عنه - من ولاية القضاء، جرى لنا أيضًا مثله من ولاية فصل الخصومات في منزلنا هذا، من جهة واليته - أصلح الله حالها ومآلها - وكان ذلك على إكراه منا، والله يعلم وأنتم لا تعلمون.

إنَّ الولايةَ ليس فيها راحةٌ ... إلا ثلاثٌ يبتغيها العاقلُ
حكمٌ بحقًّ أو إزالةُ باطل ... أو نفعُ محتاجٍ، سواها باطلُ
ثم أقول والحالة هذه:
لعمرُكَ إنَّ لي نفسًا تَسامَى ... إلى ما نيل دار ابنِ دارا
فمِنْ هذا أرى الدنيا هباءً ... ولا أرضى سوى الفردوسِ دارا
اللهمَّ يا مالك الملك! اجعلني في حل مما أنا فيه، واجعل باقي عمري خيرًا من ماضيه، ولا تجعلْني ممن قلت فيهم: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ} [الصافات: 22]، وإن كانت والية هذه الحوزة الإسلامية في محاسن صفاتها ومكارم ذاتها - حفظها الله تعالى - سيدة الرؤساء الحاضرين وتاجهم، ولا أقدر على أن أبوح بما تفضلَتْ به عليَّ من عطاياها؛ فإنها لا تحملها إلا مطاياها، جعلها الله تعالى وإيانا من إمائه وعبيده الصلحاء، وختم لها ولنا بالحسنى.
التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول - أبو الِطيب محمد صديق خان البخاري القِنَّوجي.

 

 

 

أمير المؤمنين علي بن الإمام المهدي العباس بن المنصور الحسين بن المتوكل
خليفة العصر ونتيجة الدهر، تولى إمارة اليمن بالعدل والإنصاف، وسار فيهم سيرة ذوي الكمال والعفاف، وأفرغ عليهم حلة الأمان، ورفع عنهم يد الظلم والطغيان، وترجمه العلامة الشوكاني وأطال بما هو بعض صفات هذا الإمام المفضال، وذكر في ضمنها بأنه بعد وفاة قاضي القضاة يحيى بن صالح السحولي عرض على العلامة الشوكاني تولية القضاء في مكان يحيى المرقوم فقال الشوكاني يذكر عبارة المترجم بنفسها ونص قوله: بينما كنت مشتغلاً بالتدريس في علوم الاجتهاد والإفتاء والتصنيف منزوياً عن الناس لا سيما أهل الأمر وأرباب الدولة، فإني لا أتصل بأحد منهم كائناً من كان، ولم تكن لي رغبة في سوى العلوم، كنت أقرأ للطلبة في اليوم الواحد ثلاثة عشر درساً منها ما هو في التفسير كالكشاف وحواشيه، ومنها ما هو في الأصول كالعضد وحواشيه والغاية وحاشيتها وجمع الجوامع وشرحه، ومنها ما هو في المعاني والبيان كالمطول والمختصر وحواشيهما، ومنها ما هو في النحو كشرح الرضي والمغني، ومنها ما هو في الفقه كالبحر وضوء النهار، ومنها ما هو في الحديث كالصحيحين وغيرهما، مع ما يعرض من تحرير الفتاوى ويمكن من التصنيف، فلم أشعر إلا بطلب من الخليفة بعد وفاة القاضي السحولي بنحو أسبوع، فقصدت مقامه العالي فذكر لي أنه قد ترجح عنده وضعي في مقام المرحوم القاضي السحولي، فاعتذرت إليه بما كنت فيه من الاشتغال بالعلم، فقال القيام بالأمرين ممكن، وليس المراد إلا القيام بفصل ما يصل من الخصوات إلى ديوانه العالي في يومي اجتماع الحكام فيه، فقلت له ستقع مني الاستخارة لله والاستشارة لأهل الفضل، وما اختاره الله فالخير فيه ففارقته، وما زلت متردداً نحو أسبوع، ولكنه وفد إلي كل من ينتسب إلى العلم في مدينة صنعاء، وأجمعوا على أن الإجابة واجبة، وإنهم يخشون أن يدخل في هذا المنصب الذي إليه مرجع الأحكام الشرعية في جميع الأقطار اليمنية من لا يوثق بدينه وعلمه وأكثروا من هذا، ووجهوا إلي الرسائل المطولة بطلب القبول، فقبلت مستعيناً بالله ومتوكلاً عليه، ولم يقع التوقف على مباشرة الخصومات في اليومين فقط، بل استغرقت الدعاوى جميع الأوقات إلا قليلاً، قد أفرغها للنظر في شيء من كتب العلم أو لشيء من التحصيل في تتميم ما كنت شرعت فيه، واشتغل الذهن شغلاً كبيراً وتكدر الخاطر كدراً كثيراً، ولا سيما وأنا لا أعرف الأمور الاصطلاحية في هذا الشأن، ولم أحضر عند قاض في خصومة ولا في غيرها، بل كنت لا أحضر في مجالس الخصومة عند والدي رحمه الله تعالى من أيام الصغر فما بعدها، ولكن شرح الله الصدور وأعان على القيام بحق الأمور. ثم إن الخليفة حفظه الله تعالى ما ترك شيئاً من التعظيم والإجلال إلا وفعله، وكان يجلني إجلالاً عظيماً، وينفذ حكم الشريعة على قرابته وأعوانه بل على نفسه. وفي رمضان سنة أربع وعشرين ومائتين وألف توفي السلطان المذكور بدار الإسعاد، وقمت إماماً عليه بالناس، ووقعت البيعة لولده مولانا الإمام المتوكل على الله أحمد بن المنصور في الليلة التي مات فيها الإمام، وكنت أول من بايعه، ثم كنت المتولي لأخذ البيعة له من إخوته وأعمامه وسائر أقاربه وجميع أعيان العلماء والرؤساء، وكانت البيعة منهم في أوقات، والله المسؤول أن يجعل فيه للمسلمين صلاحاً وفلاحاً انتهى كلامه. قال صاحب التاج المكلل:
إن الولاية ليس فيها راحة ... إلا ثلاث يبتغيها العاقل
حكم بحق أو إزالة باطل ... أو نفع محتاج سواها باطل
سلكنا الله على الطريق المستقيم، وهدانا لما يرضيه إنه هو البر الرحيم. وكانت وفاة المترجم المذكور قريباً من ألف ومائتين وثلاثين.
حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - ابن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي.