أبي عبد الله سلمان الخير الفارسي

سلمان الفارسي

تاريخ الولادة-214 هـ
تاريخ الوفاة36 هـ
العمر250 سنة
مكان الولادةأصبهان - إيران
مكان الوفاةالمدائن - العراق
أماكن الإقامة
  • أصبهان - إيران
  • فارس - إيران
  • المدينة المنورة - الحجاز
  • مكة المكرمة - الحجاز
  • الكوفة - العراق
  • المدائن - العراق
  • الموصل - العراق
  • بلاد الشام - بلاد الشام
  • نصيبين - تركيا

نبذة

سلمَان الْخَيْر الْفَارِسِي أَبُو عبد الله أَصله من حَيّ قَرْيَة بأصبهان وَيُقَال من أهل رام هُرْمُز سكن الْكُوفَة وَأسلم عَن قدوم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ قبل يقْرَأ الْكتب وَيطْلب الدّين وَكَانَ عبد لقوم من بني قُرَيْظَة فكاتبوه فَأدى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ كِتَابَته وَعتق وَأول مشاهده بالخندق لَهُ صُحْبَة من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَات فِي خلَافَة عُثْمَان بِالْمَدَائِنِ وَيُقَال مَاتَ فِي خلَافَة عَليّ سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ بعد الْجمل.

الترجمة

سلمَان الْخَيْر الْفَارِسِي أَبُو عبد الله أَصله من حَيّ قَرْيَة بأصبهان وَيُقَال من أهل رام هُرْمُز سكن الْكُوفَة وَأسلم عَن قدوم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ قبل يقْرَأ الْكتب وَيطْلب الدّين وَكَانَ عبد لقوم من بني قُرَيْظَة فكاتبوه فَأدى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ كِتَابَته وَعتق وَأول مشاهده بالخندق لَهُ صُحْبَة من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَات فِي خلَافَة عُثْمَان بِالْمَدَائِنِ وَيُقَال مَاتَ فِي خلَافَة عَليّ سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ بعد الْجمل

روى عَنهُ عبد الرحمن بن يزِيد فِي الْوضُوء وشرحبيل بن السمط وَأَبُو عُثْمَان النَّهْدِيّ.

رجال صحيح مسلم - لأحمد بن علي بن محمد بن إبراهيم، أبو بكر ابن مَنْجُويَه.

 

 

سيدنا الصحابي الجليل سلمان الفارسي رضي الله تعالى

سيدنا الصحابي الجليل سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه ( … ـ 36 هـ / … ـ 656م)،, وكنيته أبو عبداالله من أهل قرية أصبهان ويقال إنه من قرية رامهرمز واسمه عندما كان ببلاد فارس روزبه وقيل "مابه بن يوذخشان" وأصله من منطقة أصبهان في إيران هو صحابي جليل دخل الإسلام بعد بحث وتقصٍّ عن الحقيقة، وكان أحد المميزين في بلاد فارس بلده الأصلي. دان بالمجوسية ولم يقتنع بها، وترك بلده فارس فرحل إلى الشام والتقى بالرهبان والقساوسة ولكن أفكارهم ودياناتهم لم تقنعه. واستمر متنقلا حتى وصل إلى الجزيرة العربية فالمدينة المنورة والتقى برسول الله عليه الصلاة والسلام فاعتنق الإسلام.

و هو الذي أشار على سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في غزوة الخندق أن يحفروا حول المدينة المنورة خندقا يحميهم من قريش، وذلك لما له من خبرة ومعرفة بفنون الحرب والقتال لدى الفرس. ويعتقد أنه مدفون في بلدة المدائن قرب بغداد.

ذكر ابن عساكر ان اسم سلمان الفارسي هو روزبه بن يوذخشان بن مورشلا بن بهبوذان بن فيروز بن شهرك وقيل أنه لما اجتمع مع نفر من الأعراب فسألوه عن نسبه، حيث يقول هذا: "أنا قرشي"، وذاك يقول: "أنا قيسي"، وذاك يقول: "أنا تميمي"، فقال: 

أبي الإسلام لا أب لي سواه     إذا افتخروا بقيس أو تميم

قال الإمام أحمد في مسنده: حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري عن محمود بن لبيد عن عبد الله بن عباس ما أنه قال حدثني سلمان الفارسي حديثه من فيه قال: «كنتُ رجلا فارسيا من أهل أصفهان من أهل قرية يقال لها (جَيْ)، وكان أبي ذهقان قريته، وكنت أحب خلق الله إليه، فلم يزل حبه إياي حتى حبسني في بيتي كما تحبس الجارية، وأجتهدت في المجوسية حتى كنت قَطِنَ النار الذي يوقدها لا يتركها تخبوا ساعة، قال : وكانت لأبي ضيعة عظيمة، قال : فشغل في بنيان له يوماً، فقال لي : يا بني إني قد شغلت في بنيان هذا اليوم عن ضيعتي فاذهب فاطلعها، وأمرني فيها ببعض ما يريد، فخرجت أريد ضيعته فمررت بكنيسة من كنائس النصارى فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون، وكنت لا أدري ما أمر الناس؛ لحبس أبي إياي في بيته، فلما مررت بهم وسمعت أصواتهم دخلت عليهم أنظر ما يصنعون، قال : فلما رأيتهم أعجبني صلاتهم ورغبت في أمرهم، وقلت : هذا والله خير من الدين الذي نحن عليه، فوالله ماتركتهم حتى غربت الشمس وتركت ضيعة أبي ولم آتها، فقلت لهم : أين أصل هذا الدين ؟ قالوا : بالشام، قال : ثم رجعت إلى أبي وقد بعث في طلبي وشغلته عن عمله كله، قال : فلما جئته، قال : أي بني.. أين كنتَ ؟ ألم أكن عهدت إليك ما عهدت ؟ قال قلت : أي أبتي مررت بناس يصلون في كنيسة لهم فأعجبني ما رأيت من دينهم، فوالله مازلت عندهم حتى غربت الشمس، قال : أي بني.. ليس في ذلك الدين خير، دينك ودين آبائك خير منه، قال قلت : كلا، والله إنه خير من ديننا، قال: فخافني فجعل في رجلي قيداً ثم حبسني في بيته، قال : وبعثت إلى النصارى، فقلت لهم : إذا قدم عليكم ركب من الشام تجار من النصارى فأخبروني بهم، قال : فقدم عليهم ركب من الشام تجار من النصارى، قال : فأخبروني بهم، قال فقلت : إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الرجعة إلى بلادهم فآذنوني بهم، فلما أرادوا الرجعة إلى بلادهم أخبروني بهم، فالقيتُ الحديد من رجلي ثم خرجت معهم حتى قدمت الشام، فلما قدمتها قلتُ : من أفضل أهل هذا الدين ؟ قالوا : الاسقف في الكنيسة، قال : فجئته فقلت : إني قد رغبت في هذا الدين وأحببت أن أكون معك أخدمك في كنيستك واتعلم منك وأصلي معك، قال : فادخل، فدخلت معه وكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها فإذا جمعوا إليه منها أشياء اكتنـزه لنفسه ولم يعطه المساكين، حتى جمع سبع قلال من ذهب وورق، قال : وأبغضته بغضاً شديدا لما رأيته يصنع، ثم مات فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه، فقلت لهم : إن هذا كان رجل سوء يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها فإذا جئتموه بها إكتنزها لنفسه ولم يعط المساكين منها شيئا، قالوا : وما علمك بذلك ؟ قال قلت : أنا أدلكم على كنزه، قالوا فدلنا عليه، قال : فأريتهم موضعه، قال : فاستخرجوا منه سبع قلال مملوءة ذهبا وورقاً، فلما رأوه قالوا : والله لا ندفنه أبداً، وصلبوه ثم رجموه بالحجارة، ثم جاؤوا برجل آخر فجعلوه مكانه. قال سلمان : فما رأيت رجلا لا يصلي الخمس أرى أنه أفضل منه أزهد في الدنيا ولا أرغب في الآخرة ولا أدأب ليلا ونهارا منه. قال : فاحببته حباً لم أحبه من قبله، وأقمت معه زماناً، ثم حضرته الوفاة، فقلت له : يا فلان، إني كنت معك وأحببتك حبا لم أحبه من قبلك وقد حضرك ما ترى من أمر الله عز وجل، فإلى من توصي بي ؟ وما تأمرني؟ قال : أي بني، والله ما أعلم أحداً اليوم على ما كنت عليه لقد هلك الناس وبدلوا وتركوا أكثر ما كانوا عليه إلا رجلاً بالموصل، وهو فلان، فهو على ماكنت عليه فالحق به. قال سلمان : فلما مات وغيب لحقت بصاحب الموصل، فقلت له : يا فلان، إن فلان أوصاني عند موته أن ألحق بك وأخبرني أنك على أمره، قال فقال لي : أقم عندي، فأقمت عنده، فوجدته خير رجل على أمر صاحبه، فلم يلبث أن مات، فلما حضرته الوفاة قلت له : يافلان، إن فلان أوصى بي إليك وأمرني باللحوق بك وقد حضرك من أمر الله عز وجل ما ترى، فإلى من توصي بي ؟ وتأمرني ؟ قال : أي بني والله ما أعلم رجلاً على مثل ما كنا عليه إلا رجل بنصيبين ديننا وهو فلان فاللحق به، قال سلمان فلما مات وغيب لحقت بصاحب نصيبين فجئته فأخبرته بخبري وما أمرني به صاحبي، قال : فأقم عندي، فأقمت عنده، فوجدته على أمر صاحبيه فأقمت مع خير رجل، فوالله ما لبثت أن نزل به الموت فلما حضر قلت له : يا فلان، إن فلان كان أوصى بي إلي فلان ثم أوصى بي فلان إليك فإلى من توصي بي ؟ وتأمرني ؟ قال أي بني، والله ما نعلم أحدا بقي على أمرنا آمرك أن تأتيه إلا رجلاً بعمورية، فإنه بمثل ما نحن عليه، فإن أحببت فأته فإنه على أمرنا. قال سلمان : فلما مات وغيب لحقت بصاحب عمورية وأخبرته خبري، قال أقم عندي فاقمت مع رجل على هدي أصحابه وأمرهم واكتسبت حتى كان لي بقرات وغنيمة، قال ثم نزل به أمر الله عز وجل فلما حضر قلت يا فلان إني كنت مع فلان فأوصى بي إلى فلان ثم أوصى بي فلان إلى فلان ثم أوصى بي فلان إليك، فإلى من توصي بي وما تأمرني، قال : أي بني والله ما أعلمه أصبح على ما كنا عليه أحد من الناس آمرك أن تأتيه، ولكنه قد أظلك زمان نبي هو مبعوث بدين إبراهيم يخرج بأرض العرب مهاجراً إلى أرض بين حرتين بينهما نخل به علامات لا تخفى، يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة بين كتفيه خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل. قال سلمان : ثم مات وغيب فمكثت بعمورية ما شاء الله أن أمكث، ثم مرَّ بي نفر من بني كلب تجار، فقلت لهم : تحملوني إلى أرض العرب وأعطيكم بقراتي هذه وغنيمتي ؟ قالوا نعم، فأعطيتهم البقر والغنيمات، وحملوني حتى إذا قدموا بي وادي القرى ظلموني فباعوني على رجل من اليهود عبداً، فمكثت عنده ورأيت النخل ورجوت أن تكون البلد الذي وصف لي صاحبي، ولم يحق لي في نفسي، فبينما أنا عنده قدم عليه ابن عم له من المدينة من بني قريظة فابتاعني منه فاحتملني إلى المدينة، فوالله ما هو إلا أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبي لها، فأقمت بها وبعث الله رسوله محمداً (عليه الصلاة والسلام)، فاقام بمكة ما أقام لا أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق، ثم هاجر إلى المدينة، فوالله إني لفي رأس عتق أعمل فيه بعض العمل، وسيدي جالس، إذ أقبل ابن عم له حتى وقف عليه، فقال يا فلان قاتل الله بني قيلة - يعني الأنصار- والله إنهم الآن لمجتمون بقباء على رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون أنه نبي. قال سلمان : فلما سمعتها أخذتني العرواء - يعني الرعدة- حتى ظننت سأسقط على سيدي، قال ونزلت عن النخلة فجعلت أقول لابن عمه : ماذا تقول ؟ ماذا تقول ؟ قال فغضب سيدي فلكمني لكمة شديدة، ثم قال مالك ولهذا أقبل على عملك، قلت لا شيء إنما أردت أن أستثبت عما قال. قال سلمان : وقد كان عندي شي قد جمعته فلما أمسيت أخذته ثم ذهبت به إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو بقباء فدخلت عليه، فقلت له : إنه قد بلغني أنك رجل صالح ومعك أصحاب لك غرباء ذو حاجة وهذا شيء كان عندي للصدقة فرأيتكم أحق به من غيركم، قال : فقربته إليه، فقال لأصحابه : كلوا وأمسك يده فلم يأكل، قال سلمان : فقلت في نفسي هذه واحدة، ثم أنصرفت عنه فجمعت شيئاً، وتحوَّل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة، ثم جئته به فقلت : إني رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هدية أكرمتك بها، قال : فأكل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) منها وأمر أصحابه فأكلوا معه، قال فقلت في نفسي : هاتان إثنتان، ثم جئت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو ببقيع الغرقد وقد تبع جنازة رجل من أصحابه عليه شملتان له وهو جالس في أصحابه فسلمت عليه ثم أستدرت أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي، فلما رآني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) استدرت عرف أني استثبت في شيء، فالقى ردائه عن ظهره فنظرت إلى الخاتم فعرفته، فانكببت على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أقبِّله وأبكي، فقال لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : تحوَّل فتحولت، فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا ابن عباس، قال فاعجب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يسمع ذلك أصحابه. ثم شغل سلمان الرق حتى فاته مع الرسول (صلى الله عليه وسلم) بدرا وأحد، قال: ثم قال لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : كاتب يا سلمان، فكاتبت صاحبي على ثلاثمائة نخلة أحييها له بالفقير وبأربعين أوقية، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : أعينوا أخاكم فأعانوني بالنخل الرجل بثلاثين ودية والرجل بعشرين والرجل بخمس عشر والرجل بعشر يعني الرجل بقدر ما عنده حتى اجتمع لي ثلاثمائة ودية، فقال لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : اذهب يا سلمان ففكر لها فإذا فرغت فأتني فأكون أنا أضعها بيدي، ففكرت لها وأعانني أصحابي حتى إذا فرغت منها جئته فاخبرته فخرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إليها فجعلنا نقرب له الودي ويضعه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بيده فوالذي نفسي بيده ما ماتت منها ودية واحدة، فأديت النخل وبقي علي المال، فأتي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بمثل بيضة الدجاجة من ذهب من بعض المغازي فقال: ما فعل الفارسي المكاتب، قال : فدُعيت له، فقال : خذ هذه فأدِّي بها ما عليك يا سلمان، فقلت : وأين تقع هذه يا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مما علي، قال خذها فإن الله سيؤدي بها عنك، قال : فأخذتها فوزنت لهم منها والذي نفس سلمان بيده أربعين أوقية، فأوفيتهم حقهم وعتقت، وشهدت مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الخندق ثم لم يفتني معه مشهد.»

قال مقبل الوادعي في كتابه «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين» : هذا حديث حسن. انه كان لديه خبرة إلى فنون الأدب والعلم الوارف في الدين.

في غزوة الخندق جاءت جيوش قريش إلى المدينة مقاتلة تحت قيادة أبي سفيان، ورأى المسلمون أنفسهم في موقف عصيب، وجمع الرسول (صلى الله عليه وسلم) أصحابه ليشاورهم في الأمر، فتقدم سلمان (رضي الله عنه) وألقى من فوق هضبة عالية نظرة فاحصة على المدينة، فوجدها محصنة بالجبال والصخور محيطة بها، بيد أن هناك فجوة واسعة يستطيع الأعداء اقتحامها بسهولة، وكان سلمان (رضي الله عنه) قد خبر في بلاد فارس الكثير من وسائل الحرب وخدعها، فتقدم من الرسول (صلى الله عليه وسلم) واقترح أن يتم حفر خندق يغطي جميع المنطقة المكشوفة حول المدينة، وبالفعل بدأ المسلمون في حفر هذا الخندق الذي صعق قريش حين رأته، وعجزت عن اقتحام المدينة. وخلال حفر الخندق اعترضت معاول المسلمين صخرة عاتية لم يستطيعوا فلقها، فذهب سلمان (رضي الله عنه) إلى الرسول (صلى الله عليه وسلم) مستأذنا بتغيير مسار الحفر ليتجنبوا هذه الصخرة، فأتى الرسول (صلى الله عليه وسلم) مع سلمان (رضي الله عنه) وأخذ المعول بيديه، وسمى الله وهوى على الصخرة فاذا بها تنفلق ويخرج منها وهجا عاليا مضيئا وهتف الرسول (صلى الله عليه وسلم) مكبرا: " الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس، ولقد أضاء الله لي منها قصور الحيرة، ومدائن كسرى، وإن أمتي ظاهرة عليها " ثم رفع المعول ثانية وهوى على الصخرة، فتكررت الظاهرة وبرقت الصخرة، وهتف الرسول (صلى الله عليه وسلم) : " الله أكبر أعطيت مفاتيح الروم، ولقد أضاء لي منها قصور الحمراء، وإن أمتي ظاهرة عليها " ثم ضرب ضربته الثالثة فاستسلمت الصخرة وأضاء برقها الشديد، وهلل الرسول (صلى الله عليه وسلم) والمسلمون معه وأنبأهم أنه يبصر قصور سورية وصنعاء وسواها من مدائن الأرض، وصاح المسلمون "هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله".

لقد كان إيمان سلمان الفارسي (رضي الله عنه) قويا، أقام أياما مع أبو الدرداء (رضي الله عنه) في دار واحدة، وكان أبو الدرداء (رضي الله عنه) يقوم الليل ويصوم النهار. وكان سلمان (رضي الله عنه) يرى مبالغته في هذا فحاول أن يثنيه عن صومه هذا، فقال له أبو الدرداء (رضي الله عنه) : أتمنعني أن أصوم لربي وأصلي له ؟ فأجاب سلمان (رضي الله عنه) : إن لعينيك عليك حقا، وإن لأهلك عليك حقا. صم وافطر، وصلّ ونام. فبلغ ذلك الرسول (صلى الله عليه وسلم) فقال: "لقد أُشْبِعَ سلمان علما".

وفي غزوة الخندق وقف الأنصار (رضي الله عنهم) يقولون سلمان (رضي الله عنه)  منا ووقف المهاجرون (رضي الله عنهم) يقولون بل سلمان (رضي الله عنه) منا. وناداهم الرسول (صلى الله عليه وسلم) قائلا: "سلمان منا آل البيت" وهو حديث ضعفه جمهور العلماء.

في خلافة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) جاء سلمان (رضي الله عنه) إلى المدينة زائرا، فجمع عمر (رضي الله عنه) الصحابة وقال لهم هيا بنا نخرج لاستقبال سلمان (رضي الله عنه). وخرج بهم لاستقباله عند مشارف المدينة.

وكان علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) يلقبه بـ"لقمان الحكيم"، وسئل عنه بعد موته فقال ذاك امرؤ منا وإلينا أهل البيت، من لكم بمثل لقمان الحكيم؟ أوتي العلم الأول والعلم الآخر، وقرأ الكتاب الأول والكتاب الآخر، وكان بحرا لا ينزف.

قيل انه كان (رضي الله عنه)  في كبره شيخا مهيبا، يضفر الخوص ويجدله، ويصنع منه أوعية ومكاتل كثيرة، ولقد كان عطاؤه وفيرا بين أربعة آلاف وستة آلاف في العام، بيد أنه كان (رضي الله عنه) يوزعه كله ويرفض أن ينال منه درهما، ويقول (رضي الله عنه) أشتري خوصا بدرهم، فأعمله ثم أبيعه بثلاثة دراهم، فأعيد درهما فيه، وأنفق درهما على عيالي، وأتصدق بالثالث، ولو أن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) نهاني عن ذلك ما انتهيت.

لقد كان سلمان الفارسي (رضي الله عنه) يرفض الإمارة ويقول إن استطعت أن تأكل التراب ولا تكونن أميرا على اثنين فافعل. في الأيام التي كان فيها أميرا على المدائن وهو سائر بالطريق، لقيه رجل قادم من الشام ومعه حمل من التين والتمر، وكان الحمل يتعب الشامي، فلم يكد يرى أمامه رجلا يبدو عليه من عامة الناس وفقرائهم حتى قال له احمل عني هذا فحمله سلمان (رضي الله عنه) ومضيا، وعندما بلغا جماعة من الناس فسلم عليهم فأجابوا وعلى الأمير السلام) فسأل الشامي نفسه أي أمير يعنون ؟! ودهش عندما رأى بعضهم يتسارعون ليحملوا عن سلمان (رضي الله عنه) الحمل ويقولون عنك أيها الأمير فعلم الشامي أنه أمير المدائن سلمان الفارسي (رضي الله عنه)  فسقط يعتذر ويأسف واقترب ليأخذ الحمل، ولكن رفض سلمان (رضي الله عنه) وقال لا حتى أبلغك منزلك. سئل سلمان (رضي الله عنه) يوما ماذا يبغضك في الإمارة ؟ فأجاب حلاوة رضاعها، ومرارة فطامها.

جاء سعد بن أبي وقاص يعود سلمان في مرضه، فبكى سلمان، فقال سعد ما يبكيك يا أبا عبد الله ؟ لقد توفي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو عنك راض. فأجاب سلمان والله ما أبكي جزعا من الموت، ولا حرصا على الدنيا، ولكن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عهد إلينا عهدا، فقال ليكن حظ أحدكم من الدنيا مثل زاد الراكب ؛ وهأنذا حولي هذه الأساود ! فنظر سعد فلم ير إلا جفنة ومطهرة، فقال سعد: يا أبا عبد الله اعهد إلينا بعهد نأخذه عنك فقال: يا سعد اذكر الله عند همك إذا هممت، وعند حكمك إذا حكمت، وعند يدك إذا قسمت.

كان سلمان (رضي الله عنه) يملك شيئا يحرص عليه كثيرا، ائتمن زوجته عليه، وفي صبيحة اليوم الذي قبض فيه ناداها هلمي خبيك الذي استخبأتك فجاءت بها فإذا هي صرة مسك أصابها يوم فتح جلولاء، احتفظ بها لتكون عطره يوم مماته، ثم دعا بقدح ماء نثر به المسك وقال لزوجته انضحيه حولي، فإنه يحضرني الآن خلق من خلق الله، لايأكلون الطعام وإنما يحبون الطيب فلما فعلت قال لها اجفئي علي الباب وانزلي ففعلت ما أمر، وبعد حين عادت فإذا روحه قد فارقت جسده، وكان ذلك في عهد عثمان بن عفان. وقد تولى دفنه والصلاة عليه وتجهيزه علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) وقد حضر عنده قادما من المدينة إلى المدائن في العراق.

مقامه يقعان في مدينة المدائن على بعد 2 كيلو متر من نطاق كسرى وقد سمي المقام باسم "سلمان باك" اي "سلمان الطاهر"، وهو قريب من مشارف بغداد العراق، وقبره عليه قبة ومسجد وصحن كبير، وبجانبه قبر قيل أنه للصحابي حذيفة بن اليمان (رضي الله عنه).

لقد حفلت سيرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بنماذج رائعة من المهتدين، الذين ارتفعت همتهم في البحث عن الدين الحق، و بذلوا في سبيل ذلك النفس والنفيس، فصاروا مضرب الأمثال، وحجة لله على خلقه، وأكدت على أن من انطلق باحثا عن الحق مخلصا لله تعالى، فإن الله يهديه إليه، ويمنُّ عليه بأعظم نعمة في الوجود نعمة الإسلام، ومن النماذج المشرقة في البحث عن الحق سلمان الفارسي ـ رضي الله عنه ـ .

ورد في بعض الكتب أن الصحابي الجليل سلمان الفارسي رضى الله عنه بلغ من العمر 350 سنه وقيل 275 و قيل 250 .

و هذه بعض النقولات :

وَأَكْثَرُ مَا اطَّلَعْنَا عَلَى طُولِ الْعُمُرِ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنَ الْمُعَمَّرِينَ فِي الصَّحَابَةِ وَالْأَئِمَّةِ سِنُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَإِنَّهُ مَاتَ وَلَهُ مِنَ الْعُمُرِ مِائَةٌ وَثَلَاثُ سِنِينَ وَأَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ مَاتَتْ وَلَهَا مِائَةُ سَنَةٍ ، وَلَمْ يَقَعْ لَهَا سِنٌّ وَلَمْ يُنْكَرْ فِي عَقْلِهَا شَيْءٌ وَأَزْيَدُ مِنْهُمَا عُمُرُ حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ مَاتَ وَلَهُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً عَاشَ مِنْهَا سِتِّينَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَسِتِّينَ فِي الْإِسْلَامِ ، وَأَكْثَرُ مِنْهُ عُمُرًا سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ فَقِيلَ عَاشَ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ سَنَةً وَقِيلَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ . قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ حَسَنٌ ) وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ ( وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ ) أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي بَابِ أَعْمَارِ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ أَبْوَابِ الزُّهْدِ .

وَمَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ بِالْمَدَائِنِ وَأَوَّلُ مُشَاهَدِهِ الْخَنْدَقُ .

قال العباس بن يزيد : قال أهل العلم : عاش سلمان ثلاثمائة وخمسين سنة فأما مائتان وخمسون فلا يشكون فيه

قال أبو نعيم : كان سلمان من المعمرين يقال : إنه أدرك عيسى بن مريم ! انظر أسد الغابة 1/463

وقال الحافظ ابن حجر في الإصابة :" قال الذهبي وجدت الأقوال في سنة كلها دالة على أنه جاوز المائتين وخمسين والأختلاف إنما هو في الزائد قال ثم رجعت عن ذلك وظهر لي أنه ما زاد على الثمانين قلت لم يذكر مستنده في ذلك وأظنه أخذه من شهود سلمان الفتوح بعد النبي صلى الله عليه و سلم وتزوجه امرأة من كندة وغير ذلك مما يدل على بقاء بعض النشاط لكن إن ثبت ما ذكروه يكون ذلك من خوارق العادات في حقه وما المانع من ذلك فقد روى أبو الشيخ في طبقات الأصبهانيين من طريق العباس بن يزيد قال أهل العلم يقولون عاش سلمان ثلاثمائة وخمسين سنة فأما مائتان وخمسون فلا يشكون فيها " [ الإصابة 3/141 ].

أنظر ( تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي - كِتَاب الدَّعَوَاتِ - أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين )

 

 

سيدنا سلمان الفارسي (رضي الله عنه)
يكنى أبا عبد الله ويعرف بسلمان الخير وكان ينسب إلى الإِسلام فيقول: أنا سلمان ابن الإِسلام ويعد من موالي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه كان السبب في عتقه ونسبه - صلى الله عليه وسلم - إلى بيته فقال: "سلمان منا أهل البيت" أصله فارسي وأبوه مجوسي فنبهه الله تعالى إلى قبح ما كان عليه أبوه وقومه وجعل في قلبه التشوف إلى طلب الحق ففر عن أرضه إلى أرض الشام فلم يزل يجول في البلدان ويختبر الأديان ويكشف الأحبار والرهبان إلى أن دل على راهب الوجود بالوصول إلى المقصود بعد الصبر على المشاق والمكاره حسبما ذلك منقول في إسلامه في كتب السير وأول مشاهده الخندق وهو الذي أشار بحفره ولم يفته بعد ذلك مشهد وكان خيراً فاضلاً عالماً حبراً زاهداً متقشفاً قال الحسن: كان عطاء سلمان خمسة آلاف وكان إذا خرج عطاؤه تصدق به ويأكل من عمل يده حال كونه أميراً على المدائن عاصمة الأكاسرة وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو كان الدين في الثريا لناله سلمان" وفي رواية "رجال من الفرس" وعن عائشة كان لسلمان مجلس من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينفرد به من الليل حتى كاد يغلبنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله أمرني أن أحب أربعة وأخبرني أنه يحبهم: علي وأبو ذر والمقداد وسلمان" وعن علي رضي الله عنه "إن سلمان مثل لقمان" وعن أبي هريرة قال: "كان سلمان صاحب الكتابين" قال قتادة: يعني الإنجيل والفرقان. له أخبار حسان وفضائل جمة، توفي في آخر خلافة عثمان سنة خمس أو ست وثلاثين. قال الشعبي: وتوفي بالمدائن، قيل: عاش مائتين وخمسين سنة وقيل أكثر.

 شجرة النور الزكية في طبقات المالكية _ لمحمد مخلوف

 

 

سلمان الفارسي
سلمان الفارسي أَبُو عَبْد اللَّهِ ويعرف بسلمان الخير مولى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسئل عن نسبه، فقال: أنا سلمان بْن الإسلام.
أصله من فارس، من رامهرمز، وقيل: إنه من جي، وهي مدينة أصفهان، وكان اسمه قبل الإسلام مابه بْن بوذخشان بْن مورسلان بْن بهبوذان بْن فيروز بْن سهرك، من ولد آب الملك.
وكان ببلاد فارس مجوسيًا سادن النار، وكان سبب إسلامه مَا أخبرنا أَبُو الْمَكَارِمِ مَنْصُورُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَعْدٍ الْمُؤَدِّبُ، أخبرنا أَبُو الْقَاسِمِ نَصْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَفْوَانَ الْمُعَدَّلُ، أخبرنا أَبُو الْبَرَكَاتِ سَعْدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ وَالْخَطِيبُ أَبُو الْفَضَائِلِ الْحَسَنُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، قَالا: أخبرنا أَبُو الْفَرَجِ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ، أخبرنا أَبُو مَنْصُورٍ الْمُظَفَّرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ، أخبرنا أَبُو زَكَرِيَّاءَ يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِيَاسِ بْنِ الْقَاسِمِ الأَزْدِيُّ الْمَوْصِلِيُّ، أخبرنا عَلِيُّ بْنُ جَابِرٍ، أخبرنا يُوسُفَ بْنُ بُهْلُولٍ، أخبرنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ.
ح قَالَ أَبُو زَكَرِيَّاءَ: أخبرنا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى، أخبرنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ، أخبرنا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِيُّ، عن ابْنِ إِسْحَاقَ، عن عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عن مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ.
ح قَالَ أَبُو زَكَرِيَّاءَ: وَحدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَنَّامِ بْنِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، وَأخبرنا نُمَيْرٌ، أخبرنا يُونُسُ، عن ابْنِ إِسْحَاقَ، عن عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عن مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَلْمَانُ، قَالَ: " كُنْتُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ فَارِسَ مِنْ أَصْبَهَانَ، مِنْ جَيّ، ابْنَ رَجُلٍ مِنْ دَهَاقِينِهَا، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ إِدْرِيسَ: وَكَانَ أَبِي دِهْقَانَ أَرْضِهِ، وَكُنْتُ أَحَبَّ الْخَلْقَ إِلَيْهِ: وَفِي حَدِيثِ الْبَكَّائِيِّ: أَحَبَّ عِبَادِ اللَّهِ إِلَيْهِ، فَأَجْلَسَنِي فِي الْبَيْتِ كَالْجَوَارِي، فَاْجتَهَدْتُ فِي الْفَارِسِيَّةِ، وَفِي حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ عَامِرٍ: فِي الْمَجُوسِيَّةِ، فَكُنْتُ فِي النَّارِ الَّتِي تُوقَدُ فَلا تَخْبُو، وَكَانَ أَبِي صَاحِبَ ضَيْعَةٍ، وَكَانَ لَهُ بِنَاءٌ يُعَالِجُهُ، زَادَ ابْنُ إِدْرِيسَ فِي حَدِيثِهِ: فِي دَارِهِ، فَقَالَ لِي يَوْمًا: يَا بُنَيَّ، قَدْ شَغَلَنِي مَا تَرَى فَانْطَلِقْ إِلَى الضَّيْعَةِ، وَلا تَحْتَبِسْ فَتَشْغِلْنِي عن كُلِّ ضَيْعَةٍ بِهَمِّي بِكَ، فَخَرَجْتُ لِذَلِكَ فَمَرَرْتُ بِكَنِيسَةِ النَّصَارَى وَهُمْ يُصَلُّونَ، فَمِلْتُ إِلَيْهِمْ وَأَعْجَبَنِي أَمْرُهُمْ، وَقُلْتُ، هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ مِنْ دِينِنَا.
فَأَقَمْتُ عِنْدَهُمْ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ، لا أَنَا أَتَيْتُ الضَّيْعَةَ، وَلا رَجَعْتُ إِلَيْهِ، فَاسْتَبْطَأَنِي وَبَعَثَ رُسُلًا فِي طَلَبِي، وَقَدْ قُلْتُ لِلنَّصَارَى حِينَ أَعْجَبَنِي أَمْرُهُمْ: أَيْنَ أَصْلُ هَذَا الدِّينِ؟ قَالُوا: بِالشَّامِ.
فَرَجَعْتُ إِلَى وَالِدِي، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، قَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكَ رُسُلًا، فَقُلْتُ: مَرَرْتُ بِقَوْمٍ يُصَلِّونَ فِي كَنِيسَةٍ، فَأَعْجَبَنِي مَا رَأَيْتُ مِنْ أَمْرِهِمْ، وَعَلِمْتُ أَنَّ دِينَهُمْ خَيْرٌ مِنْ دِينِنَا.
فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، دِينُكَ وَدِينُ آبَائِكَ خَيْرٌ مِنْ دِينِهِمْ، فَقُلْتُ: كَلا وَاللَّهِ.
فَخَافَنِي وَقَيَّدَنِي.
فَبَعَثْتُ إِلَى النَّصَارَى وَأَعْلَمْتُهُمْ مَا وَافَقَنِي مِنْ أَمْرِهِمْ، وَسَأَلْتُهُمْ إِعْلامِي مَنْ يُرِيدُ الشَّامَ، فَفَعَلُوا.
فَأَلْقَيْتُ الْحَدِيدَ مِنْ رِجْلِي، وَخَرَجْتُ مَعَهُمْ، حَتَّى أَتَيْتُ الشَّامَ، فَسَأَلْتُهُمْ عن عَالِمِهِمْ، فَقَالُوا: الأُسْقُفُّ، فَأَتَيْتُهُ، فَأَخْبَرْتُهُ، وَقُلْتُ: أَكُونُ مَعَكَ أَخْدِمُكَ وَأُصَلِّي مَعَكَ؟ قَالَ: أَقِمْ.
فَمَكَثْتُ مَعَ رَجُلٍ سُوءٍ فِي دِينِهِ، وَكَانَ يَأْمُرُهُمْ بِالصَّدَقَةِ، فَإِذَا أَعْطَوْهُ شَيْئًا أَمْسَكَهُ لِنَفْسِهِ، حَتَّى جَمَعَ سَبْعَ قِلالٍ مَمْلُوءَةٍ ذَهَبًا وَوَرِقًا، فَتُوُفِّيَ، فَأَخْبَرْتُهُمْ بِخَبَرِهِ، فَزَبَرُونِي، فَدَلَلْتُهُمْ عَلَى مَالِهِ فَصَلَبُوهُ، وَلَمْ يُغَيِّبُوهُ وَرَجَمُوهُ، وَأَحَلُّوا مَكَانَهُ رَجُلًا فَاضِلًا فِي دِينِهِ زُهْدًا وَرَغْبَةً فِي الآخِرَةِ وَصَلاحًا، فَأَلْقَى اللَّهُ حُبَّهُ فِي قَلْبِي، حَتَّى حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، فَقُلْتُ: أَوْصِينِي، فَذَكَرَ رَجُلًا بِالْمَوْصِلِ، وَكُنَّا عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ حَتَّى هَلَكَ.
فَأَتَيْتُ الْمَوْصِلَ، فَلَقِيتُ الرَّجُلَ، فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِي، وَأَنَّ فُلانًا أَمَرَنِي بِإِتْيَانِكَ، فَقَالَ: أَقِمْ، فَوَجَدْتُهُ عَلَى سَبِيلِهِ وَأَمْرِهِ حَتَّى حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، فَقُلْتُ لَهُ: أَوْصِينِي، فَقَالَ: مَا أَعْرِفُ أَحَدًا عَلَى مَا نَحْنُ عَلَيْهِ إِلا رَجُلًا بِعَمُورِيَّةَ.
فَأَتَيْتُهُ بِعَمُورِيَّةَ، فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِي، فَأَمَرَنِي بِالْمَقَامِ وَثَابَ لِي شَيْءٌ، وَاتَّخَذْتُ غَنِيمَةً وَبُقَيْرَاتٍ، فَحَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، فَقُلْتُ: إِلَى مَنْ تُوصِي بِي؟ فَقَالَ: لا أَعْلَمُ أَحَدًا الْيَوْمَ عَلَى مِثْلِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ، وَلَكِنْ قَدْ أظلك نبي يبعث بدين إِبْرَاهِيم الحنيفية، مهاجره بأرض ذات نخل، وبه آيات وعلامات لا تخفى، بين منكبيه خاتم النبوة، ويأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة، فإن استطعت فتخلص إليه فتوفي.
فمر بي ركب من العرب، من كلب، فقلت: أصحبكم وأعطيكم بقراتي وغنمي هذه، وتحملوني إِلَى بلادكم؟ فحملوني إِلَى وادي القرى، فباعوني من رجل من اليهود، فرأيت النخل، فعلمت أَنَّهُ البلد الذي وصف لي، فأقمت عند الذي اشتراني، وقدم عليه رجل من بنى قريظة فاشتراني منه، وقدم بي المدينة، فعرفتها بصفتها، فأقمت معه أعمل في نخله، وبعث اللَّه نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغفلت عن ذلك حتى قدم المدينة، فنزل في بني عمرو بْن عوف، فأني لفي رأس نخلة إذ أقبل ابن عم لصاحبي، فقال: أي فلان، قاتل اللَّه بني قيلة، مررت بهم آنفًا، وهم مجتمعون عَلَى رجل قدم عليهم من مكة، يزعم أَنَّهُ نبي، فوالذي ما هو إلا أن سمعتها، فأخذني القر، ورجفت بي النخلة، حتى كدت أن أسقط، ونزلت سريعًا، فقلت: ما هذا الخبر؟ فلكمني صاحبي لكمة، وقال: وما أنت وذاك؟ أقبل عَلَى شأنك.
فأقبلت عَلَى عملي حتى أمسيت، فجمعت شيئًا فأتيته به، وهو بقباء عند أصحابه، فقلت: اجتمع عندي، أردت أن أتصدق به، فبلغني أنك رجل صالح، ومعك رجال من أصحابك ذوو حاجة، فرأيتكم أحق به، فوضعته بين يديه، فكف يديه، وقال لأصحابه: كلوا.
فأكلوا، فقلت: هذه واحدة، ورجعت.
وتحول إِلَى المدينة، فجمعت شيئًا فأتيته به، فقلت: أحببت كرامتك فأهديت لك هدية، وليست بصدقة، فمد يده فأكل، وأكل أصحابه، فقلت: هاتان اثنتان، ورجعت.
فأتيته وقد تبع جنازة في بقيع الغرقد، وحوله أصحابه، فسلمت، وتحولت أنظر إِلَى الخاتم في ظهره، فعلم ما أردت، فألقى رداءه، فرأيت الخاتم، فقبلته، وبكيت، فأجلسني بين يديه، فحدثته بشأني كله كما حدثتك يا ابن عباس، فأعجبه ذلك، وأحب أن يسمعه أصحابه، ففاتني معه بدر وأحد بالرق، فقال لي: "كاتب يا سلمان عن نفسك "، فلم أزل بصاحبي حتى كاتبته، عَلَى أن أغرس له ثلثمائة ودية، وعلى أربعين أوقية من ذهب، فقال النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أعينوا أخاكم بالنخل "، فأعانوني بالخمس والعشر، حتى اجتمع لي، فقال لي: " فقر لها ولا تضع منها شيئًا حتى أضعه بيدي "، ففعلت، فأعانني أصحابي حتى فرغت، فأتيته، فكنت آتيه بالنخلة فيضعها، ويسوي عليها ترابًا، فانصرف، والذي بعثه بالحق فما ماتت منها واحدة، وبقي الذهب، فبينما هو قاعد إذ أتاه رجل من أصحابه بمثل البيضة من ذهب، أصابه من بعض المعادن، فقال: " ادع سليمان المسكين الفارسي المكاتب "، فقال: أد هذه، فقلت: يا رَسُول اللَّهِ، وأين تقع هذه مما علي؟ وروى أَبُو الطفيل، عن سلمان، قال: أعانني رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ببيضة من ذهب، فلو وزنت بأحد لكانت أثقل منه "
وقيل: إنه لقي بعض الحواريين، وقيل: إنه أسلم بمكة، وليس بشيء.
وأولُ مشاهده مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخندق، ولم يتخلف عن مشهد بعد الخندق، وآخى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينه وبين أَبِي الدرداء.
(561) أُخبرنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْقَاهِرِ، قَالَ: أخبرنا أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَارِي، أخبرنا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَاذَانَ، أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ السَّمَّاكِ، أخبرنا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ، أخبرنا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ، أخبرنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عن سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَدِيعَةَ، عن سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَتَطَهَّرَ بِمَا اسْتَطَاعَ مِنَ الطُّهْرِ، ثُمَّ ادَّهَنَ مِنْ دُهْنِهِ أَوْ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ أَنْصَتَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الأُخْرَى ".
رَوَاهُ آدَمُ بْنُ إِيَاسٍ، عن ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عن سَعِيدٍ، عن أَبِيهِ، عن ابْنِ وَدِيعَةَ، عن سَلْمَانَ.
وَرَوَاهُ ابْنُ عَجْلانَ، عن سَعِيدٍ، عن أَبِيهِ، عن ابْنِ وَدِيعَةَ، عن أَبِي ذَرٍّ
 وأخبرنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِهْرَانَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأَبُو جَعْفَرٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ، بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى السُّلَمِيِّ، قَالَ: حدثنا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، أخبرنا أَبِي، عن الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، عن أَبِي رَبِيعَةَ الإِيَادِيِّ، عن الْحَسَنِ، عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ الْجَنَّةَ تَشْتَاقُ إِلَى ثَلاثَةٍ عَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، وَسَلْمَانَ "
وكان سلمان من خيار الصحابة زهادهم وفضلائهم، وذوي القرب من رَسُول اللَّهِ، قالت عائشة: " كان لسلمان مجلس من رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالليل، حتى كاد يغلبنا عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
وسئل عَلَى عن سلمان، فقال: علم العلم الأول والعلم الآخر، وهو بحر لا ينزف، وهو منا أهل البيت.
وكان رَسُول اللَّهِ قد آخى بين سلمان وأبي الدرداء، وسكن أَبُو الدرداء الشام، وسكن سلمان العراق، فكتب أَبُو الدرداء إِلَى سلمان: سلام عليك، أما بعد، فإن اللَّه رزقني بعدك مالًا وولدًا، ونزلت الأرض المقدسة.
فكتب إليه سلمان: سلام عليك، أما بعد، فإنك كتبت إلي أن اللَّه رزقك مالًا وولدًا، فاعلم أن الخير ليس بكثرة المال والولد، ولكن الخير أن يكثر حلمك، وأن ينفعك علمك، وكتبت إِلَى أنك نزلت الأرض المقدسة، وَإِن الأرض لا تعمل لأحد، اعمل كأنك ترى، واعدد نفسك من الموتى.
وقال حذيفة لسلمان: ألا نبني لك بيتًا؟ قال: لم؟ لتجعلني ملكًا، وتجعل لي درًا مثل بيتك الذي بالمدائن، قال: لا، ولكن نبني لك بيتًا من قصب ونسقفه بالبردي، وَإِذا قمت كاد أن يصيبك رأسك، وَإِذا نمت كاد أن يصيب طرفيك، قال: فكأنك كنت في نفسي.
وكان عطاؤه خمسة آلاف، فإذا خرج عطاؤه فرقه، وأكل من كسب يده وكان يسف الخوص.
وهو الذي أشار عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بحفر الخندق لما جاءت الأحزاب، فلما أمر رَسُول اللَّهِ بحفره احتج المهاجرون والأنصار في سلمان، وكان رجلًا قويًا، فقال المهاجرون: سلمان منا، وقال الأنصار: سلمان منا، فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سلمان منا أهل البيت ".
وروى عنه ابن عباس، وأنس، وعقبة بْن عامر، وَأَبُو سَعِيد، وكعب بْن عجرة، وَأَبُو عثمان النهدي، وشرحبيل بْن السمط، وغيرهم.
أخبرنا أَبُو مَنْصُورِ بْنُ السِّيحِيِّ، أخبرنا أَبُو الْبَرَكَاتِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَمِيسٍ، أخبرنا أَبُو نَصْرِ بْنُ طَوْقٍ، أخبرنا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْمُرَجَّى، أخبرنا أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ، أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حدثنا جَرِيرٌ، عن مَنْصُورٍ، عن إِبْرَاهِيمَ، عن عَلْقَمَةَ، عن قَرْثَعٍ الضَّبِّيِّ، عن سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هَلْ تَدْرِي مَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ؟ " قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: " هُوَ الَّذِي جَمَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ أَبَاكُمْ، أَوْ أَبَاكَ، آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ، مَا مِنْ عَبْدٍ يَتَطَهَّرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ يَأْتِي الْجُمُعَةَ لا يَتَكَلَّمُ، حَتَّى يَقْضِيَ الإِمَامُ صَلاتَهُ، إِلا كَانَ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا " وتوفي سنة خمس وثلاثين، في آخر خلافة عثمان، وقيل: أول سنة ست وثلاثين، وقيل: توفي في خلافة عمر، والأول أكثر.
قال العباس بْن يَزِيدَ: قال أهل العلم: عاش سلمان ثلثمائة وخمسين سنة، فأما مائتان وخمسون فلا يشكون فيه.
قال أَبُو نعيم: كان سلمان من المعمرين، يقال: إنه أدرك عِيسَى بْن مريم، وقرأ الكتابين، وكان له ثلاث بنات: بنت بإصبهان، وزعم جماعة أنهم من ولدها، وابنتان بمصر.
أخرجه الثلاثة.

أسد الغابة في معرفة الصحابة - عز الدين ابن الأثير.

 

 

سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْبَلَدِيُّ، نا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسَ، نا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَدِيعَةَ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَتَنَظَّفُ بِمَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ وَيَمَسُّ مِنْ طِيِبِ بَيْتِهِ ثُمَّ يَرُوحُ فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى»

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْمُثَنَّى بْنِ مُعَاذٍ، نا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ الذَّارِعُ، نا فَايِدٌ أَبُو الْعَوَّامِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْجَرَادِ فَقَالَ: «ذَلِكَ أَكْثَرُ جُنُودِ اللَّهِ لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ»

-معجم الصحابة - أبي الحسين عبد الباقي بن قانع البغدادي-

 

 

سلمان الفارسيّ: صحابي: من مقدميهم. كان يسمي نفسه سلمان الإسلام. أصله من مجوس أصبهان. عاش عمرا طويلا، واختلفوا فيما كان يسمى به في بلاده. وقالوا: نشأ في قرية جيان، ورحل إلى الشام، فالموصل، فنصيبين، فعمورية، وقرأ كتب الفرس والروم واليهود، وقصد بلاد العرب، فلقيه ركب من بني كلب فاستخدموه، ثم استعبدوه وباعوه، فاشتراه رجل من قريظة فجاء به إلى المدينة.
وعلم سلمان بخبر الإسلام، فقصد النبي صلى الله عليه وسلم بقباء وسمع كلامه، ولازمه أياما.وأبي أن (يتحرر) بالإسلام، فأعانه المسلمون على شراء نفسه من صاحبه. فأظهر إسلامه. وكان قويّ الجسم، صحيح الرأي، عالما بالشرائع وغيرها. وهو الّذي دلّ المسلمين على حفر الخندق، في غزوة الأحزاب، حتى اختلف عليه المهاجرون والأنصار، كلاهما يقول: سلمان منا، فقال رسول الله: سلمان منها أهل البيت! وسئل عنه عليّ فقال: امرؤ منا وإلينا أهل البيت، من لكم بمثل لقمان الحكيم، علم العلم الأول والعلم الآخر، وقرأ الكتاب الأول والكتاب الآخر، وكان بحرا لا ينزف. وجعل أميرا على المدائن، فأقام فيها إلى أن توفي. وكان إذا خرج عطاؤه تصدّق به. ينسج الخوص ويأكل خبز الشعير من كسب يده. له في كتب الحديث 60 حديثا. ولابن بابويه القمي كتاب (أخبار سلمان وزهده وفضائله) ومثله للجلودي .

-الاعلام للزركلي-

له ترجمة في كتاب مشاهير علماء الأمصار وأعلام فقهاء الأقطار - محمد بن حبان، أبو حاتم، الدارمي، البُستي (المتوفى: 354هـ).