زين الدين عبد الباسط بن خليل بن إبراهيم الدمشقي
تاريخ الولادة | 784 هـ |
تاريخ الوفاة | 854 هـ |
العمر | 70 سنة |
مكان الولادة | دمشق - سوريا |
مكان الوفاة | القاهرة - مصر |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
عبد الباسط بن خَلِيل بن إبراهيم الدمشقي ثمَّ القاهري
قَالَ السخاوي هُوَ أول من سمي بِعَبْد الباسط ولد سنة 784 أَربع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَنَشَأ فِي خدمَة كَاتب سرها مُحَمَّد ين مُوسَى بن مُحَمَّد الشهَاب مَحْمُود واختص بِهِ ثمَّ اتَّصل بالمؤيد شيخ حِين كَانَ نَائِبا بِدِمَشْق ولازمه حَتَّى قدم مَعَه إلى الديار المصرية فَلَمَّا تسلطن الْمُؤَيد أعطَاهُ نظر الخزانة وَالْكِتَابَة بهَا وسلك مَسْلَك عُظَمَاء الدولة فِي الحشم والخدم والمماليك من سَائِر الأجناس والندماء وَرُبمَا ركب بالسرج الذَّهَب وَالسُّلْطَان زَائِد الإقبال عَلَيْهِ والتقريب لَهُ وتكرر نُزُوله غير مرّة فتزايدت وجاهته بذلك كُله وَزَاد تعاظمه حَتَّى صَار لَا يسلم على أحد الا نَادرا فمقتته الْعَامَّة واسمعوه الْمَكْرُوه كَقَوْلِهِم ياباسط خُذ عَبدك فَشَكَاهُمْ إلى الْمُؤَيد فتوعدهم بِكُل سوء فأخذوا فِي قَوْلهم يَا جبال يَا رمال يَا الله يَا لطيف فَلَمَّا طَال ذَلِك عَلَيْهِ الْتفت اليهم بِالسَّلَامِ وخفض الْجنَاح فَسَكَتُوا عَنهُ واحبوه وَلَا يزَال يترقى إلى أَن أثرى جداً وَأَنْشَأَ القيسارية الْمَعْرُوفَة بالباسطية وَعمر الاملاك الجليلة ثمَّ صَار فِي دولة السُّلْطَان ططر نَاظر الْجَيْش عوضاً عَن الْكَمَال بن البارزي فِي سَابِع ذي الْقعدَة سنة 824 فَلَمَّا اسْتَقر السُّلْطَان الأشرف بَالغ فِي التَّقَرُّب إليه بالتقادم والتحف وَفتح لَهُ أبواباً فِي جَمِيع الأموال فَزَاد اخْتِصَاصه بِهِ وَصَارَ هُوَ الْمعول عَلَيْهِ وأضاف إليه الوزارة والأستاذ داريه فسدهما بِنَفسِهِ وَبَعض خدمه إلى أَن مَاتَ الأشرف وَاسْتقر ابْنه الْعَزِيز وَكَانَ من أعظم القائمين فِي سلطنته ثمَّ صَارَت السلطنة إلى السُّلْطَان جقمق فَخلع عَلَيْهِ باستمراره فِي نظر الْجَيْش ثمَّ قبض عَلَيْهِ وحبسه وَطلب مِنْهُ ألف ألف دِينَار فتلطف بِهِ الْكَمَال بن البارزي وَغَيره من أَعْيَان الدولة حَتَّى صَارَت إلى ثَلَاث مائَة ألف دِينَار ثمَّ أطلق وَأمر بالتوجه إلى الْحجاز فسافر بعد أَن خلع عَلَيْهِ وعَلى عِيَاله وحواشيه فِي ثامن شهر ربيع الآخر سنة 843 فأقام بِمَكَّة سنة ثمَّ رَجَعَ مَعَ الركب الشامي إلى دمشق امتثالاً لما أَمر بِهِ فَأَقَامَ بهَا سِنِين وزار مِنْهَا بَيت الْمُقَدّس وأرسل بهدية من هُنَاكَ إلى السُّلْطَان ثمَّ قدم الْقَاهِرَة فَكَانَ يَوْمًا مَشْهُورا وخلع عَلَيْهِ وعَلى أَوْلَاده ثمَّ أرسل بتقدمة هائلة وَعَاد إلى دمشق بعد أَن أنعم عَلَيْهِ السُّلْطَان بأمرة عشْرين بهَا ثمَّ بعد سِنِين عَاد إلى الْقَاهِرَة مستوطناً لَهَا ثمَّ حج وَعَاد فَأَقَامَ قَلِيلا وَمَات يَوْم الثُّلَاثَاء رَابِع شَوَّال سنة 854 أَربع وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَكَانَ رَئِيسا محتشماً سائساً كَرِيمًا وَاسع الْعَطاء ممدوحاً محبا للْعُلَمَاء مفضلا عَلَيْهِم وَكَانَ الْحَافِظ ابْن حجر من جملَة من اتَّصل بِهِ وَهُوَ الذي ذكره في فتح الباري لما ذكر كسْوَة الْكَعْبَة حَيْثُ قَالَ وَلم يزل الْمُلُوك يتداولون كسوتها إلى ان وقف عَلَيْهَا الصَّالح إسماعيل بن النَّاصِر فِي سنة 743 قَرْيَة من ضواحي الْقَاهِرَة يُقَال لَهَا بيسوس كَانَ اشْترى الثُّلثَيْنِ مِنْهَا من وَكيل بَيت المَال ثمَّ وَقفهَا على هَذِه الْجِهَة قَالَ وَلم تزل تُكْسَى من هَذَا الْوَقْف إلى سلطنة الْمُؤَيد شيخ فكساها من عِنْده سنة لضعف وَقفهَا ثمَّ فوض أمرهَا إلى بعض أمنائه وَهُوَ القاضي زين الدَّين عبد الباسط بسط الله في رزقه وعمره فَبَالغ في تحسينها بِحَيْثُ يعجز الواصف عَن وصف حسنها جزاه الله على ذَلِك أفضل المجازاة انْتهى وَمن غرائب مَا اتفق لصَاحب التَّرْجَمَة أَن جَوْهَر القيقباي رام ان يخْدم عِنْده فَمَا وَافق ثمَّ ترقى حَتَّى صَار صَاحب التَّرْجَمَة خاضعاً لَهُ مَاشِيا فِي أغراضه رَاضِيا وكارهاً وَكَذَلِكَ أحضرت أم الْعَزِيز إلى صَاحب التَّرْجَمَة ليشتريها قبل وصولها إلى الْأَشْرَف فَامْتنعَ فَصَارَت إلى الْأَشْرَف وحظيت عِنْده فَصَارَ المترجم لَهُ يمشي فِي خدمتها وَسَار مَعهَا إِلَى مَكَّة يخدمها وَرُبمَا مَشى وَهَذَا شَأْن هَذِه الدُّنْيَا
البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع - لمحمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني
عبد الباسط بن خليل بن إبراهيم، زين الدين الدمشقيّ ثم القاهري: أول من سمّي (عبد الباسط) . ولد وتعلم في دمشق، وانتقل إلى القاهرة، فكان ناظر الخاصة والكتابة، في أيام السلطان المؤيد (شيخ) ومن بعده إلى أيام جقمق. ونكبه هذا وأبعده إلى الحجاز. ثم عاد إلى دمشق، وإلى القاهرة ثانية، وتوفي بها. أثنى عليه السخاوي، وقال: له من المآثر بأقطار الأرض ما يفوق الوصف، من ذلك مدارس في كل من المساجد الثلاثة (بمكة والمدينة والقدس) وفي دمشق وغزة والقاهرة. وللشعراء فيه مدائح .
-الاعلام للزركلي-
عبد الباسط بن خَلِيل / وَاخْتلف فِيمَن بعده فَقيل إِبْرَاهِيم وَهُوَ الْمُعْتَمد وَقيل يَعْقُوب كَمَا أثْبته شَيْخي بِخَطِّهِ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين من أنبائه الزين الدِّمَشْقِي ثمَّ القاهري وَهُوَ أول من تسمى بعيد الباسط. ولد سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَنقل عَنهُ أَنه فِي سنة تسعين أَو الَّتِي قبلهَا وَالْأول أشبه بِدِمَشْق وَنَشَأ بهَا فِي خدمَة كَاتب سرها الْبَدْر مُحَمَّد بن مُوسَى بن مُحَمَّد بن الشهَاب مَحْمُود واختص بِهِ ثمَّ اتَّصل من بعده بشيخ حِين كَانَ نَائِبا بِدِمَشْق وَلم يَنْفَكّ عَنهُ حَتَّى قدم مَعَه الديار المصرية بعد قتل النَّاصِر فرج وسلطنة المستعين بِاللَّه فَلَمَّا تسلطن شيخ ولقب الْمُؤَيد أعطَاهُ نظر الخزانة وَالْكِتَابَة بهَا ودام فِيهَا مُدَّة اشْترى فِي أَثْنَائِهَا بَيت تنكز فأصلحه وكمله وَجعله سكنا لَهُ هائلا واستوطنه وَكَذَا عمر تجاهه مدرسة بديعة انْتَهَت فِي أَوَاخِر سنة ثَلَاث وَعشْرين وسلك طَرِيق عُظَمَاء الدولة فِي الحشم والخدم والمماليك من سَائِر الْأَجْنَاس والندماء وَرُبمَا ركب بالسرج الذَّهَب والكنبوش الزركش وَالسُّلْطَان زَائِد الاصغاء إِلَيْهِ والتقريب لَهُ حَتَّى أَنه يَخُصُّهُ بِالْخلْعِ السّنيَّة السمور وَغَيرهَا زِيَادَة على منصبه بل تكَرر نُزُوله لَهُ غير مرّة فتزايدت وجاهته بذلك كُله وَصَارَ لَا يسلم على أحد إِلَّا نَادرا فَالْتَفت إِلَيْهِ الْعَامَّة بالتمقت واسماع الْمَكْرُوه كَقَوْلِهِم يَا باسط خُذ عَبدك فَلم يَحْتَمِلهُمْ وشكاهم إِلَى الْمُؤَيد فتوعدهم بِكُل سوء إِن لم ينكفوا فَأخذُوا فِي قَوْلهم يَا جبال يَا رمال يَا الله يَا لطيف فَلَمَّا طَال ذَلِك عَلَيْهِ الْتفت إِلَيْهِم بِالسَّلَامِ وخفض الْجنَاح فَسَكَتُوا عَنهُ وأحبوه وَلَا زَالَ يترقى إِلَى أَن أثرى جدا وَعمر الْأَمْلَاك الجليلة وَأَنْشَأَ القيسارية الْمَعْرُوفَة بالباسطية دَاخل بَاب زويلة وَكَانَ فَيْرُوز الطواشي قد شرع فِيهَا مدرسة فَلم يتهيأ إكمالها كل ذَلِك وَهُوَ كَاتب الخزانة وناظر المستاجرات السُّلْطَانِيَّة بِالشَّام والقاهرة إِلَى أَن اسْتَقر بِهِ الظَّاهِر ططر فِي نظر الْجَيْش عوضا عَن الكمالي ابْن الْبَارِزِيّ فِي سَابِع ذِي الْقعدَة سنة أَربع وَعشْرين فَلَمَّا اسْتَقر الاشرف بَالغ فِي التَّقْرِيب بالتقادم والتحف وَفتح لَهُ أبوابا فِي جَمِيع الْأَمْوَال وَأَنْشَأَ العمائر فَزَاد اخْتِصَاصه بِهِ وَصَارَ هُوَ الْمعول عَلَيْهِ والمشار فِي دولته إِلَيْهِ مَعَ كَونه لم يسلم غَالِبا من معاند لَهُ عِنْده كالدوادار الثَّانِي جَانِبك والبدري بن مزهر وجوهر القنقباي إِلَّا أَن مزِيد خدمته بِنَفسِهِ وَبِمَا يجلبه إِلَيْهِ بل وَإِلَى من شَاءَ الله مِنْهُم قاهرة لَهُم، وأضيف إِلَيْهِ أَمر الْوزر والاستادارية فسدهما بِنَفسِهِ وببعض خدمه إِلَى أَن مَاتَ الْأَشْرَف وَاسْتقر ابْنه الْعَزِيز، وَكَانَ من أعظم القائمين فِي سلطنته وَمَعَ ذَلِك فأهين من بعض الخاصكية الأشرفية بالْكلَام وَاحْتَاجَ إِلَى الانتماء إِلَى الأتابك جقمق، وَلم يلبث أَن صَار الْأَمر إِلَيْهِ فَخلع عَلَيْهِ باستمراره فِي نظر الْجَيْش ثمَّ قبض عَلَيْهِ وحبسه بالمقعد على بَاب البحرة المطل على الحوش من القلعة فِي ثامن عشري ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وصمم على أَخذ ألف ألف دِينَار فتلطف بِهِ صهره الكمالي بن الْبَارِزِيّ وَغَيره من أَعْيَان الدولة حَتَّى صَارَت إِلَى ثلثمِائة ألف دِينَار فِيمَا قيل وَأخذ مِنْهُ قِطْعَة قيل انها من نعل الْمُصْطَفى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعْدَمَا نقل إِلَى البرج بالقلعة وأهين بِاللَّفْظِ غير مرّة ثمَّ أطلق ورسم لَهُ بالتوجه إِلَى الْحجاز فَأخذ فِي التجهز لذَلِك وسافر بعد أَن خلع عَلَيْهِ وعَلى عتيقه جَانِبك الاستادار هُوَ وَبَنوهُ وَعِيَاله وحواشيه فِي ثامن عشر ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين فَأَقَامَ بِمَكَّة إِلَى موسم سنة أَربع فحج وَرجع مَعَ الركب الشَّامي إِلَى دمشق امتثالا لما أَمر بِهِ فَأَقَامَ بهَا سنيات وزار فِي أَوَائِل صفرها بَيت الْمُقَدّس وَأرْسل بهديته من هُنَاكَ إِلَى السُّلْطَان ثمَّ قدم الْقَاهِرَة فَكَانَ يَوْمًا مشهودا وخلع عَلَيْهِ وعَلى أَوْلَاده وَنزل لداره ثمَّ أرسل بتقدمة هائلة وَاسْتمرّ إِلَى أَن عَاد لدمشق بعد أَن أنعم عَلَيْهِ فِيهَا بإمرة عشْرين ثمَّ بعد سِنِين عَاد إِلَى الْقَاهِرَة مستوطنا لَهَا وَفِي أثْنَاء استيطانه حج رجبيا فِي سنة ثَلَاث وَخمسين فَكَانَ ابْتِدَاء سيره فِي شعبانها فوصل إِلَى الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة فزار أَولا ثمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّة فَأَقَامَ بهَا حَتَّى حج ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْقَاهِرَة بِدُونِ زِيَارَة وَكَانَ دُخُوله لَهَا فِي حادي عشر الْمحرم سنة أَربع وَخمسين فَأَقَامَ بهَا قَلِيلا ثمَّ تمرض أشهرا، وَمَات غرُوب يَوْم الثُّلَاثَاء رَابِع شوالها وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد بمصلى بَاب النَّصْر وَدفن بتربته الَّتِي أَنْشَأَهَا بالصحراء فِي قبر عينه لنَفسِهِ وَأسْندَ وَصيته لقَاضِي الْحَنَابِلَة الْبَدْر الْبَغْدَادِيّ وَغَيره وَعين لَهُ ألف دِينَار يفرقها ولنفسه الشّطْر مِنْهَا فَفرق ذَلِك بِحَضْرَة وَلَده على بَاب منزله وَضبط تركته أحسن ضبط ونفذت سَائِر وَصَايَاهُ رَحمَه الله وإيانا، وَكَانَ إنْسَانا حسن الشكالة نير الشيبة متجملا فِي ملبسه ومركبه وحواشيه إِلَى الْغَايَة وافر الرياسة حسن السياسة كَرِيمًا وَاسع الْعَطاء اسْتغنى بالانتماء إِلَيْهِ جمَاعَة رَاغِبًا فِي المماجنة بِحَضْرَتِهِ وَلَو زَادَت على الْحَد غَايَة فِي جودة التَّدْبِير ووفور الْعقل حَتَّى كَانَ شَيخنَا فِي أَيَّام محنته يكثر الِاجْتِمَاع بِهِ ليستروح بمحادثته وَينْتَفع باشارته وَكَذَا كَانَ عَظِيم الدولة الجمالي نَاظر الْخَاص مِمَّن يتَرَدَّد لبابه ويتلذذ بمتين خطابه وَله من المآثر والقرب المنتشرة بأقطار الأَرْض مَا يفوق الْوَصْف فَمن ذَلِك بِكُل من الْمَسَاجِد الثَّلَاثَة وبدمشق وغزة والقاهرة مدرسة وَالَّتِي بِالْقَاهِرَةِ وَهِي كَمَا قدمت تجاه منزله بِخَط الكافوري أجلهَا وَأصْلح كثيرا من مسالك الْحجاز ورتب سَحَابَة تسير فِي كل سنة من كل من دمشق والقاهرة إِلَى الْحَرَمَيْنِ ذَهَابًا وإيابا برسم الْفُقَرَاء والمنقطعين وَحج وَهُوَ نَاظر الْجَيْش مرَّتَيْنِ وَأحسن فيهمَا بل وَفِيمَا بعدهمَا من الحجات لأهلهما إحسانا كثيرا، وَكَذَا دخل حلب غير مرّة وَلذَا تَرْجمهُ ابْن خطيب الناصرية فِي ذيله لتاريخها وَوَصفه فِي أَيَّام عزه بمزيد إحسانه للخاص وَالْعَام ومحبة الْعلمَاء والفقراء والصلحاء والاحسان إِلَيْهِم وَالْمُبَالغَة فِي إكرامهم والتنويه بِذكر الْعلمَاء والصلحاء عِنْد السُّلْطَان وَقَضَاء حوائج النَّاس مَعَ إحسانه هُوَ إِلَيْهِم حَتَّى سَار ذكره واشتهر إحسانه وخيره وَصَارَ فَردا فِي رُؤَسَاء مصر وَالشَّام ملْجأ للنَّاس مُتَّصِلا إحسانه بِمن يعرفهُ وَمن لَا يعرفهُ وَمَا قَصده أحد إِلَّا وَرجع بمأموله من غير تطلع مِنْهُ لمَال وَنَحْوه وللشعراء فِيهِ مدائح ثمَّ أورد من ذَلِك ارجوزة للشمس أبي عبد الله مُحَمَّد ابْن الباعوني أخي الْبُرْهَان إِبْرَاهِيم شيخ خانقاه بالجسر الْأَبْيَض من صالحية دمشق ستأتي الاشارة إِلَيْهَا فِي تَرْجَمَة الْمَذْكُور إِن شَاءَ الله وَلما ذكر شَيخنَا فِي فتح الْبَارِي كسْوَة الْكَعْبَة وَإنَّهُ لم يزل الْمُلُوك يتداولون كسوتها إِلَى أَن وقف عَلَيْهَا الصَّالح إِسْمَاعِيل بن النَّاصِر فِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة قَرْيَة من ضواحي الْقَاهِرَة يُقَال لَهَا بيسوس كَانَ اشْترى الثُّلثَيْنِ مِنْهَا من وَكيل بَيت المَال ثمَّ وَقفهَا على هَذِه الْجِهَة فاستمر قَالَ مَا نَصه: وَلم تزل تكسي من هَذَا الْوَقْف إِلَى سلطنة الْمُؤَيد شيخ فكساها من عِنْده سنة لضعف وَقفهَا ثمَّ فوض وأمرها إِلَى بعض أمنائه وَهُوَ القَاضِي زين الدّين عبد الباسط بسط الله فِي رزقه وعمره فَبَالغ فِي تحسينها بِحَيْثُ يعجز الواصف عَن صفة حسنها جزاه الله تَعَالَى عَن ذَلِك أفضل المجازاة انْتهى. وناهيك بِهَذَا جلالة. وَلما قدم ابْن الْجَزرِي الْقَاهِرَة أنزلهُ بمدرسته وَحضر مَجْلِسه يَوْم الْخَتْم، وَأَجَازَ لَهُ وَكَذَا سمع على الْبُرْهَان الْحلَبِي وَشَيخنَا وَغَيرهم، وَخرجت لَهُ عَنْهُم حَدِيثا كَانَ سَأَلَ عَنهُ وبينت لَهُ الْأَمر فِيهِ فابتهج وسر وَزَاد فِي الاكرام والاحترام كَمَا شرحته فِي مَحل آخر. وَمن الْغَرِيب ان جَوْهَر القنقباي الَّذِي ترقى فِي الْعِزّ إِلَى غَايَة لَا تخفى كَانَ رام بعد أستاذه ابْن الكويز أَن يخْدم عِنْد صَاحب التَّرْجَمَة فَمَا وَافق فتوصل لخدمة الْأَشْرَف حَتَّى صَار إِلَى مَا صَار بِحَيْثُ صَار صَاحب التَّرْجَمَة خاضعا لَهُ مَاشِيا فِي أغراضه حَتَّى فِيمَا يكرههُ مَعَ إغراء جَوْهَر للسُّلْطَان عَلَيْهِ وافتراء الْكثير مِمَّا يقرره لَدَيْهِ وَكَذَا أحضرت لَهُ أم الْعَزِيز قبل وصولها إِلَى الْأَشْرَف ليشتريها فَامْتنعَ فَصَارَت بعد إِلَى الْأَشْرَف وحظيت عِنْده بِحَيْثُ سَافر الزيني فِي خدمتها إِلَى مَكَّة وَرُبمَا مَشى بَين يَدي محفتها فسبحان الفعال لما يُرِيد.
ـ الضوء اللامع لأهل القرن التاسع.