أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن عثمان الزناتي: المعروف بالحنفي ولد بها وهو من أعيانها وارتحل للمشرق فدرس بدمشق مدة ثم انتقل للموصل فانتحل مذهب أبي حنيفة واشتغل به حتى صار إماماً فيه واشتهر بالنسبة إليه بالحنفي فلا يعرف بإفريقية إلا بذلك ولم يكن في تلك الأعصر كلها ببلاد إفريقية حنفي ولما رجع من المشرق لزم المنستير المتعبد المشهور بالفضل تحت جراية من الأمير أبي زكرياء الحفصي وكان له به حسن ملاقاة وحدث عنه أشياخنا الذين أخذوا عنه منهم أبو يحيى بن عبد الكريم الصدفي وأبو عبد الله محمد بن أبي القاسم القيسي الأزدي وأبو زيد عبد الرحمن الأسيدي المعروف بابن الدباغ سنة 628 هـ بأحاديث مسلسلة منها حديث "الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا مَن في الأرض يرحمكم مَن في السماء" وحديث أنس في المصافحة وحديث ابن مسعود في التشهد وأحاديث آخر من مسلسلات أبي الحسن علي المقدسي وكانت وفاته في صفر سنة 655 هـ قلت: لعله المقبور داخل المنستير على قبره قبة يعرف بأبي بكر الحنفي ومكتوب بالتابوت الذي على قبره محمد شهر أبو بكر الحنفي معروف عند الأهالي بإجابة السماء عنده وجرى العمل قديماً وحديثاً أن الخصماء إذا عجز أحدهم عن إثبات دعواه يطلب يمين خصمه ويطلب وقوعها بالضريح المذكور تغليظاً ويمكّن من ذلك.
شجرة النور الزكية في طبقات المالكية _ لمحمد مخلوف.