إبراهيم بن أحمد

جمال الدين إبراهيم بن أحمد

تاريخ الوفاة756 هـ
مكان الوفاةالقاهرة - مصر
أماكن الإقامة
  • الكرك - الأردن

نبذة

الرئيس الكبير جمال الدين، رئيس الأطباء بالديار المصريّة، المعروف بابن المغربي، وسيأتي ذكر والده إن شاء الله تعالى في مكانه. لم يكن لأحدٍ مكانه عند السلطان الملك الناصر، ولا عُقدت على مثل سعادته الخناصر، يدخل إلى السلطان في كل يومٍ على الشمع، فيشتمل عليه بالبصر، ويصغي إليه بالسمع،

الترجمة

إبراهيم بن أحمد القاضي
الرئيس الكبير جمال الدين، رئيس الأطباء بالديار المصريّة، المعروف بابن المغربي، وسيأتي ذكر والده إن شاء الله تعالى في مكانه.
لم يكن لأحدٍ مكانه عند السلطان الملك الناصر، ولا عُقدت على مثل سعادته الخناصر، يدخل إلى السلطان في كل يومٍ على الشمع، فيشتمل عليه بالبصر، ويصغي إليه بالسمع، ويحكي له ما جرى في بارحته عند الحريم، وما اتفق له مع آرامِ وجرة وغزلان الصريم، ويُفضي إليه بأسرارٍ لا يُودعُها سواه، ويقضي له كل ما وافق آفاق غرضه ولاءم ولائم هواه.
وكان فخر الدين ناظرُ الجيش يضيق منه ذرعُه، ويذوي من سُموم تعديه عليه زرعه.
وكانت إشاراته عند سائر أهل الدولة مقبولة، وطباعُهم على ما يراه من العزل والولاية مقبولة، وقل أن يكونَ يومُ خدمة وما عليه تشريف، ولا لهُ فيه أمرٌ في تجدد السعد ولا تصريف.

وحاول جماعة ممن هو قريب من السلطان إبعاده، وتعبَ كلّ منهم فما بلغه الله قصده ولا أتم له مراده:
إذا أنت أعُطيت السعادةَ لم تُبَل ... ولو نظرت شزراً إليك القبائلَ
ولم يزل على حالهِ إلى أن حشرج، ولم يكن له من ذلك الضّيق مخرج، ووصل الخبرُ إلى دمشق بوفاته في أواخرِ ذي القعدةِ سنة ست وخمسين وسبع مئة.
وكان مليحَ الوجهِ ظريف اللباس، متمكناً من السلطان، أراد القاضي شرف الدين النشو أن يُنزله من عين السلطان بكل طريق فلم يتجه له فيه عمل، فعمل أوراقاً بما على الخاصَ من الدّيون من زمان من تقدمه وذكر فيه جملاً كثيرة باسم القاضي جمال الدين ابن المغربي، من ثمن رصاصٍ وبرّ وحرير وغيره، ودخل وقرأ الأوراق على السلطان، ليعلم أنّ له أموالاً متّسعة يتكسّب فيها ويتّجرُ على السلطان، وأعاد ذكر جمال الدين مرّات، فما زاد السلطانُ على أن قال: هذا القاضي جمالُ الدين، لا تؤخر له شيئاً أطلع الساعة وادفع له جميع مالهِ.
وكان قد توجه مع السلطان إلى الكرك، وأقام عنده يخدم حريمه، وحظاياه وخواصّه من مماليكه وجواريه في أمراضهم.
وكان يدخل إليه كلّ يوم على الشمع قبل كل ذي وظيفة راتبة من أرباب الأقلام، ويسأل عن مزاج السلطان وأحواله وأعراضه في ليلته، ثم في بقية أمراض الدور والحريم والأولاد، ويسأله عن أحوال المدينة وما تجدد فيها وما لعله لوالٍ أو أمير أو قاض أو مُحتسب إلى غيرهم من الرعايا، فيُطلعه على ما عنده ويسمعه السلطانُ منه قبل الناس كلهم، وصار لذلك يُخشى ويرجى، ولا يقدرُ أحد يردُّ له شفاعة، وقل أن يمرَ يومَ خدمةٍ وما رأيته قد لبس فيه تشريفاً إمّا من جهة السلطان، أو من جهة الدّور الدولة الكبار، أو من جهة السلطان، أو من جهة بنات السلطان، أو من جهة أمراء الدولة الكبار، أو من جهة خاصكية السلطان، وهذا أمر زائد عن الحد، هذا إلى ماله من المعلوم الوافر، وأنواع الرواتب، وكل من يُزكى في الطب بالشام ومصر، وما له من الأملاك والمتاجر، ولعل هذا لم يتفق لغيره، ولا في المدة، ولا في المادة، ومع ذلك فكان مُقتصداً في نفقته على نفسه وعلى عياله، فما كان في مصر إلا قارون هذا القرن: " ورحمة ربك خيرٌ مما يجمعون ".


أعيان العصر وأعوان النصر- صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي (المتوفى: 764هـ).