قطرب
روى عنه محمد بن الجهم، وكان يذهب إلى مذهب المعتزلة، ولما صنف كتابه في التفسير أراد أن يقرأه في الجامع، فخاف من العامة وإنكارهم عليه؛ لأنه ذكر فيه مذهب المعتزلة، فاستعان بجماعة من أصحاب السلطان ليتمكن من قراءته بالجامع.
وله من التصانيف كتاب "معاني القرآن"، وكتاب "غريب الحديث"، وكتابه "الصفات"، وكتاب "الأصوات"، وكتاب "الاشتقاق"، وكتاب "النوادر"، وكتاب "القوافي"، وكتاب "الأزمنة"، وكتاب "المثلث"، وكتاب "العلل في النحو"، إلى غير ذلك.
وتوفي سنة ست ومائتين، في خلافة المأمون.
نزهة الألباء في طبقات الأدباء - لكمال الدين الأنباري.
محمد بن المستنير، أبو علي البصريّ المعروف بقطرب:
أحد العلماء بالنحو واللغة، أخذ عن سيبويه، وعن جماعة من علماء البصريين، ويقال إن سيبويه لقبة قطربا لمباكرته إياه في الأسحار، قَالَ له يوما: ما أنت إلا قطرب ليل. والقطرب دويبة تدب ولا تفتر. نزل قطرب بغداد وسُمِعَ منه بها أشياء من تصانيفه، وروى عنه محمد بن الجهم السِّمَّرِيُّ، وكان موثقا فيما يحكيه، وبلغني أنه مات في سنة ست ومائتين
ــ تاريخ بغداد وذيوله للخطيب البغدادي ــ.
أَبُو عَليّ مُحَمَّد بن المستنير قُطرب
وَيُقَال: إِنَّه إِنَّمَا سُمي قُطرباً لقَوْل سِيبَوَيْهٍ، وَكَانَ يخرج بالأسحار
فيجده على بَابه حَرِيصًا على التَّعَلُّم: إِنَّمَا أَنْت قُطرب ليل.
وَهُوَ مولى سلم بن زِيَاد.
وَأخذ النَّحْو عَن سِيبَوَيْهٍ.
وَله " كتاب فِي الْقُرْآن "، حسن كثير الْفَوَائِد.
وَله كتاب فِي النَّحْو يُلقَّب ب " الجماهير "، وَكَانَ سَبَب تصنيف هَذَا الْكتاب أَن الرشيد قَالَ لَهُ يَوْمًا: كَيفَ تُصَغِّرُ الدُنيا؟
فَقَالَ: هِيَ مصغرة يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ.
فَقَالَ لَهُ: اعْمَلْ كتابا لعبد الله وَمُحَمّد، فَإِنَّهُمَا من أحْوج الورى إِلَيْهِ.
فعمله، وَلَيْسَ بالطائل.
وَكَانَ من تلاميذه الْمَعْرُوف بِأبي الْقَاسِم المُهبلَّي، فَجعل لَهُ مَالا على أَن يقدمهُ على نَفسه فِي شعر لقَوْله:
ذَا مَا أقَرَّ بِهِ قُطْرُبٌ ... عَلَى نفسِهِ لأبي الْقِاسم
وأشْهَد هُوداً وجَهْماً عليْهِ ... وأشْهَدَ غَزْوَانَ مَعْ عاصِمِ
بأنْ قَالَ قد بَذَّنِي فِي الْقِياسِ ... وصَيَّرْتُ فِي يَدِه خَاتِمِي
فأعْلَمُ بالنَّحْوِ مِن سِيبَوَيْه ... وأجْوَدُ بالمالِ مِن حاتِمِ
بَدِيهَتُه عندَ رَدِّ الجَوابِ ... يزيدُ علَى فِكْرَةِ العالمِ
فصِرْتُ علَى السِّنِّ تِلْميذَهُ ... وأضْحَى أَبُو قَاسمٍ عالِمِي
تاريخ العلماء النحويين من البصريين والكوفيين وغيرهم-لأبو المحاسن المفضل
محمد بن المستنير أبي علي المعروف بقطرب النحوي أخذ عن سيبويه، وعن جماعة من علماء البصريين، وروى عنه محمد بن الجهم السمري. قال ثعلب: كان قطرب معتزليا، يقول بالقدر، نقله أبي عمر الزاهد، وَغيره عن ثعلب، وذكر عند ثعلب مرة فهجنه ولم يوثقه، (ت: 206ه).
ينظر: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: 4/480، وانباه الرواة على انباه النحاة لأبي الحسن القفطي: 3/219، ولسان الميزان لابن حجر العسقلاني: 7/502.
محمد بن المستنير بن أحمد، أبو علي، الشهير بقطرب:
نحوي، عالم بالأدب واللغة، من أهل البصرة. من الموالي. كان يرى رأي المعتزلة النظامية. وهو أول من وضع (المثلث) في اللغة.
وقطرب لقب دعاه به أستاذه (سيبويه) فلزمه. وكان يؤدب أولاد أبي دلف العجليّ.
من كتبه (معاني القرآن) و (النوادر) لغة، و (الأزمنة - ط) نشر تباعا في مجلة المجمع العلمي العربيّ (المجلد الثاني) و (الأضداد - خ) و (خلق الإنسان) و (ما خالف فيه الإنسان البهيمية الوحوش وصفاتها - ط) و (غريب الحديث) . أما (المثلثات - ط) فمن نظم سديد الدين أبي القاسم عبد الوهاب بن الحسن ابن بركات المهلبي، ابتدأه بقوله: (نظمت مثلث قطرب في قصيدة قلتها أبياتا على حروف المعجم إلخ) .
-الاعلام للزركلي-
هو ابو عليّ محمد بن المستنير، أحد من اختلف إلى سيبويه وتعلم منه، ولم يقرأ كتابه عليه، وكان يدلج إليه، وإذا خرج رآه على بابه غدوةً وعشية، فقال له: ماأنت إلا قُطرب ايل! فلُقب به. - قال ابن دريد: قطرب وقطروب ذكر الغيلان. قال: ولغة أزدية يسمون الكلاب الصغار القطارب. وقال ثعلبٌ: القطرب دويبةٌ كثيرة الحركة وهو الصرار.
قال: يُروى عن النبي ﷺ: إنّ أحدكم جيفة ليل قطرب نهار! أي لايقوم بالليل لخير ولاصلاة ويتحرك بالنهار كهذه الدويبة.
قال: ولقطرب كتب كثيرة في اللغة والنحو والعروض ومعاني الشعر وغريب الحديث وكتاب في القرآن لم يسبقه إلى مثله أحدٌ.
وكان لقطرب ابنٌ مع أبي دلف، فحضر يوماً معه بعض الحروب، فجاءه سهم في رأسه، فحمل مغشياً عليه، فجمع له المتطببين وأمرهم بإخراج السهم من رأسه، فقالوا: إن أخرج السهم ولم يخالطه الدماغ عاش، وإن كان قد خالطه لم يعش. ففتح ابن قطرب عينه وقال: انزعةه! فلو كان في رأسي دماغٌ ماحضرتُ هذا الموضع. فقال أبو دلف من قصيدة " من الكامل ":
وليشكرن أبو عليٍ قطربٌ … مني يدا بيضاء غير عُقامِ
ردي عليه فتاهُ بعد ثوائه … رهناً لكل مهنَّدٍ قصام
في حيث لاتجدي عليه دفاترٌ … موسومةٌ برواقش الأقلام
لا النحو ينفعه ولا إتقانه … علم العروض ومذهب النظاَّم
ومن شعر قطرب " من البسيط ":
إن كنتَ لستَ معي فالذكرُ منك معي … قلبي يراك إذا ماغبتَ عن بصري
فالعينُ تُبصرُ من تهوى وتفقده … وناظرُ القلبِ لايخلو من الذكر
ويروى لقطرب في مرثية محمد بن منصور - وقيل لكُثير في عمر بن عبد العزيز وقيل لبعض الأعراب " من الكامل ":
لهفي عليك للهفةٍ من خائفِ … كنتَ المُجير لها وليس مجير
أمَّا القبور فإنهنّ أوانسٌ … بجوار قبرك والديارُ قبور
عَمَّتْ صنائعه فعَمَّ مُصابه … فالناسُ فيه كلُّهم مأجورُ
والناسُ مأتمُهمُ عليه واحدٌ … في كلّ دارٍ رنَّةٌ وزفيرُ
عمّت مصيبنهُ فصارت أسوةً … للناس كلهم فليس صبور
يُثني عليك لسانُ من لم توله … خيرا لأنك بالثناء جدير
ردَّت صنائعه عليه حياته … فكأنه من نشرها منشور
وقال في أعلام النبي صلى الله عليه وسل " من الطويل ":
حمدتُ إلهي وامتدحت نبيَّهُ … نبيَّ الهُدى الهادي وإياه أحمدُ
توحَّد فيه بالصنيعة إنه … بكلّ جميلٍ بادئٌ متوحدُ
إليكَ رسولَ الله منَّا تحيَّةٌ … وصلى عليك العابدُ المتهجدُ
فأنت رسول الله هادٍ ومهتدٍ … نبيُّ هُدى للأنبياءِ مؤيدُ
وقد قال حسّان وفي الشعر شاهدٌ … تجددهُ الأيامُ يُروى ويُنشدُ
أغرُّ عليه للنبوة خاتمٌ … من الله مشهورٌ يلوحُ ويشهدُ
وأعطاه من لفظ اسمه ليُجلَّهُ … فذو العرٍش محمود وهذا محمَّد
فقلتُ شبيهاً بالذي قال إنني … به مؤمنٌ حقّاً لربي موُحدُ
وضمَّ الإله اسم النبي إلى اسمه … إذا قال في الخمس المؤذنُ: أشهدُ
فلا يُقبل التوحيدُ إلا بذكره … ليقرنهُ عند النداء المُوحدُ
وماجاء يدعونا بغير دلالةٍ … ولكن بآيات تدلُّ وتشهدُ
سمعنا له منها بخمسين آية … سأذكرُ عنه بعضها وأجددُ
فمنها كلامُ الذئب للرجل الذي … رأى الذئب في أعناقه يتردَّدُ
عجبتُ لأخذي منك شاةً رزقتها … وهذا رسول الله يؤذى ويجحدُ
فخلَّى عن الشاة التي كان ضمَّها … وأقبلَ للإسلام يسعى ويحفدُ
دعا شجرا حتى يجامع مثله … فجاء يشقُ الأرض والأرض فدفَدُ
فضمَّهما حتى رأى الناسُ فعله … وردَّ التي جاءت إلى حيث يعهد
ومن ذاك جذعٌ حن شوقاً إلى الرضا … فما زال ساعات يميلً ويسند
وقد سمعوا صوتاً من الجذع بيتنا … فيا عجباً ممَّن يشكُ ويُلحدُ
ومن دون هذا حُجَّةٌ ودلالةٌ … كأن الذي يعدوهما يتعمدُ
ومن ذاك شاةٌ خلوة الضرع مسَّها … فدرَّت بغزرٍ حافلٍ يتزَّبدُ
فقام إليها الحالبان فأترعا … أوانيها والضرعُ ريَّانُ أبرْدُ
يدٌ مسَّت الأطباءُ وبوركت … مؤيدةً بالله وهو المؤيَّد
مطهرةً التركيب من كل آفةٍ … مباركةَ الأفعال ما مثلها يدُ
وسار إلى البيت المُدَّس ليلة … مسيرةَ شهرٍ واردٌ ليس يُطرد
يخبرُ بالعير التي في طريقه … ليوُقن أهل الشِرك ذاك فيسعد
مسيرة شهرٍ من تهامة ذاهباً … إليه وشهرٍ راجعاً حين يجهد
ومنا ذراعٌ مسَّها فتكلمت … تحذره من أكلها وتؤكد
وكانت ذراعاً قُدمت في طعامه … وقد سمَّها قومٌ لأحمدَ حُسَّدُ
وكان الذي قالت له: لاتمسنيَّ … ففيَّ سُمومٌ حَرُّها ليس يَبْردُ
فأمسك عنها والنبيُّ مؤيدٌ … يُوفقهُ ربٌّ رحيمٌ ويُرشدُ
ومن ذاك عينٌ جاد فيها بتفلةٍ … فأبصر من كانت له حيث يقصدُ
وسالت على الخدين منها غشاوةٌ … فعاد بها في جفنه يتوقدُ
وما كان يرجو أن تعود بصيرةً … وقد ذهبت حيناً وكان يُقَّودُ
ولكن رسول الله أصلحها له … وتصلحُ في الله الأمورُ وتفسدُ
وقد رام هذا الفعل من عين أعور … مسيلمة الكذاب يبغي ويحسدُ
فلم تبره العين التي كان يشتكي … ولم تسلم الأخرى التي كان يحمد
فأعماه لمّلأ أن دنا لعلاجه … ليفرق بين الحق والبُطل أحمدُ
وشاءٌ لعبد القيس مرَّ بأذنها … فلاحت شهابُ منه تبقى وتخلد
وصار على أولادها منه ميسم … يلوحُ على آذائها حين تُولدُ
يُخبر عمَّا لم يجيء بمجيئه … وما قال فيه اليوم جاء به الغد
ومضمر أمر قال ما في ضميره … دلائل منه بالنبوة تشهد
ومن ذاك أخبارٌ عن الغيب قالها … يُعاينُ منه الصدق فيها ويُوجدُ
فسودده بالله إذ كان وحيه … إليه وهل فوق النبوة سُودد
وكان يسمي في قريشٍ أمينها … فلم يأته الأصنام إذ ذاك تعبدُ
فأظهر بالإسلام دعوة صادقٍ … فضَّل له سهمٌ إليها مُسَدّدُ
ففاضت عيون البئر من كل جانبٍ … بماءٍ فراتٍ نابعٍ يتوَّلدُ
فأسقتهم حتى رووا وركابهم … وقد زوَّدوا منه الذي يُتزوَّدُ
وكان أراد الشأم في بعض أمره … فأقبل سيلً ينشرُ الأرض مُزْبدُ
فقحَّمَ في سيلٍ بعاقٍ يعُمُّه … فصار طريقاً يابساً يتخدَّدُ
ويسمعُ من أصواتها في طريقه … تمجدهُ أنّ النبيَّ مُمجَّدُ
وليس رأى إلا الحجارة حوله … ويسمع صوتاً بالسلام يُردَّدُ
وفي مزود إحدى وعشرون تمرةً … به جاءت الآثار تروى وتسند
وقد ضمَّها قدَّامه في ردائه … وأقبل يدعو ربَّه ويمجدُ
فزادت ولاتحصى زيادات ربنا … ولايبلغ الغايات منها المعدد
ثلاثة آلافٍ قضوا منه شبعهم … وما أفضلوا حتى احتشى منه مزود
وجهز منه مزنة فوق رأسه … رآها بحيرا الراهب المتعبدُ
تُظلله من كل حر يصبه … تقيمُ عليه ما أقام فيركدُ
وإن سار سارت لاتفارق رأسه … فقال لهم: هذا النبي محمَّدُ
حليم رحيمٌ لينُ متواضعٌ … سَحيّق حييٌّ عابدٌ متزهدُ
وكان رسول الله فوق صفانتا … يُقصرُ فيه من يقولُ فيجهدُ
قال يعقوب بن السكيت: كتبت عن قطرب قمطرا، ثمّ تبينت أنه يكذب في اللغة، فلستُ أذكرُ عنه شيئاً. - وقال أبو زيد: قطرب وأبوه معتزليَّان.
ومات قُطرب في سنة ست ومائتين.
من كتاب نور القبس - أبو المحاسن يوسف بن أحمد بن محمود اليغموري (ت 673هـ)