مراد باشا
تاريخ الوفاة | 1020 هـ |
مكان الوفاة | ديار بكر - تركيا |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
مُرَاد باشا الْوَزير فى عهد السُّلْطَان أَحْمد صَاحب الحروب مَعَ المجر والعجم والجلالية وشهرته تغنى عَن تَعْرِيفه أَصله من الخرواد وَكَانَ خدم مَحْمُود باشا الْمَشْهُور الذى كَانَ تولى الْيمن ومصر وَقَتله عَسْكَر مصر فى شعْبَان سنة خمس وَسبعين وَتِسْعمِائَة ثمَّ صَار كتخداه فَلَمَّا قتل الْوَزير الْمَذْكُور صَار أحد الصناجق بِمصْر ثمَّ صَار حَاكما بِالْحَبَشَةِ ثمَّ عينه السُّلْطَان مُرَاد حَاكما لليمن فوصل الْوَزير الى ينْدر الصلف فى شهر ربيع الاول سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة وَدخل صنعاء فى جُمَادَى الْآخِرَة من السّنة الْمَذْكُورَة وضاق حَاله بِالْيمن وامتحن فِيهَا فَظهر فى زَمَانه الامام الْحسن بن على المؤيدى فى سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَكَانَ صَاحب التَّرْجَمَة يحب الْعلمَاء ويميل الى الصلحاء وَكَانَ لَهُ حسن عقيدة فى الشَّيْخ الصَّالح عبد الْقَادِر الجعدى وَأَوْلَاده قدس الله سرهم وَهُوَ الذى بشره بِولَايَة الْيمن وَهُوَ خازندار من عِيَال خزانَة مَحْمُود باشا وَأدْخل الشَّيْخ عبد الْقَادِر الْمَذْكُور رَأس مَحْمُود باشا فِي كمة مُشَاهدَة مَحْمُود باشا فِي كمه رجلا يُرِيد يرميه ببندق فخاف مَحْمُود باشا على نَفسه فَقَالَ الشَّيْخ عبد الْقَادِر مَا يكون ذَلِك الا بِمصْر فَرَمَوْهُ فى ولَايَته بِمصْر وَأرْسل هُوَ حِينَئِذٍ سردار العساكر السُّلْطَانِيَّة بعد عَزله من الْيمن الى زيد ابْن الشَّيْخ عبد الْقَادِر الْمَذْكُور كسَاء فاخرا ونقودا وكتابا باللغة التركية فَأمر الْوَزير كتخدا سِنَان باشا وَكَانَ كَاتب الدِّيوَان فى خدمته أَن يعرب للشَّيْخ زيد مَفْهُوم ذَلِك الْكتاب فعربه وَرَأى فِيهِ من لطف الْعبارَات مَا يدل على مَكَارِم أَخْلَاق الْوَزير الْمشَار اليه وَله آثَار حَسَنَة بِالْيمن مِنْهَا جَامع فى قصر صنعاء وأجرى لَهُ غيلا من جبل نُقِيم وَانْقطع فى زمن حسن باشا الْوَزير وَبنى أَيْضا قبَّة معظمة على قُبُور السَّادة بنى الاهدل بزبيد وَدفن فِيهَا من متأخريهم شيخ الاسلام والْحَدِيث فى عصره الطَّاهِر الْحُسَيْن الاهدل وَكَانَ لَهُ حسن عقيدة فيهم وَرفع عَن الرّعية جملَة من الْبدع والمظالم وَنشر عدله فى الْجبَال وَكَانَ مَعَ ذَلِك سفاكا ثمَّ عزل عَن الْيمن ووليها بعده الْوَزير حسن باشا وَلما وصل الى دَار السلطنة أعْطى حُكُومَة قرمان وَأمر بِالسَّفرِ مَعَ الْوَزير الاعظم الموجه الى تبريز فأسرته الْعَجم فى الْوَقْعَة قَالَ النَّجْم حَدَّثَنى شَيخنَا القاضى محب الدّين أَنه حَدثهُ عَن أسره انه لما أسرته الْعَجم وانْتهى الامر عرضت الاسارى على الشاه اسمعيل فَكَانَ يَأْمر بقتل الْبَعْض ورد الْبَعْض الى الرِّبَاط أَو الْحَبْس قَالَ وَكَانَت عمامتى قد ذهبت عَن رأسى وفرجيتى فَلَمَّا جَاءَت نوبتى فى الْعرض عَلَيْهِ قَالَ من تكون أَنْت من الْعَسْكَر فَقلت وَاحِد من السباهية أَو قَالَ من القبوقوليه فَقَالَ لى كذبت أَنْت خَان من خاناتهم وهم يسمون الباشا خَانا قَالَ ثمَّ أَمر لى بساق رَقِيق ثمَّ أَمر بى الى السجْن قَالَ وَكَانَ عرفنى من سروالى فانه كَانَ من الديباج قَالَ فَلَمَّا كنت فى الاسر وَالْحَبْس نذرت لله تَعَالَى عشرَة آلَاف ذَهَبا ان خلصت وعدت الى حالى أَقف بهَا عقارا على فُقَرَاء الْحَرَمَيْنِ الشريفين فَلَمَّا خلص ولاه السُّلْطَان مُرَاد نِيَابَة دمشق فعمر بهَا السُّوق الذى عِنْد بَاب الْبَرِيد وَكَانَ يعرف بسوق الطواقية شرع فى تعميره فى أَوَاخِر سنة اثْنَتَيْنِ بعد الالف فهدم الحوانيت الْقَدِيمَة وجدد بناءها ووسع الطَّرِيق وَرفع السّقف وَبنى على مربعة بَاب الْبَرِيد قبَّة عَظِيمَة عالية ملاصقة للعمودين العظيمين الباقيين على يَمِين بَاب الْبَرِيد وشماله فَجَاءَت قبَّة حَسَنَة وَجَاء الْبناء حسنا محكما وَأخذ الْبيُوت الَّتِى وَرَاءه وعمرها وكَالَة حَسَنَة وَأمر أَن يسكن فِيهِ تجار سوق السباهية فنقلوا اليه بُرْهَة حَتَّى مَاتَ وأعيدوا الى السُّوق الْمَعْرُوف بهم الْآن ثمَّ عمر الى جَانِبه سوقا آخر وَنقل اليه تجار سوق الذِّرَاع المتولى لَهُ على عمَارَة السُّوق الاول والقهوة وَالْوكَالَة الشَّيْخ احْمَد المغربى متولى الْجَامِع الاموى الْمُقدم ذكره وَكَانَ تَمام عمارتها فى سنة خمس بعد الالف وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو الطّيب الغزى فى تَارِيخ الْوكَالَة
(هاك تَارِيخا شما لَهُ ... بدر هالات الغزاله)
(جملَة الْملك بهاء ... وسخاء وبساله)
(صَحَّ فى آخر شطر ... ضمن الدّرّ مقاله)
(ولى الشَّام مُرَاد ... فَبنى خير وكاله)
وَالْوكَالَة اسْم للخان كَمَا هُوَ الْمَعْرُوف فى عرف المصريين والدمشقيون يسمونه قيسارية والمتولى عمَارَة السُّوق الثانى لَهُ حسن باشا الْمَعْرُوف بشور بزه نزيل دمشق الْمُقدم ذكره ووقف الْجَمِيع على الْحَرَمَيْنِ الشريفين وَقتل مُرَاد باشا فى تَوْلِيَة دمشق الامير مَنْصُور بن الفريخ الآتى ذكره والامير على بن الحرفوش وصير الامير فَخر الدّين بن معن صنجقا وبقى نظره عَلَيْهِ ثمَّ انْفَصل عَن دمشق وَولى حلب وديار بكر وسافر سفرة الانكروس الَّتِى فتحت فِيهَا قلعة اكره وَظَهَرت لَهُ يَد فى الْمُقَاتلَة ثمَّ أعْطى ولَايَة روم ايلى مرَّتَيْنِ ثمَّ انْعمْ عَلَيْهِ بالوزارة وَأمر بمحافظة بلغراد وَلما قتل الْوَزير الاعظم درويش باشا يَوْم السبت تَاسِع شعْبَان سنة خمس عشرَة بعد الالف أرسل الى صَاحب التَّرْجَمَة للوزارة الْعُظْمَى بسوق شيخ الاسلام صنع الله بن جَعْفَر وَعقد الصُّلْح بَين السُّلْطَان أَحْمد وَبَين نَصَارَى الانكروس وَقدم الى دَار السلطنة فَدَخلَهَا فى أَوَاخِر الْمحرم سنة سِتّ عشرَة ثمَّ فى أَوَائِل شهر ربيع الاول من هَذِه السّنة عينه السُّلْطَان سردارا على بِلَاد الشرق وَأمره بتمهيد بِلَاد أَنا طولى فَتوجه الى حلب بِقصد الامير على بن جانبولاذ وَوَقع بَينهمَا حروب كَانَ آخرهَا انهزام ابْن جانبولاذ كَمَا سلف فى تَرْجَمته ثمَّ ان الْوَزير صَاحب التَّرْجَمَة شَتَّى فى حلب وَخرج مِنْهَا فى أول الرّبيع لقِتَال قره سعيد وَابْن قلندر والطويل وَكَانَ ابْن قلندر استولى على بروسه وأفسد فى أطرافها وفى شهر رَمَضَان سنة سِتّ عشرَة أحرق أَكثر أماكنها فَاجْتمع أَعْيَان الدولة من الْعلمَاء والوزراء عِنْد مصطفى باشا قَائِم مقَام الْوَزير ودبروا الامر فى ان يُرْسل من المتقاعدين وأكابر الْعَسْكَر طَائِفَة لاستخلاص قلعة بروسه مِنْهُ فسارت الطَّائِفَة الْمَذْكُورَة واستخلصت القلعة فغر ابْن قلندر مَا فعله أَن يُقَابل الْوَزير صَاحب التَّرْجَمَة فَتوجه نَحْو حلب فَالتقى مَعَ الْوَزير وَوَقع بَينهمَا حَرْب انجلى عَن هزيمَة ابْن قلندر وقره سعيد فى شرذمة قَليلَة وَقتل أَكثر جماعتها وتمهدت بِلَاد انا طولى الى حد اسكدار وَكَانَ فى تِلْكَ الاثناء خرج بِبَغْدَاد أَحْمد الطَّوِيل وَاسْتولى على بَغْدَاد واراد يفتك بِأَهْلِهَا فَقبض عَلَيْهِ حاكمها وَقَتله وَلم يبْق فى بِلَاد انا طولى من قسم الْخَوَارِج أحد واطمأنت الْبِلَاد ثمَّ دخل الْوَزير صَاحب التَّرْجَمَة قسطنطينية فى شهر رَمَضَان سنة سبع عشرَة فى أبهة عَظِيمَة وفى خلال سنة ثَمَان عشرَة عزم على السّفر الى الْعَجم وَعبر اسكدار ثمَّ ظهر ان الامر مَأْخُوذ على التراخى فَأبْطل الْعَزْم وَرجع الى دَار الْملك ثمَّ فى تَاسِع شهر ربيع الآخر سنة عشْرين بعد الألف تحركت عزيمته لنَحْو بِلَاد الْعَجم وصمم واقيم مقَامه مُحَمَّد باشا الكورجى الطواشى وسافر بالعساكر الى أَن وصل الى حُدُود تبريز فَلم يَتَيَسَّر لَهُ ملاقاة الشاه وَلَا ظفر بشئ مِمَّا كَانَ يؤمله فَعَاد وفى أثْنَاء الطَّرِيق ابتدأه مرض الْمَوْت واسترسل الى أَن وصل الى ديار بكر وَتوفى بهَا وَكَانَت وَفَاته عَن اذان الْمغرب من ثامن وعشرى جُمَادَى الاولى سنة عشْرين بعد الالف وَحمل مصبرا الى قسطنطينية فَدفن بتربته الَّتِى كَانَ أجدثها لنَفسِهِ بمدرسته الْمَعْرُوفَة بِهِ وَوصل خبر مَوته الى دمشق فى شهر رَجَب من هَذِه السّنة وتأسف النَّاس عَلَيْهِ لنصحه الزَّائِد للدولة وللمسلمين وقمع الاشقياء الَّذين أخربوا الْبِلَاد وأهلكوا بعتوهم الْعباد
ــ خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر.