مُحَمَّد بن يُوسُف المراكشى التاولى المالكى أحد فُقَهَاء المغاربه الممتطين سَنَام الْفضل وغاربه عَالم ماضى شبا اللِّسَان والقلم وَعلم فضل أشهر من نَار على علم لَهُ فى الادب يَد لَا تقصر عَن ادارك غايه وَبَاعَ تلقى رياة البلاغة فَكَانَ عرابة تِلْكَ الرايه وَمن نوابغ كَلمه قَوْله من جملَة كتاب فعذر الْمَنّ هُوَ أخرس من سمكه وَأَشد تخبطا من طَائِر فى شبكه وَقَوله من ارجوزة ضمن فِيهَا مصاريع من الفية ابْن مَالك مدح بهَا شَيْخه الْحَافِظ أَبَا الْعَبَّاس المقرى وَقَالَ فِيهِ
(ذَاك الامام ذُو الْعَلَاء والهمم ... كعلم الاشخاص لفظا وَهُوَ عَم)
(فَلَنْ ترى فى علمه مثيلا ... مستوجبا ثنائى الجميلا)
(ومدحه عندى لَازم أَتَى ... فى النّظم والنثر الصَّحِيح مثبتا)
(أَوْصَاف سيدى بِهَذَا الرجز ... تقرب الاقصى بِلَفْظ موجز)
(فَهُوَ الذى لَهُ المعالى تعتزى ... وتبسط الْبَذْل بوعد منجز)
(رتبته فَوق العلى يَا من فهم ... كلامنا لفظ مُفِيد كاستقم)
(وَكم أَفَادَ دهره من تحف ... مبدى تَأَول بِلَا تكلّف)
(لقد رقى الى الْمقَام الباهر ... كطاهر الْقلب جميل الظَّاهِر)
(وفضله للطالبين وجدا ... على الذى فى رَفعه قد عهدا)
(قد حصل الْعلم وحرر السّير ... وَمَا بَالا أَو بانما انحصر)
(فى كل فن ماهر فِيهِ وَلَا ... يكون الا غَايَة الذى تَلا)
(سيرته سَارَتْ على نهج الْهدى ... وَلَا يلى الا اخْتِيَارا ابدا)
(وَعلمه وفضله لَا يُنكر ... مِمَّا بِهِ عَنهُ مُبينًا يخبر)
(يَقُول دَائِما بصدر انْشَرَحَ ... اعرف بِنَا فاننا نلنا الْمنح)
(يَقُول مرْحَبًا لقاصد وَمن ... يصل إِلَيْنَا يستعن بِنَا يعن)
(والزم جنابه واياك الْملَل ... ان يستطل وصل وان لم يستطل)
(واقصد جنابه ترى مآثره ... وَالله يقْضى بهبات وافره)
(وانسب لَهُ فانه ابْن معطى ... ويقتضى رضَا بِغَيْر سخط)
(واجعله نصب الْعين وَالْقلب وَلَا ... تعدل بِهِ فَهُوَ يضاهى المثلا)
وَلما قدم فى سنة سِتّ وَعشْرين وَألف من مَدِينَة مراكش الى فاس كتب الى شَيْخه يستدعى مِنْهُ اجازة هَذِه الابيات
(أموقظ جفن الدَّهْر من بعد مَا غفا ... وباسط كف الْبَذْل من بعد مَا كفا)
(ومحيى رَسُول الاكرمين الَّتِى عفت ... ومجرى معِين الْفضل من بعد مَا جَفا)
(أجزنى بِمَا قد قلته ورويته ... ففضلك يَاذَا الْفضل قد حير الوصفا)
فَأَجَابَهُ بِهَذِهِ الابيات
(أمشكاة أنوار القراآت والادا ... وساحب اذيال الْكَمَال على الاكفا)
(وحائز شتات الْفَضَائِل اذ غَدَتْ ... مفاخرة فى اذن مغربنا شنفا)
(بعثتم بطرس بل بروض بلاغة ... تعطرت الارجاء من نشره عرفا)
(وأملتم أَعلَى الاله مقامكم ... وألبسكم من عزه الْمطرف الاضفى)
(من الْقَاصِر الباع الضَّعِيف اجازة ... ألم تعلمُوا ان الصَّوَاب هُوَ الاعفا)
(وَلست بِأَهْل ان أجَاز فَكيف أَن ... أُجِيز على ان الْحَقَائِق قد تخفى)
(فأضواء فكرى أظلمتها حوادث ... فآونة تبدوا وآونة تطفا)
(وَلَوْلَا رجائى مِنْكُم صَالح الدعا ... لما سطرت يمناى فى مثل ذَا حرفا)
وَلم أَقف على تَارِيخ وَفَاته لَكِن أعلم انه من رجال هَذِه الْمِائَة وَالله تَعَالَى أعلم
ــ خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر.