محمد بن مصطفى بستان الرومي
تاريخ الوفاة | 1006 هـ |
مكان الوفاة | استانبول - تركيا |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
مُحَمَّد بن مصطفى الْمَعْرُوف أَبوهُ ببستان الرومى مفتى الدولة العثمانية وَرَئِيس علمائها وعالمها الْمَشْهُور الذى طَنَّتْ حَصَاة فَضله فى الْخَافِقين وذاعت معاليه فى المغربين والمشرقين ذكره الاديب المنشى فَقَالَ فى وَصفه نَشأ فى رياض فضل ناضره وَعين الْعِنَايَة اليه ناظره وربى فى مهد الْعِزّ ووالده يتعهده بِحسن اجماله ويتفقده بتفصيل كرمه واجماله فاحرز الْفَضَائِل وتحرك على مَا هُوَ الْعَادة حَتَّى وصل الى خدمَة أَبى السُّعُود وتحلى بقلادة الاعادة وَلم يزل منظورا بِعَين الْعِنَايَة المتواصلة المدد وملحوظا بنهاية الرِّعَايَة على توالى المدد والفلك يَدُور حَسْبَمَا أَرَادَ وكوكب السعيد يدل لَهُ بالاسعاف والاسعاد مَعَ استقلاله بالمآثر الَّتِى اخْتصَّ بهَا دون سَائِر الاشراف واستبداده بالمفاخر الَّتِى سَار ذكرهَا فى أقْصَى الْبِلَاد والاطراف وَلم يزل تتشرف بِهِ المناصب ويطلع بَدْرًا من سَمَاء الْمَرَاتِب الى ان حل من الدولة مَحل الانسان من الْعين وأشرقت بشمس ذَاته فضاء العسكرين ثمَّ بعد الْعَزْل زفت لَهُ عروس الْقَاهِرَة وعدت فى عقده وأصبحت محلاة من حسن السلوك بعقده ففارقها بعد التَّمَتُّع بهَا ونفوس غَيره تحترق باشواقها وسمحت همته الْعلية لمثل هَذِه الْحَسْنَاء بِطَلَاقِهَا فَلَمَّا وصل الى دَار السلطنة أثمر روض سروره وأزهر واستقبله السعد وَبسط بَين يَدَيْهِ شقة قَضَاء الْعَسْكَر وَبعد ذَلِك طرز حلل الْفَتْوَى بوشى رقّه وَحل عقد المشكلات بِبَيَان قلمه ثمَّ فارقته وَلم تصبر على نَوَاه فَرَاجعهَا بَعْدَمَا استحلت بسواه فَعَاد روض الْفضل الى نمائه وكوكب السعد الى سمائه كعود الحلى الى العاطل وَلم يزل تكتحل الطروس بميل يراعته وتتشنف الاسماع بلآلى براعته الى أَن ذبل بسموم الْمَرَض غُصْن نَبَاته وقطفت بيد الْمَوْت زهرَة حَيَاته وَنَفسه من احشاء المكارم تنْزع وَعين الْعلَا على مصائب فَقده تَدْمَع ثمَّ أورد لَهُ من شعره العربى قَوْله من قصيدة يرثى بهَا السُّلْطَان سُلَيْمَان مطْلعهَا
(الا أَيهَا الناحى كانك لَا تدرى ... بِمَا قلت من سوء الْمقَالة وَالشَّر)
(أسلت سيول الْمَوْت فى الدَّهْر بَغْتَة ... وَقد بلغ السَّيْل الربى من جوى الصَّدْر)
(وسقت قُلُوب الْمُسلمين جِرَاحَة ... بصارم سيف قد مضى ماضى الامر)
(سِهَام المنايا من قسى صروفها ... أَصَابَت بدهر فى ابتسام من الثغر)
(نسيم الصِّبَا رقت باشجان فرقة ... حمامة ذَات السدر حنت من الذعر)
(همام على هام الممالك تاجه ... امين رشيد فى الْخلَافَة ذُو قدر)
(فأعنى جوادا فى جواد بِذكرِهِ ... لقد سَارَتْ الركْبَان فى الْبر وَالْبَحْر)
(عزيمته فى الْبَحْر كَانَت عَظِيمَة ... وهمته فاقت على الانجم الزهر)
(وايامه كَالشَّمْسِ كَانَت مضيئة ... واعوامه فى الْحسن ابهى من الْبَدْر)
(وَمَا قيل اجمال لبَعض جميله ... وَلَا يُمكن التَّفْصِيل بالنظم والنثر)
(فهاتيك أَوْصَاف لعمرى جليلة ... فدونكها أبهى من الزهر والزهر)
(على عكس مَا طَاف الْبِلَاد بجنده ... كشمس غَرِيبا غَابَ فى مغرب الْقَبْر)
(صَحَائِف اكوان تدبرت كلهَا ... فصادفتها شرحا لفن من الهجر)
(على صفحة الْخَدين أمليت مَا جرى ... باقلام اهداب من الْبُؤْس والضر)
وَذكره النَّجْم فى الذيل وَأثْنى عَلَيْهِ قَالَ وَكَانَ فصيح الْعَرَبيَّة عَلامَة فهامة وَكَانَ فى أَوَائِله ولى قَضَاء الشَّام وقدمها فى خَامِس عشرى ذى الْحجَّة سنة احدى وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة ثمَّ ولى مصر ثمَّ ترقى الى قَضَاء العسكرين ثمَّ ولى قَضَاء مصر ثَانِيًا ثمَّ كتب اليه السُّلْطَان مراد خان بانى لم أعزلك عَن مصر فاقم من شِئْت فِيهَا فى مقامك ثمَّ جِئْنَا زَائِرًا فَدخل دمشق فى رَمَضَان سنة أَربع وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة فاجتمعت بِهِ اذ ذَاك فى صُحْبَة شَيخنَا يُرِيد بِهِ العيثاوى فِيمَا احسب فى مجَالِس كَانَت حافلة بالعلماء وسمعته يَقُول كنت بِمصْر لَا أترك زِيَارَة الامام الشافعى رضى الله عَنهُ وَكنت أستنهضه فى الْمُهِمَّات فاذا كَانَ أَمر مُهِمّ يحْتَاج الى الْعرض فِيهِ الى السُّلْطَان اذْهَبْ الى ضريح الامام الشافعى رضى الله عَنهُ وَأَقُول لَهُ يَا امام هَذِه بلدتك وَقد حدث بهَا كَذَا وَكَذَا وَأَنا أَرْجُو مِنْك الامداد ثمَّ ارْجع فآمر بشئ فَيتم ببركة الامام الشافعى رضى الله عَنهُ قلت ثمَّ سَافر الى قسطنطينية فولى بهَا قَضَاء الْعَسْكَر ثمَّ صَار مفتيا فى جُمَادَى الاولى سنة سبع وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة وعزل فى رَجَب سنة احدى بعد الالف ثمَّ أُعِيد فى شَوَّال من السّنة الْمَذْكُورَة وَاسْتمرّ مفتيا الى ان مَاتَ وَكَانَت وَفَاته فى رَابِع شعْبَان سنة سِتّ بعد الالف بقسطنطينية وَهُوَ الْيَوْم الذى توفى فِيهِ الشَّمْس الداودى بِدِمَشْق وَوصل الْخَبَر بِمَوْتِهِ يَوْم الِاثْنَيْنِ ثامن وعشرى شهر رَمَضَان مِنْهَا وَصلى عَلَيْهِ غَائِبَة يَوْم الْجُمُعَة بعد صلَاتهَا رَحمَه الله تَعَالَى
ــ خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر.