مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن أَبى بكر الملقب تقى الدّين قاضى الْقُضَاة الفارسكورى المصرى المولد نزيل قسطنطينية من أفضل فضلاء الزَّمَان وأبلغ البلغاء نظما ونثرا وبراعة وَكَانَ وَهُوَ بِمصْر اتَّصل بِخِدْمَة قاضيها شيخ الاسلام يحيى بن زَكَرِيَّاء وَتوجه بخدمته الى الديار الرومية وَأقَام بهَا ولازم على قاعدتهم ودرس وَمَا زَالَ عِنْد الْمولى الْمَذْكُور فى المكانة المكينة الى أَن دبت لاجله عقارب الْحَسَد من حَوَاشِيه وندمائه وَطَفِقُوا يركبون الصعب والذلول فى ذمه فَأَبْعَده عَن مَجْلِسه وأقصاه فَلَزِمَ الْعُزْلَة وغضت عَنهُ الابصار وَرمى فى زَاوِيَة الهجران وَله فى ذَلِك أشعار ورسائل يُشِير بهَا الى سوء معاملتهم مَعَه وَمِنْهَا أبياته الْمَشْهُورَة الَّتِى يَقُول فِيهَا
(من الرأى ترك انى بلوتهم ... فَلم أرهم فى الْخَيْر يَوْمًا وَلَا الشَّرّ)
(وَكم من جهول بى وَلم يدر جَهله ... وَلم يدر علمى انه بى لَا يدرى)
(مدحت فَلم ينْتج هجوت فَلم يفْسد ... وعهدى بأشعارى تُؤثر فى الصخر)
(فَلَا يأملوا من بعد خيرى كَمَا مضى ... فقد حيل بَين العير وليأمنوا شرى)
(وَلَا يطعموا فى الْمَدْح منى وَلَا الهجا ... فقد شط شيطانى وتبت عَن السحر)
(وَأَدت العذارى من بَنَات خواطرى ... بقلبى وَأم الشّعْر طَلقهَا فكرى)
الْبَيْت الاول سبكه من الحَدِيث وَهُوَ مَا أخرجه الطبرانى عَن ابْن مَسْعُود اتْرُكُوا التّرْك مَا تركوكم فان أول من يسلب أمتى ملكهم وَمَا خولهم الله بَنو قنطوراء وَبَنُو فنطوراء التّرْك وهى جَارِيَة لابراهيم عَلَيْهِ السَّلَام من نسلها التّرْك وَالْبَيْت الاخير // لطيف الْمَعْنى // وَمِنْه قَول الشهَاب الخفاجى
(بَنَات أفكارى الَّتِى ... وأدتها اذ كسدت)
(موؤدة مَا سُئِلت ... بأى ذَنْب قتلت)
والموؤدة الْبِنْت يدفنها أَبوهَا حَيَّة فى الْجَاهِلِيَّة انْتهى ثمَّ لما مَاتَ أستاذه الْمَذْكُور ولى بعد وَفَاته قَضَاء الْقُدس وَكَانَ من الادب والبلاغة وَالشعر وَصِحَّة التخيل والانطباع فى الذرْوَة الْعليا وَكَانَ عَارِفًا بِكَثِير من الْفُنُون كثير الِاطِّلَاع وَجمع مدائح أستاذه هَذَا الَّتِى مدح بهَا فى بِلَاد الْعَرَب أَيَّام قَضَائِهِ بحلب ودمشق ومصر وَالْتزم أَن يذكر الشَّاعِر عِنْد ايراد شئ من شعره وَلَا يزِيد على توصيفه بِكَلِمَة أَو كَلِمَتَيْنِ وَاعْتذر عَن اطالة التراجم بقوله فى أَوله وَكنت أردْت ان أترجم كل شَاعِر مِنْهُم عِنْد ايرادى لشعره وأتكلم فى حَقه هُنَاكَ بِمَا عساه أَن لَا يتَعَدَّى بِهِ طوره بل يوقفه عِنْد قدره وَذَلِكَ بعد رِعَايَة الْمُطَابقَة لمقْتَضى الْحَال وحسبما يثبت دَعْوَى فَضله عِنْد حَاكم الْعقل من شُهُود الْمقَال فاخترت وقتا بعد جمع هَذِه القصائد حررت فِيهِ الطالع وَالْغَارِب وضبطت غب اطلاعى على الفرائد مِنْهَا والفوائد مقامات الجوزهرات ومقدمات الْكَوَاكِب ثمَّ نظرت نظرة فى النُّجُوم واستخرجت الْمَجْهُول مِنْهَا من الْمَعْلُوم فَظهر لى انه لَا شئ أدل من شعر الْمَرْء على عقله وَلَا أصدق من ذَلِك الطل على وبله كَمَا قيل
(وانما الشّعْر لب الْمَرْء يعرضه ... على الانام فان كيسا وان حمقا)
فاكتفينا فى الدّلَالَة على فضائله بذلك الْمِقْدَار وناهيك مِنْهُ بِدلَالَة النُّور على النُّور وَالشَّمْس على النَّهَار انْتهى وَمِمَّا أورد فى كِتَابه الْمَذْكُور من أشعاره الغضة الشهية قَوْله من قصيدة مطْلعهَا
(مَا هبت الرّيح برِيح الرند ... الا أثارت سَاكِنا من وجدى)
(وَمَا بدا رعد الْحمى الاهمى ... دمعى دَمًا مخددا للخد)
(وان تلح بارقة جاوبها ... من خفقان الْقلب أى رعد)
(أَواه واشوقاه هَل من حِيلَة ... الى لقاكم يَا أهيل ودى)
(غادر تمونى نازحا وَالْقلب منى خافقا مثل سُهَيْل الْفَرد ... )
(بأى حكم زمن وَلم أحل ... عَن عقد عهدكم نقضتم عهدى)
(بَين الْهوى وَالْقلب حَرْب داحس ... وَالسّلم بَين مقلتى والسهد)
(من أجل ظبى مهجتى كاسه ... وَلَيْسَ حظى مِنْهُ غير الصد)
(كَالْمَاءِ رق جِسْمه لكنه ... يحمل قلبا قاسيا كالصلد)
(أَمِير حسن مَاله جماله ... وَحَوله عشاقه كالجند)
(ان سل سيف غنجه من جفْنه ... قَالَ لَهُ قلبى مقَام الغمد)
(أخرنى على علو رتبتى ... كَأَنَّهُ يرقمنى بالهندى)
(ينصف غيرى غير أَنه يرى الانصاف ان يقتلنى بالعمد ... )
(قد قلد ابْن البارزى ردفه ... وخده يُقَلّد ابْن الوردى)
(نفسى وَمن تَحت السَّمَاء لَهُ الغدا ... فان أَبَوا فبى حبيبى وحدى)
(بِاللَّه يَا مَالك رقى حسنه ... عذب بِمَا تشَاء غير الْبعد)
(وَحقّ عَيْنَيْك وذلى الذى ... ألبسنى الْعِزّ وكل الْمجد)
(وصبح غرَّة هدانى للهوى ... وليل طرة أضاع رشدى)
(لَا حلت عَن حبيك فى الدُّنْيَا وفى الاخرى أَرَادَ مؤنسى فى لحى)
وَقَوله من أُخْرَى مستهلها
(قفى ودعى يَا ربة الاعين النجل ... فكم من بتاريخ الْهوى بارح الْعقل)
(وَلَا تمنعيه اللحظ ان لم يكن وفا ... اذا عز وبل لَا أقل من الطل)
(صددت فعاينت الردى غير أننى ... تأسيت بالعشاق فِيك الالى قبلى)
(ونعاسة الْعَينَيْنِ يقظانة الجفا ... مفرغة الْهِمْيَان ملآنة الحجل)
(يفرع دجى من فَوق فرق كَأَنَّهُ ... صباح وجسم ملْء أثوابه عبل)
(وظلم كراح لم يدنسه عاصر ... وطرف كحيل صبغة الله لَا الْكحل)
(دعانى الدّين الْعِشْق مُرْسل فرعها ... وَمَا مذهبى الا هوى الشادن الطِّفْل)
(حبيب أرانا الله فى عصرنا بِهِ ... حلى يُوسُف الصّديق فى الْحسن والشكل)
(بِوَجْه على قد على ردفه علا ... كبدر على غُصْن على نقوى رمل)
(بخديه تفاحى وَعَيْنَيْهِ نرجسى ... وَمن ثغره راحى وَأَلْفَاظه نقلى)
(رنا لى بِطرف سَاحر لَو رنا بِهِ ... سَهَا كل ذى نسك عَن الْفَرْض وَالنَّفْل)
(ترى من غَدا فى السحر أستاذ طرفه ... فهاروت لم يقدر على ذَلِك الْفِعْل)
(نظرت لَهُ يَوْمًا فأدميت خَدّه ... وَمَا خلته يقْتَصّ فى الْجرْح بِالْقَتْلِ)
(لعمرى لقد أبكيت عينى وان أمت ... بَكت لَا بَكت عَيْنَاك فى الاجل من أجلى)
(أتقتل نفسا حرم الله قَتلهَا ... وَلم تخش من شكواى للْحَاكِم الْعدْل)
وَقَوله من أُخْرَى مبدؤها
(حتام واخيبة الْمَسْعَى أرى قدمى ... يسْعَى لمن فى رضى الواشى أراق دمى)
(يبيت فى اللَّيْل ملآن الجفون كرى ... وليلتى فِيهِ ساهى الطّرف لم أنم)
(لم أقض من حبه فى حبه وطرا ... بلَى قضيت أسى من هجره الوخم)
(أعارنى خصره ثوب النحول وَمن ... لحظيه كَانَ كسانى حلتى سقم)
(وَلَيْسَ دمعى عَلَيْهِ راقئا وبدت ... عقارب الصدغ شبه الْخط فى اللقم)
(ريم من الرّوم مَا أزرى بوجنته ... من عَارض غير خطّ الله لَا الْقَلَم)
(ونا فطاره فؤادى نَحْو ناظره ... فاعجب لسهم ببرجاس الْفُؤَاد رمى)
(آهالها نظرة كَانَت شقاى بلَى ... كَانَ الشقافى السقا كالسم فى الدسم)
(قبلته ودموعى كالعقيق فلى ... دم على مَا ترى فى خدريمهم)
(مَا فاض دمعى الا افتر مبسمه ... كالزهر يبسم زهوا من بكا الديم)
(لَو لم يكن غصنا مَا كَانَ قابلنى ... من غيث دمعى بثغر مِنْهُ مبتسم)
(مَا أنبت اللحظ فى خديه ورد حَيا ... الا وأثمر فى جفنى بالعنم)
(يَا عاذلى دعانى من ملامكما ... فى الْحبّ فالعاشق المطبوع لم يلم)
(صبرا فآيات رايات السوَاد على ... عوارض الخد لاحت مِنْهُ فى الْعَجم)
(لَا كنت يَا قلب كم تصبو على شبح ... صيرتنى بعد زهدى عَابِد الصَّنَم)
(حتام تصبوا لى الْحور الحسان وَلم ... تذكر خلودك فى نيران هجرهم)
(صحنا المحبون وانفضت عواذ لَهُم ... وخلفونى صريع الوجد والالم)
وَقَوله من أُخْرَى أَولهَا
(قد حركت طرب الْغَرِيب العانى ... كاس المدام الخندريس العانى)
(طافت بهالتها البدور يحثها ... نغمات اسحاق ورقص غوانى)
(لَو خامرت صلد الْحِجَارَة لاستحى ... أَن لَا يرى فى خفَّة السَّكْرَان)
(أَو أشرقت من مدلهم دنانها ... لَيْلًا أزالت شُبْهَة من مانى)
(مزجت بظُلْم سقايتها بيض الطلا ... سود الغدائر فى اللبَاس القانى)
(وجآذر الآرام لَا الآرام فى ... صفة الشموس على غصون البان)
(من كل أشنب صاعه ريح الصِّبَا ... ثمل بخمرة رِيقه نشوان)
(سَاد الْقَبَائِل فى صباه لَهُ على ... فتك الاسود تلفت الغزلان)
(قد ضرجت بدمائنا وجناته ... وسيوفه لم تنض من أجفان)
(يقوى غرام بجلنار خدوده ... مِنْهُ تغار شقائق النُّعْمَان)
(آس العذار بجلنا خدوده ... مِنْهُ تغار شقائق النُّعْمَان)
(فى وَجهه وحماه غَايَة بلغتى ... ونتيجة الاوطار والاوطان)
قَالَ وَقلت فى يَوْم سرُور
(سقى الله يَوْم المهرجان كَمَا سقى ... وَحيا فأحيا فِيهِ سَاق مقرطق)
(تجمع فِيهِ كلما شت باصر ... وَلكنه مِمَّا يروق ويعشق)
(كؤس وساقوها وَشرب ومشرب ... شموس وأقمار وَغرب ومشرق)
(شغلنا عَن التدريس فِيهِ وحبذا ... منازلة الغزلان ذَا الْيَوْم أليق)
(ركبنَا فخرت السَّبق فى حلبة الْهوى ... ففى اللَّهْو لي طرف من الطّرف أسبق)
(الى حلَّة حَيْثُ الثريا قُصُورهَا ... يقصر عَنْهَا فى النظام الخورنق)
(وصحبة قوم قد تشابه رقة ... حَدِيثهمْ والبابلى الْمُعْتق)
(نعمت بهم والدهر لم يغف لحظه ... وَرَاء ستور الْغَيْم مطبق)
(حكى فَوق عين الشَّمْس أجفان نَائِم ... يفتحها بالبرق نحوى ويطبق)
(وَلَو لم أكن فى ظلّ يحيى أصابنى ... صواعقه مَعَ من أصيوا فأحرقوا)
(فَلَا قلصت للحشر عَنى ظلاله ... فَفِيهَا كَمَا نهوى نَعِيش ونرزق)
(تنبه فوسنان الزهور تنبها ... وأفواهها افترت تسبح رَبهَا)
(وَقد وعظ الايك الهزا وفأخرجت ... أكفا بهَا تستغفر الله رَبهَا)
(وشابهت الارض السَّمَاء فزهرها ... كزهر وَكَانَ النَّجْم بِالنَّجْمِ أشبها)
(وطاب الْهوى حَتَّى الغصون تعانقت ... كمحلولة مَالَتْ تعانف حلهَا)
(وحيهل الصهبا بِلَال بلابل ... فَفتح آذان الْوُرُود وقلها)
(ورش الحيا ثوب الربى وشقيقه ... مجامره العنبر الرطب شبها)
(وَمَا فتح الزهر الرّبيع يخال من ... يُرَاد ثغوراكى يتم بهَا)
(وَلَكِن رأى يحيى يفتح بالندى ... ثغورا لنا فى مدحه فتشبها)
وَقلت أَيْضا ارتجالا وَقد ألبسنى حلتين من ملبوسه الفاخر فَخرجت أجر مِنْهَا ذيول المعالى والمفاخر
(ألبستنا الْمجد فى الباسنا الحللا ... قشبا وأنسيتنا الاوطان والحللا)
(كسوتنا كسْوَة رحنا نجر بهَا ... ذيل الفخار على اكفائنا خيلا)
(هَذَا وَكم لَك من اسداء مكرمه ... بهَا فضحت الندى والوابل الهطلا)
(يَا من اذا جاد للمعافى بِمَا ملكت ... يَدَاهُ ظن سخاء انه بخلا)
(قبولنا مِنْك فيض الْفضل فِيهِ لنا ... عز وفخر وَأما من سواك فَلَا)
وَقلت أَيْضا وَقد توالت بالروم الامطار والغيوم واستولت على الْقلب الاكدار والغموم
(يَا رب قطر غزير الْقطر صيرنى ... أعض كفى لما جِئْته أسفا)
(حسبت فِيهِ رِدَاء الْمجد يدفئنى ... فَلم أر الْمجد أغنانى وَلَا الشرفا)
(كم لَيْلَة خانها صبح كمصطبرى ... وغيثها كدموعى بالعهود دوفا)
(دجت فَلم يدر فِيهَا الْخلّ وَجه أَخ ... من بردهَا بل وجارى مَائِهَا وَقفا)
(وَكم نهاربه ظلّ النَّهَار ضحى ... حسبى من الوكف مَا شاهدته وَكفى)
(وَالشَّمْس فى فر وسنجاب السَّحَاب بَدَت ... مَرِيضَة قَلبهَا بالرعد قد رجفا)
(والارض قد نسجت أيدى الرِّيَاح لَهَا ... من شقة الوحل أخياط الحما لحفا)
(أما ترى بعد تَفْصِيل البروق لَهَا ... قَوس الْغَمَام لقطن الثَّلج قد ندفا)
(كَأَنَّهُ كف يحيى باللجين على ... أمثالنا من أهالى الْعلم والضعفا)
(لَوْلَا تلافيه كَانَ الْبرد أتلفنى ... فقد حمانى وعنى أتلف التلفا)
(وَلم يزل يُوصل الجدوى فضقت بهَا ... لانها أثقلت من كاهلى كَتفًا)
(لَا زَالَ فى برج سعد غير مُنْقَلب ... ونجد حاسده للحشر منكسفا)
انْتهى وَقد ذكره الخفاجى فى كِتَابيه وَقَالَ فى حَقه فى الخبايا فَاضل أديب وحبِيب ابْن حبيب واذا طابت الاصول زكتْ الْفُرُوع واذا صَحا الجو أشرق بدره فى الطُّلُوع وَقد ضمنى واياه عقد الِاجْتِمَاع بَعْدَمَا كَانَت دُرَر مآثره ملات صدفة الاسماع فَرَأَيْت النَّاس فى رجل والدهر فى ساعه وجلى على فى سوق الْعَرُوس أنفس بضاعه وشاهدت فى مرآته سماته وُجُوه محَاسِن صِفَاته مِمَّا نقر بِهِ عُيُون المدائح وتنشرح لَهُ صُدُور الْمجَالِس وتطيب نفوس المكارم فطفت بكعبة فضائله ونزهت عُيُون المنى فى رياض شمايله وانتشيت من صهبائه وتنقلت بانشاده وانشائه وَمَا كل قَول حسن وَلَا كل خضراء خضراء الدمن وشكرت دهرا لف شملى بشمله وعرفنى بضالة الْفضل فى ظله وَلم أقل اذ مد لى بِهِ أيادى الامتنان ان دهرى يضن بالاحسان ثمَّ أنْشد لَهُ من شعره قَوْله مضمنا
(تَقول سليمى بعد مَا تبت تبت عَن ... هواى وَعَن ذى الْخَال لست بتائب)
(تواصل واوات بخد معذر ... وتجفو بِلَا ذَنْب ذَوَات الذوائب)
(اليك فانى لست مِمَّن اذا اتَّقى ... عضاض الافاعى نَام فَوق العقارب)
وَقَوله من قصيدة فى المديح
(يَا من محياه يستسقى بِهِ الْمَطَر ... وعدله ينسى عِنْده عمر)
(ان كنت تبغى بِنَار الهجر تجربتى ... انى على الخالتين العنبر الْعطر)
(وسوف ينبيك صبرى فى الْجَحِيم على ... جفاك هَل أَنا ياقوت أم الْحجر)
أَصله قَوْله سعيد بن هَاشم الخالدى
(تزيدنى قسوة الايام طيب ثَنَا ... كأننى الْمسك بَين الفهر وَالْحجر)
وَقَول الآخر
(ألقنى فى لظى فان غيرتنى ... فتيقن ان لست بالياقوت)
وَقَوله
(ان قسطنطينية طرفَة الدُّنْيَا وبيمارستان هَذَا الْوُجُود ... )
(ساكنو مَا مرضى وزمنى وأهلوها المجانين والطبيب يهودى)
وَقَالَ الفيومى فِيهِ روض آدَاب أَو حَوْض ملئ بأعذب شراب حبر شمايله الصِّبَا قد سَاد من عصر الصِّبَا سيد الادبا فاق أقرانه أدبا وحسبا وَله انشاء وَشعر كل مِنْهُمَا نضر وَروض أدبه كُله ربيع خضير ثمَّ أورد لَهُ أبياتاً من جملَة قصيدة تائية قَالَهَا فى مدح أستاذه الْمولى يحيى الْمَذْكُور وَقد عَارض بهَا قصيدة لِلشِّهَابِ احْمَد الفيومى المصرى وهى أَيْضا فى مدح الْمولى الْمَذْكُور ومطلع قصيدة التقى
(حسب الْمَعْنى عُيُون بابليات ... لكسرها فى جيوش الصَّبْر كسرات)
(بالضعف تقوى على اهلاك عاشقها ... يَا للرِّجَال ضعيفان قويات)
(من كل سَاق بيمناه ومقلته ... كَأَن عَيْنَيْهِ للعشاق حانات)
وَأول قصيدة الفيومى
(بَدَت لمدحى وآدابى براعات ... معنية بالتهانى مستهلات)
(وَالْوَقْت صَاف وَمن أهواه بعد قلى ... وافى وَكَانَ لَهُ من قبل نفرات)
(بدر على الْمُشْتَرى يَعْلُو وغرته ... كزهرة وَله فى الخد زهران)
(فالطرف مشرقه وَالْقلب مغربه ... بداله فِيهِ اشراق وطلعات)
وَقَوله وَفِيه حسن الِاتِّبَاع
(وَمَا فى الْبَدْر معنى مِنْهُ الا ... قلامة ظفره مثل الْهلَال)
وَقد تبع فِيهِ ابْن المعتز فى قَوْله
(ولاح ضوء هِلَال كَاد يفضحنا ... مثل القلامة قد قدت من الظفر)
وَقَبله
(وجاءنى فى قَمِيص اللَّيْل مستترا ... يستعجل الخطو من خوف وَمن حذر)
وَابْن المعتز أَخذه من قَول بعض الْعَرَب
(كَانَ ابْن مزتها جانحا ... فسيط لَدَى الافق من خنصر)
وَابْن مزنتها الْهلَال والفسيط بِفَتْح الْفَاء وَكسر السِّين الهملة قلامة الظفر وَقد أبرز عبد الْبر الفيومى هَذَا الْمَعْنى فى ادق مبْنى فَقَالَ
(ومذرام الْهلَال وَقد تعدى ... مشابهة لَهُ من غير قَابل)
(أجَاب قلمت من ظفرى شَبِيها ... لَهُ ورميته فَوق الْمَزَابِل)
وَمن // جيد شعر التقى // قَوْله
(توهمته شمسا وَكَانَ يريبنى ... نسيم الصِّبَا مِنْهُ وَمن طبعها الْحر)
(فَلَمَّا دجا ليل العذار وَلم يغب ... علمت وزالت شبهتى أَنه الْبَدْر)
ومحاسنه كَثِيرَة وَكَانَت وَفَاته بِدِمَشْق وَهُوَ مار الى الْقُدس فى رَجَب سنة سبع وَخمسين وَألف وَدفن بمقبرة بَاب الصَّغِيرَة بِالْقربِ من بِلَال الحبشى رضى الله تَعَالَى عَنهُ
ــ خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر.