السَّيِّد مُحَمَّد بن على بن حفظ الله بن عبد الرَّحْمَن بن يحيى بن على بن أَحْمد بن عِيسَى الْحسنى النعمى وَتقدم ذكر بَقِيَّة نسبه فى تَرْجَمَة أَخِيه السَّيِّد حسن بن على النعمى كَانَ السَّيِّد مُحَمَّد الْمَذْكُور جمال الْعلمَاء وتاج الْحُكَمَاء سيد جَلِيلًا وأديبا نبيلا علم الْمعَانى الحسان والناسج من وشى البلاغة مَا يقصر عَنهُ بديع الزَّمَان لَهُ الشّعْر الرَّائِق والنثر الْفَائِق عَنى بجمعه ابْن أَخِيه صفى الدّين أَحْمد بن الْحسن بن على بن حفظ الله فى ديوَان فَمِنْهُ قَوْله متغزلا
(من لقلب مزاجه الاهواء ... وعيون أودى بِهن الْبكاء)
(لشجى متيم مستهام ... عَمه النوح دَائِما والاساء)
(يَا خليلى بالبكا ساعدانى ... فى عراص ربوعهن خلاء)
(دَار ليلى وَدَار نعم وَهِنْد ... وديار تحلها أَسمَاء)
(وَقفا بى هديتما لَو فواقا ... فوقوفي على الطلول شِفَاء)
(أَيهَا الرَّسْم هَل تجيب سؤالا ... لمشوق أودت بِهِ البرحاء)
(كَائِنا عَن وداد ليلى بهند ... وبنعم وشوقه أَسمَاء)
(وَكَذَا كل مولع بحبيب ... يتكنى وَهل تفِيد الكناء)
(بح غراما ان كنت حلْس وداد ... وَقل اللوم فى الحسان هذاء)
(انا حلف الغرام فى كل حِين ... وفؤادى من السلو هَوَاء)
(كلما أزمع الْفُؤَاد سلوا ... ذكرتنى وهنانة هيفاء)
(ذَات قد كَأَنَّهُ غُصْن بَان ... جللته غمامة سَوْدَاء)
(وعيون فواتر ساجيات ... رسل الْمَوْت بَينهَا كمناء)
(قائلات لمن تمنى لقاها ... لابقاء مَعَ اللقا لابقاء)
(وقدود بميلها تتثنى ... ظاميات أكفالهن رواء)
(يطْمع الصب لينها فى لقاها ... وهى للصب صَخْرَة صماء)
(لم أنلها بِالْعينِ الا اختلاسا ... رد عينى عَن الصِّفَات الضياء)
(وعدانى عَن ازديارى حماها ... رقباها وصدها الرقباء)
(فترانى أَهْوى الْمَمَات طماعا ... لازديارى مِنْهَا وَبئسَ الرَّجَاء)
(أَو أَرْجَى يَوْم النشور لقاها ... وَكثير من الرَّجَاء هباء)
(انما الْحبّ ذلة وغرور ... وسقام يكل عَنهُ الدَّوَاء)
وَقَوله أَيْضا
(سمحت بوصل المستهام العاشق ... هيفاء خصت بالجمال الْفَائِق)
(بَيْضَاء صامتة الموشح طفلة ... تزرى الْقَضِيب بلين قد باسق)
(من بعد مَا شحت بِطيب وصالها ... نحوى ومل تسمح بطيف طَارق)
(وافت وثوب اللَّيْل أسود حالك ... فى جسم عاشقها وزى السَّارِق)
(باتت ذوائبها الحسان قلائدى ... وموسدى نعم الذِّرَاع الرَّائِق)
(نشكو الجوى ونبث سر غرامنا ... فى غَفلَة الرقبا ونوم الرامق)
(لله من وصل هُنَالك نلته ... فى جنح ليل غيهبى غَاسِق)
(فى لَيْلَة ظلما كَأَن نجومها ... فى لج بَحر أوثقت بوثائق)
(من شادن غنج أغن مهفهف ... أحوى الْعُيُون بديع صنع الْخَالِق)
(ملك الْفُؤَاد بدله ودلاله ... فجوانحى كجناح طير خافق)
(تالله لَا أنساه لَيْلَة قَالَ لى ... لَا تنس منى مَحْض ود صَادِق)
(واسأل فُؤَادك عَن فؤادى انه ... ينبيك عَمَّا جن قلب الوامق)
(واليك يَا سبط المكارم حلوة ... عذرا تضوع عنبر اللناشق)
(أَلْقَت اليك زمامها منقادة ... وتبرزت نَحْو اللبيب الحاذق)
(فَاجْعَلْ اجازتها الْجَواب فانه ... طب الْفُؤَاد المستهام العالق)
وَله من قصيدة مدح بهَا الامام مُحَمَّد بن الْحسن بن الْقسم مطْلعهَا
(سقى المنحنى صوب من المزن هاطل ... وسحت على كثب العقيق الْمسَائِل)
(فألبسها من حلَّة النبت سندسا ... وماس غضاها تزدهيه الغلائل)
(منَازِل أنس للاوانس حبذا ... لَدَى الصب هاتيك الرِّبَا والمنازل)
(وملعب غزلان ومسرح ربرب ... وَمَا الدَّار شجو الصب لَوْلَا الأواهل)
وَمِنْهَا
(فيا من لصب تيمت قلبه النَّوَى ... وجار الْهوى فِيهِ وَمَا الْبَين عَادل)
(تحامته أَحْدَاث الزَّمَان لانه ... بِأَكْنَافِ عز الدّين وَالْملك نَازل)
وَمِنْهَا فى مدحه
(وَمَا اشتبهت يَوْمًا لَدَيْهِ قَضِيَّة ... من الامر الا ظافرته الدَّلَائِل)
(وَلم ينأ جَبَّار عَلَيْهِ بِجَانِب ... من الامر الا قربته الصواهل)
وَمِنْهَا
(تلاقى العطايا والنوائب والوغى ... ووجهك وضاح وكفك باذل)
(لذَلِك لَا يلفى ببرك سَائل ... وَكَيف يلاقى حَضَرنَا وَهُوَ سَائل)
وَمِنْهَا
(وحسبى من التَّفْصِيل مَا أَنْت أَهله ... وفى النّيل للمرتاد شرب ونائل)
(ودمت لَهُم بل للبرية عَن يَد ... وعلمك مأهول وَمَالك راحل)
وَله فى النسيب
(يتمتنى بجيدها والدلال ... وأباحت دمى بِغَيْر قتال)
(ذَات فرع كَأَنَّهُ جنح ليل ... وجبين يحْكى ضِيَاء الْهلَال)
(وسواج ينفثن سحرًا مُبينًا ... وهى للعاشقين أى نبال)
(وَلها الْحَاجِب الازج قسى ... ان قَتْلَى مَا بَين تِلْكَ النصال)
(غضة بضة رداح شموع ... برزت فى صفاتها والخصال)
(تسلب الخشف جيده ورناه ... وتصاهى فى الافق بدر الْكَمَال)
(جلّ من خصها بِحسن بديع ... وبراها شخصا بِغَيْر مِثَال)
(رَوْضَة للعيون بَين رياض ... عللت بالمجلجل الهطال)
(عذل العاذلون لى عَن هَواهَا ... لَيْسَ يصغى سمعى الى العذال)
(لست أنسى مِنْهَا ليالى ود ... ان لله درها من ليالى)
(يَوْم أعطتنى الوداد دهاقا ... وسقتنى من ثغرها السلسال)
(من شنيب كَأَنَّهُ عقد در ... شيب بِالْخمرِ والمعين الزلَال)
(فى خلاء عَن الرَّقِيب وواش ... ساعدى فرشها وفرش الدَّلال)
(فلئن أسعدت على الْوَصْل غيرى ... وحمتنى اللقا وطيف الخيال)
(فلكم فزت باللقاء قَدِيما ... فى ليلاتنا القدام الخوالى)
(فَمن الْمبلغ السَّلَام اليها ... من كئيب حذته حَذْو النِّعَال)
(وأذابته بالصدود وخلت ... مدمعيه تفيض فيض السجال)
(وَعَلَيْكُم أحباب قلبى سَلام ... كل يَوْم مَا مَال فئ الظلال)
(أَو تذكرت وصلكم فشجانى ... أَو سفحت الدُّمُوع فى الاطلال)
وَله
(تيمتنى ذَات الخدود الرهاف ... وبرتنى ذَات القدود اللطاف)
(طفلة تفضح الْقَضِيب قواما ... تسبل اللَّيْل فَوق رمل الحقاف)
(صور الله شخصها من ضِيَاء ... ولجين ولؤلؤ الاصداف)
(أَعلَى من هوى لتِلْك ملام ... لَا وَرب الْحَدِيد والاحقاف)
وَله غير ذَلِك مِمَّا يطول بِهِ ذيل الْكَلَام وَكَانَت وِلَادَته فى سنة سِتّ وَعشْرين وَألف وَتوفى فى عشرى جُمَادَى الْآخِرَة سنة تسع وَسبعين وَألف بِجِهَة مور وَبهَا دفن والنعمى تقدم الْكَلَام عَلَيْهَا فى تَرْجَمَة الْحسن وَالله أعلم
ــ خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر.