محمد بن علي السيفي الطرابلسي

تاريخ الوفاة1032 هـ
مكان الوفاةقونيا - تركيا
أماكن الإقامة
  • طرابلس - لبنان

نبذة

الأمير مُحَمَّد بن علي السيفى الطرابلسى أحد أُمَرَاء بنى سَيْفا حكام طرابلس الشَّام وولاتها الْمَشْهُورين بِالْكَرمِ والادب كَانَ هَؤُلَاءِ الْقَوْم فى هَذَا الْعَصْر كبنى برمك فى عصرهم فضلا وكرما ونبلا مَا برحوا فى طرابلس لَهُم الْعِزَّة الزاهره وَالْحُرْمَة الباهره والدولة الظاهره وهم مقصد كل شَاعِر ومورد كل مادح ومدحهم شعراء كَثِيرُونَ قصدوهم وَكَانَ يُعْطون أعظم الجوائز وَكَانَ الامير مُحَمَّد بَينهم كالفضل فى بنى برمك وَكَانَ من أهل الادب الظَّاهِر وَالْفضل السامى أديبا فَاضلا بليغا ولى حُكُومَة طرابلس

الترجمة

الأمير مُحَمَّد بن علي السيفى الطرابلسى أحد أُمَرَاء بنى سَيْفا حكام طرابلس الشَّام وولاتها الْمَشْهُورين بِالْكَرمِ والادب كَانَ هَؤُلَاءِ الْقَوْم فى هَذَا الْعَصْر كبنى برمك فى عصرهم فضلا وكرما ونبلا مَا برحوا فى طرابلس لَهُم الْعِزَّة الزاهره وَالْحُرْمَة الباهره والدولة الظاهره وهم مقصد كل شَاعِر ومورد كل مادح ومدحهم شعراء كَثِيرُونَ قصدوهم وَكَانَ يُعْطون أعظم الجوائز وَكَانَ الامير مُحَمَّد بَينهم كالفضل فى بنى برمك وَكَانَ من أهل الادب الظَّاهِر وَالْفضل السامى أديبا فَاضلا بليغا ولى حُكُومَة طرابلس بعد الامير يُوسُف السيفى الآتى ذكره ان شَاءَ الله تَعَالَى وبذل العطايا وَكَانَت احساناته تستغرق الْعد ويحكى عَنهُ من ذَلِك مَا يبعد وُقُوعه فَمن ذَلِك مَا حَكَاهُ الاديب الشَّاعِر مُحَمَّد بن ملحة العكارى وَكَانَ من شعراء الامير المختصين بِهِ قَالَ لما دهم الامراء بنى سَيْفا الْخطب من فَخر الدّين بن معن وَركب عَلَيْهِم وحار بهم كنت اذ ذَاك فى خدمَة الامير مُحَمَّد فَمَا بَرحت أدافع عَنهُ بالمقاتلة حَتَّى لقينى رجل من عَسْكَر ابْن معن فضربنى على رجلى بِسيف فجرحها فَبعث بى الامير الى منزله وَأمر بمعالجة رجلى حَتَّى برأت وَكَانَ أَمرهم انْتهى الى الصُّلْح والصافاة فَخرج الامير يَوْمًا الى التَّنَزُّه وَأَنا مَعَه وَكَانَ الْفَصْل فصل الرّبيع وَقد أزهرت الاشجار فَجَلَست الى جَانب شَجَرَة مزهرة فسألنى عَن رجلى فَقلت قد برأت وَأُرِيد أَن أريك قوتها ثمَّ ضربت بهَا تِلْكَ الشَّجَرَة فَتَنَاثَرَ من نوارهاشئ كثير فسر بذلك وَأمر لى بجائزة من الدَّنَانِير بِمِقْدَار مَا سقط من النوار وَكَانَ شَيْئا كثيرا واختص بِهِ جمَاعَة من الشُّعَرَاء كحسين بن الجزرى الحلبى وسرور ابْن سِنِين وَكَانَ يَقع بَينهمَا محاورات بِحَضْرَتِهِ حَتَّى خَاطب الامير مُحَمَّد بن الجزرى بقوله معرضًا بسرور وَقد كَانَ انْقَطع عَن الْمجْلس أَيَّامًا
(وحقك مَا تركت عَن ملال ... وسهو أَيهَا الْمولى الامير)
(وَلَكِن مذ ألفت الْحزن قدما ... أنفت مواطنا فِيهَا سرُور)
وأنشده بديهة فى مجْلِس شراب وسرور حَاضر وَقد ألْقى فرَاش نَفسه الى النَّار
(يظنّ الْفراش اللَّيْل سجنا مُؤَبَّدًا ... عَلَيْهِ وضوء الشَّمْس من سجنه بَابا)

(كَذَاك السخيف الْعقل يقصى مهذبا ... كَرِيمًا ويدنى نَاقص الْعقل مُرْتَابا)
وَطلب الامير حُسَيْنًا لَيْلَة للشُّرْب فَجَاءَهُ وَهُوَ سَكرَان فأنشده ارتجالا
(يَا ابْن المكارم والعلا ... انى أريك الذَّنب منى)
(فَلَقَد ثملت بليلتى ... فى منزلى من خمردنى)
(وَالْعَفو من شيم الْكِرَام فان تشَاء عَفَوْت عَنى)
وأنشده بديهة فى مجْلِس شراب
(خلونا بدار للمدام تكَاد أَن ... تماثلها الافلاك لَوْلَا نعيمها)
(فهذى الندامى كالبدور شمسها الامير وأقداح المدام نجومها ... )
وَكَانَ مَعَه فى قبولا بجبل عكار فَأوقد نَار اشعاعها مُتَّصِل بالجو فأنشده بِأَمْر مِنْهُ
(كَأَن نارك يَا مولاى قلب شج ... بِهِ الصبابة تعلو حِين تشتعل)
(وَمن أشعتها فى الجو أَلْسِنَة ... تَدْعُو الاله ببقياكم وتبتهل)
وسافر الامير مُحَمَّد الى حلب فى عَاشر ذى الْحجَّة سنة أَربع وَعشْرين وَألف فَبلغ حَسبنَا أَن بعض حساده اكثروا الوقيعة فِيهِ عِنْده فأنشده قصيدته الْمَشْهُورَة
(هلما نحييها ربى وربوعا ... وهيا نسقيها دَمًا ودموعا)
وهى من أعذب شعره وأحلاه وَلَوْلَا شهرتها لذكرتها بِتَمَامِهَا وللامير مُحَمَّد بن القريض مواليا كثير وَلم أظفر لَهُ بشئ من الشّعْر وَلَعَلَّه كَانَ ينظم وَكَانَت وَفَاته فى سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَألف بِمَدِينَة قونية مسموماً وَكَانَ مُتَوَجها الى الرّوم هَكَذَا رَأَيْته بِخَط الاديب عبد الْكَرِيم الطارانى وَلما بلغ ابْن الجزرى خبر وَفَاته قَالَ يرثيه
(وَلما احتوت أيدى المنايا مُحَمَّد الامير بن سَيْفا طَاهِر الرّوح وَالْبدن)
(تعجبت كَيفَ السَّيْف يغمد فى الثرى ... وَكَيف يوارى الْبَحْر فى طية الْكَفَن)
حكى ان أُخْتا للامير مُحَمَّد سَمِعت بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ فَبعثت الى ابْن الجزرى بسبعمائة قِرْش وَفرس وَكَانَ الامير الْمَذْكُورَة نظام الْبَيْت السيفى وَمن بعده تقلب بهم الزَّمَان وَخرجت عَنْهُم الْحُكُومَة وَتَفَرَّقُوا أيادى سبا وَحكى لى بعض الادباء قَالَ أخبرنى بعض الادباء قَالَ أخبرنى بعض الاخوان انه جاور مِنْهُم امْرَأَة بِدِمَشْق وَكَانَت تعرف الشّعْر حق المعرة قَالَ فسألتها يَوْمًا عَن دولتهم وَمَا كَانُوا فِيهِ من النِّعْمَة فتنهدت وأنشدت

(كَانَ الزَّمَان بِنَا غرافا فَمَا بَرحت ... بِهِ الليالى الى أَن فطنته بِنَا)

ــ خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر.

 

 

محمد بن علي السيفي الطرابلسي:
من أمراء بني سيفا، حكام طرابلس الشام، يتوارثونها خلفا عن سلف، وكانت لهم شهرة بالكرم والأدب. وهم أكراد الأصل. وصاحب الترجمة من خيارهم.
كانت له معارك مع الأمير فخر الدين المَعْني. وفي خلاصة الأثر أن للأمير محمد كثيرا من (المواليا) وكان جوادا شجاعا. ولي بعد الأمير يوسف السيفي (سنة 1025 هـ وتوفي مسموما في رحلة قام بها إلى بلاد الروم (تركيا) وانهار البيت السيفي بعده .

-الاعلام للزركلي-