مُحَمَّد باشا نَائِب حلب وأذنة ودمشق ذكره النَّجْم الغزى وَقَالَ فى تَرْجَمته كَانَ وزيرا ولى نِيَابَة حلب فى سنة احدى وَثَلَاثِينَ وَألف وَكَانَ ظَالِما ثمَّ عزل عَنْهَا وَولى مَدِينَة أذنة وأساء الحكم فِيهَا حَتَّى حرج على البضائع كلهَا فَلَا يَبِيعهَا جلابها الا لمن عينه من جماعته ثمَّ تبَاع للسوقة بعد ذَلِك ثمَّ لما خلع السُّلْطَان مصطفى عَن الْملك وسلطن السُّلْطَان مُرَاد ولى على باشا الْمُنْفَصِل عَن بَغْدَاد الوزارة الْعُظْمَى وَكَانَ أَخُو مُحَمَّد باشا الْمَذْكُور تلخيصا عِنْده وَالتَّلْخِيص عبارَة عَن مرسال بَين السطلان والوزير يذهب بعروض التوجيهات وَغَيرهَا من المعروضات ويأتى بِالْجَوَابِ فسعى لاخيه فى ولَايَة دمشق فَلَمَّا وَليهَا أرسل متسلما عَنهُ يُقَال لَهُ كنعان فَدخل دمشق فى يَوْم الِاثْنَيْنِ خَامِس صفر سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَألف وَوَافَقَ دُخُوله اشتعال الْفِتْنَة بِسَبَب انكسار عَسْكَر دمشق فى سادس الْمحرم صُحْبَة الْوَزير مصطفى باشا وَذَلِكَ أَن الْعَسْكَر الشامى كَانُوا قصدُوا محاربة أَوْلَاد الحرفوش واخراجهم من بعلبك وطلبوا من مصطفى باشا أَن يخرج مَعَهم فَأبى أَولا وَأمر بالتربص فَلم يرْضوا الا بِخُرُوجِهِ فَخرج بهم بعد أَن كتب عَلَيْهِم حجَّة بذلك وَلما تقَابل الْفَرِيقَانِ انْكَسَرَ الْعَسْكَر الشامى وَوَقع الْوَزير الْمَذْكُور فى أيدى عشير بن معن ثمَّ بقى عِنْده بالبقاع أَيَّامًا ثمَّ ذهب مَعَه الى بعلبك فى طلب أَوْلَاد الحرفوش وَوَقع الرأى من قاضى الْقُضَاة بِدِمَشْق الْمولى عبد الله الشهير ببلبل زَاده وعقلاء النَّاس أَن يذهب جمَاعَة فى طلب عوده الى دمشق فعين القاضى جمَاعَة من الْوُجُوه فَخَرجُوا من دمشق الى بعلبك وَأَقَامُوا بهَا اثنى عشر يَوْمًا ثمَّ عَادوا فى خدمَة مصطفى باشا فَدخل دمش يَوْم الْخَمِيس تَاسِع وعشرى محرم والفتنة قَائِمَة فَلَمَّا كَانَ يَوْم السبت ثانى صفر عقد عِنْد الْوَزير مجْلِس عَظِيم كتب فِيهِ حجَّة على الْعَسْكَر أَنهم لَا يرابون وَلَا يتجاوزون الْحُدُود فى خدمهم مَعَ أُمُور أُخْرَى فَبَيْنَمَا النَّاس على ذَلِك وَطَائِفَة العسرك فى أَمر مريح بِسَبَب ذَلِك اذ دخل كنعان متسلم مُحَمَّد باشا صَاحب التَّرْجَمَة فسلمه مصطفى باشا الْبَلَد أَيَّامًا ثمَّ رفع يَده عَنْهَا خوفًا من اثارة الْفِتْنَة ثَانِيًا بِسَبَب أَن مُحَمَّد باشا انحاز اليه حَمْزَة الكردى أحد رُؤَسَاء الْجند وجماعته الفارون فاذا دخل دخلُوا الى دمشق واذا دخلوها طَلَبهمْ ابْن معن وَلَا يسلمُونَ اليه فَيدْخل الشَّام فى طَلَبهمْ وَكَانَت أهالى دمشق قد تقدم لَهُم مِنْهُ مخافات وأراجيف حَتَّى نقلوا أمتعتهم وأثقالهم من خَارج الْمَدِينَة الى داخلها مرَارًا فَرفع مصطفى باشا يَد كنعان عَن الْبَلَد بِسَبَب ذَلِك ثمَّ عقد عِنْده مَجْلِسا فى دَار الامارة بوم السبت سَابِع أَو ثامن من ربيع الاول جمع فِيهِ الْعلمَاء ووجوه الْعَسْكَر ثمَّ اجْتَمعُوا بقاضى الْقُضَاة بلبل زَاده وطلبوا مِنْهُ الْحُضُور الى الْجَامِع الاموى فَحَضَرُوا وَمَعَهُمْ أهل الْبَلَد وَكتب محْضر فى الْوَاقِعَة ليجهز الى طرف السلطنة ثمَّ خرج الْجند الى القطيفة فَرَأَوْا بهَا مُحَمَّد باشا وَقد نزلها فأشاروا عَلَيْهِ بِالرُّجُوعِ الى حماه ليعرض ذَلِك الى السُّلْطَان ثمَّ عقد بعد ذَلِك مجْلِس آخر عِنْد القاضى وَكتب عرض آخر الى الْبَاب العالى وَخرج كنعان الى أستاذه وبقى الْوَزير مصطفى باشا بِدِمَشْق فَلَمَّا كَانَ عَشِيَّة الِاثْنَيْنِ ثانى جُمَادَى الْآخِرَة ورد من بعلبك حسن بن الطريفى بِحكم سلطانى بتقرير مُحَمَّد باشا وَكتاب مِنْهُ فى ذَلِك بعد أَن كَاتب مُحَمَّد باشا الامير فَخر الدّين بن معن ورضى بذلك فَلَمَّا كَانَ يَوْم الِاثْنَيْنِ تَاسِع عشر جُمَادَى الاخرة فى وَقت الضُّحَى سَافر مصطفى باشا من دمشق وفى صحبته قاضى الْقُضَاة بلبل زَاده الرئيس سهراب الدفترى معزولين وفى يَوْم الثلاثا وصل وطاق مُحَمَّد باشا الى المزة وَنزل بهَا آخر النَّهَار وَأقَام بهَا لَيْلَة الْأَرْبَعَاء ويومها وَتردد اليه بعض أهل الْبَلَد ونافقه بَعضهم ثمَّ دخل دمشق فى يَوْم الْخَمِيس من جِهَة القابون معرضًا عَن السَّلَام على النَّاس حَتَّى دخل دَار السَّعَادَة فَترد اليه بعض الناسل فَلم يقم لَاحَدَّ مِنْهُ ثمَّ انفطع يَوْم السبت عَن الْخُرُوج وعاثت جماعته فى الْبَلَد وضواحيها يمنة ويسرة كَانَ كل وَاحِد يُرِيد أَن ينْتَقم من دمشق وَأهلا وَظن النَّاس عدم خُرُوجه عَن تكبر فاذا هُوَ مَحْمُوم ثمَّ مَاتَ يَوْم الْجُمُعَة ختام جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَألف وَظهر بعد مَوته أَنه كَانَ لعلماء الْبَلدة فى نِيَّة شنيعة وَكَانَ مَوته لطفا من الله تَعَالَى بِهِ وَقَامَ مقَامه ابراهيم باشا الدفترى ثمَّ عِنْد الْغُرُوب من يَوْم مَوته ورد الى دمشق راكبان أخبرا أَن مصطفى باشا قرر على ولَايَة دمشق وَضبط تَارِيخ تَقْرِيره مصطفى باشا قرر وَهُوَ لطيف قلت وَصَاحب التَّرْجَمَة قد تقدم معرض فى ذكر مَوته فى حرف الْهمزَة فى تَرْجَمَة أَبى الْبَقَاء الصالحى وَهُوَ كالتتمة لما ذَكرْنَاهُ هُنَا
ــ خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر.