مُحَمَّد أَمِين الدفترى العجمى الابهرى محتدا القزوينى مولدا الدمشقى سكنا السابقى الطيارى نِسْبَة الى الامام جَعْفَر الطيار فِيمَا ادَّعَاهُ أحد ذوى النباهة والشان العالى والادب الوافر وَالْكر الباهر وَقد رزق الحظوة فى الاقبال وتوفرت لَهُ دواعى الآمال وَكَانَ فى الاصل من أَرْبَابًا العراقة وَالْمجد لَان وَالِده كَانَ وزيرا فى خُرَاسَان من جَانب سُلْطَان الْعَجم شاه طهما سبّ ثمَّ مَاتَ وَالِده فتفرقت أَوْلَاده فَوَقع كل وَاحِد مِنْهُم فى جَانب من الارض فَكَانَ مُحَمَّد أَمِين وَاقعا بِدِمَشْق ورد اليها فى سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة على صُورَة فُقَرَاء الْعَجم الَّذين يُقَال لَهُم الدراويش وَكَانَت لَهُ كِتَابَة حَسَنَة ونظم رائق بِالْفَارِسِيَّةِ ثمَّ انه خدم فى دمشق دفتريها مُحَمَّد ابْن كَمَال الدّين التبريزى فَأرْسلهُ الى قسطنطينية فى بعض مصَالح السلطنة فَتعلق بِخِدْمَة معلم السُّلْطَان مُرَاد الْمولى سعد الدّين وَرجع الى دمشق بشئ من مُرَتّب الْجِزْيَة بِدِمَشْق وَلم يزل يتَرَدَّد الى قسطنطينية حَتَّى اتَّصل بالمولى سعد الدّين أَشد اتِّصَال فعلا شانه وارتفع مَكَانَهُ وَتَوَلَّى على أوقاف عمَارَة السُّلْطَان بايزيد وتاثل وَبنى وَعمر وَتردد اليه أكَابِر المدرسين وأرباب الْحَوَائِج مِمَّن يُرِيد من الاوقاف ثمَّ انه ورد الى دمشق فى أَوَائِل سنة تسعين وَتِسْعمِائَة فى بعض الخدم السُّلْطَانِيَّة فَمَكثَ نَحْو سنة وسافر الى قسطنطينية ورسخ بهَا وَبلغ الحظوة التَّامَّة وراجع النَّاس وكاتبه ملك الْمغرب مولاى أَحْمد الْمَنْصُور وَقد ذكر أَبُو المعالى الطالوى الْكتاب الْوَارِد اليه من مولاى أَحْمد فى سانحاته وَذكر فى اثره جَوَابه الذى كتبه أَبُو المعالى على لِسَانه وَعَن لى أَن أذكرهما لِئَلَّا يَخْلُو كتابى مِمَّا يُخَاطب بِهِ أَمْثَال هَذَا الْملك ويخاطب بِهِ وَصُورَة الْكتاب هَذَا بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَأَصْحَابه وَسلم تَسْلِيمًا من عبد الله تَعَالَى الْمُجَاهِد فى سَبيله الامام الْمَنْصُور بِاللَّه أَمِير الْمُؤمنِينَ ابْن أَمِير الْمُؤمنِينَ الشريف الْحسنى أيد الله أمره وأعز نَصره بمنه ويمنه آمين الْمنزلَة الَّتِى لاحت من محبتنا لهَذَا الجناب العلوى من سَمَاء الطروس واتضح من شَوَاهِد ولائها وأمثلة خلوصها مَا أشرق شروق الشموس وأركضت فى الاعتلاق بحبلنا الْحسن طرف الصَّفَا غير حرون وَلَا شموس مثابة الْفَقِيه الْمُعْتَبر الامين الرضى الْمِسْكِين الاحظى الْمَاجِد الحسيب الاصيل العريق النسيب الزعيم الملاحظ الاثير الْوَجِيه الاديب الفهامة التَّحْرِير المثيل أَبى عبد الله مُحَمَّد الامين بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ الْعُظْمَى زَاد الله رتبته عَلَاء ومصاعدته لمراتب الْكَمَال ارتقاء سَلام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته أما بعد حمد الله مؤلف الْقُلُوب المتنائيه تأليف الشّرطِيَّة فى الالتئام للجزائيه وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على الرَّسُول الامين سيدنَا ومولانا مُحَمَّد النُّور الذى أنقذ الله بِهِ من غياهب الْهَلَاك وأزاح بهديه مَا للزيغ والضلال من مدلهمات الاحلاك وعَلى آله ذوى الْفضل الباهر والسودد الظَّاهِر والشرف الذى عز عَن المساجل والمفاخر وَصَحبه الَّذين أجروا جداول السيوف فى رياض الحتوف لاجتناء ثَمَر نصْرَة الشريعه وفتحوا أَبْوَاب الْجِهَاد سدا لكل سَبِيل من النِّفَاق وذريعه وَالدُّعَاء لهَذِهِ الْخلَافَة الْحَسَنَة الْبناء بالتأييد لهد قَوَاعِد الْكفْر هدا وسوق عَبدة الصَّلِيب الى سَاقِط سحائب المنايا وردا فانا كتبناه اليكم من دَارنَا الْعلية بحضرتنا المراكشيه حاطها الله ومواهب الله مَعَ الآناء متهللة الاسره وصنائعه الجميلة كفيلة بنيل كل مسره فَشكر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هَذَا وَقد انْتهى لمقامنا العلى من كتابكُمْ المرعى الذى ثج من سَمَاء بلاغته كل وسمى وَولى مَا أَقَامَ لكم بنادينا الْكَرِيم سوق الْوَلَاء على سَاق وَرفع لخلوصكم على صعدة الاحتفال اللِّوَاء الخفاق وَتمكن ودكم بِهَذَا الجناب العلوى أى تَمْكِين وَاسْتقر من وافر الْقبُول عَلَيْهِ بِرَبْوَةٍ ذَات قَرَار ومعين وأدلى بحجج تسفر عَن الاعتلاق بمحبتنا اسفار الصَّباح وأدلة هى فى مقَام الْجلاء والظهور كَالشَّمْسِ فى الاتضاح فتقرر لدينا من حسن اعتقادكم وصريح ودادكم على أَلْسِنَة الارسال والاقلام مَالا يحْتَاج بعد الى دَلِيل يُقَام والتحف الادبية الَّتِى انتقتها ايدى عنايتكم لخزانتنا العلمية قد وافت الينا فألفت من الهش لَهَا والترحاب بهَا مَا لَا يقدر على تكييفه وَلَا تمد أيدى الاسترابة الى تحويله وتحريفه نتيجة عَن مُقَدّمَة فى شكل المضاهاة معمله غير مُعَارضَة بِمَا يناقضها وَلَا مهمله وَالْقدر الذى تتصورونه من المبالاة بكم والاعتناء بشأنكم لكم عندنَا أضعافه مبره مسيرَة اليكم أَن شَاءَ الله تَعَالَى أَنْوَاع الجذل والمسره وحظكم لدينا ملاحظ بِعَين الايثار مرعى من علائنا بِكُل اعْتِبَار وَالله يتَوَلَّى حراستكم بمنه ويمنه وَالسَّلَام وَكتب فى أواسط جُمَادَى الْآخِرَة سنة تسع وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة وَهَذَا هُوَ الْجَواب ادام الله تَعَالَى جلال اقبال الدولة الامامية الحسنية الشَّرِيفَة وضاعف كل حِين حلاها وَعقد رايات النَّصْر وَالظفر بألويتها العلوية المجاهدية المنصورية وأسبغ فى الْعَالمين ظلالها وَلَا زَالَ مقَامهَا الشريف الْمَكَان والمكانة فى الْخلَافَة مَحْمُودًا ولواؤها الخفاق بالنصرة الْكَامِلَة على الاعداء معقودا مَضْرُوبا سرادق مجدها الشامخ على هام المجرة والنجم والسماك مَنُوطًا شرفها الباذخ بمستقر الافلاك فرع الدوحة الهاشمية العلوية المتفرع من الاغصان الزكية المرتضويه فيا لَهَا دوحة زكا غصنها الرطيب فى الْخلَافَة ونما من شَجَرَة أَصْلهَا ثَابت وفرعها فى السما مهبط الوحى ومتنزل الرّوح الامين مقَام عصمَة الامام ابى عبد الله أَمِير الْمُؤمنِينَ منزع الهمم وملاذ الاسلام ومفزع الامم ومصار الانام مقرّ السِّيَادَة والعز المكين وقرار السَّعَادَة والنصر والتمكين كتاب صدر عَن ساحة علا مجدها هام الْكَوَاكِب وزاحم شرفها الجوزاء بالمناكب طلع فى سَمَاء الْخلَافَة كوكبها السيار ونار ولمع نوره فكاد سنا برقه يذهب بالابصار نسب طَاهِر وَحسب ظَاهر فَللَّه كم جلت سَواد الْكفْر عَن الْمغرب بامراهها بيض صفاحه وارتشفت من ثغوره اللمياء بأفواهها سمر رماحه وَايْم الله لقد تبسمت ضاحكة تِلْكَ الثغور من ذَلِك الْعَزْم الناصرى والرأى الْمَنْصُور لَا زَالَت هام الاعداء لسيوفه غمدا يسوقهم الْقدر كل حِين لمشرع الردى وردا منوها باسم من تشرف بانتمائه الى ذَلِك الجناب اسْمه وَقد شام من مخائل تِلْكَ الحضرة بارق الْوَلَاء فَصدق توسمه فداخله بذلك مَسَرَّة وجذل كادا يردان عَلَيْهِ شبابه المقتبل حَيْثُ كَانَ من النعم الجسام التنويه بِذكرِهِ فى ذَلِك الْمقَام فشكرا على نعمائه الظاهره وآلائه المتظاهره وَأما التنويه بِذكر مَا خدم بِهِ ذَلِك القيطون الشريف برسم الخزانة العلمية والقمطر المنيف على يَد أخينا ذَلِك الْفَاضِل الاديب والكامل الاريب من نور الْفضل فى جَبينه متلألىء أَبُو عبد الله مُحَمَّد الفشتالى خَادِم السدة الشَّرِيفَة العلياء والعنة المنيفة القعساء فَأمر لَا تفى الالسنة بشكره والاقلام على توالى الازمنة وَمر الايام حَيْثُ وَقع الْموقع من ذَلِك الجناب المضمخة سوحه الشَّرِيفَة بالاناب هَذَا وَمَا زَالَ العَبْد رافلا كل آن فى حلل الامتنان والاحسان مُعْلنا فى كل نَادَى بشكر تِلْكَ الايادى الَّتِى وصلته الْمقَام الرفيع نَادِيه الفائز بالسعادة حاضره وباديه فلهَا على السندس والاستبرق مزيه حَيْثُ وَافَقت شعار السَّادة العباسيه على يَد قَاصد الحضرة عبد الْعَزِيز ذَلِك الشَّيْخ الْجَلِيل فَكَانَت جملا أغنت عَن التَّفْصِيل وفى الاعتاب الهاشميه والابواب العلوية العليه مَكَارِم أَخْلَاق ان شَاءَ قَامَت بِعُذْر خدامها فى التَّقْصِير عَمَّا كَانَ اللَّائِق بمقامها من ارسالي نفائس الْكتب الادبيه لتتشرف بانحيازها الى تِلْكَ الخزانة الشَّرِيفَة العلميه لعَارض جر حرمانى بالجوار سلب مَعَه عَن الجفن الْفِرَار والقرار وَمولى بَابهَا وَعبد جنابها مَوْلَانَا عبد الْعَزِيز على ذَلِك شَاهد عدل وَحكمه فى امْتِثَال هَذِه الْقَضِيَّة هُوَ الْفَصْل سيصدق الحضرة الْمقَال حَيْثُ شَاهد بالعيان حِكَايَة الْحَال وَالْعَبْد مَا زَالَ فى تدارك مَا فرط فى حب مَوْلَاهُ فى الْعَام الْقَابِل ان شَاءَ الله موصلا لثم بِسَاط الثرى متضرعا لإله يسمع وَيرى أَن يخلد ذكر الدولة المنصورية على صفحات الايام ويربط أطناب معدلتها بِأَوْتَادٍ الخلود والدوام الى قيام السَّاعَة وَسَاعَة الْقيام بِمُحَمد وَآله وعترته الطاهرين وَصَحبه المنتخبين قاصرا على فَاتِحَة ثنائه بِنَفسِهِ فى خَاتِمَة وَهَذَا آخرهَا قلت وَكَانَ صَاحب التَّرْجَمَة يجمع نِفَاس الْكتب ويرسلها الى مولاى الْمَنْصُور الْمَذْكُور فبسبب ذَلِك كَانَت المراسلات بَينهمَا غير مُنْقَطِعَة ثمَّ طلب بنت منلا أغا التبريزى نزيل دمشق وَهُوَ الذى كَانَ مُعْتَمدًا على الْعِمَارَة السليمانية وَكَانَ من وُجُوه الاعيان أَصْحَاب الوجاهة فَتزَوج بهَا وقطن بِدِمَشْق فى دَار المنلا الْمَذْكُور الْمَشْهُورَة بمحلة القيمرية وَتَوَلَّى خدمَة الدفاتر السُّلْطَانِيَّة بِالشَّام وَمَات منلا أغا وَاسْتمرّ سَاكِنا فِي بيوته وباشر خدمَة الدفاتر باستقامة وصرامة ودقة نظر ثمَّ انه عزل عَنْهَا فسعى لنَفسِهِ فى أَن يكون متقاعدا بِدِمَشْق على قَاعِدَة أَرْكَان الدولة العثمانية اذا أَرَادَ رجل مِنْهُم أَن يتخلى عَن المناصب السُّلْطَانِيَّة ويقنع أَن يرتب لَهُ شئ من بَيت المَال فَأعْطَاهُ السُّلْطَان فى دمشق كل يَوْم مائَة وَخمسين قِطْعَة يأكلها وَهُوَ جَالس فى بَيته ثمَّ انه تشكى من مماطلة من يُحَال عَلَيْهِم من المباشرين لقبض الاموال السُّلْطَانِيَّة فَعرض ذَلِك على الْوَزير سِنَان باشا بن جغال لما ورد الى دمشق حَاكما بهَا فَعرض ذَلِك لحضرة السُّلْطَان مُحَمَّد فَأعْطَاهُ قَرْيَة فى الغوطة بِدِمَشْق وَيُقَال لَهَا الحرجله فَكَانَ يتَنَاوَل مرتبه من محصولها وَكَانَ فَاضلا فى التَّارِيخ جدا وفى اللُّغَة الفارسية والعربية ناظا كَاتبا فيهمَا وَكَانَ حسن الْخط منشئا للمكاتيب الحسان مداعبا كَرِيمًا عَارِفًا بِقدر الافاضل مُعَرفا لَهُم عِنْد أَرْبَاب الدولة وَكَانَ نحيف الْجِسْم لملازمته على أكل الافيون وَكَانَ غَالب فضلاء دمشق يَتَرَدَّدُونَ اليه ويعاشر مِنْهُم من تطيب عشرته وتصفو لَهُ مودته مِنْهُم أَبُو المعالى الطالوى وَالْحسن البورينى وَغَيرهمَا وَلَهُم فِيهِ المدائح الزاهرة ذكر الطالوى مِنْهَا كثيرا وَبِالْجُمْلَةِ فقد كَانَ من محَاسِن عصره الَّذين يتزين بهم وَجه مصره وَكَانَت وِلَادَته فى سنة سبع وَخمسين وَتِسْعمِائَة تَقْرِيبًا وَتوفى يَوْم الاربعا تَاسِع شهر ربيع الاول سنة تسع عشرَة بعد الالف وَدفن من الْغَد فى تربة منلا أغا قبلى الصابونية فى الصَّفّ الشرقى وَخلف من الْكتب نَحْو ثَمَانمِائَة كتاب من أنفس الْكتب.
ــ خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر.
تراجم
محمد أمين الدفتري العجمي الأبهري محتدا القزويني الدمشقي
الطياري
مشاركة
ملخص الشخصية
الاسم الكامل:
محمد أمين الدفتري العجمي الأبهري محتدا القزويني الدمشقي
تاريخ الميلاد:
957 هـ (1549م)
تاريخ الوفاة:
1019 هـ (1610م)
العمر:
62 سنة
مكان الميلاد:
مكان الوفاة:
أماكن الإقامة: