مُحَمَّد أَبُو سِرين بن المقبول بن عُثْمَان بن أَحْمد بن مُوسَى بن أَبى بكر بن مُحَمَّد بن عِيسَى ابْن القطب صفى الدّين أَحْمد بن عمر الزيلعى العقيلى صَاحب اللِّحْيَة رضى الله عَنهُ رَأَيْت تَرْجَمته بِخَط صاحبنا الْفَاضِل مصطفى بن فتح الله وَلست أدرى أهى لَهُ ام لغيره قَالَ فِيهَا لَيست تحضرنى عبارَة تنبئ عَن مَحَله وعلو مرتبته فى الْعلم وَالْولَايَة والقدم الثَّابِت فى مراقبة الله تَعَالَى وَالرِّعَايَة سَارَتْ بِذكرِهِ الركْبَان وَبلغ الشرق والغرب مَاله من علو الْمَكَان وَكَانَ فى عصره مرجع اللِّحْيَة وَمَا والاها من اقرى وَالْعرب مطيعون لَهُ اطاعة الامرا وَكَانَت دولة الاتراك لَا تصدر الا عَن رَأْيه واشارته وَلَا تخرج جَمِيع الْحُكَّام عَن طَاعَته وَكَانَ رَئِيسا عالى الهمة آمرا بِالْمَعْرُوفِ ناهيا عَن الْمُنكر صَاحب عبَادَة وزهاده مُمِدًّا من الله تَعَالَى سُبْحَانَهُ بالسعاده وَكَانَ حَافِظًا لِلْقُرْآنِ على ظهر قلبه كثير التِّلَاوَة لَهُ عَظِيم الْقيام بِهِ وَكَانَت اللِّحْيَة فى زَمَنه كالحديقة المزهره ووجوه بنى الزيلعى بِنور وَجهه ضاحكة مستبشره وَهُوَ مرجعهم فى الْمُهِمَّات والمدار عَلَيْهِ من بَينهم فى الملمات وَله المهابة فى الْقُلُوب وَالْجَلالَة فى النُّفُوس بِرُؤْيَتِهِ ينجلى كل هم وبوس وَكَانَ من الْكَرم فى ذروته الْعَالِيَة وَمن التَّوَاضُع بمكانة غَالِيَة مقدما فى قومه مُعظما فى عشيرته نَشأ على خير وفى خير وكنى بابى سِرين لانه كَانَ لَهُ سرتين وَلما ولد وَاجْتمعَ النَّاس من أَصْحَاب وَالِده لتسميته فى سابعه أَتَى بِهِ أَبوهُ وَوَضعه بَينهم وَقَالَ لَهُم من يقدر مِنْكُم يرفع رَأسه من الارض فَأخذ كل مِنْهُم بِرَأْسِهِ فَلم يقدروا على رَفعه فَقَالَ لَهُم وَالِده هَذَا صَاحب المنصب بعدى وَكَانَ لَهُ اخوة كبار أمّهم عَرَبِيَّة وَصَاحب التَّرْجَمَة أمه ام ولد فَأَرَادَ وَالِده تنبيههم على ذَلِك وَأَنه الاحق بِمَا هُنَالك وَفضل الله يؤتيه من يَشَاء وَلِصَاحِب التَّرْجَمَة مَعَ الاتراك وقائع كَثِيرَة وكرامات شهيرة وَكَانَ لَا يتَعَرَّض لَهُ أحد بِسوء إلا عطب وتصرفه فى عصره مَشْهُور وَعند النَّاس مَذْكُور وَمن كراماته انه وشى بِهِ بعض الحساد الى السَّيِّد الْحسن ابْن الامام الْقَاسِم وَمن جملَة مَا رَمَوْهُ بِهِ انه يعين الاتراك ويمدهم بِمَال من عِنْده وَيقدم لَهُم الْهَدَايَا ويحثهم على الْمُحَاربَة للائمة فارسل اليه جمَاعَة من أَتْبَاعه يَأْمُرهُ بالوصول اليه فاتوا بِهِ اليه وَهُوَ مَرِيض مَحْمُول على سَرِير وَكَانَ اراد قَتله بِمُجَرَّد وُصُوله فَلَمَّا أَتَوا اليه وَرَآهُ أَجله وأكرمه وَاعْتذر لَهُ من فعله وَأمر بإرجاعه الى بَلَده مجللا مكرما ثمَّ اشْتغل عَن ذَلِك فاتى اليه وَقَالَ لَهُ انى مَرِيض ومرادى أَمُوت ببلدى فجهزنى سَرِيعا وَاعْلَم انك ميت على أثرى فجهزه لوقته وَسَار الى بَلَده اللِّحْيَة فَلَمَّا وصل اليها جلس أَيَّامًا قَليلَة وَمَات وَكَانَت وِلَادَته فى سنة تسع وَخمسين وَتِسْعمِائَة وَتوفى فى ثانى شهر رَمَضَان سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَألف وَمَات فى اثره السَّيِّد الْحسن ابْن الإِمَام الْقَاسِم رَحمَه الله
ــ خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر.