يحيى بن عيسى الكركي السلطي

تاريخ الوفاة1018 هـ
مكان الولادةالكرك - الأردن
مكان الوفاةدمشق - سوريا
أماكن الإقامة
  • الكرك - الأردن
  • دمشق - سوريا
  • مصر - مصر

نبذة

يحيى بن عِيسَى الكركى من كرك الشويك وَيُقَال السلطى الملحد الزنديق كَانَ رجلا اسود خَفِيف العارضين قيل انه سَافر الى مصر فى طلب الْعلم وكانه عَاشر بعض الْمَلَاحِدَة فَغلبَتْ عَلَيْهِ اعتقادات فَاسِدَة وَبث فِيهَا شَيْئا من اعتقاداته حَتَّى ضرب ثمَّة ثمَّ انْتقل الى الكرك وَأخذ يسْعَى على ترويج أمره.

الترجمة

يحيى بن عِيسَى الكركى من كرك الشويك وَيُقَال السلطى الملحد الزنديق كَانَ رجلا اسود خَفِيف العارضين قيل انه سَافر الى مصر فى طلب الْعلم وكانه عَاشر بعض الْمَلَاحِدَة فَغلبَتْ عَلَيْهِ اعتقادات فَاسِدَة وَبث فِيهَا شَيْئا من اعتقاداته حَتَّى ضرب ثمَّة ثمَّ انْتقل الى الكرك وَأخذ يسْعَى على ترويج أمره فَكَانَ يكْتب أوراقا مشحونة بالفاظ الْكفْر ويرسلها من الكرك الى عجلون وَكَانَ بعجلون رجل من فُقَهَاء الشَّافِعِيَّة يُقَال لَهُ عبد الله بن المدله فَلَمَّا شَاهد مَا كتبه يحيى الْمَذْكُور استشاط وثار وأخذته الْغيرَة الدِّينِيَّة فَأرْسل اليه من جَانب حَاكم الْبِلَاد الامير حمدَان ابْن الامير فَارس بن ساعد الغزاوى فَلَمَّا وصل الى عجلون ادّعى عَلَيْهِ الشَّيْخ عبد الله الْمَذْكُور فأدبه القاضى بِضَرْب خَمْسمِائَة سَوط على رجلَيْهِ وعَلى بدنه وَرجع الى مقره فى بِلَاد الكرك فَأخذ أهل الكرك يشنعون عَلَيْهِ وَيَقُولُونَ لَهُ لَوْلَا الحادك مَا ضربك القاضى فان كنت تريدا غماض الْعين عَنْك وَترك التَّعَرُّض لَك فَاذْهَبْ الى دمشق واستكتب علماءها على كلامك هَذَا بانه من قَوَاعِد أهل الايمان وَكَانَ قبل ذَلِك يراسل الشَّيْخ شمس الدّين الميدانى من عُلَمَاء دمشق بالثناء عَلَيْهِ ثمَّ بَث اعتقاداته القبيحة ويقوله لَهُ اريد ان تكون نصيرى ووزيرى حَتَّى أظهر الدّين وَكَانَ الميدانى يكتم تِلْكَ الرسائل وَيَقُول لَعَلَّه مَجْنُون أَو جَاهِل ثمَّ دخل دمشق وَسكن الْقبَّة الطَّوِيلَة بمحلة القبيبات وَاجْتمعَ بعوام هوَام لَا يفرقون بَين الصَّحِيح والمعتل وَلَا يميزون بَين المنتظم والمختل وَشرع يكْتب أوراقا مُشْتَمِلَة على عِبَارَات فَاسِدَة التَّرْكِيب مختلة الْمَعْنى وَالتَّرْتِيب لَا لفظ لَهَا وَلَا معنى وَلَا سَاكن فى حيها وَلَا معنى وَرُبمَا تشْتَمل الصَّحِيفَة مِمَّا يَكْتُبهُ على مكفرات عديده وموجبات للردة جَارِيَة عَن فكرة لَيست بسديده وخاض فى ذَلِك حَتَّى غرق فى بَحر الضلاله وَجعل الشَّيْطَان كفره لَهُ حباله فَمن جملَة مَا كتب وَالْعِيَاذ بِاللَّه تَعَالَى انه صعد الى الْعَرْش وانه شَاهد الله تَعَالَى وَشَاهد فَوْقه الله أعظم ثمَّ شَاهد تَحْتَهُ الله غَيرهمَا فَصرحَ بالاشراك وَالْعِيَاذ بِاللَّه تَعَالَى الله عَن ذَلِك علوا كَبِيرا وَكتب الْخضر عَلَيْهِ السَّلَام أَخطَأ فى خرق السَّفِينَة وان الذى اعْترض عَلَيْهِ أَجْهَل مِنْهُ وَحمل عَنهُ بعض الطّلبَة رِسَالَة من رسالاته فِيهَا كثير من ضلالاته وَهُوَ غير مُنكر عَلَيْهِ فِيهَا بل أَتَى بهَا الى الشهَاب العيثاوى يقرظها ويزكيها وَكَانَ الكركى قبل ذَلِك بِيَوْم وَهُوَ يَوْم الْجُمُعَة رَابِع ذى الْقعدَة سنة ثَمَان عشرَة وَألف قد حضر الى الْجَامِع الاموى وَعقد مَجْلِسا اجْتمع عَلَيْهِ فِيهِ كثير بَث فيهم ضلالاته فَحمل الى قاضى الْقُضَاة السَّيِّد مُحَمَّد ابْن السَّيِّد برهَان الدّين فَأمر بِوَضْعِهِ فى البيمارستان ثمَّ ذهب الشَّمْس الميدانى فى الْيَوْم الثانى الى قاضى الْقُضَاة لمذكور وَعرض عَلَيْهِ رِسَالَة كَانَ بعثها الكركى اليه من عجلون مُشْتَمِلَة على الْحَط من مقَام النبي وعَلى لعن الشَّيْخ تقى الدّين الحصنى وَشتم الْعلمَاء ودعاوى فَاسِدَة واعتقادات مكفرة فَدَعَا قاضى الْقُضَاة الكركى اليه لَيْلًا وَسَأَلَهُ عَن الرسَالَة فاعترف بهَا وانها بِخَطِّهِ وَذكر انه تكلم بذلك فى وَقت الْغَيْبَة وفى اثناء ذَلِك وصلت الرسَالَة الاخرى الى العيثاوى وهى بِخَطِّهِ أَيْضا فى سنة أَو سَبْعَة كراريس وَكَانَت مُشْتَمِلَة على الطعْن فى الدّين وَأَهله وعَلى انكار وجود الصَّانِع جلّ وَعلا وَفعله بل على سبّ رب الْعَالمين وتجهيل الانبياء وَالْمُرْسلِينَ صَلَاة الله تَعَالَى وَسَلَامه عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ والحط من مقامات الْعلمَاء والانحراف عَن طَريقَة الْحُكَمَاء تَارَة يدعى فِيهَا الْحُلُول والاتحاد وَتارَة يعْتَقد حل مَا فى ايدى الْعباد وَتارَة يعْتَقد التناسخ والانتقال وَتارَة يصف بِالْعَجزِ والحيرة الْكَبِير المتعال وَتارَة يشْتم أول الامه وَتارَة يُنكر الْفضل وَالرَّحْمَة وَهُوَ مَعَ ذَلِك دَاعِيَة ضلاله ودجال بِأَمْر بالجهاله والعوام اتِّبَاع كل دجال لَا يفرقون بَين هداة وضلال فثار الْعلمَاء بِدِمَشْق لذَلِك وتحزبوا واجتمعوا لازالة هَذَا الْخَبيث وانتدبوا ثمَّ ذهب مِنْهُم أَولا الى القاضى الشهَاب العيثاوى وَالشَّمْس الميدانى وَالْحسن البورينى والنجم الغزى والقاضى تَاج الدّين التاجى فبادر القاضى لِلْخُرُوجِ اليهم وَقَالَ لَهُم وَالله لقد أزلتم عَنى كربَة بت فِيهَا وشبهة قَامَت عندى أَسَأْت بهَا الظَّن فى عُلَمَاء هَذِه الْبَلدة فانى تَأَمَّلت كفريات هَذَا الملعون واعلانه بهَا وَقد قبضت عَلَيْهِ واستودعته البيمارستان دون السجْن خوفًا ان تغلب علينا الْعَامَّة وتستخرجه خُصُوصا وَقد بلغنى ان بعض اكابر الْجند واشقاهم يَعْتَقِدهُ وَقلت فى نفسى سُبْحَانَ الله أكون فى مَدِينَة دمشق وَتَقَع لى هَذِه الْحَادِثَة وَلَا اجد فِيهَا من يساعدنى على انكارها ويعضدنى فى دفع ضَلَالَة هَذَا الْخَبيث وَأَنْتُم الْآن بحضوركم قد أزلتم عَنى العبئ الذى أثقلنى والشبهة الَّتِى اساءت فى الْعلمَاء اعتقادى ثمَّ حضر بَقِيَّة عُلَمَاء مِنْهُم مفتى الشَّام عبد الله البخارى والخطيب يحيى البهنسى ومفتى الْحَنَابِلَة الشهَاب أَحْمد الوفائى وَالشَّيْخ مُحَمَّد بن الغزال رَئِيس الاطباء وَالشَّيْخ مُحَمَّد الحزرمى وَالشَّيْخ حليمى مدرس الجقمقيه فى آخَرين فَلَمَّا تَكَامل الْمجْلس أَمر بالضال فَاحْضُرْ فى الاغلال وَقَامَ الشَّيْخ الميدانى اليه وبادر فَادّعى عَلَيْهِ فاعترف بِمَا ادّعى بِهِ وَلم يُنكر سَببا من اسبابه فاتفق أهل الْمجْلس على اكفاره وَحكم القاضى باراقة دَمه بعد تحقق اصراره وَكتب سجلا بِمحضر من الْعلمَاء وجم غفير من النَّاس وَأرْسل مَا كتب الى الْوَزير الْحَافِظ ليأمر بقتْله حذرا من الْفِتْنَة والباس فَوَقع الْوَزير بقتْله واشار بتطويفه كَمَا يفعل بِمثلِهِ وَحضر عِنْد القاضى أعوان الوالى وَأَرَادُوا تشهيره فى الْبَلَد فَأَشَارَ بعض الْعُقَلَاء بانه رُبمَا تظاهر بعض الْعَوام بتخليصه فَيَقَع الْخِصَام واللدد فالاولى ان يهرق دَمه عِنْد مجْلِس الشَّرْع الشريف ليظْهر بذلك ان سيف الشَّرِيعَة طائل الوقع لاهل الضلال والتحريف فَضربت عُنُقه بِفنَاء المحكمة وأطفئت نَار ضلالته الْمظْلمَة وَكَانَ ذَلِك يَوْم الثلاثا الثَّامِن من ذى الْقعدَة سنة ثَمَان عشرَة بعد الالف وطمس قَبره حافة نهر قليط فى حُدُود مَقْبرَة بَاب الصَّغِير وَقَالَ النَّجْم الغزى مؤرخا لمهلكه
(لقد لقى الشقى يحيى الكركى مهْلكا ... جَاءَ دمشق ليضل أَهلهَا فأهلها)
(فَقلت فى تَارِيخ قَطعك عنق يحيى مُشْركًا ... )
وَقَالَ الشَّيْخ عبد اللَّطِيف بن يحيى المنقارى
(وَلما أَن طَغى الزنديق يحيى ... بِدَعْوَى انه الرب اللَّطِيف)
(اتى فى قَتله تَارِيخ صحب ... دم الدَّجَّال اهدره الشريف)
ــ خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر.

 


الكَرَكي
000 - 1018 هـ = 000 - 1610 م)
يحيى بن عيسى الكركي:
زنديق ملحد. من أهل الكرك (من شرقي الأردن) تفقه بمصر. وعاد إلى بلده، فكتب أوراقا شحنها بالزندقة. فطلبه الحاكم " الأمير حمدان بن فارس ابن ساعد الغزاوي " إلى عجلون، وضربه 500 سوط. وذهب إلى دمشق، فعرض على الشهاب العيثاوي " رسالة " من ترهاته، طالبا تقريظها. وجلس في الجامع الأموي يحدث الناس، فزعم أنه صعد إلى العرش وأنه رأى الله تعالى، فقبض عليه وأرسل إلى " البيمارستان " وطلبه قاضي القضاة، ليلا، وأظهر له رسالة من إنشائه، تشتمل على لعن الشيخ تَقِيّ الدِّين الحِصْني وشتم العلماء ودعاوى فاسدة، فلم ينكرها، وذكر أنه كتبها في وقت " الغيبة " وعرض عليه " رسالة " أخرى، بخطه، في ستة أو سبعة كراريس، يطعن بها في الدين وأهله، وينكر وجود الصانع، ويجهّل الأنبياء، ويقول بالحلول والاتحاد، ويدعي أنه " الرب " فلم ينكر منها حرفا، فأعيد إلى البيمارستان. وراج أمره عند العامة وبعض كبار الجند، وخفيت الفتنة، فانعقد مجلس في دار القضاء، حضره المفتي ورئيس الأطباء وعدد من العلماء، وجئ به، وهو في الأغلال، فسئل، فاعترف، فأفتى المجلس بقتله. وكتب بذلك سجل أرسل إلى الوالي، فأمضاه. وضربت عنقه بفناء المحكمة، ولم يشهَّر به لئلا تحاول العامة إنقاذه  .
-الاعلام للزركلي-