محمد بن محمد بن برهان الحسيني الحميدي القسطنطيني
شيخي العلامة
تاريخ الوفاة | 1043 هـ |
مكان الولادة | استانبول - تركيا |
مكان الوفاة | جدة - الحجاز |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
السَّيِّد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن برهَان الحسينى الشهير بشيخى وبالعلامة الحميدى الاصل القسطنطينى المولد نقيب الاشراف بممالك الرّوم المحروسة الْعَالم الحبر المتبحر فى الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول الباهر السمت كَانَ عَالما بارعا نبيها نبيلا صَاحب أَخْلَاق حميدة وَمَكَارِم جزيلة وَمَعْرِفَة تَامَّة بِلِسَان الْعَرَب وَله أشعار وانشاآت غضة لَازم من شيخ الاسلام يحيى زَكَرِيَّا ودرس وَلما ولى الولى الْمَذْكُور قَضَاء الْعَسْكَر بروم ايلى ثانى مرّة صيره فى خدمَة التذاكر وَقد اتّفق لِابْنِ عَمه الْمولى السَّيِّد مُحَمَّد بن برهَان الشهير بشريف الْمُقدم ذكره انه كَانَ من ملازمى وَالِد الْمولى يحيى بن زَكَرِيَّا وصيره وَهُوَ قاضى الْعَسْكَر بروم ايلى فى خدمَة التذاكر ثمَّ تنقل صَاحب التَّرْجَمَة فى الْمدَارِس الى أَن وصل الى الْمدرسَة السليمانية ثمَّ ولى مِنْهَا قَضَاء حلب ثمَّ صَار قَاضِيا بالقدم فى سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَألف ونظم قصيدته الْمَشْهُورَة وتعرف بالثلجية ورتب لمن يقْرؤهَا كل لَيْلَة فى الصَّخْرَة الشَّرِيفَة وَقفا وهى الى الْآن تقْرَأ كل لَيْلَة ومطلعها قَوْله
(مَا الثَّلج ثلج على ذَا الطّور وَالْحرم ... نور تجلى بِهِ الرَّحْمَن ذُو الْكَرم)
(من عهد مُوسَى تجلى لَا نَظِير لَهُ ... لكنه شَامِل للْعَرَب والعجم)
مِنْهَا
(من أَيمن الطّور نَار الله قد سطعت ... هياكل النُّور فى الزَّيْتُون والاجم)
(من جَانب الرّوم ضيف قد ألم بِنَا ... أنجى الْخَلَائق من جَدب وَمن ألم)
(منور الْوَجْه شيخ من محاسنه الْبيض ببيض وَجه البان وَالْعلم ... )
(ثانى سُلَيْمَان من حفت أريكته ... فالريح تحملهَا بِالْخَيْلِ والحشم)
(تواضعا وَجهه فى الارض محتشم ... فَمن تخطاه قل يَا زلَّة الْقدَم)
ثمَّ عزل عَن قَضَاء الْقُدس فَوجه اليه قَضَاء الغلطة ثمَّ صَار نقيب الاشراف مَكَان ابْن عَمه الشريف الْمَذْكُور آنِفا وَوجه اليه رُتْبَة قَضَاء الْعَسْكَر بأناطولى وَعظم شَأْنه وروجع فى مهام الامور وشمله الْتِفَات السُّلْطَان مُرَاد وَكَانَ وافر السخاء والمروءة وَكَانَ مَجْلِسه مجمع الْفُضَلَاء من كل جَانب وَكَانَ يُورد عِنْده كل غامضة ويبث كل رائقة وَكثير من الادباء مدحوه وأثنوا عَلَيْهِ فَمنهمْ الاديب أَحْمد بن شاهين فانه كتب اليه هَذِه القصيدة لما صَار نَقِيبًا مهنئا لَهُ وهى
(ثَنَاء لآل الْمُصْطَفى وسناء ... بمطلع سعد لم تنله ذكاء)
(وأنى لشمس الافق مطلع سودد ... لَهُ من علا نور النبى سناء)
(وكل فخار بعد نور مُحَمَّد ... نبى الْهدى فى الْعَالمين مناء)
(لَك الْحَمد اللَّهُمَّ فِيمَا منحته ... وخيرتك اللَّهُمَّ حَيْثُ تشَاء)
(لصفوة هَذَا الْوَقْت من آل هَاشم ... وَمن قصرت عَن شأوه النظراء)
(لمولاى شيخ الدَّهْر علما وَمن لَهُ ... مَنَاقِب لم يظفر بهَا النُّقَبَاء)
(لعلامة الدُّنْيَا وحسبك شهرة ... لَهُ لقب دَانَتْ لَهُ الْعلمَاء)
(سما لمقام قد رقى بسموه ... لذاك لكل من علاهُ بهاء)
(وَمَا كَانَ الا الْبَدْر نورا ورفعة ... وحظ الورى مِنْهُ سنا وسناء)
(فَأصْبح شمسا لَا يُوَقت نورها ... سَوَاء صباح عِنْدهَا وَمَسَاء)
(وَمَا زَاده فخرا حُلُول برتبة ... بروج ذكاء فى السمو سَوَاء)
(وانك يَا مولاى أشرف ذَا الورى ... لذاك نَقِيبًا عدك الشرفاء)
(فيا ابْن رَسُول الله وَابْن وَصِيّه ... وَمن كل قلب فِيهِ مِنْك رَجَاء)
(كفيت من الدُّنْيَا وَأَنت ذخيرتى ... لاخراى يَا من دونه الكرماء)
(وَلَيْسَ قريضى بَالغا فِيك مِدْحَة ... ولاهى مِمَّا يبلغ البلغاء)
(وان اله الْعَرْش أوصى بفضلكم ... بنى الْمُصْطَفى فليقصر الشُّعَرَاء)
وَكتب اليه فى جَوَاب كتاب ورد اليه من جنابه هَذِه
(جاءنى من جناب شيخى كتاب ... مستطاب مهذب مألوف)
(من جناب الشريف صدر الموالى ... هُوَ ذَاك الْعَلامَة الْمَعْرُوف)
(دُرَر كُله وسحر وخمر ... فلآليه كُلهنَّ شفوف)
(فبألفاظه اهتديت فمهما ... قيل أَحْسَنت قلت انى رَدِيف)
(قَائِلا فِيهِ قل أجيبك مهما ... رمته عِنْد همتى للطيف)
(فترويت ثمَّ جِئْت بِبَيْت ... قَالَه شَاعِر خَبِير عريف)
(مالنا فى الندى عَلَيْك اخْتِيَار ... كل مَا يمنح الشريف شرِيف)
وَحكى والدى قَالَ أخبرنى الْمولى الْعَلامَة الشهَاب الخفاجى وَأَنا بِمصْر فى سنة سِتِّينَ وَألف أَنه كَانَ فى يَوْم من الايام فى مَجْلِسه الرفيع الْمقَام مَعَ جمَاعَة من الْفُضَلَاء وزمرة من الاماجد النبلاء فاحتجب الشهَاب عَن الْمجْلس لاجل الدُّخان وَكَانَ الْمَنْع عَنهُ قد حصل من حَضْرَة السُّلْطَان وَلما عَاد الى الْمجْلس أنْشد هذَيْن الْبَيْتَيْنِ وهما نظم وقتهما من غير مين
(اذا شرب الدُّخان فَلَا تلمنا ... وجد بِالْعَفو يَا روض الامانى)
(تُرِيدُ مهذبا من غير ذَنْب ... وَهل عود يفوح بِلَا دُخان)
قَالَ فَأجَاب صَاحب التَّرْجَمَة فى الْحَال على سَبِيل الارتجال
(اذ شرب الدُّخان فَلَا تلمنى ... على لومى لابناء الزَّمَان)
(أُرِيد مهذبا من غير ذَنْب ... كريح الْمسك فاح بِلَا دُخان)
وَمن آثَار قلمه البديعة مَا كتبه الى الامام الْهمام يُوسُف بن أَبى الْفَتْح امام السُّلْطَان وَهُوَ بِدِمَشْق
(يَا من علا بجماله ... وكماله أَعلَى الْعلَا)
(منى اليك تَحِيَّة ... حرز البقا لذوى العلى)
ينْهَى على رسم أولى النهى الى الْمحل الذى خصّه الْحسن والبها انه كُنَّا مجهزين اليه قبل تَارِيخه كتابا مَكْتُوبًا بمداد الصدْق والخلة وخطابا فِيهِ شِفَاء من الْعلَّة وَالْغلَّة ثمَّ قعدنا ناظرين بِمَ يرجع الْمُرْسل فَلم يظْهر مِمَّن رَحل وقفل وطلع وأفل نوع أثر من عين ونغمة خبر من ربَاب ذى رعين فَلَعَلَّ المجهز ضَاعَ فى الْبَين وَمَا ضَاعَ نشره بَين اثْنَيْنِ والا فالحبيب لَا محَالة وثيق الوفا سحيق عَن شفا جرف الجفا فَلَو وصل لوصل وَمَا قطع عروق مَا حصل ودمت يُوسُف الْحَقَائِق موفيا كيل الدقائق بَين مُتَّهم ومنجد ومشئم ومعرق وَكتب على رقْعَة دفعت اليه من بعض الْفُضَلَاء على يَد وَاسِطَة بعض خَواص الافاضل متضمنة لعتب حصل من الْمولى الْمَذْكُور يحْضرُون الى الْبَيْت ويحكون الْحِكَايَة كَيْت وَكَيْت قَضِيَّة الهجر فِرْيَة الواهمه والقطيعة من الْجِيرَان لَا من اهل كاظمه عِنْد الملاقاة تظهر الامور ولذى المصافاة يحصل شِفَاء الصُّدُور وَالسَّلَام وَكتب على اجازة لبَعض الحلبيين لما تشرفت بمطالعة هَذَا الطامور الْفَائِق على هياكل النُّور وقلائد الْحور بيمن مَا احتواه من ذكر الصَّالِحين الذى تنزل الرَّحْمَة عِنْده وَتحصل الاجور اللَّائِق كتبه بالمسك على الكافور بل سَواد أحداق الْحور على صَحَائِف قدود ربات الحجول والقصور ذكرتهم بِالدُّعَاءِ الصَّالح وَالثنَاء الْعطر الفاتح وأثنيت على صَاحبه الفائض الفالح بالمدح العبق اللائح مستمدا من روحانيتهم الْعَالِيَة متيمنا بِحسن الانتظام فى زمرتهم الساميه ومستمطرا سحب همتهم الهامية الناميه فَقلت فِيهِ مقرظا
(حققت أَن جمال الدّين من زمر ... حلوا مَحل سَواد الْقلب وَالنَّظَر)
(من أهل خرقَة تجويد بهَا ادرعوا ... والتاج بيضهم تحمى عَن الضَّرَر)
(من مشرب عبقرى بيضهم جدد ... المرتوى صدرهم من رَملَة الصَّدْر)
(المنتمين الى الباز المحلق فى ... جو الْعلَا الاشهب العالى عَن النّظر)
(طُوبَى لَهُ اذ جلا مرْآة خاطره ... بِخرقَة مِنْهُم تجلو عَن الكدر)
(جمال ذى الْعَصْر فى محياه دَامَ وَاد ... حلت شعوب جمال الْكتب وَالسير)
(بَين الالى فَرَأَوْا عزا لنظير لَهُ ... عز الفريدة فى عقد من الدُّرَر)
(فان لَهُ ينبح الحساد من حسد ... فَلَا يضر عواء الْكَلْب للقمر)
تمّ عزل عَن النقابة وَأعْطى قَضَاء مَكَّة المشرفة فسافر بحرا على طبق مَا أَمر بِهِ من قبل السُّلْطَان فَلَمَّا وصل الى ثغر جدة أدْركهُ بريد الْحمام وَذَلِكَ فى سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَألف
ــ خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر.