الْفَقِيه أَحْمد بن حسن الزهيري
أديب الْعَصْر وشاعره ولد تَقْرِيبًا سنة 1140 أَرْبَعِينَ وَمِائَة وَألف وَله في النظم الْيَد الطُّولى وجميعه غرر والسافل مِنْهُ قَلِيل وَقد وقفت على ديوانه فى مُجَلد لطيف وَأكْثر فى مدح أهل كوكبان السَّيِّد أَحْمد ابْن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن وأخيه عبد الْقَادِر وإبراهيم وَعِيسَى وَقَلِيل مِنْهُ في غير هَؤُلَاءِ من أَعْيَان كوكبان كأولاد الْأَرْبَعَة الْأُخوة الْمَذْكُورين وَله في مدح مَوْلَانَا الْأَمَام المهدي الْعَبَّاس بن الْحُسَيْن رَحمَه الله قصائد وَمَعَ طول بَاعه فِي الْأَدَب لَهُ في الْوَعْظ مَسْلَك حسن ويأتى فِيهِ بالرقائق ويستطرد كثيراً من الْأَشْعَار الَّتِى لَهَا موقع في الْقُلُوب ومطابقة في الْمقَام وَكَانَ يجْتَمع عَلَيْهِ بِجَامِع صنعاء جم غفير ولوعظه فِي الْقُلُوب قبُول وَله معرفَة تَامَّة بِعلم الآلة والْحَدِيث وَالتَّفْسِير وَالْأَدب وَفِيه ميل إِلَى الطَّرِيقَة وتشبه بِأَهْلِهَا وَله في حسن المحاضرة وحلاوة المفاكهة وملاحة النادرة وإملاء غرائب الْأَخْبَار والأشعار مَا لَيْسَ لغيره فَهُوَ لَا يمل جليسه وَقد وَفد إليّ مَرَّات مُتعَدِّدَة وَجرى بيني وَبَينه من المطارحات الأدبية والمسائل العلمية مَا لَا يأتي عَلَيْهِ الْحصْر وَلَا أقدم عَلَيْهِ فِي جودة الشّعْر أحدا مِمَّن أَدْرَكته من أهل الْعَصْر وشعره مَشْهُور بأيدي النَّاس وَلَهُم إليه رَغْبَة كَامِلَة وَهُوَ حقيق بِذَاكَ فإنه جَامع بَين الجزالة والجودة وَحسن السبك وَقُوَّة الْمعَانى وَكَثِيرًا مَا يمشي فِي شعره على نمط الْعَرَب ويتشبه بهم وينتحي طريقهم من غرر شعره قصيدته الَّتِى يَقُول فِيهَا
(بُلُوغ المنى وصل الْأَحِبَّة فَاعْلَم ... وَلم تلْتَفت عَن مغنمٍ خوف مغرم)
(وَمن حاول الْأَمر الْمحَال بعزمه ... ينله وَمن يعجز عَن الحزم يحرم)
(معاهد أنس من أراكة أسلم ... أصخت لَهَا أذني فَلم تَتَكَلَّم)
(دعتنى فلباها فؤادى وأدمع ... سقى وادييها مثل صوب مثجم)
(أسائلها عَن أَهلهَا فتجيبني ... فأصغي وَلَكِن الصدى صَوت أعجم)
(وَمَا الْعِزّ إِلَّا فَوق كل مطهم ... من الجرد مابين الخميسين أدهم)
(من الصخر إِلَّا أَنه فَوق أَربع ... من الهوج قد شدّت بِخلق مطهم)
(إِذا قلت من حرّ الهجير بظلّه ... فَقل أَنا ضاح تَحت ظل المقلم)
(وَخير النُّفُوس السايلات على القنا ... وَخير المنايا تَحت أَزْرَق سلجم)
وَمن قصائده الطنانة القصيدة الَّتِى مطْلعهَا
(وعدت بوصل عميدها بشر ... صدقت وَمَا صدق المنى صَبر)
وَكم لَهُ من قصائد فرائد وَهُوَ الْآن فى الحيوة إِلَّا أَنه قد ضعف عَن الْحَرَكَة بِسَبَب فالج أَصَابَهُ وَلَعَلَّه قد جَاوز السّبْعين وَمَات يَوْم الْأَرْبَعَاء ثامن محرم سنة 1214 أَربع عشرَة وَمِائَتَيْنِ وَألف بِصَنْعَاء
البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع - لمحمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني