طلحة بن عبيد الله بن عثمان أبي محمد القرشي التيمي
طلحة الخير الفياض الجود
تاريخ الولادة | -28 هـ |
تاريخ الوفاة | 36 هـ |
العمر | 64 سنة |
مكان الولادة | مكة المكرمة - الحجاز |
مكان الوفاة | البصرة - العراق |
أماكن الإقامة |
|
- إسحاق بن طلحة بن عبيد الله
- حضين بن المنذر بن الحارث الرقاشي أبي ساسان "أبي محمد"
- قيس بن عوف بن عبد الحارث بن عوف بن حشيش الأحمسي "قيس بن أبي حازم البجلي أبي عبد الله"
- زيد بن علي أبي القموص العبدي البصري
- طلحة بن خزام موسى بن طلحة
- عبد الرحمن بن ملي بن عمرو البصري أبي عثمان النهدي "أبي عثمان النهدي"
- أبي سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف القرشي المخزومي الزهري المدني
- هزيل بن شرحبيل الأودي الكوفي
- مصعب بن سعد بن أبي وقاص أبي زرارة الزهري المدني "أبي زرارة الزهري المدني"
- مالك بن أبي عامر أبي أنس الأصمعي "أبي أنس الأصمعي"
- السائب بن يزيد بن سعيد الكندي أبي يزيد "ابن أخت النمر"
- موسى بن طلحة بن عبيد الله أبي عيسى المهدي القرشي التيمي المدني "المهدي موسى"
- أبي الوليد عبد الله بن شداد بن الهاد أسامة الليثي العتواري المدني
- مسعود بن حراش بن جحش العبسي
- عمران بن طلحة بن عبيد الله القرشي التيمي المدني
نبذة
الترجمة
طلحة بن عبيد الله القرشي
علم من حفاظ «القرآن الكري» وأحد العشرة المبشرين بالجنة.
ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ في الطبقات ضمن علماء القراءات وقال:
وردت عنه الرواية في حروف «القرآن». وصفه النبي صلى الله عليه وسلّم بأنه الجواد، والفياض. كان من السابقين إلى الإسلام.
كان «طلحة» رضي الله عنه: حسن الوجه- يضرب إلى الحمرة- مربوعا- إلى القصر هو أقرب- رحب الصدر- بعيد ما بين المنكبين- ضخم القدمين- كثير الشعر- ليس بالجعد القطط ولا بالسبط- إذا مشى أسرع- وإذا التفت التفت جمعا.
حدث عنه بنوه: يحيى- وموسى- وعيسى- والسائب بن يزيد- ومالك ابن أوس- وأبي عثمان النهدي- وقيس بن أبي حازم- ومالك بن أبي عامر الأصبحي- والأحنف بن قيس- وأبي سلمة بن عبد الرحمن- وآخرون.
ولقد أحبه الرسول صلى الله عليه وسلّم وأثنى عليه ثناء عاطرا: فعن «جابر» رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: من أراد أنه ينظر إلى شهيد يمشي على رجليه فلينظر إلى «طلحة بن عبيد الله» اهـ.
قال «أبي نعيم» حدثنا سليمان بن أحمد فقال: لما رجع النبي صلى الله عليه وسلّم من «أحد» صعد «المنبر» فحمد الله وأثنى عليه، ثم قرأ هذه الآية:
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله من هؤلاء؟ فأقبل «طلحة بن عبيد الله» وعليه ثوبان أخضران، فقال: «أيها السائل هذا منهم».
كما كان «طلحة» رضي الله عنه شجاعا لا يهاب الأعداء وهناك أكثر من شاهد على ذلك: فعن «عائشة» أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: كان «أبي بكر» إذا ذكر يوم «أحد» قال: ذلك كله يوم طلحة، قال «أبي بكر»:
كنت أول من فاء يوم «أحد» فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلّم ولأبي عبيدة بن الجراح: «عليكما صاحبكما» يريد «طلحة» فأصلحنا من شأن النبي صلى الله عليه وسلّم ثم أتينا «طلحة» في بعض تلك «الجفار» فإذا به بضع وسبعون أو أقلّ أو أكثر، بين طعنة، وضربة، ورمية، وإذا قد قطعت إصبعه، فأصلحنا من شأنه .
وروى «قبيصة» عن «جابر» قال: صحبت «طلحة بن عبيد الله» فما رأيت رجلا أعطى لجزيل مال من غير مسألة منه.
وحدث «الترمذي» عن «عقبة بن علقمة اليشكري» قال: سمعت «عليا» رضي الله عنه يوم «الجمل» يقول: سمعت من «في» رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «طلحة- والزبير جاراي في الجنة» .
وكان «طلحة» رضي الله عنه من أثرياء الصحابة، يدل على ذلك الآثار الآتية: قال «الحميدي» حدثنا «ابن عيينة» حدثنا «عمرو بن دينار» قال: أخبرني «مولى» لطلحة، قال: كانت غلة طلحة كل يوم ألفا وافيا.انتهى.
وقال «إبراهيم التيمي» عن أبيه قال: كان طلحة يغلّ بالعراق أربع مائة ألف، ويغلّ بالسراة عشرة آلاف دينار، ولقد كان يرسل إلى «عائشة» أم المؤمنين رضي الله عنها إذا جاءت غلته كل سنة بعشرة آلاف، ولقد قضى عن صبيحة التيمي ثلاثين ألفا».
وقال «الواقدي»: حدثنا إسحاق بن يحيى- عن موسى بن طلحة أن «معاوية» سأله: كم ترك «أبي محمد» من العين؟ قال: ترك ألفي ألف درهم، ومائتي ألف درهم، ومن الذهب مائتي ألف دينار، فقال «معاوية»:عاش حميدا سخيّا شريفا.
ولقد كان «طلحة بن عبيد الله» من الأسخياء البررة الأوفياء، والدليل على ذلك الآثار الآتية:
فعن «أبي إسماعيل الترمذي» أن «طلحة» أتاه مال من «حضرموت» سبع مائة ألف، فبات ليلته يتململ، فقالت له زوجته: ما لك؟ قال: تفكرت منذ الليلة فقلت: ما ظن رجل بربّه يبيت وهذا المال في بيته؟ قالت: فأين أنت عن بعض أخلائك، فإذا أصبحت فادع بجفان، وقصاع فقسّمه فقال لها: رحمك الله إنك موفقة بنت موفق، وهي: «أم كلثوم بنت الصديق» رضي الله عنهما:
فلما أصبح دعا بجفان فقسّمها بين المهاجرين والأنصار.
وعن «علي بن زيد» قال: جاء أعرابي إلى «طلحة» يسأله، فتقرب إليه برحم، فقال: إن هذه لرحم ما سألني بها أحد قبلك، إنّ لي أرضا قد أعطاني بها «عثمان» ثلاث مائة ألف فاقبضها، وإن شئت بعتها من «عثمان» ودفعت إليك الثمن، فقال: الثمن، فأعطاه اهـ.
وعن «سعدى» بنت عوف المريّة قالت: دخلت على «طلحة» يوما وهو خائر، فقلت: ما لك؟ لعل رابك من أهلك شيء؟ قال: لا والله، ونعم حليلة المسلم، ولكن مال عندي قد غمني، فقلت: ما يغمّك؟ عليك بقومك، قال: يا غلام ادع لي قومي فقسمه فيهم، فسألت الخازن: كم أعطى؟ قال: أربع مائة ألف.
قتل «طلحة» في موقعة «الجمل» سنة ست وثلاثين من الهجرة، وهو ابن ثنتين وستين سنة. رضي الله عن «طلحة بن عبيد الله» وجزاه الله أفضل الجزاء.
معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ
طَلْحَة بن عبيد الله بن عُثْمَان بن عَمْرو بن كَعْب بن سعد بن تيم بن مرّة بن كَعْب بن لؤَي التَّيْمِيّ الْقرشِي كنيته أَبُو مُحَمَّد
شهد أحدا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ بِالشَّام حِين عزا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَدْرًا قدم بَعْدَمَا رَجَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بدر فَضرب لَهُ بسهمه وأجره وَشهد لَهُ بِالْجنَّةِ وَمَات وَهُوَ عَنهُ رَاض قتل يَوْم الْجمل بِالْبَصْرَةِ رَضِي الله عَنهُ قَالَ عَمْرو بن عَليّ قتل طَلْحَة بن عبيد الله سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ ويكنى أَبَا مُحَمَّد
روى عَنهُ مَالك بن أبي عَامر الأصبحي فِي الْإِيمَان وَابْنه مُوسَى وعبد الرحمن بن عُثْمَان التَّيْمِيّ فِي الْحَج وَأَبُو عُثْمَان النَّهْدِيّ.
رجال صحيح مسلم - لأحمد بن علي بن محمد بن إبراهيم، أبو بكر ابن مَنْجُويَه.
سيدنا طلحة (- رضي الله عنه -)
هو أبو محمد طلحة بن عبيد الله بن عثمان القرشي التيمي أحد العشرة وأحد الثمانية الذين سبقوا للإسلام وأحد الخمسة الذين أسلموا على يد أبي بكر وأحد ستة الشورى، شهد المشاهد كلها إلا بدراً فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان بعثه هو وسعيد بن زيد يتجسسان على عير قريش ولقيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منصرفاً من بدر فضرب لهما بسهميهما وأجريهما فكانا كمن شهدها، سماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طلحة الخير ويوم ذات العسرة طلحة الفياض ويوم حنين طلحة الجود وثبت يوم أُحد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووقاه بيده فشلّت إصبعاه وجرح يومئذ أربعاً وعشرين جرحاً وأبلى فيها البلاء الحسن، قال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن سرّه أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة". قتل يوم الجمل في جمادى الأولى سنة 36 وهو ابن ستين سنة على أحد الأقوال.
شجرة النور الزكية في طبقات المالكية _ لمحمد مخلوف
ذِكْرُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
هُوَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ، يَلْتَقِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ.
كُنْيَتُهُ، أَبُو مُحَمَّدٍ.
أخبرنا وَالِدِي مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، أخبرنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفَرَبْرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: رَأَيْتُ يَدَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الَّتِي وَقَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ شُلَّتْ
قَالَ: وَحَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدِّمِيُّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: لَمْ يَبْقَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ تِلْكَ الْأَيَّامِ الَّتِي قَاتَلَ فِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ طَلْحَةَ وَسَعْدٍ
قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ عُمَرٌ: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُ رَاضٍ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَقَدِمَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ مِنَ الشَّامِ بَعْدَ مَا رَجِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَدْرٍ فَكَلَّمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَهْمِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَكَ سَهْمُكَ» .
قَالَ: وَأَجْرِي.
قَالَ: «وَأَجْرُكَ» .
وَعَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، قَالَ: أُصِيبَ إِصْبَعُ أَبِي، طَلْحَةَ، فَقَالَ حَسِّ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ قُلْتُ بِسْمِ اللَّهِ لَرَأَيْتَ بُنْيَانًا يُبْنَى لَكَ فِي الْجَنَّةِ» .
وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ فَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَإِذَا طَلْحَةُ قَدْ غَلَبَهُ النَّزْفُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْثَلَ بَدَلًا مِنْهُ، فَقَالَ: «عَلَيْكُمْ بِصَاحِبِكُمْ» فَتَرَكْنَاهُ وَأَقْبَلْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا مِغْفَرُهُ قَدْ عَلِقَ بِوَجْنَتَيْهِ وَبَيْنِي وَبَيْنَ الْمَشْرِقِ رَجُلٌ أَنَا أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْهُ، فَإِذَا هُوَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، فَذَهَبْتُ لِأَنْزَعَ حَلَقَةَ الْمِغْفَرِ عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أُنْشِدُكَ اللَّهَ يَا أَبَا بَكْرٍ إِلَّا تَرَكْتَنِي فَتَرَكْتُهُ فَنَزَعَهَا فَانْتُزِعَتْ ثِنْيَةُ أَبِي عُبَيْدَةَ، فَذَهَبْتُ لِأَنْزَعَهُ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ، فَقَالَ: لِي مِثْلَ ذَلِكَ فَانْتَزَعَهَا، فَانْتُزِعَتْ ثِنْيَةُ أَبِي عُبَيْدَةَ الْأُخْرَى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا إِنَّ صَاحِبَكُمْ قَدِ اسْتَوْجَبَ، أَوْ أَوْجَبَ» ، يَعْنِي طَلْحَةَ.
وَعَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: أُصِيبَ يَوْمَ أُحُدٍ أَنْفُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَبَاعِيَتُهُ فَزَعَمَ أَنَّ طَلْحَةَ وَقَاهُ بِيَدِهِ فَضُرِبَتْ فَشُلَّتْ إِصْبَعُهُ.
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " طَلْحَةُ مِمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ {وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا} [الأحزاب: 23] ".
وَقَالَ رَجُلٌ لِطَلْحَةَ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الرِّوَايَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ طَلْحَةُ: مَا أَشُكُّ أَنْ يَكُونَ قَدْ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ نَسْمَعْ وَسَأُخْبِرُكَ عَنْ ذَلِكَ، كُنَّا قَوْمًا لَنَا غَنَاءٌ وَبُيُوتَاتٌ، وَكُنَّا إِنَّمَا نَأْتِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَفَيِ النَّهَارِ أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ، وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِسْكِينًا لَا أَهْلَ لَهُ وَلَا مَالٌ إِنَّمَا يَدُهُ مَعَ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ مَعَهُ حَيْثُ كَانَ فَوَاللَّهِ مَا نَشُكُّ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ نَسْمَعْ.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: أَدْرَكْتُ خَمْسَ مِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كُلُّهُمْ يَقُولُ: عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ.
فَصْلٌ
رُوِيَ عَنْ سُعْدَى بِنْتِ عَوْفٍ الْمُرِّيَّةِ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ طَلْحَةُ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ خَاثِرُ النَّفْسِ، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: الْمَالُ الَّذِي عِنْدِي قَدْ كَثُرَ، فَقُلْتُ: وَمَا عَلَيْكَ اقْسِمْهُ، قَالَتْ: فَقَسَمَهُ حَتَّى مَا بَقِيَ مِنْهُ دِرْهَمٌ، قَالَ طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى: فَسَأَلْتُ خَازِنَ طَلْحَةَ كَمْ كَانَ الْمَالُ؟ قَالَ: أَرْبَعُ مِائَةِ أَلْفٍ.
وَفِي رِوَايَةٍ: وَكَانَتْ غَلَّتُهُ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفًا وَكَانَ يُسَمَّى طَلْحَةَ الْفَيَّاضَ.
وَعَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، قَالَ: قَالَ طَلْحَةُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَعَدَ سَأَلَ عَنِّي، وَقَالَ: «مَالِي لَا أَرَى الصَّبِيحَ الْمَلِيحَ الْفَصِيحَ» .
وَرُوِيَ أَنَّ طَلْحَةَ نَحَرَ جَزُورًا يَوْمَ ذِي قَرَدَ فَأَطْعَمَهُمْ وَسَقَاهُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْتَ طَلْحَةُ الْفَيَّاضُ» .
وَفِي رِوَايَةٍ: ابْتَاعَ بِئْرًا فَأَطْعَمَ النَّاسَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْتَ طَلْحَةُ الْفَيَّاضُ» .
وَعَنْ قَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: صَحِبْتُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَمَا رَأَيْتُهُ أَعْطَى لِجَزِيلِ مَالٍ، عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ مِنْهُ.
فَصْلٌ
روِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا ذُكِرَ يَوْمُ أُحُدٍ قَالَ: ذَلِكَ يَوْمٌ كُلُّهُ لِطَلْحَةَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ فَاءَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، قَالَ: «عَلَيْكُمَا صَاحِبُكُمَا» يُرِيدُ طَلْحَةَ، وَقَدْ نَزَفَ فَأَصْلَحْنَا مِنْ شَأْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَتَيْنَا طَلْحَةَ فِي بَعْضِ تِلْكَ الْجِفَارِ، فَإِذَا بِهِ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ بَيْنَ طَعْنَةٍ وَرَمْيَةٍ، وَضَرْبَةٍ، وَإِذَا إِصْبَعُهُ قُطِعَتْ فَأَصْلَحْنَا مِنْ شَأْنِهِ.
فَصْلٌ
رُوِيَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أُحُدٍ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23] . . . الْآيَةُ.
فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَأَقْبَلْتُ وَعَلَيَّ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ، فَقَالَ: «أَيُّهَا السَّائِلُ هَذَا مِنْهُمْ»
وَفِي رِوَايَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: إِنِّي لَجَالِسَةٌ فِي بَيْتِي وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ فِي الْفِنَاءِ إِذْ أَقْبَلَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ قَدْ قَضَى نَحْبَهُ فَلْيَنْظُرْ إِلَى طَلْحَةَ.
فَصْلٌ
عَنْ سُعْدَى بِنْتِ عَوْفٍ امْرَأَةِ طَلْحَةَ، قَالَتْ: كَانَتْ غَلَّةُ طَلْحَةَ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفًا وَافِيًا، وَكَانَ يُسَمَّى طَلْحَةُ الْفَيَّاضُ، وَلَقَدْ تَصَدَّقَ يَوْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ.
وَعَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: بَاعَ طَلْحَةُ أَرْضًا بِسَبْعِ مِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَبَاتَ وَذَلِكَ الْمَالُ عِنْدَهُ أَرِقًا مَغْمُومًا، فَقِيلَ لَهُ: مَالَكَ مَغْمُومًا؟ قَالَ: الْمَالُ الَّذِي عِنْدِي كَرَبَنِي، فَلَمَّا أَصْبَحَ فَرَّقَهُ وَقَسَّمَهُ حَتَّى مَا بَقِيَ مِنْهُ دِرْهَمٌ.
فَصْلٌ
رُوِيَ عَنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا صَعَدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُحُدٍ أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَعْلُوَ صَخْرَةً فَنَزَلَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَصَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ظَهْرِهِ حَتَّى عَلَا الصَّخْرَةَ.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَاءَ طَلْحَةُ بِالْجَنَّةِ» .
وَفِي رِوَايَةٍ: " أَوْجَبَ طَلْحَةُ.
فَصْلٌ
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: أَسْلَمَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ الصِّدِّيقُ، فَأَظْهَرَ إِسْلَامَهُ، وَدَعَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِلَى رَسُولِهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مُؤَلِّفًا، فَأَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ عُثْمَانُ وَالزُّبَيْرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَسَعْدٌ وَطَلْحَةُ بْن عُبَيْدِ اللَّهِ، فَجَاءَ بِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ اسْتَجَابُوا لَهُ، فَأَسْلَمُوا، وَصَلُّوا.
وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ: قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ حَضَرْتُ سُوقَ بُصْرَى، فَإِذَا رَاهِبٌ فِي صَوْمَعَتِهِ، يَقُولُ: سَلُوا أَهْلَ هَذَا الْمَوْسِمِ أَفِيهِمْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْحَرَمِ؟ قَالَ طَلْحَةُ: فَقُلْتُ: نَعَمْ، أَنَا.
فَقَالَ: هَلْ ظَهَرَ أَحْمَدُ بَعْدُ؟ قُلْتُ: وَمَنْ أَحْمَدُ؟ قَالَ: ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، هَذَا شَهْرُهُ الَّذِي يَخْرُجُ فِيهِ، وَهُوَ آخِرُ الْأَنْبِيَاءِ، وَمَخْرَجُهُ مِنَ الْحَرَمِ، وَمُهَاجَرُهُ إِلَى نَخْلٍ وَحَرَّةَ وَسِبَاخٍ، فَإِيَّاكَ أَنْ تُسْبَقَ إِلَيْهِ، قَالَ طَلْحَةُ: فَوَقَعَ فِي قَلْبِي مَا قَالَ، فَخَرَجْتُ سَرِيعًا حَتَّى قَدِمْتُ إِلَى مَكَّةَ، فَقُلْتُ: هَلْ كَانَ مِنْ حَدَثٍ؟ قَالُوا: نَعَمْ، مُحَمَّدُ الْأَمِينُ قَدْ تَنَبَّأَ، وَقَدْ تَبِعَهُ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ، فَخَرَجْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقُلْتُ: أَتَّبَعْتَ هَذَا الرَّجُلَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَانْطَلِقْ إِلَيْهِ فَاتَّبِعْهُ، فَإِنَّهُ يَدْعُو إِلَى الْحَقِّ، فَأَخْبَرَهُ طَلْحَةُ بِمَا قَالَ الرَّاهِبُ، فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ بِطَلْحَةَ، فَدَخَلَ بِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْلَمَ طَلْحَةُ، وَأَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَالَ الرَّاهِبُ، فَسُرَّ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أَسْلَمَ أَبُو بَكْرٍ وَطَلْحَةُ أَخَذَهُمَا نَوْفَلُ بْنُ خُوَيْلِدِ بْنِ الْعَدَوِيَّةِ، فَشَدَّهُمَا فِي حَبْلٍ وَاحِدٍ فَلَمْ تَمْنَعْهُمَا بَنُو تَيْمٍ، وَكَانَ نَوْفَلُ بْنُ خُوَيْلِدٍ يُدْعَى أَسَدُ قُرَيْشٍ وَلِذَلِكَ سُمِّيَ أَبُو بَكْرٍ وَطَلْحَةَ الْقَرِينَيْنِ.
فَصْلٌ
رُوِيَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَكَانَ مِنْ أَجْمَلِ الْفِتْيَانِ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا فِي ثَوْبَيْنِ مُمَصَّرَيْنِ.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَ طَلْحَةُ رَجُلًا آدَمَ، كَثِيرَ الشَّعْرِ لَيْسَ بِالْجَعْدِ الْقَطِطِ وَلَا بِالسَّبْطِ، حَسَنُ الْوَجْهِ دَقِيقُ الْعِرْنِينِ، إِذَا مَشَى أَسْرَعَ.
وَعَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، قَالَ: كَانَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ أَبْيَضَ، يَضْرِبُ إِلَى الْحُمْرَةِ مَرْبُوعًا إِلَى الْقِصَرِ أَقْرَبُ، رَحْبَ الصَّدْرِ عَرِيضَ الْمَنْكِبَيْنِ، إِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعًا، ضَخْمَ الْقَدَمَيْنِ.
فَصْلٌ
رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا انْهَزَمَ النَّاسُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مَعَهُ إِلَّا طَلْحَةُ، فَغَشَوْهُمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لِهَؤُلَاءِ؟» فَقَالَ طَلْحَةُ: أَنَا، فَقَاتَلَ فَأُصِيبَ بَعْضُ أَنَامِلِهِ، فَقَالَ: حَسِّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا طَلْحَةُ لَوْ قُلْتَ بِسْمِ اللَّهِ، أَوْ ذَكَرْتَ اللَّهَ لَرَفَعَتْكَ الْمَلَائِكَةُ، وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ حَتَّى تَلِجَ بِكَ فِي جَوِّ السَّمَاءِ» .
وَفِي رِوَايَةٍ: ثَبَتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَثْبُتْ مَعَهُ أَحَدٌ، فَكَانَ فِيهِ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ طَعْنَةً وَضَرْبَةً وَرَمْيَةً حَتَّى قُطِعَ نَسَاهُ وَشُلَّتْ إِصْبَعُهُ.
قَالَ طَلْحَةُ: عُقِرْتُ يَوْمَ أُحُدٍ فِي جَمِيعِ جَسَدِي حَتَّى فِي ذَكَرِي.
فَصْلٌ
قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ سَمَّانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلْحَةَ الْخَيْرِ، وَيَوْمَ غَزْوَةِ ذَاتِ الْعَشِيرَةِ طَلْحَةَ الْفَيَّاضَ، وَيَوْمَ خَيْبَرَ طَلْحَةَ الْجُودِ.
فَصْلٌ
قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ طَلْحَةَ: قُتِلَ طَلْحَةُ يَوْمَ الْجَمَلِ وَهُوَ ابْنُ ثِنْتَيْنِ وَسِتِّينَ سَنَةً وَرُوِيَ أَنَّ سَهْمًا أَتَاهُ فِي يَوْمِ الْجَمَلِ فَوَقَعَ فِي حَلْقِهِ، فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} [الأحزاب: 38] ، قُتِلَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ، وَدُفِنَ بِالْبَصْرَةِ فِي قَنْطَرَةِ قِرَةَ.
وَقَالَ قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ لَمَّا أُصِيبَ طَلْحَةُ وَدُفِنَ عَلَى شَطِّ الْكِدَاءِ فَرَآهُ بَعْضُ أَهْلِهِ بَعْدَ حَوْلٍ، فَقَالَ: أَخْرِجُونِي فَقَدْ غَرِقْتُ، قَالَ: فَاسْتُخْرِجَ قَبْرُهُ، وَهُوَ مِثْلُ الرَّوْضَةِ، وَاشْتُرِيَتْ لَهُ دَارٌ مِنْ دُورِ آلِ أَبِي بَكْرَةَ بِعَشَرَةِ آلَافٍ.
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ بَعْضِ آلِ طَلْحَةَ أَنَّهُ رَأَى طَلْحَةَ فِي الْمَنَامِ، فَقَالَ: إِنَّكُمْ دَفَنْتُمُونِي فِي مَكَانٍ قَدْ آذَانِي فِيهِ الْمَاءُ فَأَخْرِجُونِي، فَأَخْرَجْنَاهُ أَخْضَرَ كَأَنَّهُ مَبْقَلَةٌ، لَمْ يَذْهَبْ مِنْهُ إِلَّا شَعْرَاتٌ مِنْ جَانِبِ لِحْيَتِهِ.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مَاشَاذَةَ فِي كِتَابِهِ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا رَأَى فِيمَا يَرَى النَّائِمُ أَنَّ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَوِّلُونِي عَنْ قَبْرِي، فَقَدْ آذَانِي الْمَاءُ، ثُمَّ رَآهُ أَيْضًا حَتَّى رَآهُ ثَلَاثَ لَيَالٍ فَأَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَأَخْبَرَهُ فَنَظَرُوا فَإِذَا شِقُّهُ الَّذِي يَلِي الْأَرْضَ فِي الْمَاءِ فَحَوَّلُوهُ، قَالَ أَبِيهِ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى الْكَافُورِ فِي عَيْنَيْهِ لَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْهُ شَيْءٌ إِلَّا عَقِيصَتُهُ أَنَّهَا مَالَتْ عَنْ مَوْضِعِهَا
قَالَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ: قَدْ رَأَيْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ إِذَا هَمَّ أَحَدُهُمْ بِأَمْرٍ قَصَدَ إِلَى قَبْرِهِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَدَعَا بِحَضْرَتِهِ فَيَكَادُ يَعْرِفُ الْإِجَابَةَ، وَكَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يَفْعَلُهُ.
هَذَا آخِرُ مَا اتَّفَقَ ذِكْرُهُ فِي الْوَقْتِ فِي فَضْلِ طَلْحَةَ وَصِفَتِهِ وَسِيرَتِهِ، وَلَمْ أُطَوِّلْ مَخَافَةَ الْمَلَالَةِ، مَعَ وُلُوعِي بِذِكْرِ فَضْلِهِ، لِأَنَّ وَالِدَتِي، رَحِمَهَا اللَّهُ، مِنْ أَوْلَادِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ هِيَ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْنِ مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
سير السلف الصالحين - لإسماعيل بن محمد الأصبهاني الملقب بقوام السنة
طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، نا سُفْيَانُ، نا يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ التَّيْمِ , عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَاهَرَ بَيْنَ دِرْعَيْنِ يَوْمَ أُحُدٍ»
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، نا مُسَدَّدٌ، نا خَالِدٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: رَأَيْتُ يَدَ طَلْحَةَ الَّتِي وَقَى بِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ شُلَّتْ "
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْعِجْلِيُّ، نا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا وَضَعَ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلَ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ فَلْيُصَلِّ , وَلَا يُبَالِي مَا وَرَاءَ ذَلِكَ»
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، نا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، نا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ شَيْخٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْحَلَالِ يَصْطَادُ الصَّيْدَ , أَيَأْكُلُهُ الْمُحْرِمُ؟ قَالَ: «نَعَمْ»
-معجم الصحابة - أبي الحسين عبد الباقي بن قانع البغدادي-
طلحة بن عبيد الله القرشي التيمي
طلحة بْن عبيد اللَّه بْن عثمان بن عمرو بْن كعب بْن سعد بْن تيم بْن مرة بْن كعب بْن لؤي بْن غالب بْن فهر بْن مالك بْن النضر بْن كنانة، أَبُو مُحَمَّد، القرشي التيمي، وأمه الصعبة بنت عَبْد اللَّهِ بْن مالك الحضرمية، يعرف بطلحة الخير، وطلحة الفياض.
وهو من السابقين الأولين إِلَى الإسلام، دعاه أَبُو بكر الصديق إِلَى الإسلام، فأخذه ودخل به عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما أسلم هو وَأَبُو بكر، أخذهما نوفل بْن خويلد بْن العدوية فشدهما في حبل واحد، ولم يمنعهما بنو تيم، وكان نوفل أشد قريش، فلذلك كان أَبُو بكر، وطلحة، يسميان القرينين، وقيل: إن الذي قرنهما عثمان بْن عبيد اللَّه أخو طلحة، فشدهما ليمنعهما عن الصلاة، وعن دينهما، فلم يجيباه، فلم يرعهما إلا وهما مطلقان يصليان.
ولما أسلم طلحة والزبير آخى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينهما بمكة قبل الهجرة، فلما هاجر المسلمون إِلَى المدينة، آخى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين طلحة وبين أَبِي أيوب الأنصاري.
وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد أصحاب الشورى، ولم يشهد بدرًا لانه كان بالشام، فقدم بعد رجوع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بدر، فكلم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سهمه، فقال: لك سهمك، قال: وأجرى؟ قال: وأجرك، فقيل: كان في الشام تاجرًا، وقيل: بل أرسله رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعه سَعِيد بْن زيد إِلَى طريق الشام يتجسسان الأخبار، ثم رجعا إِلَى المدينة، وهذا أصح، ولولا ذلك لم يطلب سهمه وأجره.
وشهد أحدًا وما بعدها من المشاهد، وبايع بيعة الرضوان، وأبلى يَوْم أحد بلاء عظيمًا، ووقى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنفسه، واتقى عنه النبل بيده حتى شلت إصبعه، وضرب عَلَى رأسه، وحمل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ظهره حتى صعد الصخرة.
أخبرنا أَبُو الْفَرَجِ بْنُ أَبِي الرَّجَاءِ الأَصْبَهَانِيُّ، إِجَازَةً بِإِسْنَادِهِ، إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي عَاصِمٍ، حدثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ عِيسَى بْنِ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عن جَدِّي، عن مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عن أَبِيهِ طَلْحَةَ، قَالَ: سَمَّانِي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ طَلْحَةَ الْخَيْرِ، وَيَوْمَ الْعُسْرَةِ طَلْحَةَ الْفَيَّاضِ، وَيَوْمَ حُنَيْنٍ طَلْحَةَ الْجُودِ
أخبرنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِهْرَانَ الشَّافِعِيُّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ بِإِسْنَادِهِمْ، إِلَى أَبِي عِيسَى مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، قَالَ: حدثنا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، حدثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عن مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عن يحيى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عن أَبِيهِ، عن جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عن الزُّبَيْرِ، قَالَ: كَانَ عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ دِرْعَانِ، فَنَهَضَ إِلَى الصَّخْرَةِ فَلَمْ يَسْتَطِعْ، فَأَقْعَدَ تَحْتَهُ طَلْحَةَ فَصَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى اسْتَوَى عَلَى الصَّخْرَةِ، قَالَ: فَسَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " أَوْجَبَ طَلْحَةُ "
قَالَ: وَحدثنا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، حدثنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ مَنْصُورٍ الْعَنَزِيُّ اسْمُهُ النَّضْرُ، عن عُقْبَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ الْيَشْكُرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، يَقُولُ: سَمِعَتْ أُذَنَيَّ رَسُول اللَّهِ يَقُولُ: " طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ جَارَايَ فِي الْجَنَّةِ "
أخبرنا أَبُو بَكْرٍ مِسْمَارُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْعُوَيْسِ النِّيَارُ، أخبرنا أَبُو العباس أحمد بْن أَبِي غالب بْن الطلاية، أخبرنا أَبُو الْقَاسِم عبد العزيز بْن عَلِيِّ بْنِ أحمد بْن الحسين الأنماطي، أخبرنا أَبُو طاهر المخلص، حدثنا عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد البغوي، حدثنا داود بْن رشيد، حدثنا مكي بْن إِبْرَاهِيم، حدثنا الصلت بْن دينار، عن أَبِي نضرة، عن جابر بْن عَبْد اللَّهِ، قال: قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من أراد أن ينظر إِلَى شهيد يمشي عَلَى رجليه، فلينظر إِلَى طلحة بْن عبيد اللَّه "
أخبرنا أَبُو الفضل المنصور بْن أَبِي الحسن بْن أَبِي عَبْد اللَّهِ الطبري بِإِسْنَادِهِ، عن أَبِي يعلى، عن أَبِي كريب، حدثنا يونس بْن بكير، عن طلحة بْن يحيى، عن موسى وعيسى، ابني طلحة، عن أبيهما: أن أصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا لأعرابي جاء يسأله عمن قضى نحبه من هو؟ قال: فسأله الأعرابي، فأعرض عنه، ثم سأله فأعرض عنه، ثم سأله فأعرض عنه، ثم إني طلعت من باب المسجد، وعلي ثياب خضر، فلما رآني رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أين السائل عمن قضى نحبه؟ "، قال الأعرابي: أنا يا رَسُول اللَّهِ، قال: " هذا ممن قضى نحبه " وقتل طلحة يَوْم الجمل، وكان شهد ذلك اليوم محاربًا لعلي بْن أَبِي طالب رضي اللَّه عنهما، فزعم بعض أهل العلم أن عليًا دعاه، فذكره أشياء من سوابقه، عَلَى ما قال للزبير، فرجع عن قتاله، واعتزل في بعض الصفوف، فرمي بسهم في رجله، وقيل: إن السهم أصاب ثغرة نحره، فمات، رماه مروان بْن الحكم.
روى عبد الرحمن بْن مهدي، عن حماد بْن زيد، عن يحيى بْن سَعِيد، قال: قال طلحة يَوْم الجمل:
ندمت ندامة الكسعي لما شربت رضي بني جرم برغمي
اللهم خذ لعثمان مني حتى ترضي وإنما قال ذلك لأنه كان شديدًا عَلَى عثمان رضي اللَّه عنه.
وقال علي لما بلغه مسير طلحة، والزبير، وعائشة: منيت بأربعة: أدهى الناس وأسخاهم طلحة، وأشجع الناس الزبير، وأطوع الناس في الناس عائشة، وأكثر الناس غنى يعلى بْن منية، والله ما أنكروا علي شيئًا، ولا استأثرت بمال، ولا ملت بهوى، وَإِنهم يطلبون حقًا تركوه، ودمًا سفكوه، ولقد ولوه دوني، وَإِن كنت شريكهم في الإنكار لما أنكروه، وما تبعه عثمان إلا عندهم، بايعوني ونكثوا بيعتي وما استأنوا في حتى يعرفوا جوري من عدلي، وَإِني لراض بحجة اللَّه عليهم وعلمه فيهم، وَإِني مع هذا لداعيهم ومعذر إليهم، فإن قبلوه فالتوبة مقبولة، والحق أولى ما انصرفت إليه، وَإِن أبوا أعطيتهم حد السيف، وكفى به شافيًا من باطل وناصرًا.
وروي عن علي أَنَّهُ قال: إني لأرجو أن أكون أنا، وطلحة، وعثمان، والزبير، ممن قال اللَّه فيهم: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} .
وكان سبب قتل طلحة أن مروان بْن الحكم رماه بسهم في ركبته، فجعلوا إذا أمسكوا فم الجرح انتفخت رجله، وَإِذا تركه جرى، فقال: دعوه فإنما هو سهم أرسله اللَّه تعالى، فمات منه، وقال مروان: لا أطلب بثأري بعد اليوم، والتفت إِلَى أبان بْن عثمان، فقال: قد كفيتك بعض قتلة أبيك.
ودن إِلَى جانب الكلأ.
وكانت وقعة الجمل لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين، وكان عمره ستين سنة، وقيل: اثنتان وستون سنة، وقيل: أربع وستون سنة.
وكان آدم حسن الوجه، كثير الشعر، ليس بالجعد القطط، ولا بالسبط، وكان لا يغير شيبه، وقيل: كان أبيض يضرب إِلَى الحمرة، مربوعًا، إِلَى القصر أقٌرب، رحب الصدر، عريض المنكبين، إذا التفت التفت جميعًا، ضخم القدمين.
قال الشعبي: لما قتل طلحة ورآه علي مقتولًا، جعل يمسح التراب عن وجهه، وقال عزيز علي، أبا مُحَمَّد، أن أراك مجدلًا تحت نجوم السماء ثم قال: إِلَى اللَّه أشكو عجري ويجري، وترحم عليه، وقال: ليتني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة، وبكى هو وأصحابه عليه، وسمع رجلًا ينشد:
فتى كان يدنيه الغنى من صديقه إذا ما هو استغنى ويبعده الفقر
فقال: ذاك أَبُو مُحَمَّد طلحة بْن عبيد اللَّه رحمه اللَّه.
وقال سفيان بْن عيينة: كانت غلة طلحة كل يَوْم ألفًا وافيًا، قال الواقدي: والوافي وزنه وزن الدينار، وعلى ذلك وزن دراهم فارس التي تعرف بالبغلية.
وروى حماد بْن سلمة، عن علي بْن زيد، عن أبيه، أن رجلًا رَأَى في منامه أن طلحة بْن عبيد اللَّه، قال: حولوني عن قبري فقد آذاني الماء، ثم رآه أيضًا حتى رآه ثلاث ليال، فأتى ابن عباس فأخبره، فنظروا فإذا شقه الذي يلي الأرض قد اخضر من نز الماء، فحولوه، فكأني أنظر إِلَى الكافور في عينيه لم يتغير إلا عقيصته فإنها مالت عن موضعها، فاشتروا له دارًا من دور أَبِي بكرة بعشرة آلاف درهم، فدفنوه فيها.
أخبرنا عَبْد اللَّهِ بْن أحمد بْن عبد القاهر، أخبرنا أَبُو الخطاب بْن البطر، إجازة إن لم يكن سماعًا، حدثنا مُحَمَّد بْن أحمد بْن رزق، حدثنا مكرم بْن أحمد القاضي، حدثنا سَعِيد بْن مُحَمَّد أَبُو عثمان الأنجذاني، حدثنا إِبْرَاهِيم بْن الفضل بْن أَبِي سويد، حدثنا حماد بْن سلمة، حدثنا علي بْن زيد، عن سَعِيدِ بْنِ المسيب، أن رجلًا كان يقع في علي، وطلحة، والزبير، فجعل سعد بْن مالك ينهاه، ويقول: " لا تقع في إخواني، فأبى، فقام سعد فصلى ركعتين، ثم قال: اللهم إن كان مسخطًا لك فيما يقول فأرني فيه آفة، واجعله للناس آية، فخرج الرجل فإذا هو ببختي، يشق الناس، فأخذه بالبلاط فوضعه بين كركرته والبلاط، فسحقه حتى قتله، فأنا رأيت الناس يتبعون سعدًا ويقولون: هنيئًا لك أبا إِسْحَاق، أجيبت دعوتك "، أخرجه الثلاثة
أسد الغابة في معرفة الصحابة - عز الدين ابن الأثير.
طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب
كنيته أبو محمد وكان يقال له الفياض يعد من البدريين ولم يلحق بدرا كان بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحوران ليتجسس أخبار العير فلحق النبي صلى الله عليه وسلم ببدر بعد فراغه من الوقعة فضرب له صلى الله عليه وسلم بسهمه واجره قتله مروان بن الحكم يوم الجمل بسهم رماه سنة ست وثلاثين وهو بن أربع وستين سنة في شهر رجب وقبره بالبصرة مشهور يزار.
مشاهير علماء الأمصار وأعلام فقهاء الأقطار - محمد بن حبان، أبو حاتم، الدارمي، البُستي (المتوفى: 354هـ)
طَلْحَة الجُود
(28 ق هـ - 36 هـ = 596 - 656 م)
طلحة بن عبيد الله بن عثمان التيمي القرشي المدني، أبو محمد:
صحابي، شجاع، من الأجواد. وهو أحد العشرة المبشَّرين، وأحد الستة أصحاب الشورى، وأحد الثمانية السابقين إلى الإسلام. قال ابن عساكر: كان من دهاة قريش ومن علمائهم. وكان يقال له ول أبي بكر (القرينان) وذلك لأن نوفل بن حارث - وكان أشد قريش - رأى طلحة، وقد أسلم، خارجا مع أبي بكر من عند النبي صلى الله عليه وسلم فأمسكهما وشدّهما في حبل. ويقال له (طلحة الجود) و (طلحة الخير) و (طلحة الفياض) وكل ذلك لقّبه به رسول الله صلّى الله عليه وسلم في مناسبات مختلفة، ودعاه مرة (الصبيح المليح الفصيح) . شهد أحدا وثبت مع رسول الله، وبايعه على الموت، فأصيب بأربعة وعشرين جرحا، وسلم، فشهد الخندق وسائر المشاهد. وكانت له تجارة وافرة مع العراق، ولم يكن يدع أحدا من بني تيم عائلا إلا كفاه مؤونته ومؤونة عياله ووفى دينه.
قتل يوم الجمل وهو بجانب عائشة. ودفن بالبصرة. له 38 حديثا .
-الاعلام للزركلي-