عبد الرَّحْمَن وَيُسمى مُحَمَّدًا أَيْضا بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن وفا أَبُو الْفضل بن الشهَاب أبي الْعَبَّاس بن أبي عبد الله السكندري الأَصْل الْمصْرِيّ الْمَالِكِي الشاذلي أَخُو إِبْرَاهِيم وَحسن وَأبي الْفَتْح مُحَمَّد وَيحيى وَيعرف كسلفه بِابْن أبي الوفا /. ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه فَقَالَ: ولد قبل التسعين وَنَشَأ على طَريقَة أَبِيه وَعَمه، واشتغل وأحضر مجْلِس شَيخنَا البُلْقِينِيّ وتولع بالنظم فَلم يزل حَتَّى مهر فِيهِ، ورثى أَبَاهُ وَعَمه وَعمل المقاطيع الْجِيَاد على الطَّرِيقَة النباتية وَلَو عَاشَ لفاق أهل زَمَانه فِي ذَلِك وَكَانَ حسن الْأَخْلَاق كيس الْعشْرَة اجْتمعت بِهِ وَسمعت من فَوَائده ومدحني بِأَبْيَات قافية كنت كتبت للبدر البشتكي أبياتا على وَزنهَا فَكَأَنَّهُ وقف عَلَيْهَا فَأَعْجَبتهُ.
مَاتَ غريقا فِي النّيل فِي سنة أَربع عشرَة وَثَمَانمِائَة يَعْنِي فِي حَيَاة أَبِيه، وَذكره فِي سنة أَربع عشرَة أَيْضا من انبائه فَقَالَ انه اشْتغل فِي صباه قَلِيلا وتعانى النّظم فَقَالَ الشّعْر الْفَائِق وَكَانَ ذكيا حسن الْأَخْلَاق لطيف الطباع غرق فِي بَحر النّيل هُوَ وَمُحَمّد بن عبيد البشكالسي وَعبد الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد التنسي جمال الدّين قَاضِي الْمَالِكِيَّة وَابْن قاضيهم، قَالَ وَمن نظمه أرَاهُ فِي مرثية مَحْبُوب لَهُ:
(مَضَت قامة كَانَت أليفة مضجعي ... فَللَّه ألحاظ لَهَا ومراشف)
(وَللَّه أصداغ حكين عقاربا ... فهن على الحكم الْمُضِيّ سوالف)
(وَمَا كنت أخْشَى أمس إِلَّا من الجفا ... واني على ذَاك الجفا الْيَوْم آسَف)
(رعى الله أَيَّامًا وناسا عهدتهم ... جيادا وَلَكِن اللَّيَالِي صيارف)
وَمِنْه من غزل قصيدة على هَذَا الروى:)
(وَفِي ذهبي الخد صِيغ لمحنتي ... يُطِيل امتحانا لي وَمَا أَنا زائف)
(يذيب فُؤَادِي وَهُوَ لَا غش عِنْده ... فيا ذهبي اللَّوْن انك حائف)
(وَفِي فَمه شهد وَشهد مُكَرر ... وَفِي خَدّه ورد وَورد مضاعف)
(لَهُ أعيني أَنِّي رَأَتْهُ تَوَابِع ... وأعينه أَيْضا لقلبي خواطف)
وَرَأَيْت بِخَط شَيخنَا أَيْضا فِي بعض أَجزَاء تَذكرته بعد مدحه الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ فِي مُعْجَمه قَوْله رحم الله شبابه وعوضه الْجنَّة، وأرخ غرقه فِي سنة خمس عشرَة وَلَكِن الأول أصح، وَقَالَ الْعَيْنِيّ فِي تَارِيخه لما ذكر غرقه هُوَ وَأَصْحَابه وَكَانُوا اجْتَمعُوا فِي منظرة على الْبَحْر ثمَّ اجْتمع رَأْيهمْ على ركُوب بعض المراكب ويتوجهون إِلَى الْآثَار فَامْتنعَ أَبُو الْفضل الْمَذْكُور أَشد امْتنَاع فَلم يزَالُوا بِهِ حَتَّى ركب مَعَهم وَلما ركب قَالَ لرفقته عجبا ان نجونا من الْغَرق فِي الْبَحْر فَلم يتم كَلَامه حَتَّى انْقَلب الْمركب بهم وَلم يظفروا بجسده مَعَ التفحص عَنهُ أَيَّامًا فَكَأَن الأَرْض ابتلعته انْتهى. وَزَاد غَيرهم فَخر الدّين بن المزوق وسمى ابْن التنسي بدر الدّين وَقَالَ انه نجا من الْغَرق وَوهم فِي الْأَمريْنِ كَمَا وهم من سمى جمال الدّين بن التنسي عبد الله بل هُوَ مُحَمَّد وَفِي وَصفه بقاضي الْقُضَاة وانما كَانَ يَنُوب فِي الْقَضَاء نعم أَبوهُ قَاضِي الْقُضَاة نَاصِر الدّين أَحْمد، وَذكره المقريزي فِي عقوده وانه مَاتَ وَهُوَ شَاب غريقا بنيل مصر قَرِيبا من الرَّوْضَة فِي يَوْم عَاشُورَاء وَأورد من نظمه أَشْيَاء.
ـ الضوء اللامع لأهل القرن التاسع.