محمد بن إسماعيل الفرغاني أبي بكر
تاريخ الوفاة | 331 هـ |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
أبي بكر الفرغاني - 331 للهجرة
محمد بن اسماعيل، الفَرْغانِيُّ أبي بكر. من أصحاب الجد في العبادة، وخلو اليد من المعلوم.
وهو من أستاذي أبي بكر الدُقّي. حكى عن أبي الحارث الأولاسي السالف، حكى عنه أبي بكر محمد بن داود الدُّقي.
والفرغاني نسبة إلى فرغانة، ولاية وراء الشاش، وراء سيحون وجيحون. وفرغانة قرية من قرى فارس.
مات سنة إحدى وثلاثين وثلثمائة.
من كلامه: " القلب إذا كثر إعراضه عن الله عاقبه بالوقيعة في أوليائه ".
وقال الدقي: " ما رأيت في الفقر أحسن منه. وكان ممن يظهر الغنى في الفقر: يلبس قميصين أبيضين، ورداء وسراويل، ونعلاً نظيفاً وعمامة، وفي يده مفتاح كبير حسن، وليس له بيت يأوي اليه، بل ينطرح في المسجد، ويطوي الخمس والستدائماً. فكل من رآه يتوهم أنه تاجر قد نزل بعض الخانات، فلا يفطن له إلا الخُلَّص من الأولياء ".
روى أنه دخل مصر على هذا الزي، فعرف بها، واجتمع اليه الصوفية، فتكلم عليهم، فعرض له السفر، فقام من مجلسه، وخرج معه نحو من سبعين منهم، فمشى في يومه فراسخ، لا يعرج على أحد، فانقطع من كان خلفه، وبقي منه قليل، فالتفت إليهم وقال: " كأني بكم قد جعتم وعطشتم! "، فقالوا: " نعم! "، فعدل بهم إلى دير فيه صومعة راهب، فلما دخلوا أشرف الراهب على أصحابه، وناداهم: " أطعموا رهبان المسلمين!، فإن بهم قلة صبر على الجوع ". فغضب من ذلك، ورفع رأسه أليه، وقال: " أيها الراهب!، هل لك إلى خصلة نتبين بها الصابر والجازع؟ "، قال: " وما ذاك؟ " قال: " تنزل من صومعتك، فتتناول من الطعام ما أحببت، ثم تدخل معي بيتاً، ونغلق علينا الباب، ويُدَلَّى لنا من الماء قدرُ ما نتطهر به، فأول من يظهر جزعه، ويستغيث من جوعه، ويستفتح الباب، يدخل في دين صاحبه كائناً من كان؛ على أننيمنذ ثلاث لم أذق ذواقا ". قال الراهب: " لك ذلك ". فنزل من صومعته، وأكل ما أحب وشرب، ثم دخل مع أبي بكر بيتاً، وغُلِّق الباب عليهما، والصوفية والرهبان يرصدونهما، لا يُسمع لهما حسٌّ أربعين يوماً. فلما كان في اليوم الحادي والاربعين سمعوا حسحسة الباب، وقد تعلق أحد به، ففتحوا، فإذا الراهب قد تلف جوعاً وعطشاً، وإذا هو يستغيث بهم إشارةً، فأسقوه، واتخذوا له حريرة، فصبوها في حلقه، والفرغاني ينظر إليهم. فلما رجعت أليه نفسه، قال: " أشهد ألا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله ". ففرح الفرغاني بذلك، وجعل يتكلم على من في الدير، من النصارى، حتى أسلموا عن آخرهم. وقدم بغداد ومعه الراهب، ومن أسلم من أولئك النصارى ".
وقال الفرغاني: " جاءتني مائة دينار من العراق ميراثاً، فجعلت أفرقها على المستورين، فقالت لي زوجتي: " تفرق هذه الدنانير، وتردنا إلى الفقر؟! "، فقلت: " ما أبيع مذهبي بمائة دينار "، قالت: " فاجعل لابنك عشرين ديناراً، فإن عاش كانت له، وإلا صارت لمن هو له! ". قال: فأعطيتها ما طلبت.
ثم قدم علي نفسان من أخواني، فاشتغل قلبي بهما، فأعطيتهما منها دينارين، على أني أرد بدلهما، وكنت أخذتها سراً منها، فرأيت في المنام كأني خرجت إلى دير مُرَّان فإذا بقصر، دون الجامع، عليه بوابين، فقلت: " لمن هذا القصر؟ " قيل: " هو لك! " فقلت: " من أين؟ وأنا رجل فقير! "، فقيل: " بذينك الدينارين! " وانتبهت، فقلت: " إن صح منامي، فالدنانير ما نقصت، فحللتها، فإذا هي كما كانت سواء ".
وقال: " من حال به الحال كان مصروفاً عن التوحيد، ومن قُطِعَ به انقطع، ومن وُصل به وصل. وفي الحقيقة: لا فصل ولا وصل. وفي الحقيقة: لا فصل ولا وصل، ولذلك قيل: ولا عن قَلِى كان القطيعة بيننا ولكنه دهرٌ يشتُّ ويجمعُ.
طبقات الأولياء - لابن الملقن سراج الدين أبي حفص عمر بن علي بن أحمد الشافعي المصري.
الفرغاني :
شَيْخُ الصُّوْفِيَّة، الأُسْتَاذ أبي بَكْرٍ، مُحَمَّدُ بنُ إسماعيل الفرغاني، أُسْتَاذ أَبِي بَكْرٍ الدُّقِّيِّ، كَانَ مِنَ المجتهدينَ فِي العِبَادَةِ.
قَالَ الدُّقِّي: مَا رَأَيْتُ مَنْ يُظهر الغِنَى مثلَه، يَلْبَسُ قمِيصين أَبيضين، وَرِدَاءً وَسرَاويل وَنَعْلاً نظيفاً، وَعِمَامَةً، وَفِي يَدهِ مِفْتَاح، وَلَيْسَ لَهُ بَيْتٌ، بَلْ ينطرحُ فِي المَسَاجِدِ، وَيطوِي الخمسَ ليَالِي وَالسّتّ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الرُّسْتُمِيّ: كَانَ الفَرْغَانِيُّ نسيجَ وَحْدِه، مَعَهُ كوز، فِيْهِ قَمِيْصٌ رقيقٌ، فَإِذَا أَتَى بَلَداً لَبِسَه، وَمَعَهُ مِفْتَاح منقوشٌ يطرحهُ إِذَا صَلَّى بَيْنَ يَدَيْهِ، يوهِم أَنَّهُ تَاجر.
عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ بَكْر: حَدَّثَنَا الدُّقِّيّ، سَمِعْتُ الفَرْغَانِيَّ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ دير طور سِينَاء، فَأَتَانِي مُطرَانهُم بِأَقوَامٍ كَأَنَّهُم نُشرُوا مِنَ القُبُوْر. فَقَالَ: هَؤُلاَءِ يَأْكُلُ أَحَدُهُم فِي الأُسْبُوْع أَكلَة يفخرُوْنَ بِذَلِكَ. فَقُلْتُ: كم صَبْرُ كبيرِكُم هَذَا؟ قَالُوا: ثَلاَثِيْنَ يَوْماً. فَقَعدتُ فِي وَسطِ الدَّير أَرْبَعِيْنَ يَوْماً لَمْ آكل وَلَمْ أَشربْ. فَخَرَجَ إِلَيَّ مُطْرَانهُم وَقَالَ: يَا هَذَا قُمْ، أَفسدتَ قُلُوْبَ هَؤُلاَءِ. فَقُلْتُ: حتى أتم ستين يومًا، فأحلوا فَخَرَجت. تُوُفِّيَ الفَرْغَانِيُّ سَنَة إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائة.
سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي