أحمد بن علي الدمشقي الخلوتي العمري
ابن سالم
تاريخ الوفاة | 1086 هـ |
مكان الوفاة | دمشق - سوريا |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
الشَّيْخ أَحْمد بن عَليّ الدِّمَشْقِي الخلوتي الْمَعْرُوف بِابْن سَالم الْعمريّ الْحَنْبَلِيّ خَليفَة الشَّيْخ أَيُّوب وَالشَّيْخ أَيُّوب أَخذ طَرِيق الخلوتية عَن العسالي الْمُقدم ذكره وَكَانَ ابْن سَالم فِيمَا أدّى إِلَى إطلاعي من عباد الله الصَّالِحين وَكَانَ قَرَأَ الْفِقْه والعربية وَغَيرهمَا وَكَانَ لَهُ مُشَاركَة جَيِّدَة وَأخذ التصوف عَن شَيْخه الْمَذْكُور وَألف فِيهِ تأليفا نَافِعًا سَمَّاهُ منهل الوراد فِي الْحَث على قِرَاءَة الأوراد وَله آخر سَمَّاهُ تحفة الْمُلُوك لمن أَرَادَ تَجْرِيد السلوك وَله رِسَالَة الْحسب وقفت عَلَيْهَا ورأيته قد ذكر فِي آخرهَا مبدأ أمره وَمَا انساق إِلَيْهِ حَاله فجردت مِنْهَا مَا لزمني اثباته فِي تَرْجَمته وأعرضت عَن غَيره قَالَ كَانَ لي فِي بدايتي وَمَا ثمَّ نِهَايَة أَنِّي كنت مغرماً بحب الصُّوفِيَّة وتطلبت مرشداً كَامِلا فَلم أَجِدهُ حَتَّى سَافَرت فِي طلبه إِلَى الْحجاز وَالروم ومصر والجزائر والسواحل فَلَمَّا أعياني تطلبه جِئْت وأقمت بالصالحية مُدَّة فحانت منا زِيَارَة لمقام إِبْرَهِيمُ ببرزة فاجتمعت فِيهَا بأستاذنا الشَّيْخ أَيُّوب فكاشفني عَن بعض مَا عِنْدِي وأوقع الله فِي نَفسِي أَنه هُوَ الْمَطْلُوب ثمَّ رَأَيْت بعد ذَلِك فِي الرُّؤْيَا قَائِلا يَقُول لي قُم فقد أَتَى رَسُول الله إِلَيْك يُرِيدُكَ فِي هَذَا الْوَقْت فَقُمْت مسرعاً وَكَأَنِّي بالجامع المظفري فرجت من الْبَاب الغربي فَرَأَيْت رجلا يَقُود فرسا مسرجاً ألصقها بِالصّفةِ الَّتِي على الْبَاب فَقَالَ اركب فَقلت من أَنا حَتَّى أذهب لحضرة النَّبِي رَاكِبًا أَنا أَمْشِي على عَيْني فَقَالَ هَكَذَا أمرت فمسك لي الركاب فركبت وَذَهَبت فَكَأَنِّي بِالنَّاسِ وَقد شَقوا إِلَى زقاقاً فِي الْوسط فسرت بَينهم إِلَى أَن وصلت إِلَيْهِ فتأخرت عَنهُ قَلِيلا لِئَلَّا أحاذيه بفرسي وَهُوَ رَاكب فَجعلت رَأس فرسي قَرِيبا من ركبته الشَّرِيفَة وتكلمنا كثيرا ثمَّ استيقظت وَأَنا مفكر فِي واقعتي وَإِذا برَسُول الشَّيْخ أَيُّوب جَاءَنِي من السُّلْطَانِيَّة إِلَى الْجَامِع المظفري يَقُول لي الشَّيْخ يطلبك فسرت فَلَمَّا دخلت عَلَيْهِ ضخك وأنشدني ارتجالاً
(السالمي أَحْمد السالك طَرِيق الْقَوْم ... نَسِيج وَحده ظريف الشكل غالي السّوم)
(رأى الَّذِي أمنُوا البلوي وَهُوَ فِي النّوم ... فَعَاد وَهُوَ سميري فِي الْمحبَّة دوم)
ثمَّ الْتفت إِلَى الْحَاضِرين من أهل الطَّرِيق وَقَالَ لَهُم إِن طريقكم يحملهُ هَذَا وَهُوَ صَاحبه وَأَشَارَ إِلَيّ فتعجبت وَلم يتَقَدَّم لي مَعَه بيعَة وَلَا جمعية ثمَّ قَالَ اجْلِسْ فَجَلَست فبايعني على طَرِيقه وَقَالَ تذْهب فِي هَذَا الْيَوْم إِلَى مقَام بَرزَة فَقلت مرْحَبًا فجيء بدابتين إِحْدَاهمَا لَهُ وَالْأُخْرَى لي وَبَقِيَّة النَّاس يَمْشُونَ وكلمني بِبَعْض مَا رَأَيْت آنِفا فِي واقعتي وَرَأَيْت بعض من رَأَيْت فِي الْوَاقِعَة مَعَه فَعرفت أَنه الْوَارِث المحمدي فازدادت محبتي لَهُ واعتقادي فِيهِ ثمَّ إِنَّا جِئْنَا فَقَالَ مَكَانا لَا يصلح للطريق فاختر لنا مَكَانا فجئتنا للمدرسة الضيائية تجاه الْجَامِع المظفري من الشرق وَكَانَ لنا بهَا مُدَّة لَا تقوم بهَا مُدَّة ثمَّ رَأَيْت كَأَن سَبْعَة نفر شكل بريد السُّلْطَان جاؤا إِلَى الضيائية وسألوا عني فَقلت وماذا تُرِيدُونَ مِنْهُ قَالُوا هُوَ مَطْلُوب الْملك فَقلت أَنا هُوَ وَهل أليق لذَلِك فَقَالُوا نَحن رسل لَا نَدْرِي فانزعجت واستيقظت وقصيت على الشَّيْخ واقعتي فَقَالَ بكرَة النَّهَار أفسرها لَك ثمَّ أَنا نزلنَا إِلَى الْمَدِينَة على طَرِيق الْبَسَاتِين فَقَالَ لي الشَّيْخ كبر عمامتك وَكنت إِذْ ذَاك أتعمم بعمامة صَغِيرَة فَقلت يَكْفِي هَذَا يَا سَيِّدي فَقَالَ لي أَنْت مَطْلُوب لإمامة مَسْجِد الْقصب وَالْجَمَاعَة الَّذين رَأَيْتهمْ البارحة حجر بن عدي وَأَصْحَابه المدفونون هُنَاكَ فتعجبت أَيْضا لعدم استعدادي فَبعد مُدَّة صرت إِمَامًا باخيار جماعته فأقمت أَنا وَالشَّيْخ بِهِ ثَمَان عشرَة سنة فَرَأَيْت كَأَنِّي نَائِم على بَاب خَان السُّلْطَان على الْمَسْجِد الصَّغِير هُنَاكَ وَإِذا بِبرد السُّلْطَان وقفُوا عَليّ وَقَالُوا هَذَا هُوَ فَقلت مَا تُرِيدُونَ مني فَقَالُوا هَذِه أَحْكَام السُّلْطَان لتَكون نَائِب الشَّام فَقلت أَنا من فُقَرَاء الْبَلَد وضعفائهم لَا أعرف سياسة فزجروني وَقَالُوا تأدب فَنحْن فِي الْكَلَام وَإِذا بِعَجُوزٍ وَمَعَهَا عرض حَال فَقَالَت خُذ عرض حَالي فزجرتها وَقلت لَهُم اضربوها فضربوها فَذَهَبت عني فَاسْتَيْقَظت وقصيت ذَلِك على الشَّيْخ فَقَالَ سترى عيَانًا وَلما مَرضت أَنا وَالشَّيْخ فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ وصلنا إِلَى الْعَدَم فَرَأَيْت فِي واقعتي كَأَن رجَالًا داخلون إِلَى جِهَة بيتنا يحمل كل وَاحِد مِنْهُم صينية فِيهَا ياسمين ومنجرة وقمقم فَقلت مَا هَذَا قَالَ عرسك على صَافِيَة بنت الشَّيْخ أَيُّوب فَقلت لَا أَدْرِي أَن لَهُ بِنْتا اسْمهَا صَافِيَة قَالُوا هَذِه الْبِنْت الْعَذْرَاء الْبكر المخدرة ثمَّ دخلُوا دَارنَا وضعُوا اكان مَعَهم وَخَرجُوا وصافحوني كلهم يَقُولُونَ لي مبارك فَاسْتَيْقَظت وبكيت لعلمي أَن هَذَا موت الشَّيْخ وَكَانَت لَيْلَة عيد الْأَضْحَى فَفِي وَقت الضُّحَى جَاءَنِي زمرة من الإخوان يَبْكُونَ وَقَالُوا فِي هَذَا الْيَوْم جلس الشَّيْخ بَين اثْنَيْنِ وَقَالَ إخْوَانِي ليعلم الْحَاضِر مِنْكُم الْغَائِب أَن خَليفَة الْخُلَفَاء بعدِي الشَّيْخ أَحْمد بن سَالم وَمَا ذَلِك مني وَإِنَّمَا نزلت خِلَافَته من السَّمَاء بِحُضُور رجال الطَّرِيق جَمِيعًا لِسَان صدق وَبعد أَيَّام تعافى الشَّيْخ قَلِيلا فَقَالَ احْمِلُونِي إِلَى جَامع منجك على دَابَّة فجَاء إِلَى الْجَامِع وَسَأَلَ كَيفَ حَال الشَّيْخ أَحْمد فَقَالُوا هُوَ على حَاله فَقَالَ احْمِلُونِي لَا عوده فَحَمَلُوهُ يتهادى بَين اثْنَيْنِ فَجَلَسَ عِنْد رَأْسِي وَلم أقدر أَن أَجْلِس لَهُ فَقَالَ لي قُم لَا بَأْس عَلَيْك ثمَّ قَالَ أرْسلت أخْبرك مَعَ إخوانك ابالخلافة وَقد جِئْت إِلَيْك بنفسي أَنْت خليفتي بعدِي فَعَلَيْك بِالطَّرِيقِ وَإِن أَبيت أوقفك عَلَيْهِ بَين يَدي الله تَعَالَى أتلفت عَلَيْك إِحْدَى وَعشْرين سنة من أجل هَذَا فَبَكَيْت وَبكى وَكَانَ أخواننا جَمِيعًا حاضرين ثمَّ قَالَ لي مَا رَأَيْت فَأَرَدْت أَن أكتمه واقعتي فزجرني وَقَالَ قل الصدْق فَقلت الْوَاقِعَة الْمَذْكُورَة فَقَالَ أَي وَالله هِيَ صَافِيَة وَهِي الْبكر المخدرة الَّتِي لَا تلِيق إِلَّا بك وَقد زَوجتك إِيَّاهَا جعلهَا الله مباركة وَقَرَأَ لي الْفَاتِحَة وَانْصَرف من عِنْدِي فَمَا مكث إِلَّا قَلِيلا حَتَّى مَاتَ رَحمَه تَعَالَى هَذَا مَا قَالَه فِي تَرْجَمَة نَفسه قلت وَبعد وَفَاة شَيْخه صَار خَليفَة من بعده وَبَايَعَهُ خلق كثير واشتهر أمره وَبِالْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ كَانَ من خِيَار النَّاس وَكَانَت وَفَاته سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَألف وَدفن بمقبرة الفراديس رَحمَه الله تَعَالَى.
ــ خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر.