أيوب بن يزيد بن قيس أبي سليمان النمري الهلالي ابن القرية
ابن القرية أيوب
تاريخ الوفاة | 84 هـ |
مكان الوفاة | العراق - العراق |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
أيوب ابن القرية:
وَهِيَ أُمُّهُ. وَاسْمُ أَبِيْهِ يَزِيْدُ بنُ قَيْسِ بنِ زُرَارَةَ النَّمَرِيُّ، الهِلاَلِيُّ، أَعْرَابِيٌّ، أُمِّيٌّ، فَصِيْحٌ، مُفَوَّهٌ، يُضْرَبُ بِبَلاَغَتِهِ المَثَلُ. وَفَدَ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ وَعَلَى الحَجَّاجِ، فَأُعْجِبَ بِفَصَاحَتِهِ، ثُمَّ بَعَثَهُ رَسُوْلاً إِلَى ابْنِ الأَشْعَثِ إِلَى سِجِسْتَانَ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَخْلَعَ الحَجَّاجَ, وَيَقُوْمَ بِذَلِكَ وَيَشْتِمَهُ. فَقَالَ: إِنَّمَا أَنَا رَسُوْلٌ فَقَالَ: لَتَفْعَلَنَّ, أَوْ لأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ. فَفَعَلَ, فَلَمَّا انْتَصَرَ الحَجَّاجُ, جِيءَ بِابْنِ القِرِّيَّةِ، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ أَهْلِ العِرَاقِ؟ قَالَ: أَعْلَمُ النَّاسِ بِحَقٍّ وَبِبَاطِلٍ. قَالَ: فَأَهْلُ الحِجَازِ؟ قَالَ: أَسْرَعُ النَّاسِ إِلَى فِتْنَةٍ وَأَعْجَزُهُمْ عَنْهَا قَالَ: فَأَهْلُ الشَّامِ؟ قَالَ: أَطْوَعُ شَيْءٍ لأُمَرَائِهِمْ. قال: فأهل مصر؟ قَالَ: عَبِيْدُ مَنْ عَلِمْتَ. قَالَ: فَأَهْلُ الجَزِيْرَةِ؟ قَالَ: أَشْجَعُ فُرْسَانٍ, وَأَقْتَلُ لِلأَقْرَانِ. قَالَ: فَأَهْلُ اليَمَنِ؟ قَالَ: أَهْلُ سَمْعٍ وَطَاعَةٍ. ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ قبَائِلِ العَرَبِ وَعَنِ البُلْدَانِ، وَهُوَ يُجِيْبُ، ثُمَّ ضَرَبَ عُنُقَهُ، وَنَدِمَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ.
طَوَّلَ أَخْبَارَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ.
سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي
أيوب القرية
هُوَ أَيُّوْبُ بنُ يَزِيْدَ بنِ قَيْسِ بنِ زُرَارَةَ النَّمَرِيُّ، الهِلاَلِيُّ, الأَعْرَابِيُّ.
صَحِبَ الحَجَّاجَ، وَوَفَدَ عَلَى الخَلِيْفَةِ عَبْدِ المَلِكِ. وَكَانَ رَأْساً فِي البَلاَغَةِ، وَالبَيَانِ، وَاللُّغَةِ. ثُمَّ إِنَّهُ خَرَجَ عَلَى الحَجَّاجِ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ؛ لأَنَّ الحَجَّاجَ نَفَّذَهُ إِلَى ابْنِ الأَشْعَثِ إِلَى سِجِسْتَانَ رَسُوْلاً. فَأَمَرَهُ ابْنُ الأَشْعَثِ أَنْ يَقُوْمَ وَيَسُبَّ الحَجَّاجَ، وَيَخْلَعَهُ، أَوْ لَيَقْتُلَنَّهُ، فَفَعَلَ مُكْرَهاً. ثُمَّ أُسِرَ أَيُّوْبُ، وَلَمَّا ضَرَبَ الحَجَّاجُ عُنُقَهُ، نَدِمَ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ. وَلَهُ كَلاَمٌ بَلِيْغٌ مُتَدَاوَلٌ.
سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي
أَيُّوبُ بْنُ الْقَرِّيَّةَ وَاسْمُ أَبِيهِ يَزِيدُ بْنُ قَيْسِ بْنِ زُرَارَةَ بْنِ سَلْمٍ النَّمَرِيُّ الْهِلالِيُّ، [الوفاة: 81 - 90 ه]
وَالْقَرِّيَّةُ أُمُّهُ
كَانَ أَعْرَابِيًّا أُمِّيًّا، صَحِبَ الْحَجَّاجَ وَوَفَدَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، وَكَانَ يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ فِي الْفَصَاحَةِ وَالْبَيَانِ.
قَدِمَ فِي عَامِ قَحْطِ عين التمر، وعليها عَامِلٌ، فَأَتَاهُ مِنَ الْحَجَّاجِ كتابٌ فِيهِ لُغَةٌ وَغَرِيبٌ، فَأَهَمَّ الْعَامِلُ مَا فِيهِ، فَفَسَّرَهُ لَهُ أَيُّوبُ، ثُمَّ أَمْلَى لَهُ جَوَابَهُ غَرِيبًا، فَلَمَّا قَرَأَهُ الْحَجَّاجُ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ إِنْشَاءِ عَامِلِهِ، وَطَلَبَ مِنَ الْعَامِلِ الَّذِي أَمْلَى لَهُ الْجَوَابَ، فَقَالَ لابْنِ الْقَرِّيَّةَ، فَقَالَ لَهُ: أَقِلْنِي مِنَ الْحَجَّاجِ، قَالَ: لا بَأْسَ عَلَيْكَ، وَجَهَّزَهُ إِلَيْهِ، فَأُعْجِبَ بِهِ، ثُمَّ جَهَّزَهُ الْحَجَّاجُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَلَمَّا خَرَجَ ابْنُ الأَشْعَثِ كَانَ أَيُّوبُ بْنُ الْقَرِّيَّةَ مِمَّنْ خَرَجَ مَعَهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَجَّاجَ بَعَثَهُ رَسُولا إِلَى ابْنِ الأَشْعَثِ إِلَى سِجِسْتَانَ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ أَمَرَهُ أَنْ يَقُومَ خَطِيبًا، وَأَنْ يَخْلَعَ الْحَجَّاجَ وَيَسُبَّهُ أَوْ ليضربن عنقه، فقال: أنما رَسُولٌ، قَالَ: هُوَ مَا أَقُولُ لَكَ، فَفَعَلَ، وأقام مع ابن الأَشْعَثِ، فَلَمَّا انْكَسَرَ ابْنُ الأَشْعَثِ أُتِيَ بِأَيُّوبَ أَسِيرًا إِلَى الْحَجَّاجِ، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَمَّا أَسْأَلُكَ، قَالَ: سَلْ، قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ. قَالَ: أَعْلَمُ النَّاسِ بحقٍ وَبَاطِلٍ، قَالَ: فَأَهْلُ الْحِجَازِ، قَالَ: أَسْرَعُ النَّاسِ إِلَى فِتْنَةٍ، وَأَعْجَزُهُمْ فِيهَا، قَالَ: فَأَهْلُ الشَّامِ؟ قَالَ: أَطْوَعُ النَّاسِ لأُمَرَائِهِمْ، قَالَ: فَأَهْلُ مِصْرَ؟ قَالَ: عَبِيدُ مَنْ [ص:926] غلَبَ، قَالَ: فَأَهْلُ الْمُوصِلَ؟ قَالَ: أَشْجَعُ فُرْسَانٍ، وَأَقْتَلُ لِلْأَقْرَانِ، قَالَ: فَأَهْلُ الْيَمَنِ؟ قَالَ: أَهْلُ سمعٍ وَطَاعَةٍ، وَلُزُومِ لِلْجَمَاعَةِ. ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ وَعَنِ الْبُلْدَانِ، وَهُوَ يُجِيبُ، فَلَمَّا ضَرَبَ عُنُقَهُ نَدِمَ.
وَفِي تَرْجَمَتِهِ طُولٌ فِي تَارِيخِ دِمَشْقَ، وَابْنُ خَلِّكَانَ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ أربعٍ وَثَمَانِينَ.
تاريخ الإسلام وَوَفيات المشاهير وَالأعلام - لشمس الدين أبو عبد الله بن قَايْماز الذهبي.
أيوب بن زيد بن قيس بن زرارة الهلالي:
أحد بلغاء الدهر. خطيب يضرب به المثل. يقال (أبلغ من ابن القرية) والقرية أمه. كان أعرابيا أميا، يتردد إلى عين التمر (غربي الكوفة) فاتصل بالحجاج، فأعجب بحسن منطقه، فأوفده على عبد الملك بن مروان. ولما خلع ابن الأشعث الطاعة بسجستان بعثه الحجاج إليه رسولا، فالتحق به وشهد معه وقعة دير الجماجم (بظاهر الكوفة) وكان شجاعا فلما انهزم ابن الأشعث سيق أيوب إلى الحجاج أسيرا، فقال له الحجاج: والله لأزيرنك جهنم! قال: فأرحني فاني أجد حرها!، فأمر به فضربت عنقه. ولما رآه قتيلا قال: لو تركناه حتى نسمع من كلامه!، وأخباره كثيرة .
-الاعلام للزركلي-
ابن القرية
أبو سليمان أيوب بن زيد بن قيس بن زرارة بن سلمة بن جشم بن مالك بن عمرو بن عامر بن زيد مناة بن عامر بن سعد بن الخزرج بن تيم الله بن النمر بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد ابن عدنان المعروف بابن القرية الهلالي، والقرية: جدته، واسمها جماعة بنت جشم بن ربيعة بن زيد مناة بن عوف بن سعد بن الخزرج - وتمام النسب مذكور في أول الترجمة؛ كان أعرابياً أمياً، وهو معدود من جملة خطباء العرب المشهورين بالفصاحة والبلاغة، وكان قد أصابته السنة، فقدم عين التمر وعليها عامل للحجاج بن يوسف، وكان العامل يغدي كل يوم ويعشي، فوقف ابن القرية ببابه فرأى الناس يدخلون فقال: أين يدخل هؤلاء فقالوا: إلى طعام الأمير، فدخل فتغدى وقال: أكل يوم يصنع الأمير ما أرى فقيل: نعم، فكان يأتي كل يوم بابه للغداء والعشاء، إلى أن ورد كتاب من الحجاج على العامل، وهو عربي غريب لا يدري ما هو، فأخر لذلك طعامه، فجاء ابن القرية فلم ير العامل يتغدى، فقال: ما بال الأمير اليوم لا يأكل ولا يطعم فقالوا: اغتم لكتاب ورد عليه من الحجاج عربي غريب لا يدري ما هو، قال: ليقرئني الأمير الكتاب وأنا أفسره إن شاء الله تعالى، وكان خطيباً لسناً بليغاً، فذكر ذلك نلوالي فدعا به فلما قرئ عليه الكتاب عرف الكلام وفسره للوالي حتى عرفه جميع ما فيه فقال له: أفتقدر على جوابه قال: لست أقرأ ولا أكتب ولكن أقعد عند كاتب يكتب ما أمليه، ففعل، فكتب جواب الكتاب، فلما قرئ الكتاب على الحجاج رأى كلاما عربيا غريبا، فعلم أنه ليس من كلام كتاب الخراج، فدعا برسائل عامل عين التمر فنظر فيها فإذا هي ليست ككتاب ابن القرية، فكتب الحجاج إلى العامل أما بعد، فقد أتاني كتابك بعيداً من جوابك بمنطق غيرك، فإذا نظرت في كتابي هذا فلا تضعه من يدك حتى تبعث إلي بالرجل الذي صدر لك الكتاب، والسلام. قال: فقرأ العامل الكتاب على ابن القرية وقال له: تتوجه نحوه فقال: أقلني، قال: لا بأس عليك، وأمر له بكسوة ونفقة وحمله إلى الحجاج.
فلما دخل عليه قال: أيوب، قال: اسم نبي وأظنك أمياً تحاول البلاغة ولا يستصعب عليك المقال، وأمر له بنزل ومنزل، فلم يزل يزداد به عجبا حتى أوفده على عبد الملك بن مروان، فلما خلع عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي الطاعة بسجستان وهي واقعة مشهورة بعثه الحجاج إليه رسولاً، فلما دخل عليه قال له: لتقومن خطيباً ولتخلعن عبد الملك ولتسبن الحجاج أو لأضربن عنقك، قال: أيها الأمير إنما أنا رسول، قال: هو ما أقول لك، فقالم وخطب وخلع عبد الملك وشتم الحجاج، وأقام هنالك.
فلما انصرف ابن الأشعث مهزوماً كتب الحجاج إلى عماله بالري وأصبهان وما يليهما يأمرهم أن لا يمر بهم أحد من فل ابن الأشعث إلا بعثوا به أسيرا إليه، واخذ ابن القرية فيمن أخذ، فلما أدخل على الحجاج قال: أخبرني عما أسألك عنه، قال: سلني عما شئت، قال: أخبرني عن أهل العراق، قال: أعلم الناس بحق وباطل، قال: فأهل الحجاز، قال: أسرع الناس إلى فتنة وأعجزهم فيها، قال: فأهل الشام، قال: أطوع الناس لخلفائهم، قال: فأهل مصر، قال: عبيد من غلب، قال: فأهل البحرين، قال: نبيط استعربوا، قال: فأهل عمان، قال: عرب استنبطوا، قال: فأهل الموصل، قال: أشجع فرسان وأقتل للأقران، قال: فأهل اليمن، قال: أهل سمع وطاعة ولزوم للجماعة، قال: فأهل اليمامة، قال: أهل جفاء، واختلاف أهواء، وأصبرعند اللقاء، قال: فاهل بأس شديد، وشر عتيد، وزيف كثير، وقرى يسير، قال: أخبرني عن العرب، قال: سلني، قال: قريش، أطواها رماحاً، وأكرمها صباحاً، قال: فبنو سليم، قال: أعظمها مجالس، وأكرمها محابس، قال: فثقيف، قال: أكرمها جدوداً، وأكثرها وفوداً، قال: فبنو زبيد، قال: ألزمها للرايات، وأدركها للترات، قال: فقضاعة، قال: أعظمها اخطاراً، وأكرمها نجاراً، وأبعدها آثاراً، قال: فالأنصار، قال: أثبتها مقاماً، وأحسنها إسلاماً، وأكرمها أياماً، قال: فتميم، قال أظهرها جلداً، وأثراها عدداً، قال: فبكر بن وائل، قال: أثبتها صفوفاً، وأحدها سيوفاً، قال: فعبد القيس، قال: أسبقها إلى الغايات، وأصبرها تحت الرايات، قال: فبنو أسد، قال: أهل عدد وجلد، وعسر ونكد، قال: فلخم، قال: ملوك، وفيهم نوك، قال: فجذام، قال: يوقدون الحرب ويسعرونها، ويلقحونها ثم يمرونها، قال: فبنو الحارث، قال: رعاة للقديم، وحماة عن الريم، قال: فعك، قال: ليوث حاهدة، في قلوب فاسدة، قال: فتغلب، قال: يصدقون إذا لقوا ضرباً، ويسعرون للأعداء حراباً، قال: فغسان، قال: أكرم العرب أسحاباً، وأثبتها أنساباً، قال: فأي العرب في الجاهلية كانت أمنع من أن تضام قال: قريش، كانوا أهل رهوة لا يستطاع ارتقاؤها، وهضبة لا يرام انتزاؤها، في بلدة حمس الله ذمارها، ومنع جارها، قال: فأخبرني عن مآثر العرب في الجاهلية، قال: كانت العرب تقول حمير أرباب الملك وكندة لباب الملوك ومذحج أهل الطعان وهمدان أحلاس الخيل والأزد آساد الناس، قال: فأخبرني عن الأرضين، قال: سلني، قال: الهند، قال: بحرها در وجبلها ياقوت وشجرها عود وورقها عطر وأهلها طغام كقطع الحمام، قال: فخراسان، قال: ماؤها جامد، وعدوها جاحد، قال: فعمان، قال: حرها شديد، وصيدها عتيد، قال: فالبحرين، قال: كناسة بين المصرين، قال: فاليمن، قال: أصل العرب، وأهل البيوتات والحسب، قال: فمكة، قال: رجالها علماء جفاة، ونساؤها كساة عراة، قال: فالمدينة، قال: رسخ العلم فيها وظهر منها، قال: فالبصرة، قال: شتاؤها جليد، وحرها شديد، وماؤها ملح، وحربها صلح، قال: فالكوفة، قال: ارتفعت عن حر البحر وسلفت عن برد الشام، فطاب ليلها وكثر خيرها، قال: فواسط، قال: جنة بين حماة وكنة، قال: وما حماتها وكنتها قال: البصرة والكوفة تحسدانها وما ضرها ودجلة والزاب يتجاريان بإفاضة الخير عليها، قال: فالشام، قال: عروس بين نسوة جلوس، قال: ثكلتك أمك يا ابن القرية! لولا اتباعك لأهل العراق وقد كنت أنهاك عنهم أن تتبعهم فتأخذ من نفاقهم، ثم دعا بالسيف وأومأ إلى السياف أن أمسك، فقال ابن القرية: ثلاث كلمات أصلح الله الأمير كأنهن ركب وقوف يكن مثلا بعدي، قال: هات، قال: لكل جواد كبوة ولكل صارم نبوة ولكل حليم هفوة، قال الحجاج: ليس هذا وقت المزاح، ياغلام أوجب جرحه، فضرب عنقه.
وقيل: إنه لما أراد قتله قال له: العرب تزعم أن لكل شيء آفة، قال: صدقت العرب، أصلح الله الأمير! قال: فما آفة الحلم قال: الغضب، قال: فما آفة العقل قال: العجب، قال: فما آفة العلم قال: النسيان، قال: فما آفة السخاء قال: المن عند البلاء، قال: فما آفة الكرام قال: مجاورة اللئام، قال: فما آفة الشجاعة قال: البغي، قال: فما آفة العبادة قال: الفترة، قال: فما آفة الذهن قال: حديث النفس، قال: فما آفة الحديث قال: الكذب، قال: فما آفة المال قال: سوء التدبير، قال: فما آفة الكامل من الرجال قال: العدم، قال: فما آفة الحجاج بن يوسف قال: أصلح الله المير، لاآفة لمن كرم حسبه وطاب نسبه وزكا فرعه، قال: امتلأت شقاقاً، وأظهرت نفاقاً؛ اضربوا عنقه، فلما رآه قتيلاً ندم.
نقلت هذا كله من كتاب اللفيف، وإنما أطلت الكلام فيه لأنه كان متصلاً فما أمكن قطعه.
وسأله بعض العلماء عن حد الدهاء فقال: هو تجرع الغصة وتوقع الفرصة.
ومن كلامه في صفة العي: التنحنح من غير داء، والتثاؤب من غير ريبة، والإكباب في الأرض من غير علة.
وكان قتله في سنة أربع وثمانين لهجرة، رحمه الله تعالى.
وهذا ابن القرية هو الذي تذكره النحاة في أمثالها فيقولون: ابن القرية زمان الحجاج.
وذكر أبو الفرج الأصبهاني في كتاب الأغاني في ترجمة مجنون ليلى بعد أن استوفى أخباره فقال: وقد قيل إن ثلاثة أشخاص شاعت أخبارهم، واشتهرت أسماؤهم، ولا حقيقة لهم ولا وجود في الدنيا، وهم: مجنون ليلى، وابن القرية - يعني هذا المذكور -، وابن أبي العقب الذي تنسب إله الملاحم، واسمه يحيى بن عبد الله بن أبي العقب، والله أعلم.
والقرية - بكسر القاف وتشديد الراء وتشديد الياء المثناة من تحتها وبعدها هاء - وهي أم جشم بن مالك بن عمرو، وكان عمرو المذكور قد تزوجها فلما مات تزوجها ابنه مالك فأولدها جشم بن مالك المذكور، والقرية في اللغة: الحوصلة، وبها سميت المرأة، قال أهل العلم بالنساب: لما تزوج مالك ابن عمرو المذكور القرية - واسمها جماعة، كما تقدم في أول الترجمة - أولدها جشم جد أيوب ابن القرية المذكور، وكليباً، وهو جد العباس بن عبد المطلب، رضي الله عنه، عم رسول الله عليه وسلم من جهة أمه، فإن أمه نتيلة - بضم النون - وقيل: نتلة بفتحها، بنتحباب بن كليب بن ملك المذكور، فالعباس رضي الله عنه من أولاد القرية بهذا الاعتبار.
وذكر ابن قتيبة في كتاب " المعارف " أن ابن القرية هلالي، وأنه من بني هلال بن ربيعة بن زيد مناة بن عامر.
وذكر ابن الكلبي أنه من بني مالك بن عمرو بن زيد مناة، فما يجتمع هلال ومالك إلا في زيد مناة، وليس هلال في عمود نسبة، والله تعالى أعلم.
والهلالي - بكسر الهاء - نسبة إلى هلال بن ربيعة بن زيد مناة، بطن من النمر بن قاسط، وفي العرب أيضاً: هلال بن عامر بن صعصعة، قبيلة أخرى، وقد ذكر ابن الكلبي في كتاب جمهرة النسب هذين النسبين وصورة النكاح بينهما فيؤخذ منه.
وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - لأبو العباس شمس الدين أحمد ابن خلكان البرمكي الإربلي
الشيخ أبو سُليمان أيوب بن زَيد بن قيس بن زُرَارَة بن سَلَمَة بن جُشم، المعروف بابن القِرِّية الهِلاَلي، المقتول على يد الحَجَّاج سنة أربع وثمانين والقِرِّية، بالكسر، جَدَّته.
كان أعرابياً أميًّا من خطباء العرب المشهورين بالفصاحة والبلاغة ويضرب بحفظه المثل، فيقال: أحفظ من ابن القِرِّية.
وكان حافظاً للأخبار وقيل: ثلاثة شاعت أخبارهم ولا حقيقة لهم وهم: المجنون وابن القِرِّية وابن أبي العقب يحيى، الذي تنسب إليه الملاحم. كذا في "الأغاني".
وقد أطال ابن خَلِّكان ترجمته إلى أن قال: وسبب قتله أنه شتم الحَجَّاج في مجلس ابن الأشعث بإغرائه، ثم لما انهزم منه أُخذ هو أسيراً فقتل. انتهى نقلاً منه.
سلم الوصول إلى طبقات الفحول - حاجي خليفة.