مصعب بن الزبير ابن العوام القرشي الأسدي أبي عبد الله وأبي عيسى
مصعب بن الزبير
تاريخ الولادة | 26 هـ |
تاريخ الوفاة | 72 هـ |
العمر | 46 سنة |
مكان الوفاة | الكوفة - العراق |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
مصعب بن الزبير
ابن العَوَّامِ القُرَشِيُّ الأَسَدِيُّ أَمِيْرُ العِرَاقَيْنِ, أبي عِيْسَى وأبي عبد الله. لا رواية له
كَانَ فَارِساً، شُجَاعاً، جَمِيْلاً، وَسِيْماً، حَارَبَ المُخْتَارَ وَقَتَلَهُ وَكَانَ سَفَّاكاً لِلدِّمَاءِ. سَارَ لِحَرْبِهِ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ. وَأُمُّهُ: هِيَ الرَّبَابُ بِنْتُ أُنَيْفٍ الكَلْبِيَّةُ. وَكَانَ يُسَمَّى مِنْ سَخَائِهِ: آنِيَةَ النَّحْلِ. وَفِيْهِ يَقُوْلُ عُبَيْدُ اللهِ بنُ قَيْسِ الرقيات:
إنما مصعب شهاب من الله ... تَجَلَّتْ عَنْ وَجْهِهِ الظَّلْمَاءُ
مُلْكُهُ مُلْكُ عِزَّةٍ لِيْسَ فِيْهَا ... جَبَرُوْتٌ مِنْهُ وَلاَ كِبْرِيَاءُ
يتَّقِي اللهَ فِي الأُمُوْرِ وَقَدْ أَفْ ... لَحَ مَنْ كَانَ هَمَّهُ الاتِّقَاءُ
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ: مَا رَأَيْتُ أَمِيْراً قَطُّ أَحْسَنَ مِنْ مُصْعَبٍ.
وَرَوَى عُمَرُ بنُ أَبِي زَائِدَةَ: أَنَّ الشَّعْبِيَّ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَمِيْراً قَطُّ عَلَى مِنْبَرٍ أَحْسَنَ مِنْ مُصْعَبٍ.
قَالَ المَدَائِنِيُّ: كَانَ يُحْسَدُ عَلَى الجَمَالِ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: اجْتَمَعَ فِي الحِجْرِ: عَبْدُ اللهِ، وَمُصْعَبٌ, وَعُرْوَةُ -بَنُوْ الزُّبَيْرِ -وَابْنُ عُمَرَ, فَقَالَ: تَمَنَّوْا. فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: أَتَمَنَّى الخِلاَفَةَ. وقال عروة: أتمنى أن يؤخذ عني العلم. وَقَالَ مُصْعَبٌ: أَتَمَنَّى إِمْرَةَ العِرَاقِ, وَالجَمْعَ بَيْنَ عائشة بنت طلحة, وسكنية بِنْتِ الحُسَيْنِ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَمَّا أَنَا فَأَتَمَنَّى المَغْفِرَةَ. فَنَالُوا مَا تَمَنَّوْا وَلَعَلَّ ابْنَ عمر قد غفر له.
وَكَانَ عَبْدُ المَلِكِ وَدُوْداً لِمُصْعَبٍ، وَصَدِيْقاً.
قَالَ عَلِيُّ بنُ زَيْدِ بنِ جُدْعَانَ: بَلَغَ مُصْعباً شَيْءٌ عَنْ عَرِيْفِ الأَنْصَارِ، فَهَمَّ بِهِ، فَأَتَاهُ أَنَسٌ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "اسْتَوْصُوا بِالأَنْصَارِ خَيْراً اقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيْئِهِم" فَأَلْقَى مُصْعَبٌ نَفْسَهُ عَنِ السَّرِيْرَ, وَأَلْزَقَ خَدَّهُ بِالبِسَاطِ, وَقَالَ: أَمْرُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى العين والرأس؛ وتركه.
قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: أُهْدِيَتْ لِمُصْعَبٍ نَخْلَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، عَثَاكِلُهَا مِنْ صُنُوْفِ الجَوْهَرِ، قُوِّمَتْ بِأَلْفَيْ ألف دينار وكانت لِلْفُرْسِ, فَدَفَعَهَا إِلَى عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي فَرْوَةَ.
قَالَ أبي عَاصِمٍ النَّبِيْلُ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِذَا كَتَبَ لأَحَدٍ بِجَائِزَةٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ, جَعَلَهَا مُصْعَبٌ مائَةَ أَلْفٍ.
وَقَدْ سُئِلَ سَالِمٌ: أَيُّ ابْنَيِ الزُّبَيْرِ أَشْجَعُ؟ قَالَ: كِلاَهُمَا، جَاءَ المَوْتُ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ.
وَقِيْلَ: تَذَاكَرُوا الشُّجْعَانَ، فَقَالَ عَبْدُ المَلِكِ: أَشَجَعُ العَرَبِ مَنْ وَلِيَ العِرَاقَيْنِ خَمْسَ سِنِيْنَ، فَأَصَابَ ثَلاَثَةَ آلاَفِ أَلْفٍ، وَتَزَوَّجَ بِنْتَ الحُسَيْنِ، وَبِنْتَ طَلْحَةَ، وَبِنْتَ عَبْدِ اللهِ بنِ عَامِرٍ وَأُمُّهُ رَبَابُ بِنْتُ أُنَيْفٍ الكلبي, سيد ضَاحِيَةِ العَرَبِ, وَأُعْطِيَ الأَمَانَ, فَأَبَى, وَمَشَى بِسَيْفِهِ حَتَّى قُتِلَ.
قَالَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ: رَأَيْتُ بِقَصْرِ الكُوْفَةِ رَأْسَ الحُسَيْنِ الشَّهِيْدِ, ثُمَّ رَأْسَ ابْنِ زِيَادٍ, ثُمَّ رَأْسَ المُخْتَارِ ثُمَّ رَأْسَ مُصْعَبٍ بَيْنَ يَدَي عَبْدِ المَلِكِ.
قُتِلَ مُصْعَبٌ يَوْمَ نِصْفِ جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ، وَلَهُ أَرْبَعُوْنَ سَنَةً. وَكَانَ مُصْعَبٌ قَدْ سَارَ لِيَأْخُذَ الشَّامَ. فَقَصَدَهُ عَبْدُ المَلِكِ، فَوَقَعَ بَيْنَهُمَا مَلْحَمَةٌ كُبْرَى بِدَيْرِ الجَاثَلِيْقِ، بِقُرْبِ أَوَانَا1، وَكَانَ قَدْ كَاتَبَ عَبْدُ المَلِكِ جَمَاعَةً مِنَ الوجوه, يمينهم وَيَعِدُهُمْ إِمْرَةَ العِرَاقِ وَإِمْرَةَ العَجَمِ, فَأَجَأبيهُ, إلَّا إِبْرَاهِيْمَ بنَ الأَشْتَرِ, فَأَتَى مُصْعَباً بِكِتَابِهِ, وَفِيْهِ: إِنْ بَايَعْتَنِي, وَلَّيْتُكَ العِرَاقَ. وَقَالَ: قَدْ كَتَبَ إِلَى أَصْحَابِكَ فَأَطِعْنِي, وَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ. قَالَ: إِذاً تَغْضَبُ عَشَائِرُهُمْ. قَالَ: فَاسْجُنْهُم. قَالَ: فَإِنِّي لَفِي شُغُلٍ عَنْ ذَلِكَ يَرْحَمُ اللهُ الأَحْنَفَ إِنْ كَانَ لَيُحَذِّرُ غَدْرَ العِرَاقِيِّيْنَ. وَقِيْلَ: قَالَ لَهُم قَيْسُ بنُ الهَيْثَمِ: وَيْحَكُمْ! لاَ تُدْخِلُوا أَهْلَ الشَّامِ عَلَيْكُم مَنَازِلَكُم. وَأَشَارَ ابْنُ الأَشْتَرِ بِقَتْلِ زِيَادِ بنِ عَمْرٍو, وَمَالكِ بنِ مِسْمَعٍ. فَلَمَّا الْتَقَى الجَمْعَانِ, لَحِقُوا بِعَبْدِ المَلِكِ, وَهَرَبَ عَتَّابُ بنُ وَرْقَاءَ, وَخَذَلُوا مُصْعَباً. فَقَالَ ابْنُ قَيْسِ الرقيات:
إن الرزية يوم مسك ... ن والمصيبة والفجيعة
بِابْنِ الحَوَارِيِّ الَّذِي ... لَمْ يَعْدُهُ يَوْمُ الوَقِيْعَهْ
غدرت به مضر العراق ... وَأَمْكَنَتْ مِنْهُ رَبِيْعَهْ
فَأَصَبْتِ وِتْرَكِ يَا رَبِيْ ... ع وكنت سامعة مطيعة
يالهف لَو كَانَتْ لهُ ... بِالدَّيْرِ يَوْمَ الدَّيْرِ شِيْعَهْ
أَوْ لَمْ يَخُونُوا عَهْدَهُ ... أَهْلُ العِرَاقِ بَنُوْ اللكيعه
لوجدتموه حين يج ... در لا يعرس بالمضيعه
وجعل مصعب كما قَالَ لِمُقَدَّمٍ مِنْ جَيْشِهِ: تَقَدَّمْ لاَ يُطِيْعُهُ.
فَقِيْلَ: أُخْبِرَ عَبْدُ اللهِ بنُ خَازِمٍ السُّلَمِيُّ أَمِيْرُ خُرَاسَانَ بِمَسِيْرِ مُصْعَبٍ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ، فَقَالَ: أَمَعَهُ عُمَرُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ التَّيْمِيُّ؟ قِيْلَ: لاَ، ذَاكَ اسْتَعَمَلَهُ عَلَى فَارِسٍ. قَالَ: أَفَمَعَهُ المُهَلَّبُ بنُ أَبِي صُفْرَةَ؟ قِيْلَ: لاَ، وَلاَّهُ المَوْصِلَ قَالَ: أَمَعَهُ عَبَّادُ بنُ حُصَيْنٍ؟ قِيْلَ: اسْتعَمَلَهُ عَلَى البَصْرَةِ فَقَالَ: وَأَنَا هُنَا ثم تمثل:
خذيني وجربني ضباع وأبشري ... بلحم امرئ لم يشهد يوم نَاصِرُهْ
قَالَ الطَّبَرِيُّ: فَقَالَ مُصْعَبٌ لابْنِهِ عِيْسَى: اركب بمن معك إلى عمك أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، فَأَخْبِرْهُ بِمَا صَنَعَ أَهْلُ العِرَاقِ وَدَعْنِي فَإِنِّي مَقتُوْلٌ قَالَ: لاَ أُخْبِرُ قُرَيْشاً عَنْكَ أَبَداً, وَلَكِنْ سِرْ إِلَى البَصْرَةِ فَهُمْ عَلَى الطَّاعَةِ أَوِ الْحَقْ بِأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ قَالَ: لاَ تَتَحَدَّثُ قُرَيْشٌ أَنَّنِي فَرَرَتُ لِخُذْلاَنِ رَبِيْعَةَ وَمَا السَّيْفُ بِعَارٍ وَمَا الفِرَارُ لِي بِعَادَةٍ, وَلاَ خُلُقٍ وَلَكِنْ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَرْجِعَ فَارْجِعْ فَقَاتِلْ فَرَجَعَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ وَبَعَث إِلَيْهِ عَبْدُ المَلِكِ مَعَ أَخِيْهِ مُحَمَّدٍ إِنِّي يَا ابْنَ العَمِّ أَمَّنْتُكَ قَالَ: مِثْلِي لاَ يَنْصَرِفُ عَنْ هَذَا المَقَامِ إلَّا غَالِباً أَوْ مَغْلُوْباً فَقِيْلَ: أَثْخَنُوْهُ بِالسِّهَامِ, ثُمَّ طَعَنَهُ زَائِدَةُ الثَّقَفِيُّ -وَكَانَ مِنْ جُنْدِهِ- وَقَالَ: يَا لَثَارَاتِ المُخْتَارِ. وَقَاتَلَ قَتَلَةَ ابْنِ الأَشْتَرِ حَتَّى قُتِلَ وَاسْتَوْلَى عَبْدُ المَلِكِ عَلَى المَشْرِقِ.
سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي
له ترجمة في كتاب مشاهير علماء الأمصار وأعلام فقهاء الأقطار - محمد بن حبان، أبو حاتم، الدارمي، البُستي (المتوفى: 354هـ).
مصعب بن الزبير بن العوام بن خويلد الأَسَدي القرشي، أبو عبد الله:
أحد الولاة الأبطال في صدر الإسلام. نشأ بين يدي أخيه عبد الله بن الزبير، فكان عضده الأقوى في تثبيت ملكه بالحجاز والعراق. وولاه عبد الله البصرة (سنة 67 هـ فقصدها، وضبط أمورها، وقتل المختار الثقفي. ثم عزله عبد الله عنها مدة سنة، وأعاده في أواخر سنة 68 وأضاف إليه الكوفة، فأحسن سياستهما. وتجرد عبد الملك بن مروان لقتاله، فسير إليه الجيوش، فكان مصعب يفلها. حتى خرج إليه عبد الملك بنفسه، فلما دخل العراق خذل مصعبا قواد جيشه وأصحابه فثبت فيمن بقي معه، فأنفذ إليه عبد الملك أخاه (محمد بن مروان) فعرض عليه الأمان وولاية العراقين أبدا ما دام حيا ومليوني درهم صلة، على أن يرجع عن القتال، فأبى مصعب، فشد عليه جيش عبد الملك، في وقعة عند دير الجاثليق (على شاطئ دجيل، من أرض مسكن) وطعنه زائدة بن قيس السعدي (أو عبيد الله بن زياد بن ظبيان) فقتله. وحمل رأسه إلى عبد الملك. وبمقتله نقلت بيعة أهل العراق إلى ملوك الشام. وكانت في البهنساوية بمصر قبيلة تنتسب إليه تعرف ببني مصعب قال أبو عبيدة (معمر ابن المثنى) : كان مصعب أحبّ أمراء العراق إلى أهل العراق، يعطيهم عطاءين عطاء للشتاء وعطاء للصيف، وكان يشتد في موضع الشدة ويلين في موضع اللين .
-الاعلام للزركلي-