أبي يزيد طيفور بن عيسى البسطامي

أبي يزيد البسطامي

تاريخ الولادة188 هـ
تاريخ الوفاة261 هـ
العمر73 سنة
مكان الولادةخراسان - إيران
مكان الوفاةغير معروف

نبذة

أبي يَزِيد طيفور بْن عيسى البسطامي وَكَانَ جده مجوسيا أسلم وكانوا ثلاثة إخوة آدم وطيفور وعلى وكلهم كَانُوا زهادا عبادا وأبي يَزِيد كَانَ أجلهم حالا. قيل: مَات سنة إحدى وستين ومائتين وقيل: أربع وثلاثين ومائتين. سمعت مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن رحمه اللَّه يَقُول: سمع أبا الْحَسَن الفارسي يَقُول: سمعت الْحَسَن بْن عَلِيّ يَقُول: سئل أبي يَزِيد بأي شَيْء وجدت هذه المعرفة فَقَالَ: ببطن جائع وبدن عار. سمعت مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن رحمه اللَّه يَقُول: سمعت مَنْصُور بْن عَبْد اللَّهِ يَقُول: سمعت عمى البسطامي يَقُول: سمعت أبى يَقُول: سمعت أبا يَزِيد يَقُول: عملت فِي المجاهدة ثلاثين سنة فَمَا وجدت شَيْئًا أشد عَلَى من العلم ومتابعته ولولا اخْتِلاف الْعُلَمَاء لبقيت واخْتِلاف الْعُلَمَاء رحمة إلا فِي تجريد التوحيد.

الترجمة

أبي يَزِيد طيفور بْن عيسى البسطامي وَكَانَ جده مجوسيا أسلم وكانوا ثلاثة إخوة آدم وطيفور وعلى وكلهم كَانُوا زهادا عبادا وأبي يَزِيد كَانَ أجلهم حالا.
قيل: مَات سنة إحدى وستين ومائتين وقيل: أربع وثلاثين ومائتين.
سمعت مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن رحمه اللَّه يَقُول: سمع أبا الْحَسَن الفارسي يَقُول: سمعت الْحَسَن بْن عَلِيّ يَقُول: سئل أبي يَزِيد بأي شَيْء وجدت هذه المعرفة فَقَالَ: ببطن جائع وبدن عار.
سمعت مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن رحمه اللَّه يَقُول: سمعت مَنْصُور بْن عَبْد اللَّهِ يَقُول: سمعت عمى البسطامي يَقُول: سمعت أبى يَقُول: سمعت أبا يَزِيد يَقُول: عملت فِي المجاهدة ثلاثين سنة فَمَا وجدت شَيْئًا أشد عَلَى من العلم ومتابعته ولولا اخْتِلاف الْعُلَمَاء لبقيت واخْتِلاف الْعُلَمَاء رحمة إلا فِي تجريد التوحيد.
وقيل: لَمْ يخرج أبي يَزِيد من الدنيا حَتَّى استظهر الْقُرْآن كُلهُ.
حَدَّثَنَا أبي حاتم السجستاني قَالَ: أَخْبَرَنَا أبي نصر السراج قَالَ: سمعت طيفور البسطامي يَقُول: سمعت المعروف بعمي البسطامي يَقُول: سمعت أَبِي يَقُول: قَالَ لي أبي يَزِيد: قم بنا حَتَّى ننظر إِلَى هَذَا الرجل الَّذِي قَدْ شَهْر نَفْسه بالولاية وَكَانَ رجلا مقصودا مشهورا بالزهد فمضينا غليه فلما خرج من بيته ودخل الْمَسْجِد رمى ببصاقه تجاه القبلة فانصرف أبي يَزِيد وَلَمْ يسلم عَلَيْهِ وَقَالَ: هَذَا غَيْر مأمون عَلَى أدب من آداب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكيف يَكُون مأمونا عَلَى مَا يدعيه.
وبهذا الإسناد قَالَ أبي يَزِيد: لَقَدْ هممت أَن أسأل اللَّه تَعَالَى أَن يكفيني مؤنة الأكل ومؤنة النِّسَاء ثُمَّ قُلْت: كَيْفَ يَجُوز لي أَن أسأل اللَّه هَذَا وَلَمْ يسأله رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إياه فلم اسأله ثُمَّ إِن اللَّه سبحانه وتعالى كفاني مؤنة النِّسَاء حَتَّى لا أبالي استقبلتني امْرَأَة أَوْ حائط.
سمعت الشيخ أبا عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي رحمه اللَّه يَقُول: سمعت الْحَسَن بْن علي يقول: سمعت عمى البسطامي يَقُول: سمعت أبى يَقُول: سألت أبا يَزِيد عَنِ ابتدائه وزهده فَقَالَ: لَيْسَ للزهد منزلة.
فَقُلْتُ: لماذا؟ فَقَالَتْ: لأني كنت ثلاثة أَيَّام فِي الزهد فلما كَانَ اليوم الرابع خرجت منه، اليوم الأَوَّل زهدت فِي الدنيا وَمَا فِيهَا واليوم الثَّانِي زهدت فِي الآخرة وَمَا فِيهَا واليوم الثالث زهدت فيما سِوَى اللَّه، فلما كَانَ اليوم الرابع لَمْ يبق لي سِوَى اللَّه فهمت فسمعت هاتفا يَقُول: يا أبا يَزِيد لا تقوى معنا فَقُلْتُ: هَذَا الَّذِي أريد فسمعت قائلا يَقُول: وجدت وجدت.
وقيل لأبى يَزِيد: مَا أشد مَا لقيت فِي سبيل اللَّه؟ فَقَالَ: لا يمكن وصفه، فقيل لَهُ مَا أهون مَا لقيت نفسك منك؟ فَقَالَ: أما هَذَا فنعم دعوتها إِلَى شَيْء من الطاعات فلم تجبني فمنعتها الماء سنة.
وَقَالَ أبي يَزِيد منذ ثلاثين سنة أصلى واعتقادي فِي نفسي عِنْدَ كُل صلاة أصليها كأني مجوسي أريد أَن أقطع زناري.
سمعت مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن رحمه اللَّه يَقُول: سمعت عَبْد اللَّهِ بْن عَلِي يَقُول: سمعت مُوسَى بْن عيسى يَقُول: قَالَ لي أَبِي قَالَ أبي يَزِيد لو نظرتهم إِلَى رجل أعطي من الكرامات حَتَّى يرتقى فِي الهواء فلا تغتروا بِهِ حتي تنظروا كَيْفَ تجدونه عِنْدَ الأمر والنهى وحفظ الحدود وأداء الشريعة.
وحكى عمى البسطامي عَن أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: ذهب أبي يَزِيد ليلة عَلَى الرباط ليذكر اللَّه سبحانه عَلَى سور الرباط فبقي إِلَى الصباح لَمْ يذكر فَقُلْتُ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: تذكرت كلمة جرت عَلَى لساني فِي حال صباي فاحتشمت أَن أذكره سبحانه وتعالي.

الرسالة القشيرية.   لعبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري.

 

أبي يزيد البسطامي 188 - 261 للهجرة
أبي يزيد طيفور بن عيسى البِسْطامِيّ، من الأعلام كان جده مجوسياً وأسلم. وهم ثلاثة إخوة، وطيفور، وعلى. وكلهم زهاد عّباد، وأبي يزيد أجلهم حالا.
مات سنة إحدى وستين، وقيل: سنة اربع وستين ومائتين، عن ثلاث وسبعين سنة.
من كلامه:

ما زالت أسوق نفسي إلى الله وهي تبكي، حتى سقها هي تضحك ".
وسئل: " أي شيء وجدت هذه المعرفة؟ "، فقال: " ببطن جائع، وبدن عارٍ ".
قيل له: " ما اشد ما لقيت في سبيل الله؟ "، فقال: " ما لا يمكن وصفه! " فقيل له: " فما أهون ما لقيتُه نفسُك منك؟ " فقال: " أما هذا فَنَعم، دعوتُها إلى شيء من الطاعات، فلم تجبني، فمنعتها الماء سنة! ".
وقال أبي تراب: " سألته عن الفقير، هل له وصف؟ " فقال: " نعم!، لا يملك شيئاً، ولا يملكه شيء ".
وقال: " الناس كلهم يهربون من الحساب، ويتجافون عنه، وأنا أسأل الله ان يحاسبني! "، فقيل: " لَمَ "، قال: " لعله يقول لي، فيما بين ذلك؛ يا عبدي!، فأقول: لَّبيك!. فقوله لي: يا عبدي!. أحب إلى من

الدنيا وما فيها؛ ثم يفعل بي ما يشاء ".
وقال له رجل: " دُلَّني على عمل أتقرب به إلى ربي! "، فقال: " أحبب أولياء الله ليحبوك، فأن الله تعالى ينظر إلى قلوب أوليائه، فلعله أن ينظر إلى اسمك في قلب وليه، فيغفر لك ".
قال عيسى بن آدم، ابن أخي أبي يزيد: " كان أبي يزيد يعظ بثلاثة أيام، وأكثره بعشرة ايام، وانت - يا نفس - قاعدة منذ عشرين وثلاثين سنة، بعد ما طهرت؟!، متى تطهرين؟!. إن وقوفك بين يدي طاهر، فينبغي ان تكوني طاهرة ".
وروى انه أذن مرة، ثم أراد ان يقيم، فنظر في الصف، فرأى رجلاً عليه اثر سفر، فتقدم أليه فكلمه بشيء، فقام الرجل وخرج من المسجد، فسأله بعض من حضره، فقال الرجل: " كنت في السفر، فلم اجد الماء، فتيممت ونسيت ودخلت المسجد، فقال لي أبي يزيد: لا يجوز التيمم في الحضر!، فذكرت ذلك وخرجت.
وروى انه قال لبعض أصحابه: " قم بنا إلى فلان "، لرجل

قد شهر نفسه بالزهد في ناحية، فقصداه، فرآه أبي يزيد قد خرج من بيته، ودخل المسجد وتفل في قبلة المسجد، فقال أبي يزيد لصاحبه: " هذا الرجل ليس بمأمون على أدب من أداب السنة، كيف يكون مأموناً على ما يدَّعيه من مقامات الأولياء؟! "
وروى ان شقيقا البلخي وأبا تراب قدما عليه فقٌدّمت السفرة، وشاب يخدم أبا يزيد فقالا له: " كل معنا يا فتى! " فقال: " أنا صائم "، فقال له أبي تراب: " كل ولك اجر صوم شهر " فأبى، فقال له شقيق: " كل، ولك اجر صوم سنه " فأبى فقال أبي يزيد: دعوا من سقط من عين الله! " فاخذ ذلك الشاب في سرقه - بعد سنة - فقطعت يده ".
وقال احمد بن خضريه: " رأيت ربك العزة في المنام، فقال: يا أحمد؟ كل الناس يطلبون مني، إلا أبا يزيد فانه يطلبني ".
ومن شعره:
غرست الحب غرساً في فؤادي ... فلا أسلو إلى يوم التنادي
جربت القلب مني بالاتصال ... فشوقي زائد، والحب بادي

سقاني شرباً أحيا فؤادي ... في كاس الحب، في بحر الودادِ
فلولا الله يحفظ عارفيه ... لهام العارفون بكل وادي
وروي أن يحيى بن معاذ الرازي كتب إلى يزيد: " أني سكرت من كثرة ما شربتُ من كأس محبته ". فكتب اليه أبي يزيد: " غيرك شرب بحور السموات والأرض وما روي بعد، ولسانه خارج، وهو يقول: هل من مزيد؟! ".
وأنشد:
عجبت لمن يقول: ذكرت ربي ... وهل أنسى فأذكر من نسيتُ؟!
شربت الحب، كأساً بعد كأس ... فما نفذ الشرابُ، وما رويتُ

طبقات الأولياء - لابن الملقن سراج الدين أبي حفص عمر بن علي بن أحمد الشافعي المصري.


أبي يزِيد طيفور بن عِيسَى بن سروشان
وَكَانَ جده سروشان هَذَا مجوسيا فَأسلم وهم ثَلَاثَة إخْوَة آدم وطيفور وَعلي وَكلهمْ كَانُوا زهادا عبادا أَرْبَاب أَحْوَال وَهُوَ من أهل بسطَام

مَاتَ سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ على مَا سَمِعت عبد الله بن عَليّ يَقُول سَمِعت طيفور بن عِيسَى الصَّغِير يَقُول سَمِعت عميا البسطامي يَقُول سَمِعت أبي يَقُول مَاتَ أبي يزِيد سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ
وَسمعت الْحُسَيْن بن يحيى يَقُول مَاتَ أبي يزِيد سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَأسْندَ الحَدِيث
أخبرنَا أبي الْحسن مَنْصُور بن عبد الله الديمرتي بِبَغْدَاد قَالَ سَأَلَ أبي عَمْرو عُثْمَان بن جحدة بن درامهم الكازروني بهَا قَالَ أخبرنَا أبي الْفَتْح أَحْمد بن الْحسن بن مُحَمَّد بن سهل الْمصْرِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الْحِمصِي الْوَاعِظ بِالْبَصْرَةِ قَالَ حَدثنَا عَليّ بن جَعْفَر الْبَغْدَادِيّ قَالَ قَالَ أبي مُوسَى الديبلي حَدثنَا أبي يزِيد البسطامي حَدثنَا أبي عبد الرَّحْمَن السّديّ عَن عَمْرو بن قيس الْملَائي عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

(إِن من ضعف الْيَقِين أَن ترْضى النَّاس بسخط الله وَأَن تحمدهم على رزق الله وَأَن تذمهم على مَا لم يؤتك الله إِن رزق الله لَا يجره حرص حَرِيص وَلَا يردهُ كره كَارِه إِن الله بِحِكْمَتِهِ وجلاله جعل الرّوح والفرح فِي الْيَقِين وَالرِّضَا وَجعل الْهم والحزن فِي الشكو السخط)
سَمِعت الْحسن بن عَليّ بن حيويه الدَّامغَانِي يَقُول سَمِعت الْحسن بن عُلْوِيَّهُ يَقُول قَالَ أبي يزِيد قعدت لَيْلَة فِي محرابي فمددت رجْلي فَهَتَفَ لي هَاتِف من يُجَالس الْمُلُوك يَنْبَغِي أَن يجالسهم بِحسن الْأَدَب
وَبِه قَالَ سُئِلَ أبي يزِيد عَن دَرَجَة الْعَارِف فَقَالَ لَيْسَ هُنَاكَ دَرَجَة بل أَعلَى فَائِدَة الْعَارِف وجود معروفه
قَالَ وَقَالَ أبي يزِيد العابد يعبده بِالْحَال والعارف الْوَاصِل يعبده فِي الْحَال
قَالَ وَسُئِلَ أبي يزِيد بِمَاذَا يستعان على الْعِبَادَة فَقَالَ بِاللَّه إِن كنت تعرفه

قَالَ وَقَالَ أبي يزِيد أدنى مَا يحب على الْعَارِف أَن يهب لَهُ مَا قد ملكه
قَالَ وَقَالَ أبي يزِيد من ادّعى الْجمع بابتلاء الْحق يحْتَاج أَن يلْزم نَفسه علل الْعُبُودِيَّة
سَمِعت مَنْصُور بن عبد الله يَقُول سَمِعت أَبَا عمرَان مُوسَى بن عِيسَى الْمَعْرُوف بعمي يَقُول سَمِعت أبي يَقُول أذن أبي يزِيد مرّة ثمَّ أَرَادَ أَن يُقيم فَنظر فِي الصَّفّ فَرَأى رجلا عَلَيْهِ أثر سفر فَتقدم إِلَيْهِ فَكَلمهُ بِشَيْء فَقَامَ الرجل وَخرج من الْمَسْجِد فَسَأَلَهُ بعض من حضر فَقَالَ الرجل كنت فِي السّفر فَلم أجد المَاء فَتَيَمَّمت ونسيت وَدخلت الْمَسْجِد فَقَالَ لي أبي يزِيد لَا يجوز التَّيَمُّم فِي الْحَضَر فَذكرت ذَلِك وَخرجت
قَالَ وَقَالَ أبي يزِيد عملت فِي المجاهدة ثَلَاثِينَ سنة فَمَا وجدت شَيْئا أَشد عَليّ من الْعلم ومتابعته وَلَوْلَا اخْتِلَاف الْعلمَاء لبقيت وَاخْتِلَاف الْعلمَاء رَحْمَة إِلَّا فِي تَجْرِيد التَّوْحِيد
قَالَ وَقَالَ أبي يزِيد لَا يعرف نَفسه من صحبته شَهْوَته
قَالَ وَقَالَ أبي يزِيد الْجنَّة لَا خطر لَهَا عِنْد أهل الْمحبَّة وَأهل الْمحبَّة محجوبون بمحبتهم
سَمِعت أَبَا عَمْرو مُحَمَّد بن أَحْمد بن حمدَان يَقُول وجدت بِخَط أبي سَمِعت أَبَا عُثْمَان سعيد بن إِسْمَاعِيل يَقُول قَالَ أبي يزِيد من سمع الْكَلَام ليَتَكَلَّم مَعَ النَّاس رزقه الله فهما يكلم بِهِ النَّاس وَمن سَمعه ليعامل الله بِهِ فِي فعله رزقه الله فهما يُنَاجِي بِهِ ربه عز وَجل

قَالَ وَقَالَ أبي يزِيد اطلع الله على قُلُوب أوليائه فَمنهمْ من لم يكن يصلح لحمل الْمعرفَة صرفا فشغلهم بِالْعبَادَة
قَالَ وَقَالَ أبي يزِيد كفر أهل الهمة أسلم من إِيمَان أهل الْمِنَّة
قَالَ سُئِلَ أبي يزِيد بِمَاذَا نالوا الْمعرفَة قَالَ بتضييع مَا لَهُم وَالْوُقُوف مَعَ مَا لَهُ
سَمِعت أَبَا نصر الْهَرَوِيّ يَقُول سَمِعت يَعْقُوب بن إِسْحَاق يَقُول سَمِعت إِبْرَاهِيم الْهَرَوِيّ يَقُول سَمِعت أَبَا يزِيد يَقُول هَذَا فرحي بك وَأَنا أخافك فَكيف فرحي بك إِذا أمنتك
وَبِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ سَمِعت أَبَا يزِيد يَقُول يَا رب أفهمني عَنْك فَإِنِّي لَا أفهم عَنْك إِلَّا بك

قَالَ وَقَالَ أبي يزِيد عرفت الله بِاللَّه وَعرفت مَا دون الله بِنور الله عز وَجل
سَمِعت مَنْصُور بن عبد الله يَقُول سَمِعت يَعْقُوب بن إِسْحَاق يَقُول سَمِعت إِبْرَاهِيم الْهَرَوِيّ يَقُول سَمِعت أَبَا يزِيد البسطامي وَسُئِلَ مَا عَلامَة الْعَارِف فَقَالَ أَلا يفتر من ذكره وَلَا يمل من حَقه وَلَا يسْتَأْنس بِغَيْرِهِ
قَالَ وَقَالَ أبي يزِيد إِن الله تَعَالَى أَمر الْعباد ونهاهم فأطاعوه فَخلع عَلَيْهِم خلعه فاشتغلوا بِالْخلْعِ عَنهُ وَإِنِّي لَا أُرِيد من الله إِلَّا الله
قَالَ وَقَالَ أبي يزِيد غَلطت فِي ابتدائي فِي أَرْبَعَة اشياء توهمت أَنِّي أذكرهُ وأعرفه وأحبه وأطلبه فَلَمَّا انْتَهَيْت رَأَيْت ذكره سبق ذكري ومعرفته تقدّمت معرفتي ومحبته أقدم من محبتي وَطَلَبه لي أَولا حَتَّى طلبته
سَمِعت أَبَا الْفرج الورثاني عبد الْوَاحِد بن بكر يَقُول قَالَ الْحسن بن إِبْرَاهِيم الدَّامغَانِي حَدثنَا مُوسَى بن عِيسَى قَالَ سَمِعت أبي يَقُول سَمِعت أَبَا يزِيد يَقُول اللَّهُمَّ إِنَّك خلقت هَذَا الْخلق بِغَيْر علمهمْ وقلدتهم أَمَانَة من غير إرادتهم فَإِن لم تعنهم فَمن يعينهم
سَمِعت أَبَا الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد الْقزْوِينِي الصُّوفِي يَقُول سَمِعت أَبَا الطّيب العكي يَقُول سَمِعت ابْن الْأَنْبَارِي يَقُول قَالَ بعض تلامذة أبي يزِيد قَالَ لي أبي يزِيد البسطامي إِذا صحبك إِنْسَان واساء عشرتك

فَأدْخل عَلَيْهِ بِحسن أخلاقك يطيب عيشك وَإِذا أنعم عَلَيْك فابدأ بشكر الله عز وَجل فَإِنَّهُ الَّذِي عطف عَلَيْك الْقُلُوب وَإِذا ابْتليت فأسرع الاستقالة فَإِنَّهُ الْقَادِر على كشفها دون سَائِر الْخلق
سَمِعت عبد الْوَاحِد بن بكر يَقُول سَمِعت القناد يَقُول قَالَ أبي مُوسَى الديبلي سَمِعت أَبَا يزِيد البسطامي يَقُول إِن الله يرْزق الْعباد الْحَلَاوَة فَمن أجل فَرَحهمْ بهَا يمنعهُم حقائق الْقرب
سَمِعت أَحْمد بن عَليّ بن جَعْفَر يَقُول سَمِعت الْحسن بن عُلْوِيَّهُ يَقُول قَالَ أبي يزِيد الْمعرفَة فِي ذَات الْحق جهل وَالْعلم فِي حَقِيقَة الْمعرفَة حيرة وَالْإِشَارَة من المشير شرك فِي الْإِشَارَة وَأبْعد الْخلق من الله أَكْثَرهم إِشَارَة إِلَيْهِ
سَمِعت أَبَا الْحسن الْفَارِسِي يَقُول سَمِعت الْحسن بن عُلْوِيَّهُ يَقُول سُئِلَ أبي يزِيد بِأَيّ شَيْء وجدت هَذِه الْمعرفَة فَقَالَ بِبَطن جَائِع وبدن عَار
وبإسناده قَالَ أبي يزِيد المعارف همه مَا يأمله والزاهد همه مَا يَأْكُلهُ طُوبَى لمن كَانَ همه هما وَاحِدًا وَلم يشغل قلبه بِمَا رَأَتْ عَيناهُ وَسمعت أذنَاهُ
وبإسناده قَالَ أبي يزِيد من عرف الله فَإِنَّهُ يزهد فِي كل شَيْء يشْغلهُ عَنهُ

وبإسناده قَالَ سُئِلَ أبي يزِيد عَن السّنة وَالْفَرِيضَة فَقَالَ السّنة ترك الدُّنْيَا وَالْفَرِيضَة الصُّحْبَة مَعَ الْمولى لِأَن السّنة كلهَا تدل على ترك الدُّنْيَا وَالْكتاب كُله يدل على صُحْبَة الْمولى فَمن تعلم السّنة وَالْفَرِيضَة فقد كمل
وبإسناده قَالَ أبي يزِيد النِّعْمَة أزلية يجب أَن يكون لَهَا شكر أزلي.

طبقات الصوفية - لأبي عبد الرحمن السلمي.

 

سيدي أبو يزيد البِسطامِي.

أبو يزيد بن طيفور بن عيسى البسطامي وكان جده مجوسياً أسلم.

من أهل القرن الثالث الهجري، يلقب بـ "سلطان العارفين" اسمه الفارسي "بايزيد" كما عرف كذلك باسم طيفور،

ولد سنة 188 هـ في بسطام في بلاد خراسان في محلة يقال لها محلة موبدان. 

كان جده شروسان مجوسيًا وأسلم، وله أخوان هما آدم وعلي وكانوا عبادا زهادا أما أبويزيد فكان أجلهم حالا.

وكانوا ثلاثة إخوة: آدم، وطيفور، وعلي. وكلهم كانوا زهاداً عباداً وأبو يزيد كان أجلَّهم حالاً.

قيل مات سنة: إحدى وستين ومئتين، وقيل: أربع وثلاثين ومائتين.

روى عن إسماعيل السدي، وجعفر الصادق. توفي سنة 261 هـ , وقيل سنة 234 هـ.

سمعت محمد بن الحسين، رحمه الله يقول: سمعت أبا الحسين الفارسي، يقول: سمعت الحسن بن علي يقول: سئل أبو يزيد: بأي شيء وجدت هذه المعرفة؟ فقال: ببطن جائع، وبدن عار.

سمعت محمد بن الحسين، رحمه االله، يقول: سمعت منصور بن عبد االله يقول: سمعت عمي البسطامي يقول:

سمعت أبي يقول: سمعت أبا يزيد يقول: عملت في المجاهدة ثلاثين سنة فما وجدت شيئاً أشد علي من

العمل ومتابعته، ولولا اختلاف العلماء لبقيت، واختلاف العلماء رحمة إلا في تجريد التوحيد.

وقيل. لم يخرج أبو يزيد من الدنيا حتى استظهر القرآن كلَّه.

حدثنا أبو حاتم السجستاني قال: أخبرنا أبو نصر السراج، قال: سمعت طيفور البسطامي يقول: سمعت

المعروف بعمي البسطامي يقول: سمعت أبي يقول: قال لي أبو يزيد: قم بنا حتى ننظر إلى هذا الرجل الذي

قد شهر نفسه بالولاية، وكان رجلاً مقصوداً مشهوراً بالزهر، فمضينا إليه؛ فلما خرج من بيته، ودخل

المسجد رمى ببصاقه تجاه القبلة، فانصرف أبو يزيد ولم سلم عليه، وقال: هذا غير مأمون على أدب من

آداب رسول االله صلى االله عليه وسلم؛ فكيف يكون مأموناً على ما يدعيه؟ وذا الإسناد قال أبو يزيد:

لقد هممت أن أسأل االله تعالى أن يكفيني مؤنة الأكل ومؤنة النساء، ثم قلت: كيف يجوز لي أن أسأل هذا

ولم يقوله رسول االله صلى االله عليه وسلم إياه؟ فلم أسأله. ثم إن االله سبحانه وتعالى كفاني مؤنة النساء؛

حتى لا أُبالي استقبلتني امرأة أو حائط.

سمعت الشيخ أبا عبد الرحمن السلمي، رحمه االله، يقول: سمعت الحسن ابن علي يقول: سمعت عمي

البسطامي يقول: سمعت أبي يقول: سألت أبا يزيد عن ابتدائه وزهده، فقال: ليس للزهد مترلة. فقلت:

لماذا؟ فقال: لأني كنت ثلاثة أيام في الزهد.

فلما كان اليوم الرابع خرجت منه: اليوم الأول: زهدت في الدنيا وما فيه، واليوم الثاني: زهدت في

الآخرة وما فيها، واليوم الثالث: زهدت فيما سوى االله، فلما كان اليوم الرابع لم يبق سوى االله.. فهمت،

الرسالة القشيرية-القشيري 25

فسمعت، هاتفاً يقول: يا أبا يزيد لا تقوى معنا. فقلت. هذا الذي أريده.

فسمعت قائلاً يقول: وجدت، وجدت.

وقيل لأبي يزيد: ما أشد ما لقيت في سبيل االله؟ فقال: لا يمكن وصفه.

فقيل له: ما أهون ما لقيت نفسك منك؟ فقال: أما هذا فنعم، دعوتها إلى شيء من الطاعات فلم تجبني،

فمنعتها الماءَ سنة.

وقال أبو يزيد: منذ ثلاثين سنة أصلِّي، واعتقادي في نفسي عند كل صلاة أصلها: كأني مجوسي أريد أن

أقطع زناري.

سمعت محمد بن الحسين رحمه االله يقول: سمعت عبد االله بن علي يقول: سمعت موسى بن عيسى يقول،

قال لي أبي: قال أبو يزيد: لو نظرتم إلى رجل أُعطي من الكرامات حتى يرتقي في الهواء، فلا تغتروا به،

حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي، وحفظ الحدود، وأداء الشريعة.

وحكى عمي البسطامي عن أبيه أنه قال: ذهب أبو يزيد ليلة إلى الرباط، ليذكر االله، سبحانه، على سور

الرباط، فبقي إلى الصباح لم يذكر، فقلت له في ذلك، فقال: تذكَّرت كلمة جرت على لساني في حال

صباي، فاحتشمت أن أذْكره سبحانه وتعالى.

 

قال أبو يزيد البسطامي كنت يوماً في بعض سياحتي ملف ذا بخلوتي وراحتي مستغرقاً بفكري مستأنساً بذكري إذ نوديت في سري يا أبا يزيد امض إلى دير سمعان واحضر مع الرهبان في يوم عيدهم و القربات قلنا في ذلك شأن قال فاستعذت بالله من هذا الخاطر وقلت لست أخاطر فلما كان الليل أتاني الهاتف وقال لي مثل ماقال اولاً فانتبهت وأنا ارتجف وأرتعد من هذا الكلام ما يقيم المقعد فنوديت في سري لا باس عليك انت عندنا من الأولياء الأخيار ومكتوب في ديوان الأبرار ولكن البس زي الرهبان واحضر في دير سمعان فقلت سبحان الله اكفر بعد الاسلام أكنيسة بعد مسجد ولكني امتثلت للأمر وخرجت ولبست زي الرهبان وحضرت في دير سمعان فلما حضر كبيرهم واجتمعوا وأنصتوا إليه ليسمعوا ارتج عليه المقام فلم يطق الكلام كأن في فمه لجام فقال له القسيسون والرهبان ما الذي يمنعك من الكلام أيها الربان فنحن بقولك نهتدي وبعلمك نقتدي فقال ما يمنعني أن أتكلم وأبتدي إلا أن بينكم رجلاً محمدي وفد جاء لدينكم ممتحنا وعليكم معتدي فقالوا أرنا إياه نقتله الآن فقال لا تقتلوه إلا بدليل وبرهان فاني أريد أن امتحنه وأسأله عن مسائل في علم الأديان فإن أجاب عنها تركناه وان عجز عنها قتلناه وعند الامتحان يكرم المرء أو يهان فقالو له أفعل ما تريد فنحن ما حضرنا إلا لنستفيد فقام كبيرهم على قدميه ونادى يا محمدي بحق محمد عليك إلا ما نهضت قائما على قدميك لتنظر العيون إليك فقام أبو يزيد ولسانه لا يفتر عن التقديس والتمجيد فقال له البطرك يا محمدي أريد أن أسألك عن مسائل فان اجبت عنها وفسرتها اتبعناك وان عجزت عن تفسيرها قتلناك فقال له سل عما بدا لك والله شاهد على ما تقول – فقال له البطرك اخبرني عن واحد لا ثاني له

وعن اثنين لا ثالث لهما

وعن ثلاثة لا رابع لهم

وعن أربعة لا خامس لهم

وعن خمسة لا سادس لهم

وعن ستة لا سابع لهم

وعن سبع لا ثامن لهم

وعن ثمانية لا تاسع لهم

وعن تسعة لا عاشر لهم

وعن عشرة كاملة

وعن إحدى عشر

وعن اثني عشر

وعن ثلاثة عشر

وعن قوم كذبوا وادخلوا الجنة

و عن قوم صدقوا وادخلوا النار

وأين مستقر اسمك من جسمك

و عن الذاريات ذروا

وعن الحاملات وقراً

و عن الجاريات يسرا

وعن المقسمات أمرا

وعن شئ تنفس بغير روح

ونسألك عن أربعة عشر كلموا مع رب العالمين

وعن قبر مشى بصاحبه

وعن ماء لا نزل من السماء و لا نبع من الأرض

وعن أربعة لا من ظهر أب ولا من بطن أم

وعن أول دم اهريق في وجه الأرض

ونسألك عن شئ خلقه الله وسال عنه

وعن أفضل النساء

وعن أفضل البحار

وعن أفضل الجبال

وعن أفضل الدواب

وعن أفضل الشهور

وعن أفضل الليالي

وعن الطامة

وعن شجرة لها اثنتا عشر غصناً في كل غصن ثلاثون ورقة وفي كل ورقة خمس زهرات اثنتان في الشمس وثلاث في الظل

وعن حج إلى بيت الحرام وطاف وليس له ولا وجبت عليه فريضة

وكم من نبي خلقه الله

و كم منهم مرسل وغير مرسل

وعن أربعة أشياء مختلف لونها وطعمها والأصل واحد

وعن النقير والقطمير والفثيل

وعن السيد اللبد

وعن الطم والرم

وأخبرنا ما يقول الكلب في نبيحه

ما يقول الحمار في نهيقه

وما يقول الثور في سفيره

و ما يقول الفرس في صهيله

وما يقول البعير في رغائه

وما يقول الطاووس في صياحه

وما يقول الدراج في صفيره

وما يقول البلبل في تغريده

وما يقول الضفدع في تسبيحه

وما يقول الناقوس في نقيره

واخبرنا عن قوم أوحى الله إليهم لا من الجن ولا من الإنس ولا من الملائكة

وأخبرنا عن أين يكون الليل إذا جاء النهار

وأين يكون النهار إذا جاء الليل

 

فقال أبا يزيد: هل بقي من سؤالكم شئ ؟ قال : لا .

قال: فإن أنا أجبت عنها , أتشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .. قالوا: نعم . قال: اللهم أنت الشاهد على ما يقولون .

ثم قال: أما سؤالكم عن واحد لا ثاني له , هو فهو الله الواحد القهار . وأما عن اثنين لا ثالث لهما , فهما الليل والنهار , لقوله تعالى: ((وجعلنا الليل والنهار آيتين)) .. أما عن ثلاثة لا رابع لهم , فهي العرش والكرسي والقلم . عن أربعة لا خامس لهم , فهي الكتب المنزلة التوراة والإنجيل والزبور والفرقان. أما عن خمسة لا سادس لهم فهي الصلوات الخمس المفروضة على كل مسلم ومسلمة وأما عن ستة لا سابع لهم , فهي الست التي ذكرها تعالى ولقد خلقنا السموات والأرض في ستة أيام. وأما عن سبعة لا ثامن لهم فهي السموات السبع لقوله تعالى: (سبع سموات طباقاً ) . أما عن ثمانية لا تاسع لهم فهم , حملة العرش لقوله تعالى: ((ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية )). وأما عن تسعة لا عاشر لهم فهم التسعة رهط المفسدون الذين ذكرهم الله تعالى بقوله: ((وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون )). وأما سؤالكم عن عشرة كاملة فهي العشرة أيام التي يصومها المتمتع عند فقد الهدي لقوله تعالى: (فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة)) . أما سؤالكم عن أحد عشر فهم إخوة يوسف لقوله تعالى حكاية عنه ((إني رأيت أحد عشر كوكباً)). أما عن اثني عشر فهي عدة الشهور لقوله تعالى: (( أن عدة الشهور عند الله اثني عشر شهراً في كتاب الله)) . وأما عن ثلاثة عشر فهي رؤيا يوسف عليه السلام لقوله تعالى: ((إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين)). أما سؤالكم عن قوم كذبوا وادخلوا الجنة فهم أخوة يوسف لقوله تعالى: ((يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب)). فكذبوا لأنهم هم ألقوه في الجب وادخلوا الجنة وأما سؤالكم عن قوم صدقوا وادخلوا النار فهم اليهود والنصارى لقوله تعالى: ((وقالت اليهود ليست النصارى على شئ وقالت النصارى ليست اليهود على شئ)) فصدقوا وادخلوا النار فهم اليهود والنصارى .. أما سؤالكم عن أين مستقر اسمك من جسمك فمستقره أدناك .. أما سؤالكم عن الذاريات ذرواً فهي الرياح الأربع .. وأما عن الحاملات وقراً فهي السحب لقوله تعالى: ((والسحاب المسخر بين السماء والأرض ... أما الجاريات يسراً فهي السفن الجاريات في البحر .. أما عن المقسمات أمراً فهم الملائكة الذين يقسمون على الناس أرزاقهم من نصف شعبان إلى نصف شعبان.. أما عن أربع عشر تكلموا مع رب العالمين فهم السبع سموات والسبع أرضين لقوله تعالى: ((فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرهاً قالتا أتينا طائعين)).. وأما عن قبر مشى بصاحبه فهو حوت يونس عليه السلام .. أما عن شئ تنفس بلا روح فهو الصبح لقوله تعالى: ((والصبر إذا تنفس)).. أما عن الماء الذي لا نزل من السماء لا من الأرض فهو الماء الذي بعثته بلقيس في قارورة من عرق الخيل إلى سليمان عليه السلام .. أما عن أربعة لا من ظهر أب ولا من بطن أم فهي كبش إسماعيل ناقة صالح وادم وحواء .. أما عن أول دم أهريق على وجه الأرض فهو دم هابيل لما قتله قابيل .. اما عن شئ خلقه الله ثم أقراه فهو نفس المؤمن لقوله تعالى: (( إنّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة...)) أما عن شئ خلقه وأنكره فهو صوت الحمار قال تعالى: ((إنّ أنكر الأصوات لصوت الحمير...))

وأما عن شئ خلقه الله واستفهمه فهو كيد النساء لقوله تعالى: (( إنّ كيدكن عظيم)) أما عن شئ خلقه الله وسأله عنه فهي عصا موسى قال تعالى: ((وما تلك بيمينك يا موسى قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ...)) أما عن أفضل النساء فهي حواء أم البشر وخديجة وعائشة وآسيا ومريم بنت عمران رضي الله عنهن أجمعين..وأما عن أفضل الأنهار فهو سيحون جيحون ودجلة والفرات ونيل مصر .. وأما عن أفضل الجبال فهو جبل الطور ,, وأما عن أفضل الدواب فهي الخيل . وأما عن أفضل الشهور فهو شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن .. وأما عن أفضل الليالي فهي ليلة القدر .. اما عن الطامة فهو يوم القيامة .وأما عن شجرة لها اثنا عشر غصناً في كل غصن ثلاثون ورقة في كل ورقة خمسة زهرات اثنان في الشمس وثلاثة في الظل , أما الشجرة فهي السنة وأما الأغصان فهي الشهور وأما الأوراق فهي الأيام واما الخمس زهرات فهي الصلوات في اليوم والليلة ثلاثة في الظل المغرب والعشاء والصبح واثنان في الشمس فهما الظهر والعصر... وأما عن شئ حج إلى بيت الله الحرام وطاف وليس له روح لا وجبت عليه فريضة فهي سفينة نوح عليه السلام .. وأما عن كم خلق الله من نبي وكم منهم مرسل وغير مرسل فأما الأنبياء فهم مائة ألف نبي وأربعة وعشرون ألف نبي أما المرسلون منهم فثلاثمائة وثلاثة عشر وأما سؤالكم عن أربعة أشياء مختلفة طعمها ولونها والأصل واحد فهي العينان والأنف والفم والأذنان فماء العينين مالح وماء الفم حلو وماء الأنف حامض وماء الأذنين مر وأما عن النقير فهي النقرة التي في ظهر النواة والقطمير هي القشرة البيضاء والفتيل الذي يكون في بطن النواة وأما عن السيد واللبد فهو شعر الضأن والمعز. وأما عن الطم والرم فهم الأمم الماضية قبل أبينا ادم عليه السلام . وأما عن ما يقول الحمار في نهيقه فانه يري الشيطان فيقول لعن الله العشار وهو المكاس . واما عما يقول الكلب في نبيحه فانه يقول ويل لأهل النار من غضب الجبار . وأما عما يقول الثور في صهيله فانه يقول سبحان حافظي اذا التقت الأبطال واشتقلت الرجال بالرجال.. وأما عما يقول البعير في رغائه فانه يقول حسبي الله وكفى بالله وكيلا. أما عما يقول الطاووس في صياحه فانه يقول الرحمن على العرش استوى وأما عن البلبل فانه يقول سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون ..وأما ما يقول الضفدع فانه يقول سبحان المعبود في البراري والغفار سبحان الملك الجبار حق حق انظر يا ابن ادم في هذه الدنيا غرباً وشرقاُ ما ترى فيها احدا يبقى.. واما عن قوم أوحى الله إليهم لا من الجن ولا من الإنس ولا من الملائكة فهم النحل لقوله تعالى: ((وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون)) وأما عن الليل أين يكون إذا جاء النهار وأين يكون النهار إذا جاء الليل فإنهما يكونان في غامض علم الله تعالى ما ظهر عليه نبي مرسل ولا ملك مقرب بل كان ذلك في غامض علم الله تعالى .. ثم قال أبا يزيد هل بقي من سؤالكم شئ قالوا لا .

قال: فاخبروني عن مفتاح السموات ومفتاح الجنة ما هو؟

فسكت كبيرهم فقالوا : سألته مسائل كثيرة فأجاب عنها وقد سألك مسألة واحدة فعجزت عن جوابها .

فقال ما عجزت ولكنني أخاف أن أجيبه عن سؤاله فلا توافقونني فقالوا: بلى نوافقك إذ أنت كبيرنا ومهما قلت لنا سمعناه ووافقناك عليه قال مفتاح السموات والجنة قول لا إله إلا الله محمد رسول الله فلما سمعوا ذلك من كبيرهم اسلموا عن آخرهم وخربوا ديرهم وقطعوا رأس الكنيسة وجعلوه مسجداً فهنالك سمع ابا يزيد هاتف يا أبا يزيد شددت لأجلنا زناراً واحداً فقطعنا من أجلك خمسمائة زناراً..

طيفور بن عيسى ، بن آدم ، بن عيسى ، أبي يزيد البسطامي الزاهد المشهور؛ كان جده مجوسيا ثم أسلم، وله مقالات كثيرة ومجاهدات مشهورة وكرامات ظاهرة . وكانت وفاته سنة إحدى وستين، ومائتين ، ( ت : 261 ه ) رحمه الله تعالى. والبسطامي: هذه النسبة إلى بسطام، وهي بلدة مشهورة من أعمال قومس ويقال: إنها أول بلاد خراسان من جهة العراق. ينظر : وفيات الاعيان / 2 / 531 ، و تاريخ الاسلام / 6 / 345 – 347 .

 

طيفور بن عيسى البسطامي، أبو يزيد، ويقال بايزيد:
زاهد مشهور، له أخبار كثيرة. كان ابن عربي يسميه أبا يزيد الأكبر. نسبته إلى بسطام (بلدة بين خراسان والعراق) أصله منها، ووفاته فيها. قال المناوي: وقد أفردت ترجمته بتصانيف حافلة. وفي المستشرقين من يرى أنه كان يقول بوحدة الوجود، وأنه ربما كان أول قائل بمذهب الفناء Nirvana ويعرف أتباعه بالطيفورية أو البسطامية .

-الاعلام للزركلي-