محمد أسعد الحسيني نجله محمد أسعد ذلك الأديب الأرشد
لهم أوجه غر وأيد كريمة ... ومعرفة عد وألسنة ند
وأردية خضر وملك مطاوع ... ومركوزة سمر ومقربة جر
رأيته وهو في السن في العشرة الأولى، وهو كالقمر لم يعتره أفولا السعود في غرته لائحة، والورود من جبهته فائحة. في طلعته بشائر السعادة منقوشة، وفي جبينه مخايل السيادة مفروشة
كنت إذا طالعت في سطور وجهه أرى نيشان السمو فيه ظاهر.
وإذا تمثلت معاني حركاته يلوح لي من تلك المعاني عنوان النمو وآثار المفاخر. ثم لما بعدت عن تلك العهاد، وأبعدتني الركائب عن مدينة السلام بغداد. وعدت إليها بعد سنين، والقلب في تلك المعاهد رهين. فوجدت ذلك النسيم قد هب، والطفل الصغير قد شب. وقد بقل خطه وارتاش، ودبت في عروقه مياه الظرافة والانتعاش، وغدا باهر ذكاء وأدب، قد أظهر لأهل الكمال من كماله العجب. قد جمع في الأدب سجلا وفي المعارف صكا، فله عليهما الختم الذي لم يقبل كشطا ولا حكا.
فسجل أدبه أنواع المعارف والفنون، وصك إذعانه يبهر العقول ويحير الظنون، تسابق في مضمار الفضل فكان سبّاق ذلك الميدان، واقتدى بأسلافه الكرام فغدا مشار الأكابر والأعيان.
تصدر لصدارة المجد فكان في ذلك مرجع الصدور. واعتصر كروم البلاغة من عناقيد الرياسة فسقى رحيق النشاط وشراب السرور. خوط بان أزهى من الورد بأنواع الفصاحة مثمر، وهلال كمال أبهى من البدر بصنوف الكمالات مقمر. فهو الأسعد الذي رقي إلى هام المجد والتقط درر المعارف. والأمجد الذي صعد إلى أقصى أعلام الحل والعقد. فغدا حول بيت المحامد واللطائف طائف، خاض في تلك الصبوة بحور المعارف، واستخرج لآلئ الأصداف، فكان غواص بحور المعالي الذي تقف عند ساحله كبار الأشراف. تواخى مع الفخر فرقي إلى ذروة المجد وهامات المعال. وسلك أخيه فخر الدين في سلك الأدب فأقمر بعد أن كان هلال فرأيت أخاه المذكور هذا وهو في الأحضان. ثم لما عاودت كما ذكرت فوجدته قد انتظم في سمط الشبان. وآثار النجابة عليه تلوح وتظهر، وعلامات السعادة من أناقته تبان وتبصر. والشبل في المخبر مثل الأسد.
لهم علي أيادي كرم وإحسان قد طوقت منى الجيد. فلا زال بيتهم مدى الزمان كل يوم من المعارف في مزيد
كتاب الروض النضر في ترجمة ادباء العصر-الجزء الول-عصام الدين عثمان بن علي بن مراد العمري-ص345